الداخلية المصرية تلفق قضية جديدة لصفوان ثابت بعد رفضه للابتزاز

الجمعة - 1 أكتوبر 2021

في خطوة تصعيدية ، أفزعت جموع المستثمرين بمصر ، وتبدو ذات صلة بانتقاد منظمة العفو الدولية لاستمرار اعتقال رجل الأعمال الشهير صفوان ثابت مالك شركة جهينة للصناعات الغذائية ونجله سيف الدين، أعلنت وزارة الداخلية المصرية مساء أمس الخميس، إلقاء القبض على من وصفته بـ"القيادي الإخواني يحيى مهران"، زاعمة أنه "أحد الأذرع الرئيسية للقيادي الإخواني المحبوس صفوان ثابت"، وأنه كان مكلفاً من قبله بإخفاء أموال الجماعة وتشغيلها وتمويل العمليات "الإرهابية" ، وقد اعترف وزير المالية مؤخرا بأن مصر شهدت خروج 20 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي ، وأرجع اقتصاديون ذلك لعدم وجود أجواء آمنة للاستثمار ، في ظل التصعيد المستمر من قبل الجهات الأمنية ضد رجال الأعمال ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

 

اتهمت الداخلية المصرية -لأول مرة في بيان رسمي- كلا من ثابت ومهران بالسعي لإعادة إحياء نشاط التنظيم، وإيجاد مصادر تمويل لأنشطته الإرهابية، وأن ثابت كلف مهران باستغلال شركاته في عمليات نقل وإخفاء أموال التنظيم، واستثمار عوائدها لصالح أنشطته الإرهابية، في إطار محاولة للتحايل والالتفاف على إجراءات التحفظ القانونية المتخذة ضد الكيانات.

وداهمت الشرطة شقة سكنية بالجيزة معلنة "العثور على غرفة سرية بها، تستخدم كخزينة لإخفاء الأموال وبداخلها مبلغ 8 ملايين و400 ألف دولار ومبالغ ببعض العملات الأخرى".

يذكر أن القضية الكبرى لتمويل الإخوان كان من المتهمين فيها والمدرجين على قائمة الإرهابيين رجل الأعمال صفوان ثابت، مالك شركة جهينة العملاقة للألبان والصناعات الغذائية، المعتقل منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، ثم انضم له نجله سيف الدين المعتقل منذ فبراير/شباط الماضي، وكلاهما متهم أيضا على ذمة قضية أخرى لتمويل الإخوان، مع عدد محدود من الشخصيات مثل رجل الأعمال رجب السويركي، مالك سلسلة محال التوحيد والنور التي انتقلت جزئيا إلى ملكية مؤسسة جديدة تابعة للمخابرات العامة.

"العفوالدولية "  تدين التصعيد 

وأدانت منظمة العفو الدولية في بيان لها مؤخرا ،  استمرار حبس صفوان ثابت ونجله، على خلفية رفضهما تلبية مطالب الدولة لتخليهما عن ملكية شركتهما الناجحة، وهو السبب الشائع عن ظروف القضية في أوساط الاقتصاد المصري.

وقالت منظمة العفو الدولية، الاثنين، إن السلطات المصرية تسيء استخدام قوانين مكافحة الإرهاب من أجل احتجاز رجل أعمال بارز وابنه بشكل تعسفي، في ظروف ترقى إلى التعذيب، وذلك انتقاماً منهما لرفضهما تسليم أصول شركتهما

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إن صفوان وسيف ثابت يتعرضان للعقاب لمجرد التجرؤ على رفض طلبات مسؤولين أمنيين مصريين بالتخلي عن أصول شركة "جُهينة" المعروفة في مصر، والتي تمتلكها عائلتهما. وقد أبديا شجاعةً نادرة في مقاومة محاولة المسؤولين لابتزازهما. وتهيب منظمة العفو الدولية بالسلطات المصرية أن تُفرج عن الرجلين، اللذين ما كان ينبغي القبض عليهما أصلاً".

وترى منظمة العفو الدولية أن هذه المعاملة من جانب سلطات السجن ترقى إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، كما تمثل انتهاكاً لالتزامات مصر بموجب القانون الدولي. فبالإضافة إلى احتجاز صفوان وسيف ثابت طيلة أشهر رهن الحبس الانفرادي المطوَّل إلى أجل غير مُسمى، فإنهما مُحتجزان في ظروف غير إنسانية، ولا يُقدم إليهما الغذاء الكافي، كما يُحرمان من الأدوية والعلاج ومن تلقي زيارات عائلية بصفة منتظمة.

اليوم السابع : "ضربة جديدة للإخوان"

من جانبها، احتفت الصحف المحسوبة على المخابرات المصرية وعلى رأسها اليوم السابع الذي سارع بنشر القضية الجديدة الملفقة لصفوان ثابت ، مشيدة بدور الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية..

وادعت الصحيفة أنها حيلة جديدة استخدمتها جماعة الإخوان "الإرهابية" لإعادة إحياء نشاط التنظيم من خلال العمل على إيجاد مصادر تمويل لأنشطته، وذلك من خلال إنشاء غرفة سرية داخل شقة في حدائق الأهرام بالجيزة، وضعت داخلها أموال لاعادة نشاط الجماعة.

لماذا يشن النظام المصري حملة أمنية ضد رجال الأعمال؟

صفوان ثابت لم يكن رجل الاعمال الوحيد الذي يتعرض للتنكيل الحكومي ، بل سبقه صاحب محلات التوحيد والنور سيد السويركي وأنه تم مصادرة كل أمواله وفروع سلسلته التجارية ، ومن قبلهم رجل الأعمال صلاح دياب  ، ورجب زهران، وخالد الأزهري، وصولًا إلى القبض على مالك سلسلة "أولاد رجب" العاملة في مجال منتجات التجزئة .

وعلى غير المتوقّع من ظاهر الأمر، فالاتهامات الموجّهة للمقبوض عليهم لا تتعلق بوقائع فساد مالي في الأساس، وإنما حبسَ رجال الأعمال المذكورة أسماؤهم 15 يوما على ذمة التحقيقات في القضية 865 حصر أمن الدولة العليا، لسنة 2020، ضمن لائحة اتهام تتضمن: الانضمام إلى جماعة إرهابية، والدّعوة إلى التظاهر دون تصريح، والتحريض على العنف، وتمويل جماعة إرهابية؛ وهو ما ترتب عليه بشكل أو بآخر، مصادرة أموالهم، لحين البتّ، قضائيًا، في هذه الاتهامات.

ومن ضمن الرّوايات الّتي تحاول تفسير، والتنبؤ، بسلوك النظام المصري تجاه ملف الاقتصاد عمومًا، إنّ النظام المصريّ، عبر ذراعه العسكريّ، يسعى إلى الهيمنة على بعض القطاعات الاقتصادية، وإخضاعها لنفوذه. بطبيعة الحال، ينفي النظام ذلك، وتتراوح المؤشرات على صدق هذه الرواية، بين المبالغة أحيانا، والصحة أحيانا أخرى.

مصر شهدت أعلى معدل لخروج الاستثمارات الأجنبية  

وفي ظل هذه الإجراءات الأمنية الشاذة والتلفيق امستمر للقضايا لرجال الأعمال ،  تتصاعد حركة هروب الأموال من مصر في عهد الانقلاب العسكري ، حيث كشف وزير المالية المصري في تصريحات صحفية عن خروج 20 مليار دولار من الأموال الساخنة خلال النصف الاول من العام الجاري  وقال أن هذه الأموال التي خرجت عبارة عن أذون وسندات خزانة وأموال تخص مستثمرين أجانب .

 وفسر الاقتصاديون أنه من أسباب هروب الاستثمارات من مصر، التهديدات الامنية والابتزاز المستمر لرجال الأعمال ،  وسيطرة الشركات العسكرية على مفاصل الاقتصاد بنسبة تتجاوز 60 % .. وهو ما ينعدم معه المنافسة إثر الترسية والمناقصات بالأمر المباشر على شركات الجيش..

وفي سياق متصل ، أرعب المستثمرين أستيلاء النظام على محال "التوحيد والنور" وتغير اسمها لـ"مول القاهرة" ، مما يدفعهم للتفكير في الخروج من الأسواق المصرية ، بسبب توسع النظام في تلفيق التهم لرجال أعمال وشركاتهم في تمويل الإرهاب .. ومنهم "السويركي" وصفوان ثابت وصلاح دياب

كما ضحى مؤخرا برجل من أهم رجاله " حسن راتب" صاحب مجموعة "سما الاستثمارية " كما عرقل النظام مؤخرا كثير من مصالح شركة جهينة .. واستولى على 65 من فروع التوحيد والنور بسبب عدم استجابتهم للنظام بالتبرع لصندوق " تحيا مصر"  .. ومن جانبه سوى صلاح دياب  ملفاته مع النظام مقابل ما يقرب من مليار جنية ..

الفشل الاقتصادي وخروج الاستثمارت من السوق المصرية أدى لانتشار البطالة وارتفاع التضخم وسقوط أكثرمن 60% من المصريين في براثن الفقر .    

وأشارت بيانات المصرف المركزي المصري الى بلوغ قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي خرجت من مصر خلال العام 2019 نحو 8.5 مليار دولار ، وهو أعلى معدل لخروج تلك الاستثمارات المباشرة أي التي ترتكز على المشروعات الإنتاجية والخدمية منذ العام 2012 .

وبالمقارنة بقيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجة عام 2018 والبالغة 6.5 مليار دولار، فقد زادت بالعام الماضي بنحو 2.1 مليار دولار بنسبة نمو 32 %.

وبلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية الخارجة خلال الربع الأول من العام الماضي 2.1 مليار دولار، وفي الربع الثاني 2.2 مليار دولار وفي الربع الثالث 1.9 مليار دولار، لكنها مع الربع الأخير من العام الذي تلا مظاهرات العشرين من سبتمبر/أيلول زادت إلى 2.3 مليار دولار.

كذلك أعطت التعديلات الحق في حظر الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، وتقييد الاجتماعات الخاصة، وأيضا حظر تصدير بعض السلع والمنتجات إلى خارج البلاد، وتحديد سعر بعض الخدمات أو السلع أو المنتجات، وكلها أمور تتنافى مع أسس الاقتصاد الحر وحرية الأسواق

أما الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في مصر، أي المتعلقة بشراء الأجانب للأسهم والسندات وأذون الخزانة المصرية، فقد حققت خلال العام الماضي تدفقا موجبا بنحو 10 مليارات دولار بسبب مبيعات الحكومة المصرية سندات بالأسواق الخارجية بحوالي 7 مليارات دولار، بخلاف مشتريات الأجانب لأذون الخزانة المصرية

لكن الصورة انعكست خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث صرح وزير المالية بخروج حوالي 14 مليار دولار خلال شهر مارس/آذار الماضي، من أدوات الدين المصري منها 10 مليارات دولار، في ضوء خروج المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة عقب تداعيات انتشار فيروس كورونا على اقتصادات العالم والتراجع الشديد للبورصات.