السيسي يخشى غضب الجنرالات.. خروج الجيش من الاقتصاد المصري مهمة مستحيلة
الأربعاء - 25 يناير 2023
- تقارير غربية تتوقع فشل السيسي في إخراج الجيش من كعكة الاقتصاد بسبب خوفه من الجنرالات
- السيسي تعهد لصندوق النقد بتقليص دور الجيش في الاقتصاد ليحصل على قرض الثلاثة مليارات
- الصندوق طالب بتعزيز تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص بموجب وثيقة "ملكية الدولة"
- "فايننشال تايمز": صندوق النقد اعترف بعدم قدرة القطاع الخاص منافسة الجيش بسبب الامتيازات
- مركز "كارينجي": إخضاع اقتصاد الجيش للرقابة والضرائب "ضرب من الخيال" ولن يتحقق
- "كارينجي": الجيش لن يسمح بتسليم ميزانيات شركاته لوزارة المالية ولن يتراجع خطوة للخلف
- "جيوبوليتكال فيتشرز": خراب مصر اقتصاديا كان نتيجة طبيعية لاستبداد قيادات الجيش والسيسي
- السيسي وقيادات الجيش لن يسعوا بشكل حقيقي لحل الأزمة الاقتصادية وهدفهم الأول البقاء في الحكم
- "ميدل ايست آي ": أى إصلاح حقيقي للاقتصاد ينبغي أن يقوم على إصلاح الرأسمالية العسكرية
إنسان للإعلام- خاص:
بعد تعهد السيسي لصندوق النقد الدولى بتحجيم نفوذ الجيش في الاقتصاد، وإخضاع ميزانيات شركاته لوزارة المالية، توالت التقارير الصحفية الغربية لتؤكد أن هذه التعهدات لن ينجح السيسي في الإيفاء بها؛ خوفا من اصطدامه بجنرالات الجيش الذين يعدون العصا الغليظة التى يستند عليها ويستخدمها في وجه المصريين؛ لتثبيت أركان حكمه لمصر. من خلال سطور التالية نرصد هذه التقارير وتوقعاتها وتصوراتها عن المرحلة المقبلة للاقتصاد المصري.
صندوق النقد يطالب بتحجيم دور الجيش الاقتصادي
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير لها صدر مؤخرا: إن مصر تعهدت لصندوق النقد الدولي بتقليص دور الجيش في الاقتصاد من أجل الحصول على القرض الأخير ، والذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار.
وأوضحت الصحيفة أن الصندوق كشف في بيان له أن الإصلاحات الهيكلية "الحاسمة" التي وافقت عليها القاهرة تشمل "تعزيز تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص"، بموجب وثيقة ملكية الدولة التي أقرها السيسي .
كما أشار الصندوق إلى أن السياسات المتفق عليها ستشمل جميع الشركات المملوكة للدولة، ومنها "الشركات المملوكة للجيش"، وهو إقرار نادر من صندوق النقد الدولي بتوسيع الجيش لبصمته في الاقتصاد المصري، بعد سيطرة قائده السابق على السلطة في انقلاب عام 2013.
وتشمل الشروط المتفق عليها تحديد الحكومة للقطاعات "الاستراتيجية" التي ستعمل بها، والانسحاب تدريجياً من "القطاعات غير الاستراتيجية"، واتخاذ الخطوات اللازمة لذلك، ومنها بيع الأصول.
ولتعزيز الشفافية، يقتضي الاتفاق تقديم الكيانات المملوكة للدولة حسابات مالية إلى وزارة المالية مرتين في السنة، والكشف عن المعلومات الخاصة بأي أنشطة "شبه مالية"، وتضمن وزارة المالية بدورها الوصول المفتوح إلى هذه البيانات.
ومنذ وصول "السيسي" إلى السلطة عام 2014، بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب الشهيد "محمد مرسي"، بدأت سيطرة الجيش على الاقتصاد تتوسع بشكل غير مسبوق، حتى أصبحت شركاته تعمل في كافة القطاعات الاقتصادية تقريبا واستولى على أكثر من 60% من الاقتصاد المصري.
هذا الأمر، أدى لتدهور القطاع الخاص المصري، بسبب عدم قدرته على المنافسة مع المؤسسة العسكرية التي تتمتع بامتيازات اقتصادية هائلة، أبرزها وجود عدد ضخم من القوى العاملة شبه المجانية، والإعفاء من الضرائب والرسوم والتصريحات اللازمة لممارسة أي نشاط اقتصادي في مصر وقد أنتهى التقرير ان هذه المهمة شبة مستحيلة .
وعبر رجال أعمال مصريون وأجانب عن تبرمهم من هذا الوضع، أبرزهم الملياردير المصري المسيحي "نجيب ساويرس"، والذي تعرض لهجمات إعلامية بسبب هذا الرأي."1"
وفي نفس السياق، سلطت افتتاحية صحيفة "فاننشال تايمز"، في 18 يناير 2023، الضوء على الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها المصريون، مشيرة إلى أن السيسي وعد شعبه، منذ ما يقرب من عقد، بإنعاش الاقتصاد وبناء دولة جديدة، لكن الذكرى السنوية العاشرة للانقلاب العسكري، الذي أوصل قائد الجيش السابق إلى السلطة، لم تحمل ما يدعو المصريين إلى الابتهاج.
وذكرت الافتتاحية، التي ترجمها "الخليج الجديد"، أن عشرات الملايين من المصريين يكافحون فقط من أجل التمكن من وضع الطعام على موائدهم، حيث انخفضت قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوياتها وارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 20% في ظل هيمنة الجيش على الاقتصاد.
وأكد التقرير أن القطاع الخاص المصري يعاني من نقص في العملات الأجنبية منذ أكثر عام، ما يمثل "خنقا" لنشاط الشركات، ولذا وصفت الافتتاحية مصر بأنها "بلد في أزمة"
وعن أسباب تلك الأزمة، ذكرت الافتتاحية أن مصر تضررت، مثل الكثير من دول العالم، من تداعيات جائحة كورونا وتتعرض لرياح معاكسة سببتها الحرب الروسية في أوكرانيا، لكن "نظام السيسي الاستبدادي يقع عليه اللوم أيضا بشكل مباشر لأنه ترأس دولة تعيش بما يتجاوز إمكانياتها وسمح للجيش بالتمدد في الحياة الاقتصادية".
وكشف سحب المستثمرين حوالي 20 مليار دولار من الديون المصرية، في الوقت الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، نقطة الضعف الأولى، رغم أن مصر كانت تدفع أعلى سعر فائدة في العالم لجذب تدفقات شراء أذون الخزانة الداخلية.
لكن نقطة الضعف الثانية، ظلت كما هي دون معالجة، فدور الجيش في الاقتصاد يمتد حتى محطات البنزين ومصانع المكرونة والإسمنت والفنادق ووسائل النقل وغيرها، كما يشرف على المئات من مشاريع تطوير البنية التحتية للدولة، بما في ذلك مشاريع تبدو مصممة لإرضاء غرور الحكام أكثر من كونها مجدية اقتصادية، مثل بناء عاصمة إدارية جديدة ومدن في الصحراء.
وأدى ذلك إلى مزاحمة القطاع الخاص، الذي بات قلقا من التنافس مع أقوى مؤسسة في الدولة، إضافة إلى إعاقة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، التي كانت كفيلة بتوليد فرص عمل ومصدر أكثر استدامة للعملة الصعبة.
ورغم وضوح أثر الجيش في أزمة الاقتصاد المصري، فإن الدول المانحة بصندوق النقد الدولي تغاضت عنه عندما ذهب نظام "السيسي" لأول مرة طالبا قرض إنقاذ مالي بقيمة 12 مليار دولار في عام 2016، ما مثل "التفافا غير مفهوم حول هذه القضية بينما قامت القاهرة بإلغاء النقاش الداخلي بشأنها"، حسب ما أوردته افتتاحية "فايننشال تايمز".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن صندوق النقد الدولي بدا متأخرا هذه المرة في تلبية طلب مصر للقرض الأخير، بينما تزعم القاهرة أنها ملتزمة بتقليل "بصمة الدولة" في الاقتصاد، بما في ذلك الشركات المملوكة للجيش، من خلال الانسحاب من القطاعات "غير الاستراتيجية" وبيع بعض الأصول.
ويعود الأمر الآن إلى صندوق النقد الدولي والمانحين لاستخدام نفوذهم لضمان وفاء النظام المصري، الذي يقوده الجيش، بالتزاماته، فبعد إجراء بعض الإصلاحات في عام 2016 لتأمين القرض البالغ 12 مليار دولار، واصلت الحكومة توسيع دور الجيش، وفشلت في إجراء التغييرات الجادة التي يحتاجها الاقتصاد.
واختتمت الصحيفة البريطانية افتتاحيتها بالإشارة إلى أن مصر غالبًا ما يُفترض أنها "أهم من أن تفشل"، وأن المانحين أو دول الخليج سينقذونها دائمًا، "لكن الواقع هو أن ما يقدر بنحو 60 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر أو فوقه بقليل، ويزدادون فقرًا، وأن الدولة تخذل مواطنيها بالفعل، وإذا كان حلفاء القاهرة جادين في مساعدتها، فعليهم الضغط على السيسي للوفاء بتعهداته"."2"
"كارينجي": إخضاع اقتصاد الجيش لن يتحقق
وفي سياق متصل، أكد مركز كارنيجي، في تقرير له، أن مهمة السيسي في تحرير الاقتصاد المصري من نفوذ الجيش لن يحدث، حيث أكد للباحث الرئيسي في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، يزيد صايغ، عن تعهد الحكومة المصرية لصندوق النقد الدولي بشأن تقليص دور الجيش في اقتصاد البلاد الذي يعاني من أزمة حادة.
ويشير تحليل الصايغ إلى دور الجيش المصري ضمنيا بالأزمة الاقتصادية الخانقة في مصر، لافتا إلى أن قبول الحكومة بإدراج الشركات العسكرية رسميا تحت سقف اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وإخضاعها إلى القواعد الضريبية وقواعد الإبلاغ المالي نفسها التي تنطبق على نظيراتها المدنية، هو أمر يخطف الأنفاس.
ولفت إلى أنه وفي مراجعة توسع النشاط التجاري العسكري منذ يونيو الماضي على سبيل المثال، فإن الهيئات العسكرية لم تتأخر في نقض وعد الحكومة بأن “تأسيس الشركات الجديدة المملوكة للدولة ينبغي أن يستند بصورة شفافة إلى سياسة ملكية الدولة”.
وأشار إلى أن الهيئات العسكرية تتمسك بصناديقها الخاصة وبسريتها بشدة بالغة للغاية، لافتا إلى أن المقاومة العسكرية هي السبب الرئيس في التأخير المستمر في تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية أو بيع أسهمها من خلال صندوق الثروة السيادي المصري، وذلك يخالف تبني عبد الفتاح السيسي لهذا الخيار منذ سنوات.
واضاف تقرير كارنيجي أن صندوق النقد الدولي أصدر في 10 يناير 2023 تقريرًا يوضّح فيه الالتزامات التي قطعتها الحكومة المصرية على نفسها مقابل الحصول على قرض جديد من الصندوق قيمته حوالى 3 مليارات دولار، هو الرابع الذي حصلت عليه مصر منذ العام 2016. وعلى الرغم من إعلان الاتفاق الأولي في27 أكتوبر 2022، فقد استغرقت المباحثات لتحديد نطاقه الكامل عشرة أشهر.
وأضاف التقرير ، النتيجة مثيرة. فبحسب صندوق النقد، يشمل الاتفاق على “رزمة سياسات شاملة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العام، وإحياء مخفّفات الصدمات، وتمهيد الطريق أمام النمو الشامل الذي يقوده القطاع الخاص”. يركّز حيّز كبير من ذلك على تحقيق “انتقال قابل للبقاء نحو نظام مرن لتبادل العملة، وسياسة نقدية تهدف إلى تخفيض التضخم تدريجيًا، وتوحيد المالية لضمان مسارٍ تنازلي للدين العام، مع تعزيز نظام الحماية الاجتماعي للمُعَرّضين”. وعلى الرغم من أهمية هذه المسائل، فإن جزءًا من هذا الخطاب هو نمطي، بينما معالجة أزمة العملة المحتدمة في مصر لم تعد بجديدة.
بل أن الملفت في الموضوع هو ذهاب الاتفاق الأخير إلى أبعد من ذلك في وضع “الإصلاحات البنيوية الواسعة النطاق”، وتقليص “بصمة الدولة” في الاقتصاد، وتعزيز “الحوكمة والشفافية” في الصدارة. يتّسم هذا الأمر بالأهمية لأنه يعني بالتأكيد أن الصندوق ألقى بكل ثقله لكي يضفي إحساسًا أكبر بالحاجة الملحّة لدى السلطات المصرية — التي تُكثر التصريحات الرسمية من دون أن تؤدي إلى نتائج ملموسة حتى الآن— بخصوص إعادة تنشيط القطاع العام وقطاع الأعمال العام الضخمَين، أكان ذلك من خلال إعادة هيكلتهما أم بيع الحصص فيهما إلى مستثمري القطاع الخاص، وبخصوص “تسوية الملعب” تسهيلًا للنمو الذي يقوده القطاع الخاص.
وفي انعكاس لهذا التوجه، يستند الاتفاق الأخير إلى وثيقة “سياسة ملكية الدولة” التي أطلقت الحكومة مسودّتها الأولى في يونيو الفائت، والتي وعدت فيها بـ”تخارج” الدولة كليًا من عدد قد يصل إلى79 من القطاعات الاقتصادية، وتقليص دور الدولة في 45 قطاعًا آخر، مع زيادة دور الدولة في بضع عشرات من القطاعات الأخرى. ربما كانت الحكومة تقوم بحركة مسرحية فحسب بغية الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، وثمة شكوك حول الجدوى الفعلية للسياسة. فقد لاحظ نائب رئيس الوزراء السابق، زياد بهاء الدين، أنه سبق تبنّي غالبية الآليات المطروحة لتحقيق غايات السياسة رسميًا في مراحل عدّة، من دون أثرٍ ملحوظ. لكن، وعلى الرغم من ذلك، فقد نُسِجت إشارات كثيرة إلى تلك السياسة في نص الاتفاق الأخير مع صندوق النقد، ما يُصَعِّب على مصر التلكؤ بشكل ظاهر كثيرًا. هذا، وليس من قبيل الصدفة أن قام السيسي بالمصادقة رسميًا على سياسة ملكية الدولة في 29 ديسمبر الفائت، أي عشية إصدار الصندوق الاتفاق. بل ويشير الاتفاق صراحةً إلى مصادقته، ويشير بشكلٍ مقصود إلى تلك السياسة باعتبارها “المقياس الهيكلي” للتقدم.
على الرغم من أهمية الإطار العام المعروض أعلاه، فإن المسألة الاستثنائية هي شموله الشركات العسكرية المصرية. يناقض ذلك الانطباع الأولي عند مراجعة إعلان اتفاق القرض في أكتوبر الفائت، بأن الصندوق كان قد تراجع عن إلقاء ثقله لوضع هذه الشركات على أجندة الحوار مع السلطات المصرية.
على العكس من ذلك، التزمت الحكومة المصرية في "مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية" التي سلّمتها إلى صندوق النقد، وهي ملحقة بالاتفاق، بتوضيح "تعريف الدولة” في وثيقة “سياسة ملكية الدولة” وبـ”العرض صراحةً أنه [أي التعريف] يشمل جميع الشركات المملوكة كليًا أو جزئيًا من قبل هيئة متصلة بالدولة، بغض النظر عن الإطار المؤسسي الذي أُنشئت الشركة بموجبه”. ولدرء الإبهام أو الالتباس، تعدّد المذكرة الشركات العسكرية تحديدًا في عداد شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والهيئات الاقتصادية، والشركات المشتركة والشراكات المشمولة في هذا التعريف.
ثم تلقي المذكرة المزيد من الضوء على مغزى هذه الالتزامات. فمن جهة أولى، تعد المذكرة بتقليص الإعفاءات الكثيرة التي تضفي الأفضليات والامتيازات على الشركات المملوكة للدولة في منافستها القطاع الخاص في السوق وتمنع تسوية الملعب، وهو أمر لطالما أثار امتعاض القطاع الخاص والمؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد.
و تعد المذكرة المصرية لصندوق النقد بِـ”إزاحة كافة إعفاءات الشركات المملوكة للدولة” ومنها الشركات العسكرية ، ولا يقل أهمية شمول الشركات العسكرية ضمن قائمة الشركات والهيئات الحكومية التي يترتب عليها إصدار “تقريرٍ سنوي شامل للنفقات الضريبية، بما في ذلك تفاصيل وتقديرات الإعفاءات والمنح الضريبية المفصّلة حسب التصنيف.
هذه واحدة من إجراءات كثيرة موعودة تتصل بالإدارة المالية للهيئات الحكومية وبحوكمتها. فيجب على الشركات العسكرية مثل غيرها، بالتالي، أن تسلّم حساباتها المالية كل ستة أشهر إلى وزارة المالية، التي ستقوم بدورها بـ”تأمين حرية الحصول على هذه البيانات إلى جانب المعلومات عن كمّ الدعم الذي تتلقّاه النشاطات التجارية وغير التجارية للشركات المملوكة للدولة”. وسيترتب على الشركات العسكرية، كذلك، اعتماد عقود التوظيف المستندة إلى الأداء والأهداف العملياتية والمالية للمساعدة في تقييم الأداء وفي الخضوع إلى الإشراف المركزي. ومن شأن هذا أيضًا أن يمنع قيام أي مؤسسة بالإشراف، في وقت واحد، على هيئات تنظيم السوق وعلى الشركات التي تخضع لتلك الهيئات
كذلك، تعد الحكومة المصرية بتحسين الإجراءات الجمركية ومشاركة المعلومات مع القطاع الخاص، ما يعني بالضرورة تقييد الشركات العسكرية المتمتعة بالتسهيلات الرسمية وغير الرسمية في تخليص وارداتها، أم إعاقة واردات منافسيها المدنيين. أما الأمر المثير حقًا، لو تم تنفيذه، فهو خطة ترشيد تخصيص أراضي الدولة لاستخدامات الجهات المدنية، العامة والخاصة على حدٍّ سواء، والذي تسيطر عليه وزارة الدفاع.
وتعد المذكرة أيضًا بإرغام “كبار المسؤولين في جميع الشركات المملوكة للدولة” على تسليم كشوفات بأصولهم الشخصية وبالتصريح عن مدى التزامهم بهذا الواجب. وسيخضع المدراء إلى عقود عمل تستند إلى الأداء، وأعضاء مجالس الإدارة إلى إجراءات شفافة لاختيارهم وإلى توجيهات واضحة تحدّد مؤهلاتهم المطلوبة ورواتبهم ومكافآتهم. آخراً وليس أخيرًا، ينبغي تحويل ما بين 25 و100 في المئة من عائدات بيع الأسهم في الشركات، كل بحسب تصنيفه القانوني، إلى وزارة المالية أم موازنة الدولة العامة.
ويضيف التقرير أنه بمجرّد قبول الحكومة المصرية بإدراج الشركات العسكرية رسميًا تحت سقف اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، بل وبإخضاعهم إلى القواعد الضريبية وقواعد الإبلاغ المالي نفسها التي تنطبق على نظيراتها المدنية، هو أمر يخطف الأنفاس. ولكنه قد لا يتجاوز كونه نسيجًا من الخيال.
يُضاف إلى ما سبق أن المقاومة العسكرية هي بالتأكيد السبب الرئيس في التأخير المستمر في تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية أم بيع أسهمها من خلال صندوق الثروة السيادي المصري. ويخالف ذلك تبنّي السيسي المتكرر والعلني لهذا الخيار منذ العام 2018 (إن لم يكن منذ العام 2016)، والإعلان منذ ثلاث سنوات عن البدء بتحضير عرض عشر شركات عسكرية في السوق، وتصريحات حكومية رسمية بقرب عرض شركتَي “الوطنية” لمحطات الوقود و”صافي” للمياه المعدنية على رأس القائمة. ولقد قيل الكثير عن اهتمام المستثمرين “الاستراتيجيين” الخليجيين بشراء “الوطنية”، ولكن يظهر أنه يتم تجريد أصولها لصالح شركة “تشيل آوت” الشائعة في كل مكان، التي تستبدل محطات “الوطنية” بمجمعات بيع الوقود والخدمات والمأكولات وغيرها، ومن شأن ذلك تقليل جاذبية “الوطنية” للمستثمرين الخليجيين. وإلى جانب معارضتها فقدان السيطرة على أصولها الاقتصادية، تعارض الجهات العسكرية كذلك التقيّد بمدى الإفصاح المالي الذي سيترتب بالضرورة على عرض أسهمها للبيع، ولو البيع الجزئي.
بل والمعروف أن المؤسسة العسكرية تعارض بيع أيٍّ من أصول الدولة عمومًا، وليس فقط أصولها هي. ويساعد هذا في فهم اعتراض البرلمانيين علنًا، والكثير منهم قام جهازا الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة بانتقائهم أصلًا، على خطة الحكومة لخصخصة الشركات والأصول الأخرى التابعة لهيئة قناة السويس، والتي تنظر إليها المؤسسة العسكرية على أنها منطقة اقتصادية حصرية خاصة بها. من المحتمل أن تعرقل مشاعر الريبة العسكرية محاولات الرئيس والحكومة جذب استثمارات إماراتية أضخم، بشكل خاص، حيث تشكّل منطقة قناة السويس المصلحة التجارية والاستراتيجية الحقيقية الأوحد للإمارات في مصر. وفيما عدا المقاومة العسكرية، تدل التجارب الماضية على أرجحية أن تستغل الحكومة أيضًا كل منفذ ومهرب لتؤخر تنفيذ بنود اتفاقها مع صندوق النقد، وأن تماطل ما تستطيع في جميع المجالات.
والمُلفت أن لا الرئاسة ولا الحكومة قد قامت بالتمهيد السياسي المُكثّف اللازم لإقناع مختلف الأطراف المحلية بتمرير المشروع الواسع النطاق والبعيد الآثار الذي تمثّله سياسة ملكية الدولة الجديدة، وفي النهاية، سوف يتعرّض الاتفاق مع الصندوق إلى التأخير والتخفيف المتكرر، ما قد يجعله طموحًا أكثر منه واقعًا ."3"
"جيوبوليتكال فيتشرز": الجيش يعيق التعافي الاقتصادي
نشر موقع "جيوبوليتكال فيتشرز" الأمريكي تحليلا للباحث اللبناني هلال خاشان، تحدث فيه عن معوقات الانتعاش الاقتصادي في مصر، في الوقت الذي يسعى فيه السيسي إلى البقاء في حكمه، واتهامات للجيش بالتسبب بأزمة البلاد.
وقال الباحث إنه منذ أن أطاحت مجموعة من ضباط الجيش بالنظام الملكي في مصر في عام 1952، ركزت الحكومات المتلاحقة على أمنها وبقائها، ولا تعد إدارة عبد الفتاح السيسي استثناء.
وأضاف أنه بالرغم من أن السيسي تعهد بعد انقلاب 2013 بتحسين حياة المصريين وتعزيز هيمنة المدنيين على النظام السياسي وعدم الترشح للرئاسة، سرعان ما نكث بوعوده كلها، فيما أطلق مشاريع ضخمة أفادت المؤسسة العسكرية وليس الطبقة العاملة.
ورأى أنه في الوقت الذي تكافح فيه البلاد أزمة اقتصادية عميقة مع احتمال ضئيل لتحقيق انتعاش دائم، فإن المشاريع الذي أطلقها السيسي تهدف إلى ضمان بقاء حكمه وليس تحسين الاقتصاد وتوغل الجيش في كل مناحى الحياة .
وفي العام 2015، أمر السيسي ببناء عاصمة إدارية جديدة بتكلفة 58 مليار دولار، بهدف نقل مؤسسات الدولة إليها بالكامل، وعزلها عن الشعب وأي اضطرابات اجتماعية محتملة، وأشرف على بنائها بشكل كامل الجيش، كما افتتح ما يعرف بـ"قناة السويس الجديدة"، التي كلفت 8 مليارات دولار. وكان من المفترض أن يضاعف المشروع عائدات الممر المائي الاستراتيجي 3 مرات، لتصل إلى 13 مليار دولار سنويا، ولكن من المتوقع أن تجلب 8 مليارات دولار فقط هذا العام ،وأصبحت ايضا تحت أشراف كامل للجيش .
ونوه إلى أن الحكومة أدخلت تغييرات أخرى على مشهد القاهرة من شأنها أن تسمح بالانتشار السريع للقوات العسكرية وشبه العسكرية في حال حدوث اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق.
وتشمل التغييرات استثمارات كبيرة في البنية التحتية للمواصلات وإنشاء الطرق والجسور، ما أدى إلى تدمير جزئي للمعالم المعمارية التاريخية في المدينة، كما تهدف الخطة إلى استخدام الجسور الجديدة -40 جسرا شرق العاصمة الجديدة- لتسريع تحركات القوات المسلحة.
وتهدف الإستراتيجية الأوسع إلى احتواء الانتفاضات الواسعة في المدن بسرعة وفعالية أكبر من خلال إعادة الهيكلة الحضرية، حيث تخشى السلطات تكرار أحداث ثورة 25 يناير عام 2011، عندما تعرضت عدة مراكز للشرطة في القاهرة، لا سيما في الأحياء الفقيرة والمناطق منخفضة الدخل، للهجوم والنهب.
ويشدد الكاتب أن السيسي ضلل الشعب المصري بشأن تطلعاته السياسية. وبعد أن قاد انقلاب 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، قال السيسي، الذي كان قائداً للجيش في ذلك الوقت، إنه لن يترشح للرئاسة، حيث إنه لم يكن يرغب في إعطاء انطباع بأنه تصرف من منطلق مصالحه الشخصية في الإطاحة بالرئيس السابق.
وأصدر السيسي تعليمات سرية لمساعديه بتعبئة الرأي العام المصري لدعم ترشيحه. وبعد إعلان ترشيحه أخيرا، حصل على 96 بالمئة من الأصوات، بينما حصل منافسه المدني على 3 بالمئة فقط، وقبل الترشح لولاية ثانية في 2018، قال إنه لن يرشح نفسه لولاية ثالثة في 2022، مؤكدا أنه سيحترم الحد الدستوري لفترتين مدتهما 4 سنوات.
لكن التعديلات التي صادق عليها البرلمان المصري، مددت فترة السيسي الحالية لمدة عامين. ويحق له الآن الترشح لولاية نهائية مدتها 6 سنوات في عام 2024.
وأشار الكاتب إلى أن السيسي ضلل الجمهور بشأن الأزمة الحالية في البلاد، وغالبا ما يتذرع بنظريات المؤامرة لتبرير تدهور الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد
وألقى السيسي باللوم في التدهور الاقتصادي على ثورة 2011 التي كلفت مصر وفقا لتقديراته حوالي 477 مليار دولار. كما أعرب عن مخاوفه من أن تؤدي ثورة مماثلة، ربما بمساعدة الولايات المتحدة، إلى انهيار الدولة المصرية ، وتناسي دور جيشه في تدمير الاقتصاد المصري وسياستهم التى افقرت معظم الشعب واسقطت مصر في ازمة اقتصادية غير مسبوقة .
وبالرغم من اعترافه بأن مصر تمر بأزمة حقيقية، إلا أنه يعتقد أن تعافيها مرهون باستعداد الناس لتحمل المسؤولية والتعاون مع الحكومة.
ورأى الباحث أن السبب الأساس للأزمة الاقتصادية هي القيادة العسكرية، التي لا تعرف كيف تدير الاقتصاد وتلبي احتياجات الناس، وتسمح للجيش بالتمدد اقتصاديا بصورة مستمرة .
وكانت الطريقة الوحيدة التي تعاملت بها الحكومة مع الأزمة هي الاقتراض المفرط أو فرض المزيد من الضرائب على المصريين الذين يكافحون بالفعل لتغطية نفقاتهم.
ونوه الباحث إلى أنه منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، فشلت الحكومات العسكرية في معالجة المشاكل الناجمة عن الإهمال وسوء إدارة المال العام.
وحذر صندوق النقد الدولي من عام مليء بالتحديات بالنسبة للاقتصاد العالمي، وقد تعاني مصر أكثر من غيرها، فهي واحدة من العديد من البلدان التي تواجه آفاقًا اقتصادية صعبة بسبب الوباء والحرب في أوكرانيا والركود العالمي الذي يلوح في الأفق.
وعلى المدى القصير، قد يؤدي القرض الجديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وكذلك الاستثمارات والمنح من دول الخليج، إلى استقرار الاقتصاد مؤقتا، لكن على المدى الطويل، من المشكوك فيه أن يحقق برنامج الإصلاح الاقتصادي انتعاشا شاملا ومستداما، كما يرى الكاتب.
وأكد أن قرض صندوق النقد الدولي لن يغطي احتياجات مصر التمويلية، لكن تأمين المزيد من الأموال يتطلب الالتزام بإصلاحات صارمة، بما في ذلك تخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد، ما قد يعرض قبضة “السيسي” على السلطة للخطر.
وشدد الكاتب على أن السيسي وصل إلى السلطة دون خطة وطنية، وحافظ على سلطته من خلال استرضاء الجيش والاستثمار في المشاريع الضخمة التي كان لها تأثير ضئيل على الإنتاجية الاقتصادية، وهو يعرف كيف يحافظ على علاقة متماسكة مع القوات المسلحة.
لكن السيسي يدرك أن قوة العسكر ازدادت بعد أن سحق المعارضة السياسية، لذا فهو حريص على تقويض قدرة الجيش من الانقلاب عليه، وقد ساعدت خبرة السيسي العسكرية في الحفاظ على التوازن بين الرئاسة والجيش، لكنه يكافح من أجل استمرار السيطرة على السلطة.
ويرى الباحث أن تحالف السيسي مع الجيش يلغي كل التزاماته. ومنذ عام 1952، جاء جميع الرؤساء من الجيش باستثناء “محمد مرسي”، الذي أزاحه الجيش بعد عام واحد في منصبه.
ويختم الباحث بالقول: لقد فهم هؤلاء القادة كيفية إدارة علاقاتهم مع الجيش، ولكن لم يكن لديهم قدرة على تطوير الاقتصاد. وطالما ظل هذا هو الحال، فلن يكون هناك احتمال كبير للإصلاح السياسي أو التنمية الاقتصادية الحقيقية."4"
أي محاولة للتغيير ستصطدم مباشرة مع الجيش
الكاتب والمحلل السياسي "ماجد مندور"أكد في تحليل اقتصادي له بموقع "ميدل أيست آي "، أن أي محاولة لتغيير الأمر الواقع ستنطوي على تخفيف قبضة العسكر على الدولة، وصدام مباشر مع قاعدة السلطة التي يرتكز عليها "عبدالفتاح السيسي".
ومن أجل إصلاح حقيقي للاقتصاد، ينبغي بشكل تام إصلاح المنظومة الرأسمالية العسكرية للنظام، بحسب مقال "مندور" في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
فقد أثبت هذا النموذج، الذي يعتمد على استثمار مدفوع بالمديونية في مشاريع بنى تحتية عملاقة ذات فوائد اقتصادية مريبة - يقوم الجيش بإدارتها أو بتنفيذها، ليس فقط أنه غير فعال في التخفيف من حدة الفقر، ولكن أيضاً أنه كارثي بالنسبة للوضع المالي في البلاد، إذ إنه يترك مصر في وضع بالغ الخطورة.
ومن أجل التخفيف من حدة الأزمة الحالية، يقترح "مندور" تنفيذ ثلاثة تغييرات في السياسة المتبعة:
- أولاً، ينبغي أن تسحب استثماراتها من عدد ضخم من المشاريع التي يملكها الجيش، وخاصة في القطاعات التي كبد فيها تدخل الجيش القطاع الخاص خسائر ضخمة.
- ثانياً، يجب أن تبتعد عن الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الضخمة، وبدلاً من ذلك عليها أن تركز على زيادة قدرة الاقتصاد المصري على المنافسة وعلى تعميق قاعدته الصناعية.
- وثالثاً وأخيرا، ينبغي أن تصلح الحكومة نظام الضريبة، وتحويله من نظام تنازلي يفرض ضرائب مرتفعة على الاستهلاك إلى نظام تصاعدي.
ووفق "ميدل إيست آي"، يتطلب وضع حد للكم الهائل من الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها الشركات المملوكة للجيش، ووضع تلك الشركات رهن التحكم المدني.
وفي وقت خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، في شهر مايو 2022، النظرة المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سالبة، يتفاوض النظام على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي من أجل الوفاء بما عليها من التزامات متراكمة.
كما تعهدت دول الخليج بما يقرب من 22 مليارا من المساعدات المالية لمصر خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك اتفاق استثماري مع المملكة العربية السعودية تقدر قيمته بما يقرب من 10 مليارات دولار.
لكن ما يعيق الاستفادة من هذه الأموال، سياسات ذات طبيعة سياسية لا اقتصادية، ناجمة عن هيمنة الجيش على جهاز الدولة وعدم وجود حزب حاكم مدني يوازن الجيش الذي يضعف موقف الرئيس.
ويعد تسلط الجيش على النظام السياسي منصوص عليه في الدستور، مع إضافة وردت في تعديل عام 2019 تنص على أن واجبات الجيش تتضمن "حماية الدستور والديمقراطية والدولة وصفتها العلمانية، والحريات الشخصية"، الأمر الذي ضاعف من نفوذه وسلطانه.
وتشير جميع الدلائل إلى تكثيف العسكرة في البلاد؛ بدليل أنه في منتصف شهر يوليو/تموز2022 ، أدى رئيس القضاء العسكري الجنرال "صلاح الرويني" القسم كنائب لرئيس المحكمة الدستورية، في سابقة خطيرة تأخذ بعسكرة القضاء إلى ذروة جديدة.
ويترك ذلك النظام مقيداً جداً من حيث قدرته على تنفيذ الإصلاحات، خاصة في مجال الاقتصاد، نظراً لأن الجيش يجني فوائد جمة من استمرار الوضع القائم."5"
هيمنة الجيش وراء هروب الاستثمارات
وفي ابريل 2022، خلص تقرير لمجلة "إيكونوميست" البريطانية، إلى أن الجيش هو السبب في هروب الاستثمارات من مصر، ولفتت إلى ما واجهته شركة "جهينة" المصرية من ابتزازا من قبل سلطة العسكريين بمصر، شبيها بابتزاز المافيات، رغم أنها شركة رائدة، وفي معظم البلدان يمكن اعتبار مثلها "بطلة قومية".
واكد التقرير أن مصير الشركة وأصحابها، من عائلة "صفوان ثابت"، نموذج لتعامل دولة نظام "عبدالفتاح السيسي" مع القطاع الخاص.
وتخلص المجلة إلى أن هذا سبب كاف جدا لهروب المستثمرين، "فمن يجرؤ على الوقوف في وجه الجيش"، حيث "يُظهِر التعامل مع ثابت وابنه ما يمكن أن يحدث إذا فعلوا ذلك"، وبدأت مشاكل "جهينة"، عندما قررت الدولة المصرية الاستيلاء عليها، بعد أن رفض مؤسسها "صفوان ثابت"، التنازل عن 51% من أسهم شركته ، تسبب هذا الرفض في الإلقاء به في سجن سيئ السمعة، بسبب ما يجري فيه من تعذيب، وعندما رفض ابنه "سيف" الصفقة نفسها، انضم إلى والده في السجن.
وتتهم الدولة "آل ثابت" بتمويل الإرهاب، كان جد "صفوان" وعمه ينتميان لجماعة الإخوان المسلمين إبان حكم الرئيس الراحل "جمال عبدالناصر"، لكن بعد إطاحة الجيش في انقلاب قاده الفريق آنذاك "السيسي"، بالرئيس "محمد مرسي" المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013، صُنِّفَت الجماعة على أنها "إرهابية ومحظورة"
كانت عائلة "ثابت"، جزءا من المؤسسة الحاكمة، وكان "صفوان" ودودا مع الرئيس المصري السابق "حسني مبارك"، سافر إلى الخارج مع وفود حكومية لجذب المستثمرين وتقديم المشورة للوزراء.
وبعد أن أصبح "السيسي" رئيسا في عام 2014، تبرع "ثابت" الأب بمبلغ 50 مليون جنيه لصندوق "تحيا مصر" لمشاريع التنمية، وكان "السيسي" سعيدا بتلقِّي الأموال من أفراد عائلة "ثابت"، رغم صلاتهم المزعومة بـ"الإخوان"، حسب ما تقوله المجلة البريطانية.
وبعد اعتقال "سيف ثابت"، عرض "سيف" إدارة عمليات الشركة مقابل راتب رمزي، إذا تركت الدولة شركة "جهينة"، وأطلقت سراحه هو ووالده، لكن العرض رُفِض ، وقلة من رجال الأعمال يجرؤون على الوقوف في وجه الجيش، ويُظهِر التعامل مع "ثابت" وابنه ما يمكن أن يحدث إذا فعلوا ذلك.
هناك مثالٌ آخر، "رامي شعث"، هو رجل أعمال ناجح تنتج شركته أجهزة إلكترونية لتتبع استخدام الكهرباء والمياه والغاز لشركات المرافق العامة، عندما رفض السماح لشركة عسكرية بمشاركة تقنيته، بدأت شركات المرافق في إلغاء العقود ، ويقول "شعث": "بدأنا في الإفلاس. ليس لأن أداءنا كان ضعيفا، ولكن لأن الجيش كان يضغط علينا" ، وبصفته منتقدا لـ"السيسي"، تم اعتقاله لأكثر من عامين بتهم إرهاب غير محدَّدة، ولم يُحاكَم مثل "ثابت" الأب والابن
ويقول محللون، إن مصر تحولت في عهد "السيسي" من دولة بوليسية إلى دولة يسيطر عليها الجيش، مشيرين إلى أن "مبارك" أحاط نفسه بعد وصوله إلى السلطة بمستشارين عسكريين قبل أن يبدأ بالتقرب من قطاع رجال الأعمال، ويقوم بلبرلة الاقتصاد، وهو ما لم يقم به السيسي.
وتشير تقارير غربية، إلى أن الجيش المصري يسيطر على قرابة 60% من حجم الاقتصاد المصري، خاصة مع إسناد مشروعات وصفقات حكومية إليه بالأمر المباشر، وتنفيذ مشروعات صناعية وسياحية من اختصاص وزارات أخرى.
فمخالب الجيش وصلت إلى كل قطاعات الحياة المصرية من الصيد والطعام والمشروبات والفولاذ والطاقة والإسمنت، ولم ينج الإعلام فقد سيطرت كيانات تابعة له على صحف وشبكات تلفزيونية وشركات إنتاج.
ولا تزال العديد من القطاعات تخضع لسيطرة الجيش آخذة في التزايد، بما في ذلك العقارات والمياه المعدنية والأجهزة المنزلية ومحطات البنزين واللوحات الإعلانية وإنشاء الطرق ومصانع الإسمنت والأدوية والمنتجعات والمدارس الدولية، وغيرها ."6"
المصادر:
- "ف. تايمز: مصر تعهدت لصندوق النقد بتقليص دور الجيش في الاقتصاد" ، الخليج الجديد ، 11يناير 2023، https://cutt.us/iXodW
- "ف. تايمز: ملايين المصريين يكافحون فقط لإطعام ذويهم.. ودولة الجيش خذلت مواطنيها" ، الخليج الجديد ، 18 يناير 2023 ، https://cutt.us/hkei0
- "كارينجي: إخضاع اقتصاد الجيش للرقابة والضرائب لن يتحقق" ، موقع رصد ، 13 يناير 2023، https://rassd.com/524463.htm
- "تحليل : الجيش يعيق التعافي الاقتصادي في مصر.. والسيسي هدفه البقاء " ، عربي 21 ، 15يناير 2023، https://cutt.us/4yM0j
- " السيسي وإنقاذ الاقتصاد المصري.. مهمة صعبة تعرقلها هيمنة الجيش" ، الخليج الجديد ، 5أغسطس 2022 ، https://cutt.us/oYJuO
- "أيكونوميست: هيمنة الجيش على الاقتصاد تخنق القطاع الخاص، الخليج الجديد ، 23 ابريل 2022 ، https://cutt.us/4h0ik