الجنيه المصري إلى الهاوية..لماذا يستمر تراجعه في السوقين الرسمية والموازية؟
السبت - 13 آغسطس 2022
- مصر تعيش أزمة في توفير الدولار والمستوردين يلجأون إلى السوق السوداء لتوفيره
- الجنية فقد خلال الأسبوع الجاري 17 قرشا وبلغ سعره أمام الدولار 19.22 رسميا
- المستورون يطالبون الدولة بالاعتراف بشرعية تداولهم العملة الأجنبية مجهولة المصدر
- فرق السعر في السوق السوداء ارتفع إلى جنيه واحد ..وتراجع أداء البورصة بنسبة 0.57%
- "بلومبرج": الجنيه المصري سيواصل هبوطه إلى مستوى 20.5 جنيه للدولار نهاية 2022
- ممدوح الولى : البنك المركزي يعترف بفجوة دولارية وعجز في ميزان المدفوعات بلغ 7.3 مليار دولار
- ارتفاع أسعار كل السلع والمصريون عبروا عن غضبهم من خلال وسم "#الناس_فاض_ بيها"
واصل الجنية المصرية النزيف أمام الدولار على مدار الأيام الماضية، وعاشت مصر أزمة عجز في توفير الدولار، مما ألجأ المستوردين للسوق السوداء لتوفيره، وطالبوا الدولة بالاعتراف بشرعية تداولهم العملة الأجنبية مجهولة المصدر وتقديمها للبنوك.
وبعدما بلغ سعر الدولار 19.22 جنيه رسميا، توقعت وكالة "بلومبرج" مزيدا من تراجع الجنيه وهبوطه إلى مستوى 20.5 جنيه للدولار نهاية 2022، وهو ما أثر على أداء البورصة وأسعار السلع، وأكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولى أن البنك المركزي يعترف بفجوة دولارية وعجز في ميزان المدفوعات بلغ 7.3 مليار دولار.
ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد ازمة الدولار بمصر وأثارها على الأسواق ، وتصاعد غضب المصريين من الفشل الاقتصادي الذي تعيشه بلادهم.
تراجع الجنيه مستمر
شهدت أسواق المال المصرية تقلبات ضبابية متأثرة بالتراجع المتواصل في أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي، بعد قرار البنك المركزي الأميركي بزيادة أسعار فائدة الدولار 75 نقطة أساس الشهر المقبل، ورفعها للمرة الرابعة، مطلع الشهر الحالي، حتى بلغت 2.5%، وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين مصر وصندوق النقد الدولي حول البرنامج الثالث للإصلاح الاقتصادي.
وتراجع سعر الجنيه مقابل الدولار واليورو والعملات الرئيسية في عد تنازلي أدى إلى فقده 17 قرشا مقابل العملات الرئيسية الأسبوع الماضي، بعد تخطيه حاجز 19 جنيها للمرة الأولى منذ عام 2017
وتراوح سعر الدولار، بعد منتصف تعاملات الاثنين الماضي، في البنوك العامة والأجنبية، ما بين 19.1 جنيها للشراء و19.22 للمبيع، في حين ارتفع اليورو إلى 19.56 جنيها للمبيع و19.42 للشراء، ووصل سعر الدولار في البنك المركزي إلى 19.79 للمبيع و19.15 للشراء، وبلغ اليورو 19.42 للشراء و19.51 للمبيع.
وتراجع أداء المؤشر الرئيسي بالبورصة بنسبة 0.57%، بعدما شهد ارتفاعا طفيفا في بداية الأسبوع الحالي
وشهدت أسعار الذهب هبوطا مفاجئا في محلات الصاغة لكافة الأعيرة بلغ 6 جنيهات، حيث سجل عيار 24 مبلغ 1225 جنيها للغرام، وعيار 22 مبلغ 1123 جنيها، وعيار 21 الأكثر تداولا في السوق المحلية، 1072 جنيها، وعيار 18 مبلغ 919 جنيها، وعيار 14 نحو 714 جنيها، ثم عاود الاتفاع مع بداية هذا الأسبوع.
تعتيم على أرصدة الاحتياطي
ورغم وجود تعليمات أمنية حالت دون نشر بيان البنك المركزي حول تراجع أرصدة الاحتياطي النقدي في الصحف الرسمية، إلا أن الاحتياطي فقد نحو 232 مليون دولار خلال يوليو/تموز الماضي، ليصل إلى 33.134 مليار دولار، مقابل 33.375 مليار دولار في يونيو/حزيران الماضي، وفقا لبيانات البنك المركزي، أدى إلى حالة من الارتباك في الأسواق.
ودفع البحث عن الدولار في السوق السوداء مستوردي السلع الأساسية إلى مطالبتهم الدولة بالاعتراف بشرعية حملهم العملة الأجنبية مجهولة المصدر، وتقديمها للبنوك لدفع قيمة الواردات من الخارج، بعدما تراكمت طلبات المستوردين أمام البنك المركزي والبنوك المحلية، من دون تحديد سقف زمني لتلبية احتياجاتهم العاجلة.
وأشارت مصادر إلى أن التراجع المتواصل في الاحتياطي النقدي المستمر منذ أشهر، مع عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد بما يتيح للحكومة اللجوء لمؤسسات التمويل الدولية للحصول على قروض جديدة، وفي ظل عدم جاذبية بيع سندات مصرية حاليا في الأسواق الدولية، يتصاعد الطلب على الدولار في السوق السوداء.
ولفتت المصادر إلى أن فرق السعر في السوق السوداء عن الأسعار الرسمية ارتفع إلى جنيه واحد خلال الأسبوع الحالي، ما يؤكد وجود مزيد من الطلب وقليل من المعروض الدولاري في الأسواق.
وأوضحت المصادر أن تقرير البنك المركزي الذي أصدره مطلع الأسبوع الحالي، عن أداء ميزان المدفوعات خلال 9 أشهر من السنة المالية الماضية، بين يوليو/تموز إلى مارس/آذار 2021- 2022، أظهر معاناة الحكومة من نقص حاد في السيولة من النقد الأجنبي بدأت تتكشف رغم محاولات إخفائها عن الشعب، طوال العام الماضي.
وتوقعت المصادر تزايد العجز في العملات الأجنبية، وعدم قدرة الحكومة عن تغطية الفجوة العميقة للتمويل الخارجي، في ظل رفض صندوق النقد منح قروض جديدة، من دون الالتزام بشرطَي تخلي الحكومة عن تدخلها في إدارة سعر الجنيه، بتحرير سعر الصرف وفقا للعرض والطلب، وعدم تدخل الجيش في ملكية وإدارة الاقتصاد الرسمي في الدولة، ما يمنح القطاع الخاص أولوية في دفع معدلات الاستثمار
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة ليس أمامها خلال الأشهر القليلة المقبلة إلا انتظار السيولة النقدية من تحويلات المصريين من الخارج، التي بلغت في الأشهر التسع الأولى من العام المالي السابق نحو 23.6 مليار دولار، بزيادة طفيفة عن الفترة المناظرة لها عام 2020-2021، وإيرادات قناة السويس التي بلغت 5.1 مليارات دولار، وعودة انتعاش السياحة، التي زادت إلى 8.2 مليارات دولار، وتعويض الزيادة في أسعار الغاز والملابس والمنتجات الزراعية وبيع أصول عامة لصالح صناديق الاستثمار العربية والمستثمرين الأجانب جزءا من النقص الحاد في السيولة لدفع فوائد الديون المقررة على مصر، وسداد العجز في الحساب الجاري، الذي يقدر صافيا بنحو 40 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي.
بلومبيرج: الجنيه سيهبط
و توقع تقرير لوكالة بلومبلرج أن الجنيه المصري سيواصل هبوطه إلى مستوى 20.5 جنيه للدولار الأميركي نهاية 2022، استناداً إلى أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي عن مصر بشأن التقييم اللاحق لبرنامج الاستعداد الائتماني الذي حصلت البلاد بموجبه على 5.2 مليارات دولار قبل عامين.
وهبط سعر الجنيه المصري، أكثر من 20% منذ مارس الماضي حتى نهاية الأسبوع الأخير، ليصل إلى 19.22 مقابل الدولار، بعد أن سمح المركزي بتحريك العملة أمام الدولار في مارس الماضي لأول مرة منذ 2016، في الوقت الذي رفع فيه أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس في محاولة منه لامتصاص الموجات التضخمية الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية
كما شهدت مصر تدفق حوالي 20 مليار دولار للخارج بعد خروج المستثمرين في أدوات الدين المحلي، وكانت تمثل سوقاً مفضّلة.
حجم الفجوة الدولارية
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولى، أن بيانات البنك المركزي المصري الخاصة بنتائج ميزان المدفوعات خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي 2021-2022، أي من بداية تموز/ يوليو من العام الماضي وحتى آذار/ مارس من العام الحالي، إلى بلوغ العجز الكلي بميزان المدفوعات 7.3 مليار دولار، كفارق بين موارد النقد الأجنبي من صادرات سلعية وخدمية وتحويلات واستثمارات وقروض البالغة 114.8 مليار دولار، والمدفوعات من واردات سلعية وخدمية وفوائد للاستثمارات الأجنبية واستثمارات مصرية في الخارج وأقساط وفوائد الديون البالغ مجملها 122.1 مليار دولار.
وجاء هذا العجز رغم بلوغ المستخدم من القروض الخارجية والودائع الخليجية -والتي تمثل التزامات على مصر -31.4 مليار دولار خلال الشهور التسعة، وهو ما يعني بلوغ العجز الحقيقي في الميزان الكلي لميزان المدفوعات 38.7 مليار دولار، تمثل حجم الفجوة الدولارية في مصر حتى آذار/ مارس الماضي، وهي الفجوة التي دفعتها للتقدم بطلب للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، وزيادة القيود على الواردات باعتبارها المكون الأكبر في مدفوعات النقد الأجنبي لتقليل الطلب على الدولار، وفي نفس الوقت خفض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، لتخفيف الضغط على الاحتياطيات التي انخفضت بنحو 3.5 مليار دولار خلال الشهور التسعة الخاصة بأداء ميزان المدفوعات.
واضاف الولى أن معطيات الأداء الاقتصادي المعلنة خلال الربع الثاني من العام الميلادي الحالي، والذي يمثل الربع الأخير من العام المالي 2020-2021، تشير إلى استمرار العجز في الميزان الكلي للمدفوعات، والذي عبر عنه تراجع احتياطيات النقد الأجنبي خلال تلك الشهور الثلاثة بنحو 3.7 مليار دولار، وكذلك استمرار زيادة العجز في صافي الأصول الأجنبية (العُملات) في الجهاز المصرفي المصري، الذي يتضمن المصرف المركزي وباقي المصارف التجارية العاملة تحت إشرافه، حتى شهر حزيران/ يونيو الماضي، ليصل العجز إلى 19.7 مليار دولار، منها 8.2 مليار دولار عجزا في المصرف المركزي و11.5 مليار دولار عجزا بباقي المصارف التجارية العاملة بمصر، وهو ما يعني من جهة أخرى استمرار تصاعد الفجوة الدولارية، رغم الانخفاض النسبي الذي شهدته أسعار الغذاء في العالم خلال الشهور الأخيرة، مما خفف الضغط على قيمة الواردات الغذائية.
أزمة الدولار تشعل الأسعار
وفي ظل الأزمة الدولارية ، يؤكد الواقع أن الدولار أصبح شحيحا بالأسواق المصرية، ويتسبب غيابه في رفع أسعار كل شيء بمصر بصورة غير مسبوقة.
ورغم انخفاض الأسعار العالمية لحبوب الذرة والصويا لأقل مستوى لها منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن الأسعار محليا تواصل الصعود، ما يهدد برفع أسعار الزيوت النباتية، التي تعتمد على فول الصويا والذرة لصناعتها، وذلك على إثر شح الدولار.
وارتفعت أسعار الأعلاف الحيوانية لتسجل نحو 13 ألف جنيه، بزيادة تتجاوز ألفي جنيه مقارنة بالأسبوع الماضي، وذلك بسبب ارتفاع أسعار مكونات الأعلاف الأساسية محليا، مثل الذرة الصفراء وكُسب الصويا، ما يهدد برفع أسعار البروتين الحيواني والداجني فضلا عن الزيوت النباتية.
وقد تصدّر وسم #الناس_فاض_بيها قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على "تويتر" في مصر، والذي يرصد المغردون من خلاله ما اعتبروه فشلاً لنظام السيسي، الذي يضيّق على الحريات، ويغطّي عمليات الاعتقال والقتل خارج إطار القانون، عدا عن تراكم الديون وبيع أصول البلد ولا يستطيع انقاذ الجنية من التدهور امام الدولار.
ولجأت الكتائب الإلكترونية التابعة للنظام إلى أسلوب جديد، فاشتركت في الوسم، ولكن لبثّ روح اليأس والإحباط، وللطعن في مضمونه، كما تساءلت عن تواجد الناس على الأرض للتعبير عن غضبهم. ثمّ، اختفى الوسم من القائمة بشكل مفاجئ، ثم عاد بعد ساعة ليحتلّ المركز الثالث.
وغرّد محمد الدسوقي: "الناس فاض بيها من الاستبداد والفساد والاستعباد والخيانة والقتل والقمع والفقر وكل الموبقات من نظام انقلابي دموي ولا خلاص إلا باستعادة ثورة يناير والتحرر من الحكم العسكري إلى غير رجعة (..) #الناس_فاض_بيها".
أمّا حساب "ثورة شعب" فكتب عن ملف بيع أصول مصر، وعلّق على أنباء متداولة عن لقاء صيني مصري لبيع أصول مقابل ديون مستحقة: "زيارة وفد مصري لسويسرا للقاء وفد صيني لمناقشة مبادلة ديون صينية على مصر بأصول استراتيجية، وجرى الحديث عن مبادلة ديون مستحقة للصين بـ8 مليارات دولار بأصول من موانئ ومطارات، وعرضوا بيع موانئ ومطارات أخرى مقابل 10 مليارات دولار. #الناس_فاض_بيها".
من جهته، طالب مصطفى عثمان بمحاكمة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بتهمة الكذب، وقال: "أسعار النفط تهبط إلى أدنى مستوياتها منذ نحو 5 أشهر. #مصطفي_مدبولي قال رفع سعر #البنزين لأنه ارتفع عالميا بسبب حرب #أوكرانيا.. من يحاسبه بتهمة نشر أخبار كاذبة وإثارة الزعزعة؟ منكوبة يا #مصر #البترول #الناس_فاض_بيها".