السيسي يواصل معركته ضد الفقراء .. ويوجه بتحويل دعم الفلاحين من عيني إلى نقدي

الأربعاء - 29 ديسمبر 2021

 

بعد حذف الملايين من بطاقة التموين الأسبوع الماضي .. وفي خطوة جديدة من خطوات تخلي الدولة عن مسئولياتها تجاه دعم الفلاح، دعا عبد الفتاح السيسي أمس الثلاثاء، إلى إلغاء الدعم العيني الموجه للفلاحين من خلال الأسمدة، كما دعا القطاع الخاص للدخول في تصنيع المواد التي تدعمها الحكومة، بما يؤكد سعي النظام للتخلص من المصانع الحكومية التي تعمل في هذا المجال، وفي سياق التخلص من دعم المواطن البسيط، مهّد السيسي ووزير نقله كامل الوزيري لرفع أسعار تذاكر القطارات في عام 2022، فيما يواصل من جانبه برلمان السيسي  تمرير قوانين فرض الجبايات، ويقر مشروع قانون مقدم من الحكومة بإنشاء "صندوق السياحة والآثار " سيتم من خلاله فرض ضرائب جديدة على قطاعات عدة ، ومن خلال هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

 

 دعا عبد الفتاح السيسي أمس الثلاثاء، إلى إلغاء الدعم العيني الموجه للفلاحين من خلال الأسمدة، موجها حديثه لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، قائلا: "لا بد من تحويل الدعم العيني إلى نقدي"، لافتا إلى أن تلك الخطوة هدفها تمكين المصانع من البيع بالأسعار العالمية حتى تتمكن من الاستمرارية في العمل ولا تتوقف لاحقا.

كما جدد السيسي خلال مداخلة في افتتاح مصنع "كيما 2" للأسمدة بمحافظة أسوان،  ، دعوته للقطاع الخاص للاشتراك مع الدولة في مشروعاتها المختلفة، قائلا: "إحنا محتاجينكم".

ويأتي تكرار السيسي لتأكيده على دعوته للقطاع الخاص للمرة الرابعة في أسبوع واحد، خلال افتتاح عدد من المشروعات بمحافظات الصعيد، بعد الهجوم الذي شنه في وقت سابق من الشهر الماضي رجل الأعمال نجيب ساويرس، متهما الشركات التابعة للقوات المسلحة بمنافسة القطاع الخاص، والتضييق عليه في منافسة غير متكافئة.

وأضاف السيسي: "لرابع مرة أهلا وسهلا إحنا محتاجينكم، والقطاع الخاص عاوز يتفضل يتفضل، وأثبتنا على مدار 40 عاما أننا غير أكفاء في إدارة مشروعاتنا في القطاعين العام والحكومي".

وتابع قائلاً: "العيب الاقتراض من أجل تطوير المصانع"، محذرا من تدهور المصانع والشركات التي تقيمها الحكومة وتطورها بعد مرور فترة من الزمن بسبب الإهمال في الإدارة وعدم حوكمة نظم العمل والحفاظ على الموارد

وقال السيسي: "كمان (خلال) 10 أو 15 سنة المصانع دي هتتدهور تاني وأنا مش هكون (لن أكون) موجود وقتها، محتاجين كمان الحوكمة وكل قرش ولمبة في المصنع تبقى بحساب".

حذف الملايين من بطاقات التموين

وفي وقت سابق ، أعلن السيسي، حذف الملايين من المصريين من بطاقات دعم السلع التموينية، بعدما كلف الحكومة عدم إصدار بطاقات جديدة نهائياً، وقصر المستفيدين من بطاقات التموين الحالية على فردين بحد أقصى، وحذف باقي أفراد الأسرة، بحجة عدم قدرة الدولة (الحكومة) على صرف المزيد من الدعم

وقال السيسي، في كلمة له بمناسبة افتتاح مشروع لإنتاج البنزين في محافظة أسيوط، إن "الإنفاق على الدعم مثّل سبباً رئيسياً في تأخر التنمية في الدولة لعشرات السنوات، وهو أمر غير حاصل في أي دولة في العالم"، مستطرداً: "الدولة في حاجة إلى أموال الدعم لتدشين مشروعات جديدة تحقق صالح جميع المصريين"، على حد قوله.

وتابع: "مصر الدولة الوحيدة التي يتصور فيها المواطنون أن بإمكانهم الحصول على السلع والخدمات بأقل من تكلفتها وسعرها الحقيقيين، وهذا ما أدى إلى عدم نهوضها طوال السنوات الماضية، نظراً لضخامة الإنفاق على التموين، وغيره من أشكال الدعم"، مستكملاً: "لن نمنح أي شخص يتزوج بطاقة تموينية من الآن فصاعداً، لأنه طالما استطاع توفير نفقات الزواج، فهو لا يحتاج إلى دعم في ما يخص السلع التموينية".

وكانت المظاهرات التي خرجت ضد السيسي وشهدتها محافظات مصرية عدة في سبتمبر 2019، رفضاً لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، قد أجبرت وزارة التموين على إعادة مليون و800 ألف مستبعد إلى بطاقات صرف السلع التموينية، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الانقلاب الذي طاولته فضائح (آنذاك) تتعلق ببناء قصور فخمة تتكلف المليارات من الجنيهات، بينما يعاني ملايين المصريين من الفقر المدقع

وتراجعت مخصصات دعم السلع التموينية في الموازنة المصرية للعام المالي 2021-2022 إلى 87 ملياراً و222 مليون جنيه، ودعم المواد البترولية إلى 18 ملياراً و411 مليون جنيه، ودعم التأمين الصحي والأدوية إلى 3 مليارات و721 مليون جنيه، ودعم نقل الركاب إلى مليار و795 مليون جنيه، ودعم المزارعين إلى 664 مليوناً و535 ألف جنيه، ودعم تنمية الصعيد إلى 250 مليون جنيه، في إطار خطة الحكومة الرامية إلى إلغاء مخصصات الدعم بصورة تدريجية في الموازنة العامة، استجابة منها لتعليمات صندوق النقد والمؤسسات الدولية المانحة للقروض الخارجية.

ورغم خلو موازنة مصر من أي مخصصات لدعم الكهرباء في العامين الماليين 2020-2021 و2021-2022، ومن قبل خفضها من 16 مليار جنيه في عام 2018-2019 إلى 4 مليارات فقط في عام 2019-2020، إلا أن الحكومة المصرية أعلنت استمرار الزيادة السنوية في أسعار الكهرباء حتى عام 2024-2025، بما يعني تحقيق أرباح من بيعها للمواطنين بعد تحرير الدعم عنها نهائياً.

وزيادة جديدة في  أسعار تذاكر القطارات في 2022

وفي سياق متصل ، جدّد السيسي الحديث عن زيادة أسعار بطاقات السفر في القطارات مع حلول عام 2022، ارتباطاً بانتهاء هيئة السكك الحديدية من مخطط تجديد العربات والجرارات على مختلف الخطوط، فيما اتهم من سبقوه من الحكام في مصر بعدم تطوير هذا المرفق الحيوي طيلة السنوات الماضية "خوفاً على الكرسي"، على حد قوله.

وقال السيسي، في افتتاح مصنع أسمدة بمحافظة أسوان أمس الثلاثاء: "أعمال تطوير السكة الحديد عبء على الدولة، والأجيال القادمة، بسبب الاقتراض الخارجي من أجل ميكنة المرفق"، مستطرداً بأن "الحفاظ على المناصب كان وراء عدم رفع أسعار تذاكر القطارات، والتي تعتبر عقبة حقيقية أمام تطوير هذا القطاع المهم".

ويمهد حديث السيسي لرفع أسعار تذاكر القطارات في العام المقبل، بحجة أن الدولة خصصت قرابة 225 مليار جنيه لتنفيذ مشروعات تطوير السكك الحديدية، علماً أن بطاقات جميع خطوط القطارات شهدت قفزات متفاوتة في أسعارها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وصلت إلى 150% على تذاكر القطارات "المميزة"، والتي يرتادها الملايين من الموظفين ومتوسطي الدخل والفقراء يومياً.

وادعى السيسي في كلمته أنه رفض طلباً لوزير النقل، كامل الوزير، بشأن زيادة سعر تذاكر القطارات، قائلاً: "كامل قال لي نزود سعر التذكرة، وقلت له لأ ماتزودهاش، طب ليه قلت كده؟ عشان زيادة أسعار التذاكر مرتبط بتطوير السكة الحديد... واللي كان قبلي في المكان ده خاف يزود سعر التذكرة عشان الكرسي، حتى لو البلد خربت، وتحولت إلى كُهنة (خردة)"، حسب تعبيره.

وأضاف السيسي: "أنا استلمت البلد، والسكة الحديد كانت تعبانة (متهالكة)، والموانئ تعبانة، والطرق تعبانة، وكله تعبان... والناس كانت عارفة كويس العلاج، والعلاج عاوز فلوس، ولما كامل أتكلم عن الفلوس، قلت له ماتقربش من التذكرة قبل ما تجدد لي كل العربات... وبالتالي الزيادة هايقابلها خدمة متميزة تناسب المواطنين"

واستكمل قائلاً: "أول ما المواطن يلاقي (يجد) كل العربات في القطارات جديدة، ومافيش عربات قديمة أو جرار متهالك، يعرف ساعتها إن التذكرة هاترتفع... وإحنا هدفنا مايبقاش في قطارات قديمة على السكة الجديدة، وبتكلم هنا عن كل الخطوط من القاهرة للإسكندرية لأسوان لبورسعيد للسويس"

وقال وزير النقل معقباً: "النهارده بعد ما حضرتك تشرفنا في أسوان، مش هايكون على أي خط في مصر عربة قطارات قديمة"، ليرد السيسي: "أي إنجاز يجري على أرض الواقع يجب إعلام المواطنين به، وذلك بهدف توعيتهم بحجم التحديات... السكة الحديد في مصر لم تنجح في مواكبة التطوير والمكينة العالمية بسبب تسعيرة التذكرة، وأنا بقول هذا الكلام بمنتهى الصراحة"

وواصل السيسي: "الخط الواحد بيتكلف 5 آلاف جنيه عشان القطار يتحرك، وأنا (الحكومة) بأخذ 1000 جنيه بس في المقابل... لكن سوف استمر في دعم هذا المرفق كام سنة؟ سنتين أو ثلاثة، وبعد كده كل شيء ينهار... بقول الكلام ده للمصريين، عشان ماحدش يقول السكة الحديد تعبانة ليه؟ الحكومة عارفة الحل كويس من الأول، وهاتعمل ده (الزيادة) في التوقيت المناسب".

بدوره، قال وزير النقل: "سيتم رفع أسعار تذاكر القطارات لكن ليس الآن، وإنما بعد تغيير جميع العربات القديمة... والزيادة لن تكون كبيرة، بحيث تقل عن الأسعار في وسائل النقل العادية (البرية)"، مضيفاً: "نحن نستهدف تقديم خدمة مميزة للمواطنين، وإعلان زيادة الأسعار لن يكون إلا في حالة خروج القطار من القاهرة في الثامنة صباحاً، ووصوله إلى الإسكندرية في العاشرة صباحاً من دون أي تأخير".

والحكومة تواصل فرض الجبايات ..

وفي سياق زيادة الأعباء علي المصريين، وافقت لجنتا الثقافة والإعلام والسياحة والآثار في برلمان العسكر مؤخرا، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإنشاء "صندوق السياحة والآثار"، استناداً إلى قرار الرئاسي رقم 655 لعام 2019 بتشكيل الحكومة الحالية، وما ترتب عليه من دمج حقيبتي السياحة والآثار في وزارة واحدة، وإنشاء صندوق موحد للقطاعين معاً في إطار تنظيمي محكم.

وقال وزير السياحة والآثار، خالد العناني، في اجتماع للجنة، إن مشروع القانون يستهدف دمج جميع صناديق السياحة والآثار لتنويع موارد القطاعين، لا سيما أن موارد صندوق السياحة تقتصرعلى الرسوم المُحصلة من ألعاب المائدة (القمار)

وبيّن أن دمج "صندوق تمويل مشروعات الآثار والمتاحف" و"صندوق تمويل مشروع إنقاذ آثار النوبة" مع "صندوق السياحة"، سيتبعه قرار بنقل العاملين الذين يحتاجهم الصندوق الجديد لأداء أعماله من العاملين في الصناديق الثلاثة، ومن الوزارة المختصة.

وزاد العناني: "في الماضي كنا نواجه أزمة وجود مصدر واحد لتمويل قطاع السياحة، ولو توقف هذا المصدر لن يتم إنفاق جنيه واحد على القطاع"، موضحاً أن "صندوق السياحة والآثار" سيكون حصالة لدعم القطاعين، خصوصاً مع النص على إعفاء جميع التبرعات والهبات والإعلانات والمساهمات المالية والعينية المقدمة للصندوق من جميع أنواع الضرائب والرسوم، وكذا إعفاء فوائد القروض والتسهيلات الائتمانية الخارجية التي يعقدها الصندوق من كافة الضرائب.

من جهتها، قالت رئيسة لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، درية شرف الدين، إن دخل قطاع السياحة في مصر كبير، ولكن أغلبه يأتي من قطاع الآثار، مضيفة "لا يجب أن ننجرف في مجال الفصل بين القطاعين، والذي ننظر إليها حالياً على أنهما قطاع واحد، ويجب تقديم الدعم الكامل له"

ونص مشروع القانون على منح الصندوق الشخصية الاعتبارية، ويكون مقره في العاصمة القاهرة تحت تبعية وزير السياحة والآثار، بغرض دعم وتمويل الأنشطة التي تعمل على تنمية وتنشيط السياحة، وتطوير الخدمات والمناطق السياحية، ودعم مشروعات "المجلس الأعلى للآثار" المتعلقة بترميم وحفظ وصيانة الآثار، وتطوير المواقع والمناطق الأثرية، وبناء وتطوير المتاحف المصرية.

وللصندوق الحق في تأسيس شركات مساهمة بمفرده، أو مع شركاء آخرين، أو المساهمة في شركات قائمة، بما لا يتعارض مع أغراض إنشائه..

كذلك نص على استقلال موازنة الصندوق، وإعدادها على نمط موازنات الهيئات الاقتصادية، وإيداع موارده في حساب خاص بالبنك المركزي المصري. وتعتبر أموال الصندوق من الأموال العامة، ويكون له الحق في اتخاذ إجراءات التنفيذ المباشر والحجز الإداري للحصول على حقوقه، وعن موارد الصندوق، فرض مشروع القانون رسماً بقيمة 360 جنيهاً عن كل معتمر، ونسبة 25% من مقدار الزيادة في إيرادات "هيئة التنمية السياحية" المحققة اعتباراً من العام المالي التالي للعمل بأحكام القانون، ونسبة 25% من الزيادة التي ترد على رسوم التفتيش على شركات السياحة، والمنشآت الفندقية والسياحية.

وفرض القانون أيضاً نسبة 10% من إيرادات "المجلس الأعلى للآثار" من زيارات المواقع الأثرية، والمتاحف المفتوحة للزيارة، ونسبة 50% من الزيادات التي ترد على رسوم زيارة المواقع الأثرية والمتاحف التي يحصلها المجلس، ونسبة 50% من رسوم زيارة المناطق والمواقع الأثرية، أو المتاحف المفتتحة بعد العمل بالقانون، وإيرادات معارض الآثار المؤقتة في خارج البلاد

وتضمنت الرسوم تحديد نسبة 8% من قيمة كل تأشيرة دخول للبلاد، أياً كان نوعها، والتي تمنحها سفارات أو قنصليات مصر في الخارج، أو سلطات الجوازات، ونسبة 25% من مقابل التصوير التجاري وغير التجاري والرعاية التجارية والإعلانات والفعاليات والحفلات المقامة في المناطق الأثرية والمتاحف التابعة لـ"المجلس الأعلى للآثار"، وحصيلة عقود تقديم خدمات الزائرين للمناطق والمواقع الأثرية والمتاحف التابعة للمجلس

وفرض القانون رسماً سنوياً لتنمية وتطوير ورفع كفاءة الخدمات السياحية، والعاملين في قطاع السياحة، يُحصل من الشركات والمنشآت السياحية والفندقية بما لا يقل عن 5 آلاف جنيه، ولا يجاوز مليون جنيه، وفقاً للمعايير والضوابط التي يحددها رئيس مجلس الوزراء، بناءً على عرض مجلس إدارة الصندوق. ويراعى فيها تدرج الرسم بحسب حجم أعمال المنشأة، ودرجة تقييمها سياحياً، وتحصيله نقداً أو بإحدى وسائل الدفع الإلكتروني.