الحكومة المصرية تتلاعب بقانون المحكمة الدستورية لوقف تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكم ومنظمات وهيئات دولية
الأربعاء - 9 يونيو 2021
تطرح الحكومة المصرية للمرة الأولي مشروع تعديل على قانون المحكمة الدستورية العليا... يُمكنها من وقف تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم ومنظمات وهيئات دولية ذات طبيعة سياسية أو قضائية ضد الدولة المصرية في الفترة المقبلة على خلفية بعض الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الحكومة المصرية وبعض قياداتها بصفاتهم وأشخاصهم في الوقت الحالي ..
"المصادر": النظام المصري يتخوف من صدور أحكام ضد مصر عن هيئات تحكيم دولية مخالفة لما ترنو إليه الدولة في عدد من المنازعات ذات الطبيعة الاقتصادية.. بالإضافة إلى ما يمكن صدوره من أحكام وقرارات خاصة بتنفيذ القاهرة التزاماتها الحقوقية في إطار الحريات الشخصية والعامة بموجب المعاهدات الدولية التي وقعت عليها في فترات سابقة
المشروع الجديد للتعديلات ينص على أن تتولى المحكمة الدستورية العليا "الرقابة على دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية.. وأحكام المحاكم وهيئات التحكيم الأجنبية المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة".
التعديلات الجديدة " تجيز "لرئيس مجلس الوزراء أن يطلب من المحكمة الدستورية العليا الحكم بعدم الاعتداد بالقرارات والأحكام المشار إليها في المادة 37 مكرر.. أو الالتزامات المترتبة على تنفيذها
"التعديلات الجديدة" ستجيز في حال صدور حكم ضد مصر أو قرار ملزم لها بأداء مستحقات أو تعويضات مالية أو أدبية أو الالتزام بنصوص معينة من معاهدات دولية أو توقيع عقوبات .. فإن رئيس الوزراء يمكنه التقدم إلى المحكمة الدستورية العليا طالباً وقف تنفيذ تلك الأحكام أو القرارات، بحجة مخالفتها للدستور المصري.
"التعديلات الجديدة" تخالف بشكل صريح لاتفاقية فيينا التي وقعت القاهرة عليها بشأن المعاهدات الدبلوماسية والحاكمة لجميع اتفاقيات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها
"أتفاقية فينا "تسمح للدول بالتحفظ على بعض مواد أو بنود الاتفاقيات التي توقع عليها ليكون تنفيذها مقيداً بالنصوص الدستورية المحلية... لكنها تحظر وقف تنفيذ القرارات والأحكام الخاصة بتلك الاتفاقيات أو المترتبة عليها بأحكام قضائية محلية .. وفي هذه الحالة تكون الاتفاقية هي الشريعة الأعلى التي يجب الالتزام بها
وسبق أن نفذت مصر الشروط الخاصة بالاتفاقية عندما صدقت على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات في 1981.. مع التحفظ، شرط التقيد بتطبيق المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع
وكانت مصر تتعمد الحفاظ على المسار القانوني الدولي بهدف جذب المزيد من الاستثمارات.. بناء على إعطاء ضمانات بأن القاهرة تملك سجلاً جيداً من الالتزام بالأحكام الدولية خاصة ما يتعلق بالمنازعات مع المستثمرين المنتمين لدول موقعة على اتفاقية حماية الاستثمارات
"مصادر العربي الجديد " : إذا طبقت التعديلات الجديدة ستضر ببيئة الاستثمار في مصر .. في ظل الخشية من عدم التزام القاهرة بتنفيذ الأحكام القضائية أو التحكيمية الصادرة لمصلحة المستثمرين .. و من الصعب إقناع هؤلاء المستثمرين بأن القاهرة لا تخطط لاستخدام هذا التعديل التشريعي في منازعات الاستثمار
ومن القضايا التي تخشي منها حاليا وتطرح التعديلات الجديدة كخطوة استباقية لها .. قضية مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني ويمكن استغلاله في دعاوى جديدة تطالب السلطة بالتعويض أو فرض عقوبات معينة .. و أيضاً الدعاوى التي حاول عدد من النشطاء رفعها ضد الدولة وضد شخصيات بعينها من المسؤولين المصريين بين عامي 2013 و2015 سواء في قضية فض اعتصامي رابعة والنهضة أو التعذيب، أمام محاكم أميركية وبريطانية ودولية
"المصادر" من الملفات المؤرقة بشأن الحقوق والحريات أيضاً الدعاوى التي قد ترفع في محاكم أجنبية، من نشطاء أو لاجئين مصريين بحجة الاضطهاد على خلفية النوع والجنس أو الدين .. خاصة مع عدم استعداد مصر للاعتراف بحقوق وحريات المثليين والمتحولين جنسياً
برلمان العسكر أرجأ تعديل قانون "الدستورية" بشأن عدم الاعتداد بالتحكيم الدولي.. لحين ورود رأي المحكمة الدستورية في القانون الذي يمنحها حق الرقابة القضائية على دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية
بعض النواب ومنهم ضياء الدين داوود وأحمد الشرقاوي وعاطف مغاوري .ز طالبوا بضرورة أخذ رأي المحكمة الدستورية في مشروع القانون قبل مناقشته باعتباره التزاماً دستورياً
تقديرات رسمية أكدت أن مصر خسرت خلال العقد الماضي فقط قرابة 74 مليار دولار سددتها خزانة الدولة كتعويضات لدول أجنبية في قضايا التحكيم الدولي.. حصد الكيان الصهيوني النصيب الأكبر منها برصيد 4 قضايا بجملة تعويضات تجاوزت 13 مليار دولار.
وهناك تقارير رسمية أكدت أن عدد القضايا المرفوعة ضد مصر أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي بلغت 30 قضية خلال 19 عامًا.. منها 19 قضية في الأعوام الخمسة التالية لثورة يناير 2011