العربي الجديد: ضم السيسي لقائمة مكافحة الإرهاب الأوروبية "دعم للاستبداد"
الأربعاء - 2 فبراير 2022
تحت عنوان (السيسي شريكاً للاتحاد الأوروبي في قيادة مكافحة الإرهاب!)، كتب الدكتور معتز الفجيري، رئيس برنامج حقوق الإنسان في معهد الدوحة للدراسات العليا، مقالا في العربي الجديد، الأربعاء 2 فبراير 2022، تساءل فيه: أيّ نموذج ينتظر أن تقدّمه مصر للعالم في وقت يجري على أرضها أسوأ استغلال لخطاب مكافحة الإرهاب وسياساته، باعتبارها من أسس استراتيجية البقاء لنظام عبد الفتاح السيسي؟.
وقال: " القرار الأوروبي للترشّح مع الحكومة المصرية لقيادة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، على الرغم مما هو معروف عن السلطات المصرية بالتوظيف الصارخ والمنهجي لسياسات مكافحة الإرهاب وتشريعاتها، خصوصا خلال السنوات الثماني الأخيرة، لا يعني سوى أنّ المجتمع الدولي، وبعد أكثر من عشرين عاماً على إطلاق ما تعرف دولياً بالحرب على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، لم يتعلم من حجم الكوارث التي أحدثها الغطاء السياسي لهذه الحرب في تخريب أسس دولة القانون، ودعم الأنظمة السياسية الاستبدادية في تجريف كامل للسياسة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب".
وتابع: "عمدت السلطات المصرية، في أكثر من مناسبة منذ عام 2015، إلى تغليظ تشريعات مكافحة الإرهاب، وتوجيهها بعيداً عن أهدافها المعلنة لتوظفها في محاربة المجتمع المدني المصري، ومحاكمة المعارضين السياسيين السلميين ونشطاء المجتمع المدني وسجنهم، مستغلةً تعريفاً واسعاً شديد العمومية والغموض للجريمة الإرهابية، والكيانات الإرهابية، وتوسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية من دون رقابة.
واليوم يمثل استسهال ضم المصريين على قوائم الإرهاب، بما لهذه القرارات من تداعيات قانونية وعملية على حياة هؤلاء المصريين، واحدة من أخطر التداعيات التي لا تقوّض فقط الحريات الدستورية، لكنّها تفقد المصداقية والثقة في سياسات مواجهة الإرهاب ذاتها، وتزيد من تسييس السلطة القضائية، فبين عامي 2016 و2018 تم وضع أكثر من 6000 شخص على قوائم الإرهاب. وفي الشهور القليلة السابقة على القرار الأوروبي للترشح مع مصر لهذا المنصب الدولي، أيدت محكمة النقض المصرية وضع عدد من أبرز الحقوقيين والسياسيين المصريين على قوائم الإرهاب، من ضمنهم المرشّح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، والمحاميان محمد الباقر وزياد العليمي، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، وغيرهم كثيرون لا صلة لهم بالعنف والإرهاب. وقد اعتمد إدراج هذه الشخصيات في قوائم الإرهاب، وبشهادة محاميهم، على تحرّيات الأجهزة الأمنية من دون أي دليل أو سند قانوني، وفي اختلال فاضح للإجراءات، وضمانات الدفاع والمحاكمات العادلة.
من ناحية أخرى، تظل السياسة المصرية الداخلية جزءاً من مشكلة تعاظم التطرّف العنيف في منطقة الشرق الأوسط، والتجنيد في صفوف منظماته. فعلى سبيل المثال، وبحسب دراسة ميدانية موثّقة نشرتها في سبتمبر/ أيلول الماضي منظمة "هيومان رايتس فيرست" الأميركية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، تحت عنوان "القنابل الموقوتة"، أصبحت الأوضاع المروّعة في سجون السيسي بيئة خصبة لتجنيد المقاتلين لصالح تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، خصوصاً وسط السجناء الذين تعرّضوا للتعذيب.
وختم بالقول: " انتقاد هذه الشراكة غير المسبوقة التي يسعى إليها الاتحاد الأوروبي مع الحكومة المصرية لا يعني التقليل من خطر المنظمات الإرهابية، والتطرّف العنيف، وأهمية التعاون الدولي والإقليمي لمواجهته، بما فيها أن تكون هناك صور للتعاون الذي تحتّمه الضرورة مع مختلف البلدان، خصوصاً دول الجوار للاتحاد الأوروبي بما فيها مصر. لكن شتان بين التعاون والحوار الأمني، وبين منح دور قيادي عالمي، ومواصلة التستر على جرائم شريك يعد من أخطر النماذج وأكثرها انتهازية في استغلال سياسات مكافحة الإرهاب وإمكاناتها محلياً ودوليا"ً.
المصدر: العربي الجديد