الدبلوماسية المصرية تفشل في استقطاب دول افريقية لمناصرة موقف "القاهرة"
الخميس - 7 أبريل 2022
شهد ملف سد النهضة على مدار الساعات القليلة الماضية، كثير من التطورات الخطيرة، ومنها فشل " العسكرية المصرية " في إقناع دول بحوض النيل بإجراء مناورات عسكرية مع مصر، كما أن الدبلوماسية المصرية تفشل في استقطاب دول إفريقية لمناصرة موقف "القاهرة"، وفي سياق متصل اعترف وزير الري مؤخرا بدخول مصر دائرة الندرة المائية، وتزامن ذلك مع مواصلة أثيوبيا استعداداتها للملء الثالث، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
فشلت مساعي النظام المصري في تحقيق أية خطوات إيجابية على صعيد ملف سد النهضة الإثيوبي... وتعثرت في إقناع دول أفريقية بإجراء مناورات عسكرية مع مصر
وقالت مصادر مصرية ل "العربي الجديد" : تحركات دبلوماسية وأخرى للمسؤولين في جهاز المخابرات العامة اصطدمت مع السودان وبعض دول حوض النيل .. وفشلت في تحقيق خطوات ملموسة ملف أزمة السد من أجل تسويقها في الشارع المصري باعتبارها خطوة لإجبار أديس أبابا على الخضوع للمطالب المصرية
"المصادر" : فوجئت مصر بمواقف السلبية من كثير من الدول الأفريقية مؤخرا تجاه موقفها من سد النهضة .. بسبب عدم قدرتها على تسويق قضيتها لدى الوسطاء، وأعطت الإدارة الأميركية أولوية لملفات أفريقية أخري وصفتها بأنها أكثر إلحاحاً في الوقت الراهن .. و في مقدمتها ملف الأزمة في السودان.
وأن المواقف السلبية التي فوجئت بها القيادة المصرية مؤخرا .. جاءت بالرغم ما قدمته القيادة السياسية المصرية أخيراً من تنازلات في عدد من ملفات المنطقة.
ووققا للمصادر نفسها، المشاورات التي جرت أخيراً مع المسؤولين في السودان بشأن الأزمة وعلى رأسهم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بشأن التصعيد الدبلوماسي والسياسي .. مع إمكانية إطلاق مناورات عسكرية مصرية جديدة قرب الحدود السودانية الإثيوبية باءت بالفشل.
وجاء الفشل بسبب حالة الصراع الداخلي في السودان في ظل ميل كثير من المكونات المدنية إلى عدم الدخول في صدامات مع إثيوبيا في الوقت الراهن .. بل والتعامل معها بشكل مباشر بشأن مفاوضات ثنائية متعلقة بالسد.
"المصادر" : الصراع غير المعلن بين البرهان ونائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي) .. أحد أهم العقبات التي تعيق التحرك المصري السوداني المشترك لاتخاذ خطوة تصعيدية خلال الأيام المقبلة في ظل تبني حميدتي بشكل كامل لوجهة النظر الإماراتية التي تميل إلى موقف الحكومة الإثيوبية في الأزمة
كما اكتفى البرهان خلال زيارته الأخيرة للقاهرة التي التقى خلالها السيسي، بالإعراب عن تفاؤله بشأن مستجدات أزمة سد النهضة الإثيوبي مرجحاً الوصول إلى تفاهمات مشتركة قريباً في هذا الملف
و مصدر آخر، لـ"العربي الجديد":القاهرة حاولت أخيراً الترتيب لمناورات عسكرية موسعة على الصعيد الأفريقي تشارك بها عدد من دول حوض النيل .. بهدف تسويق تلك المناورات من جهة باعتبارها خطوة لحصار إثيوبيا والرد على ما يروج له رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بأن بلاده تدعم حقوق دول الحوض في إعادة توزيع الحصص المائية ولكن كلها باءت أيضا بالفشل.
حيث تلقت القاهرة ردوداً متحفظة من بعض الدول الأفريقية التي عُرض عليها الأمر .. رغم أنها كانت تأتي تحت غطاء تبادل الخبرات بشأن مكافحة الإرهاب في ظل تزايد التهديد بسبب انتشار بعض التنظيمات المتطرفة في القارة
"المصادر" : عدد من الدول الأفريقية في مقدمتها أوغندا ورواندا عبرت عن تحفظها بشأن توظيف مثل تلك التحركات في الصراع الدائر بشأن أزمة السد .. مؤكدة أن مثل تلك التحركات قد تؤدي إلى مزيد من التوتر في القارة
ومصادر حكومية مصرية : بالتوازي مع تعثر التحركات المصرية بالخارج لمعالجة أزمة سد النهضة الإثيوبي .. صدرت التوجيهات لوزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي من قبل مؤسسة الرئاسة أخيراً تركز على ضرورة العمل على تنفيذ خطة العمل الخاصة بتوفير استخدام المياه واعتماد تكنولوجيا تحلية ومعالجة المياه وتقليل الفاقد من مياه النيل بواسطة مشروعات مثل "تبطين الترع" واعتماد وسائل الري الحديثة.
وزارة الري أكدت في بيان الثلاثاء الماضي أن عبد العاطي عقد الاجتماع الدوري مع القيادات التنفيذية بالوزارة .. لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروعات وأعمال الوزارة بمختلف محافظات الجمهورية
وعلى صعيد متصل .. اعترفت مطلع الأسبوع الجاري الحكومة المصرية بالاقتراب من حد الندرة المائية بعد لقاء رفيع المستوى بين مسؤولي القاهرة والخرطوم .. مما يزيد من حدة أجراس الإنذار والقلق في ظل استمرار أزمة سد النهضة الإثيوبي الذي يمثل خطرا على مصر أمنها القومي ومهددا لمستقبلها المائي.
وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي حذر السبت الماضي في خطاب موجه للخارج -عبر لقاء افتراضي ضمن فعاليات مؤتمر أسبوع المناخ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- .. أن ذلك سيكون له توابع خطيرة على المنطقة
إحصائيات رسمية نشرها الموقع الرسمي لهيئة الاستعلامات المصرية تفيد أن قدرات موارد مصر المائية بحوالي 60 مليار متر مكعب سنويا من المياه .. يأتي معظمها من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري
و يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر إلى حوالي 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه .. بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنويا، وفق بيانات رسمية
فيما أعلن السيسي في مطلع العام الجاري أن مصر دخلت مرحلة الفقر المائي .. وأن المياه القادمة من إثيوبيا تمثل نسبة 10% فقط من احتياجات البلاد
من جانبه أكد خيري عمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة سكاريا التركية والمتخصص في الشؤون الأفريقية .. أكد ان الخطاب الرسمي المصري يقصد به الداخل بخلاف الخارج لزيادة الوعي تحت تأثير الخوف من أجل ترشيد استخدام المياه والعمل على البحث عن مصادر جديدة وتقليل المهدر
في أبريل 2021 قال أيضا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن بلاده دخلت مرحلة الفقر الحاد في ما يخص المياه .. وإنها تعمل على تسخير مواردها للاستفادة من كل قطرة ماء
دراسة حديثة كشفت عنها الجامعة الأميركية بالقاهرة أكدت إن "ندرة المياه أصبحت من أكثر قضايا الأمن الغذائي إلحاحا في بلاد الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وخاصة في مصر.. وأن أثر ندرة المياه على الإنتاج الزراعي وعلى توفر الغذاء؛ يشكل قضية ملحة يجب معالجتها
في أغسطس 2021 ووفقا لدراسة جديدة لباحثين من قسم الهندسة المدنية والبيئية في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" .. أكدت إن مصر سوف تستورد من المياه أكثر مما يوفره النيل إذا لم يتم إجراء تغييرات.
فيما تواصل إثيوبيا تكثيف العمليات بالسد وتستعد للملء الثالث .. وتمم إنشاءاتها لاستيعاب تخزين ماسينتج عن عمليات الملء
وقال الأستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة عباس شراقي: مخزون سد النهضة انخفض بمقدار مليار متر مكعب خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.. وأصبح 7 مليارات متر مكعب وذلك بحسب ما اتضح من صور الأقمار الاصطناعية في الرابع من إبريل الحالي
" شراقي" أشار عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، الإثنين الماضي .. إلى "توقف التوربين الذي تم تشغيله في 20 فبراير الماضي للمرة الثانية على التوالي خلال خمسة أيام، وانتظام تصريف المياه من خلال إحدى فتحتي التصريف بنحو 30 مليون متر مكعب يومياً من خلال بحيرة تانا وبعض الروافد الجانبية في حوض النيل الأزرق"
كما لفت " شراقي" إلى أن رفع الممر الأوسط 255 متراً .. والجانبين 835 متراً يحتاج إلى نحو 65 ألف متر مكعب من الخرسانة لكل متر ارتفاع فيما بقي على بداية موسم الأمطار أقل من ثلاثة أشهر
متسائلا : "هل تستطيع إثيوبيا رفع 20 متراً خلال المدة المتبقية (لبداية الأمطار) للوصول إلى إجمالي تخزين يبلغ 18.5 مليار متر مكعب"؟