السيسي يخشى تحوله إلى محاكمة لانتهاكاته.. إنشاء قاعة للتظاهر بمؤتمر المناخ!!

الخميس - 11 آغسطس 2022

مع اقتراب انعقاد مؤتمر المناخ COP27 في مدينة شرم الشيخ من 7 إلى 18 نوفمبر 2022، تصاعدت دعوات منظمات ونشطاء وحقوقيين لإجبار مصر على ضمان حرية التظاهر، وإطلاق المعتقلين لإظهار حسن النية.

ونقلت صحيفة الجارديان البريطانية 29 يوليو 2022 عن نشطاء ومدافعين عن البيئة مخاوفهم من أن استضافة مصر لمؤتمر COP27 ستُستخدم "لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد".

هذه الحملة الحقوقية المتزايدة ضد مصر تثير مخاوف السلطات أن يتحول مؤتمر المناخ في شرم الشيخ لتظاهرة ضد نظام عبد الفتاح السيسي، وتسليط الأضواء على القمع الممنهج، عكس ما ترمي إليه السلطة من رغبتها في عملية ترويج وتلميع لها.

نشطاء قالوا إن استضافة مصر للمؤتمر هدفه تلميع النظام، وتهدئة الرأي العام، وأن إطلاق السيسي ما يسمى "الحوار الوطني" محاولة لإزالة الاحتقان في الشارع المصري بعد السخط الكبير من الناس بسبب الفشل الاقتصادي، وسيتوقف بعد المؤتمر.

الصحفية نشوى الحوفي الموالية للسلطة اعترفت في حوار مع قناة "اكسترا نيوز "التابعة للمخابرات 29 مايو 2022، أن الهدف من الحوار الوطني هو "تلافي ضغوط على مصر قبل مؤتمر المناخ". ( فيديو المقابلة )

التظاهر داخل قاعة مغلقة!

لأن تظاهر نشطاء البيئة بات أحد معالم قمم المناخ السابقة، للاحتجاج ضد قادة العالم لتقاعسهم عن اتخاذ خطوات ملموسة لإنقاذ الكوكب ومواجهة الاحتباس الحراري، أثيرت تساؤلات، عن سماح مصر بذلك بينما لديها قانون يمنع التظاهر.

ولمنع المظاهرات ضد انقلاب 2013، أصدر عدلي منصور الذي عينه العسكر، قانونا في نوفمبر 2013 يمنع المظاهرات بدعوي أنها تشكل «تهديدا للأمن»، ويسجن المتظاهرين، برغم أنه رئيس المحكمة الدستورية.

وفي محاولة للرد على تساؤلات التظاهر، زعم سامح شكري وزير الخارجية إن مصر ستسمح بمظاهرات حول قضايا المناخ خلال القمة على الرغم من أن تنظيم المظاهرات ممنوع قانونا دون موافقة رسمية منذ عام 2013.

سأله مراسل وكالة لوكالة أسوشيتد برس 24 مايو 2022:"أنتم تقومون بقمع المظاهرات التي لا توافق عليها الحكومة، وتمنعون أي احتجاجات، فكيف سيتظاهر النشطاء الذين اعتادوا ذلك في مؤتمرات المناخ السابقة؟".

فرد شكري قائلا: "نحن نبني منشأة مجاورة لمركز المؤتمرات ستوفر لهم الفرصة الكاملة للمشاركة والنشاط والتظاهر لإبداء آرائهم!.

قال إنه "يجري تجهيز مكان للتظاهر مجاور للمؤتمر سيوفر لهم الفرصة الكاملة للمشاركة والنشاط والتظاهر والتعبير عن هذا الرأي"، مشيرا لأن هذا السماح سيكون ليوم واحد.

وليبين أنه ليس لديه مشكلة مع مظاهرات الأجانب في قمة المناخ، زعم شكري إنه دعا خلال اجتماعاته في الدنمارك حول قمة المناخ 12 مايو/أيار 2022 المحتجين الذين كانوا خارج قاعة الاجتماع إلى التحدث معه.

ووصف الاجتماع معهم بأنه "مثمر"، مؤكداً أن أهداف مصر المناخية "تتماشى مع أهداف العديد من المحتجين"، دون توضيح كيف سمح لهم بالتظاهر في الدنمارك بحرية، بينما سيجري حصار من يرغبون في التظاهر بشرم الشيخ داخل مكان مغلق؟.

وائل أبو المجد الممثل الخاص لرئيس قمة المناخ (سامح شكري) كان أكثر وضوحا حيث قال لوكالة رويترز 25 مايو 2022 أن من سيتم السماح لهم بالتظاهر في مكان انعقاد القمة، هم "نشطاء المناخ" فقط.

أضاف "هناك قواعد معينة (للتظاهر) ولو كان هناك أشخاص يريدون الاحتجاج، يحق لهم القيام بذلك" في المكان المغلق.

"وقال ساخرا من المتظاهرين المحتملين: "من الجيد أن يكون هناك أشخاص يصرخون عليك، وآمل ألا يلقوا أشياء عليك، ولكن فقط يصرخون عليك ونحن معتادون على ذلك"!!".

وأثار ذلك سخرية النشطاء والحقوقيين لأن معني هذا حبسهم في مكان مغلق غير مفتوح، عبارة عن بناية أو قاعة محكمة الغلق، للتظاهر مع أنفسهم ضد قضايا المناخ وانتهاكات حقوق الانسان.

وبسبب حصار من يريدون التظاهر في مكان مغلق، قال الناشط في قضايا المناخ "جيروم فوستر" في مقال بموقع "أتموس" Atoms 3 أغسطس 2022 "أن تكون قادرًا على التعبير عن نفسك في مكان مفتوح حق أساسي من حقوق الإنسان."

ورصد الموقع حالات لبعض نشطاء البيئة الأجانب الذين يخشون السفر لمصر لحضور المؤتمر بعدما علموا بانتهاكات مصر لحقوق الانسان عبر المنظمات الحقوقية الدولية.

حوار لتجنب الانتقادات الغربية

وقال موقع Africa Intelligence الفرنسي 4 يوليو 2022، إن السيسي يسعى من وراء دعوته المفاجئة إلى "حوار وطني" لتجنب انتقادات غربية تتعلق بملف حقوق الإنسان، وذلك قبل انعقاد مؤتمر المناخ الدولي في شرم الشيخ.

"يحاول السيسي استثمار هذا الاجتماع بمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها حتى يمكنه منع المنظمات الدولية من انتقاد نظامه خلال هذا المؤتمر"، بحسب الموقع الاستخباراتي الفرنسي.

ويحتاج السيسي لكسب بعض الدعم من المجتمع الدولي لهذا يستغل "الحوار الوطني"، كي يقدّم بادرة حسن نية لحلفائه الغربيين، بقيادة الولايات المتحدة.

حملة حقوقية

ربطت غالبية البيانات الحقوقية وتقارير الصحف الأجنبية التي صدرت قبل مؤتمر المناخ، بينه وبين ملف حقوق الإنسان في مصر، بهدف الضغط على نظام عبد الفتاح السيسي لإطلاق المعتقلين وإطلاق حرية التعبير والصحافة.

أشارت لأن نشطاء البيئة حول العالم الذي يحضرون للتظاهر في أي قمة للمناخ، يرفضون أي قيد أو شرط في احتجاجاتهم، ما يعني أنها قد تخرج عن سياق البيئة وتتطرق للأوضاع الداخلية المصرية، بما قد يضر مصر سياحيا واستثماريا.

وتزامن هذا مع كشف حقوقيين لموقع "مدى مصر" 31 يوليو 2022 أن ما يسمى "العفو الرئاسي" وهم، ومن تم إطلاقهم بدعوي الحوار الوطني نسبة ضئيلة للغاية.

أكدوا أن نسبة من أفرجت الأجهزة الأمنية عنهم أقل من 2.4% من إجمالي العدد الذي شملته قوائم عفو تقدمت بها منظمات المجتمع المدني في مايو 2022، ولا يوجد بين المفرج عنهم إسلاميون.

وطالبت مجموع تضم برلمانيين ومسئولين من دول أوروبية وأمريكا، ونشطاء البيئة، الحكومة المصرية، في رسالة، بضمانات لحمايتهم لا اعتقالهم حال تظاهرهم خلال المؤتمر كما هو متبع في كل مؤتمرات المناخ بالعالم.

ربطوا في الرسالة التي وقعها 37 من البرلمانيين ونشطاء البيئة الغربيين، ووجهوها لمصر والعالم، بين مؤتمر المناخ وملف حقوق الانسان، ونوهوا إلى "أن القمة على الأرجح سوف تستخدم لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد".

شرحوا في رسالتهم بالتفصيل مخاوفهم بشأن احتجاز من يحتجون خلال مؤتمر المناخ بشرم الشيخ في مصر، وطالبوا السلطات المصرية بالإفراج عن آلاف السجناء السياسيين وسجناء الرأي، لإظهار حسن النية.

قالوا إن "إفراج مصر عن سجناء الرأي سيظهر أنها تأخذ التزامها على محمل الجد وأنها لن تعتقلهم لو تظاهروا في المؤتمر مطالبين بالحقوق الكاملة في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير حول المؤتمر".

تحدث المشاركون منهم في المؤتمر عن مخاوفهم من أن "عقد مؤتمر المناخ في مصر وسط حملة القمع التي شنتها البلاد على الحريات المدنية ستجعل المؤتمر غير فعال".

وجاء في الرسالة المفتوحة، والتي من ضمن الموقعين عليها الكاتبة البريطانية، ناعومي كلاين، والنائبة عن حزب الخضر في بريطانيا كارولين لوكاس: "نشعر بقلق عميق من أن عقد القمة لن يكون ممكناً بسبب الإجراءات القمعية للحكومة المصرية".

وقبل "حوار بيترسبرغ للمناخ" في ألمانيا 18-19 يوليو 2022، والذي شارك فيه عبد الفتاح السيسي، أرسل تحالف من 21 منظمة حقوقية مصرية وأجنبية رسالة للمؤتمر يربطون فيها بوضوح بين المؤتمر وحقوق الإنسان في مصر.

أعربوا في رسالتهم 14 يوليو/تموز 2022 عن قلقهم من القيود غير القانونية التي تفرضها السلطات المصرية على الحق في حرية التعبير والصحافة وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، بينما تستضيف مؤتمرا دوليا.

 انتقدوا القيود الشديدة التي تفرضها السلطات المصرية على المجتمع المدني وقمع المعارضة السياسية السلمية، وإساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضين واعتقال الآلاف لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع.

ودعت المنظمات، وبينها العفو الدولية وهيومن رايتس وفريدم هاوس، والقاهرة لدراسات حقوق الإنسان، للتحقق من ملاءمة مصر لاستضافة القمة، وإجبارها علي تنفيذ مطالب حقوقية تتعلق بإطلاق معتقلين ووقف قمع الحريات والصحافة.

وصدر بيان أخر من 36 منظمة حقوقية مصرية ودولية، أبرزها العفو الدولية، يوم 12 يوليو 2022 يطالب السلطات المصرية بتخفيف قبضتها على المجتمع المدني وإطلاق حرية التعبير والتجمع السلمي لتمكين قمة المناخ من النجاح.

قالوا إن سجل مصر السيء في قمع المعارضة "يجب ألا يُسمح له بتقويض نجاح قمة Cop27 لتغير المناخ"، مطالبين الحكومات المشاركة في المؤتمر بالضغط على مصر "لضمان المشاركة الآمنة والهادفة في المؤتمر للفاعلين في المجتمع المدني".

أكدوا أن احتجاجات الشوارع جزءا لا يتجزأ من مؤتمرات الأمم المتحدة السابقة للمناخ، لكن "هذا الحق معرضة للخطر بسبب نهج السلطات المصرية غير المتسامح مع الاحتجاج السلمي"، وفق البيان.

كذلك نشر موقع "سكووب سيتزين" المعني بالصحافة الحرة في نيوزيلاندا بيانا من 14 منظمة دولية وحقوقية موجه لمسؤولي الأمم المتحدة وحكومات أخرى يستغربون السماح بعقد المؤتمر في مصر المتهمة بقمع حقوق الإنسان.

قالوا: "نشعر ببالغ القلق بشأن قرار عقد قمة 2022 لأطراف (COP27) في مصر، ما يعرض نشطاء المناخ المصريين والدوليين المشاركين للخطر ويحمي عبد الفتاح السيسي من المساءلة عن انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان".

شددوا في بيانهم يوم 27 يوليو 2022 على أن السماح باستضافة مصر للمؤتمر "يرسل إشارة خطيرة إلى العالم مفادها سماح المجتمع الدولي بالاستبداد وقمع المدافعين عن البيئة، ومعاقبة النشطاء".

وأكدوا أن "مبادئ حركة تغير المناخ والمشاركة المدنية تتناقض بشكل صارخ مع سجل مصر في الهجمات على المجتمع المدني ودعاة حماية البيئة ونشطاء حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والصحفيين.

وأشاروا لرفض مصر منح التأشيرات لبعض النشطاء الدوليين، وذكروا أسماء نشطاء مصريين في البيئة معتقلين، وأجانب أعلنوا رفضهم السفر لمصر خشية اعتقالهم.

أيضا نشرت السفارة الأميركية في القاهرة 18 يوليو 2022 تقرير "مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل" التابع لوزارة الخارجية، عن حالة حقوق الإنسان في مصر لعام 2021 الذي تناول "القتل غير القانوني" أو "التعسفي" في مصر.

واتهم التقرير الحكومة المصرية بـ "التقاعس عن معاقبة أو مقاضاة المسؤولين" الذين ارتكبوا انتهاكات سواء في الأجهزة الأمنية، بما في ذلك المتورطون في قضايا فساد وعدم التحقيق بشكل كامل في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان.

وأشار التقرير الأمريكي للقيود على حرية تشكيل الأحزاب واستمرار حظر السلطة لحزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب البناء والتنمية الإسلامي الذي تحظره السلطات أيضا.

حوار وطني للتلميع

لذلك ربطت منظمات ونشطاء بين انعقاد المؤتمر في مصر ودعاية النظام لتلميع صورته عبر ما يسمي الحوار الوطني، مؤكدين أن مصر لا تصلح لانعقاد المؤتمر بسبب "السجل السيء" لحقوق الإنسان هناك، وقطعها الأشجار.

تساءلوا: كيف يكون هناك آلاف المعتقلين بشكل تعسفي لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، بما فيهم مدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وصحفيين وأكاديميين ونساء، ويُعقد المؤتمر في مصر، وفق الجارديان.

ومع اقتراب "الحوار السياسي الوطني"، والشكوك حول الهدف منه، رصدت وكالة رويترز 29 يوليو 2022 السجل الإجرامي لعبد الفتاح السيسي، منذ أن أطاح بالرئيس محمد مرسي أول رئيس دولة منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر الحديث.

قالت إن الحوار الوطني "اختبار لما إذا كانت السلطات المصرية مستعدة لتخفيف حملة قمع المعارضة التي يقول منتقدون إنها الأشد خطورة في تاريخ البلاد الحديث".

أوضحت أنه منذ وصول السيسي إلى السلطة في 2014، زعمت السلطات المصرية إن قمع المعارضة والحريات كان موجهاً ضد الإرهابيين والمخربين الذين يحاولون تقويض الدولة، لكن القمع طال الجميع.

أشارت الوكالة لمقتل المئات في مجزرتي رابعة والنهضة وقُتل المئات من أنصار جماعة الإخوان، والحكم على كبار قادة الجماعة بالإعدام في محاكمات جائرة ودفع آخرين للاختفاء تحت الأرض أو اللجوء للخارج، وسجن من يكشفون فساد النظام.

وتقاعس الحكومة عن معاقبة أو مقاضاة المسؤولين الذين ارتكبوا انتهاكات، سواء في الأجهزة الأمنية أو في أي مكان آخر في الحكومة، بما في ذلك المتورطون بتهمة الفساد.

ودعا عبد الفتاح السيسي، صحفيا ألمانيا سأله عن حالة حقوق الإنسان في مصر إلى زيارة البلاد، قائلا: "تعال شوف"، و"انقل ما تراه بشكل حقيقي إلى الرأي العام هنا في ألمانيا".

وحين سأله الصحفي عن انتهاكات حقوق الانسان، دافع السيسي عن "الحريات الدينية" و"حقوق المرأة" ومبادرة حياة كريمة، دون حرية التعبير والصحافة. (فيديو)