"نيويورك تايمز" نموذجا.. هكذا تردد الصحافة الغربية أكاذيب الاحتلال حول سرقة مساعدات غزة!

السبت - 2 آغسطس 2025

  • "ذا إنترسبت": هذا التواطؤ الإعلامي "جزء من تحيّز وسائل الإعلام الغربية ضد الفلسطينيين منذ بدء الحرب على غزة"
  • تكرار الأكاذيب "الإسرائيلية" ثم التراجع عنها دون اعتذار يسلط الضوء على الأزمة العميقة في مصداقية الإعلام الغربي

 

إنسان للإعلام- وحدة الرصد:

في الآونة الأخيرة، دأب دونالد ترامب، رئيس أمريكا، على ترديد أكذوبة لا أساس لها من الصحة، مفادها أن حركة "حماس" تسرق المساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة، وهي الأكذوبة ذاتها التي تروّج لها وتكررها وسائل الإعلام الغربية، وفي مقدمتها صحيفة "نيويورك تايمز"، وتنقلها عن مسؤولين عسكريين "إسرائيليين"، رغم أن هذه الادعاءات فندتها تقارير وشهادات منظمات دولية، بما فيها الأمم المتحدة، كما فنّدها مؤخرًا تحقيق داخلي لوكالة التنمية الأمريكية (USAID)، أكّد عدم وجود أي تقارير أو معطيات تشير إلى سرقة المساعدات من قبل "حماس".

وبالطبع، لم تقدّم "إسرائيل" أي دليل ملموس على هذه الاتهامات، ومع ذلك واصلت الصحف الأمريكية والأوروبية نشرها، ما يشير إلى أن هذه الادعاءات ليست إلا جزءًا من حملة دعائية تهدف إلى تشويه صورة "حماس" وتبرير الإجراءات العدوانية التي تنفذها "إسرائيل" في غزة.

تحليل أجراه موقع "ذا إنترسبت" المستقل في 30 يوليو 2025، أكد أن وسائل الإعلام الغربية وقفت إلى جانب "إسرائيل" منذ بداية حرب الإبادة على غزة قبل نحو عامين، وأن مراسليها ردّدوا الدعاية "الإسرائيلية" في كثير من الأحيان من دون أي تدقيق، فعلى سبيل المثال، كرّرت صحيفة "نيويورك تايمز" الادعاء الكاذب بأن حركة "حماس" تسرق المساعدات أكثر من 20 مرة خلال الأشهر الماضية، قبل أن تتراجع عن هذه المزاعم مؤخرًا.

وكان الزعم بأن "حماس" تسرق المساعدات أحد المبررات الرئيسية التي اعتمدت عليها "إسرائيل" والولايات المتحدة لتسليم عمليات الإغاثة في القطاع، خلال شهر مايو الماضي، إلى مؤسسة "غزة الإنسانية" الأمريكية المشبوهة، التي أطلق المرتزقة التابعون لها النار على الفلسطينيين وقتلوا العديد منهم.

وبات يتعيّن على سكان غزة التوجه إلى مواقع محدودة ومحددة مسبقًا لتوزيع المساعدات، حيث استُشهد المئات منهم حتى الآن نتيجة تعرضهم لاستهداف مباشر من جنود الجيش "الإسرائيلي".

وعلى الرغم من الوقائع العديدة التي تثبت مسؤولية "إسرائيل" عن تجويع سكان غزة، واصلت "نيويورك تايمز" نشر الحجج والمبررات الرسمية "الإسرائيلية" دون تمحيص، وتكرار الادعاءات بشأن استيلاء "حماس" على المساعدات.

لا يوجد دليل!

وفي تحول مفاجئ، نشرت "نيويورك تايمز"، في 26 يوليو 2025، تقريرا- نقلاً عن أربعة مصادر "إسرائيلية" مجهولة- يفيد بأنه "لا يوجد دليل" على أن "حماس" تسرق مساعدات الأمم المتحدة.

 ويأتي هذا النفي بعد أشهر طويلة من الترويج للمزاعم ذاتها، ما يطرح علامات استفهام حول مصداقية الصحيفة ومهنيتها.

كما أشارت الصحيفة إلى أن نظام مساعدات الأمم المتحدة، الذي وفّر الجزء الأكبر من المعونات لغزة، كان "فعالًا إلى حد كبير"، رغم أنها كانت قد نسبت إلى مصادر مجهولة أن "حماس" سرقت الغذاء من منظمات الإغاثة لبيعه لسكان القطاع!

ووفقًا لما أورده "ذا إنترسبت"، فإن 23 مقالًا وتقريرًا من أصل 61 نشرتها "نيويورك تايمز" بين يناير ويوليو 2025 تضمّنت الادعاءات "الإسرائيلية" بشأن سرقة "حماس" للمساعدات، كما خلت تسع مواد من هذه من أي بيانات أو معلومات تعارض مزاعم الاحتلال، فيما أثارت 12 مادة مخاوف غير مباشرة حول سيطرة "حماس" على المساعدات دون توجيه اتهامات صريحة أو تقديم أدلة داعمة.

معلومات مضللة

المثير للاستغراب أن "نيويورك تايمز" استندت إلى تصريحات مسؤولين في الحكومة "الإسرائيلية"، رغم علمها بأنها تنشر منذ عامين كمًّا هائلًا من المعلومات المضللة، وتقف وراء أرقام قياسية في قتل الصحفيين، وعمال الإغاثة، والأطفال الفلسطينيين، بحسب "ذا إنترسبت".

وفي محاولة لتبرير مواقف الصحيفة، قال المتحدث باسم "نيويورك تايمز"، تشارلي ستادتلاندر، إن مراسلي الصحيفة قدّموا "تقارير معمّقة حول تصرفات وتكتيكات كل من "إسرائيل" و"حماس" خلال الحرب، وسيواصلون تقديم تقارير دقيقة ونشر الحقائق"، رافضًا الاعتراف بنشر الأكاذيب "الإسرائيلية" ثم نفيها لاحقًا دون اعتذار.

وأكد "ستادتلاندر" أن الصحيفة "غطّت الحرب في غزة بعمق وإنصاف ودقة منذ بدايتها، بما في ذلك الصعوبات ونقص الغذاء الذي يواجهه سكان القطاع"، زاعمًا أن "ادعاءات المسؤولين الحكوميين تُقدَّم دومًا في سياقها الصحيح".

اعتراف متأخر

لكن الاعتراف المتأخر من "نيويورك تايمز" بزيف المزاعم "الإسرائيلية"، يفضح انحيازها الواضح ضد الفلسطينيين، ويعيد للأذهان نشرها لأكاذيب مشابهة، مثل مزاعم اغتصاب "حماس" لفتيات "إسرائيليات"، أو قتل مدنيين بلا مبرر، وهي روايات ثبت زيفها بالكامل.

-وقد نفت المنظمات الإغاثية العاملة في غزة، بما في ذلك وكالة "أونروا" التابعة للأمم المتحدة، مرارًا وتكرارًا ادعاءات حكومة الاحتلال بشأن سرقة المساعدات. كما تؤكد الوقائع مسؤولية "إسرائيل"، التي تحاصر القطاع منذ سنوات، عن تعريض الفلسطينيين لظروف أشبه بالمجاعة، حيث قُتل أكثر من 100 شخص من الجوع، معظمهم من الأطفال، فضلًا عن مئات آخرين يُقتلون أثناء محاولتهم الحصول على المعونات.

كما كشفت تقارير حديثة صادرة عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والمفوضية الأوروبية، ووسائل إعلام "إسرائيلية" مستقلة، زيف مزاعم سيطرة "حماس" على المساعدات، وهو ما تجاهلته "نيويورك تايمز"، التي واصلت ترديد الأكاذيب حتى بعد صدور هذه التقارير.

ووصف "ذا إنترسبت" هذا التواطؤ الإعلامي بأنه "جزء من التحيّز ضد الفلسطينيين الذي تبنّته وسائل الإعلام الغربية الرئيسية منذ بدء حرب الإبادة على غزة في السابع من أكتوبر 2023".

هكذا، يُعيد تكرار الأكاذيب "الإسرائيلية" وتبنيها من قبل وسائل إعلام غربية كبرى مثل "نيويورك تايمز"، ثم التراجع عنها دون اعتذار، تسليط الضوء على الأزمة العميقة في مصداقية الإعلام الغربي وتواطئه مع الرواية الرسمية للاحتلال.

 ففي حين يعاني الفلسطينيون من حصار وتجويع وقتل ممنهج، تُستخدم الأكاذيب لتبرير الجرائم، وتُدفن الحقائق تحت ركام التحيز الإعلامي.

 ومن هنا، تبرز الحاجة إلى إعلام مستقل ومهني، لا يخضع للإملاءات السياسية، ويعيد للصحافة دورها الحقيقي في فضح الظلم والدفاع عن الحقيقة.

لقراءة التقرير من المصدر اضغط هنا