العربي الجديد: وقف الإعدامات السياسية بمصر مؤقتاً بسبب التردي الاقتصادي
الاثنين - 16 مايو 2022
قالت صحيفة العربي الجديد إنّ هناك توجهاً للنظام المصري في الوقت الحالي، بعدم تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت في قضايا "سياسية" ضد معارضين في الفترة الأخيرة، لا سيما في ظل الأزمة التي يعيشها النظام، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، ومع تصاعد الضغوط الدولية.
ونسبت الصحيفة إلى مصدر، لم تسمه، قوله إن النظام المصري "تلقّى أخيراً نصائح من حقوقيين وبرلمانيين، بضرورة تأجيل تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق معارضين سياسيين، لا سيما مع إطلاق السيسي الدعوة إلى "حوار سياسي وطني"
يأتي ذلك، بحسب الصحيفة، "في ظل ما يعانيه النظام من ضغوط سياسية داخلياً جراء تبعات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على الوضع الاقتصادي لعموم الشعب، وخارجياً بسبب موقف مصر الموالي لروسيا، إضافة إلى ملفها السيئ في مجال حقوق الإنسان".
وتنص المادة 155 من الدستور المصري على أنه "لرئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، العفو عن العقوبة أو تخفيفها ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يقر بموافقة أعضاء أغلبية مجلس النواب"، ما يمنح رئيس الجمهورية سلطة العفو عن المحكومين بالإعدام.
لكن قانون الإجراءات الجنائية نظّم هذا الحق، حيث نصّت المادة 470 من القانون على: "متى صار الحكم بالإعدام نهائياً، وجب رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل. وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة في ظرف 14 يوماً" ويجعل ذلك المئات من المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام والتي لم تنفذ، "في وضع قانوني ملتبس"، كما أكدته مصادر قانونية.
وقال مصدر قانوني، إنه بعد مرور المهلة الممنوحة لرئيس الجمهورية للعفو عن المحكومين، يصبح الحكم "قابلاً للتنفيذ وغير ملزم"، مضيفاً أنّ "موعد تنفيذه يرجع إلى النيابة العامة ومصلحة السجون".
وأوضح المصدر أنّ نصّ المادة 470 من قانون الإجراءات الجنائية "لا يخلّ بصلاحية رئيس الجمهورية بالعفو الشرطي أو تنزيل العقوبة، كما لا يخل بسلطته باقتراح العفو الشامل على مجلس النواب، واستصدار قانون به"
وأشار المصدر إلى أنّ "المهلة الموجودة في قانون الإجراءات، هي مهلة تنظيمية بتنفيذ حكم الإعدام وإنّه "بمناسبة دعوة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان الماضي يمكن أن يؤجل تنفيذ أحكام الإعدام في القضايا السياسية".
ورقة ضغط سياسية
مصادر حقوقية وقانونية قالت إنه "على الرغم من ذلك، تظل أحكام الإعدام التي يصدرها القضاء المصري (غير المستقل) بشهادة المنظمات الدولية، سيفاً مسلطاً على رقاب المعارضين، حيث إنه من الممكن أن تصدر أحكام أخرى بالإعدام، من أجل أن تكون ورقة ضغط سياسية في يد نظام الرئيس السيسي، تكون صالحة للمناورة في الداخل وفي الخارج عندما يثور الحديث عن المقايضات"
وقالت مصادر سياسية إنّ "تأجيل تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق معارضين مصريين يمكن أن يكون جزءاً من إجراءات قضائية وسياسية، تمهيداً للقمة المرتقبة التي يحضرها الرئيس الأميركي جو بايدن في الأراضي الفلسطينية المحتلة قريباً (مرتقبة في أواخر شهر يونيو/حزيران المقبل)، والتي ستتم دعوة زعماء عرب إليها، من بينهم عبد الفتاح السيسي، ولذلك فإن النظام المصري يحاول تهدئة الرأي العام الداخلي والعالمي، وعدم استفزاز المنظمات الحقوقية في الولايات المتحدة وأوروبا"
عدد أحكام الإعدام
ورصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، صدور أحكام بالإعدام على 46 متهماً في 21 قضية في إبريل الماضي فقط، بالإضافة إلى 16 متهماً آخرين أحيلت أوراقهم إلى المفتي في 11 قضية.
وفي مارس الماضي، رصدت "المبادرة" صدور 67 حكماً بالإعدام، بالإضافة إلى 84 متهماً تمّت إحالة أوراقهم إلى المفتي في 44 قضية.
وكانت "المبادرة" رصدت 71 حكماً بالإعدام في فبراير/شباط الماضي، بالإضافة إلى 58 متهماً آخرين تمّت إحالة أوراقهم إلى المفتي في 30 قضية. بينما رصدت في يناير/كانون الثاني الماضي، صدور 52 حكماً بالإعدام، بالإضافة إلى 77 متهماً أحيلت أوراقهم إلى المفتي في 29 قضية
وقالت منظمات حقوقية مصرية، إنّ استمرار الحكومة المصرية على هذه الحال ينذر بأن مصر سوف تكون منافساً قوياً على الترتيب الأول عالمياً في تطبيق عقوبة الإعدام في عام 2021، وهو أمر أشد خزياً بعدما جاءت مصر في الترتيب الثالث عالمياً في 2020 بعد الصين وإيران، بحسب التقرير السنوي الأخير لمنظمة العفو الدولية.
وبحسب تصنيف "العفو الدولية" التي وثقت في 2020، تنفيذ معظم عمليات الإعدام المعروفة في الصين وإيران ومصر والعراق والمملكة العربية السعودية، فإنه باستثناء الصين، تم تنفيذ 88 في المائة من جميع عمليات الإعدام المبلغ عنها في أربع دول فقط هي: إيران ومصر والعراق والسعودية.
وفي خضم الاضطراب السياسي ما بعد انقلاب 2013 في مصر (ضد حكم الرئيس محمد مرسي)، حُكم في 24 إبريل 2014، على 683 شخصاً بالإعدام في قضية زعمت انتماءهم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ومن ضمنهم المرشد العام للجماعة محمد بديع.
وأُكدت أحكام الإعدام على 37 من 529 من المناصرين المزعومين الذين سبق إدانتهم في قضية أخرى، وجهت فيها إليهم اتهامات بارتكاب أعمال عنف في اعتصامين في القاهرة نظمهما أنصار الرئيس مرسي، والتي فُضّت بعنف مُميت على يد الشرطة في 14 أغسطس/آب 2013.
وكان الباحث بمنظمة العفو الدولية محمد المسيري قد وصف تلك المحاكمات بأنها "افتقرت لأساسيات المحاكمة العادلة"، وحُكم على كُل المتهمين الذين لم يتم تأييد أحكام الإعدام عليهم في القضية الأولى بالسجن لمدة 25 عاماً.
وكانت أحكام القاضي سعيد يوسف في القضية الأولى أثارت استنكاراً وإدانة دولية، ودفعت جماعات حقوق الإنسان من خارج البلاد للتعبير عن غضبها، بعدما أصدر الحكم على 529 من المُدعى عليهم في 24 مارس/آذار 2014 بالإعدام، وذلك في محاكمة مقتضبة اتسمت بحصول مخالفات ونقض حكم الإعدام على 429 منهم، واستبدل معظمها بالسجن المؤبد.
المصدر: العربي الجديد