الجزائر.. 3 أحزاب إسلامية تتنافس على قيادة المشهد البرلماني
السبت - 12 يونيو 2021
توجه الجزائريون، صباح اليوم السبت 12 يونيو/حزيران 2021، إلى مراكز الاقتراع في إطار انتخابات تشريعية مبكرة، يرفضها الحراك وجزء من المعارضة التي تتحدث عن قمع متزايد من قبل السلطات، وتُنظم هذه الانتخابات وفق نظام انتخابي جديد.
مراكز الاقتراع فتحت أبوابها من الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (الساعة السابعة بتوقيت غرينتش) إلى الساعة 19,00 بالتوقيت المحلي، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وتتجه الأنظار إلى نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي ستشكل الرهان الرئيسي، بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي العام 2019 والاستفتاء الدستوري العام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت، بلغت 60% و76% على التوالي.
كذلك تُعد هذه أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية غير المسبوقة، في 22 فبراير/شباط 2019، رفضاً لترشح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، واضطر هذا الأخير إلى الاستقالة بعد شهرين، بعدما أمضى 20 عاماً في الحكم، ويتوقع ألا تصدر النتائج الرسمية قبل غدٍ الأحد.
و تشهد هذه الانتخابات لأول مرة، اعتماد نظام القائمة المفتوحة في اختيار المترشحين كما أقره قانون انتخابات اعتمده الرئيس تبون.
والقائمة المفتوحة تسمح للناخب بترتيب المرشحين داخل القائمة الواحدة حسب رغبته، بخلاف المغلقة التي كانت تفرض عليه اختيار القائمة كما هي، ووفق الترتيب الذي وضعه الحزب دون التصرف في الترتيب.
من جانبها، تبحث الأحزاب الإسلامية في الجزائر عن تحقيق أول فوز لها في الانتخابات البرلمانية منذ 30 عاما، بالنظر إلى الضعف الذي تعاني منه أحزاب السلطة، عقب سجن عدد من قياداتها.
ورغم تقهقر شعبية الأحزاب الإسلامية خلال العقود الثلاثة الماضية، بسبب مشاركة عدد منها في الحكومات السابقة، ثم انقسامها وتشظيها، إلا أنها تشترك في هذا الضعف مع معظم أحزاب المعارضة الرئيسية.
ويدفع هذا الوضع الأحزاب الإسلامية إلى مقدمة المشهد السياسي خاصة بعد مقاطعة الأحزاب العلمانية المعارضة للانتخابات، وسط تورط قياديين ونواب في جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي (موالاة)، في قضايا فساد سياسي، لم يعد مقبولا، على الأقل من الناحية السياسية والأخلاقية، تصدرهما مجددا المشهد البرلماني، مما قد يؤجج الغضب الشعبي والاحتقان في الشارع.
وقد لا ينافس الأحزاب الإسلامية في هذه الانتخابات سوى القوائم المستقلة، التي تحظى بتشجيع من السلطات عبر منح الشباب الأقل من 40 عاما تمويلا لحملاتهم الانتخابية.
وتواجه قوائم المستقلين، عقبة كبيرة تتمثل في عتبة 5 بالمئة، التي تحتاج لتجاوزها للحصول على مقاعد، مما يعطي أسبقية إضافية للأحزاب الإسلامية، الأكثر انتشارا وتنظيما.
غير أن انقسام الأحزاب الإسلامية، واستنزافها جزءا من طاقتها قي صراعات وصدامات داخلية أثر على سمعتها، رغم محاولتها جمع شتاتها عبر تحالفات فيما بينها لم تحقق النتائج المرجوة، لكنها هذه المرة فضلت الدخول منفصلة، لاعتقادها أن حظوظها أوفر هذه المرة، بعد أن غيّر الحراك الشعبي شروط اللعبة السياسية.
يمثل الإخوان في هذه الانتخابات حركة البناء الوطني، التي ولدت من رحم حركة مجتمع السلم، وأسسها مصطفى بلمهدي، رفيق محفوظ نحناح، ومحمد بوسليماني، وثلاثتهم يشكلون النواة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين في الجزائر.
لكن بلمهدي ترك القيادة لعبد القادر بن قرينة، وزير السياحة السابق، الذي ترشح لرئاسيات 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019، وحقق مفاجأة عندما حلّ ثانيا خلف المرشح تبون، بعد أن حصل على مليون ونصف مليون صوت.
وقبله تم اختيار القيادي في حركة البناء سليمان شنين، لرئاسة البرلمان، في 2019 إلى غاية مارس/آذار 2021، على الرغم أن الحزب لا يملك سوى 15 نائبا ضمن تحالف لحركات إسلامية.
وتتحدث عدة مصادر أن حركة البناء الوطني، هي من يمثل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين منذ 2014، وليس حركة مجتمع السلم.
ومع أن عمرها لم يتجاوز 7 أعوام، إلا أن بن قرينة، يتوقع أن تحتل حركة البناء المرتبة الأولى، وتكون شريكا أساسيا في الحكومة المقبلة.
ويبني رئيس حركة البناء توقعه على نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة، لكنه كان المرشح الإسلامي الوحيد الذي خاضها، مما قد يفسر سر حصوله على 17.4 بالمئة من الأصوات.
وتوجد أيضا توجد حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي)، وهي في موقع يؤهلها لإحداث مفاجأة في الانتخابات، خاصة وأنها حصلت على أكبر كتلة برلمانية بين أحزاب المعارضة في الانتخابات الأخيرة التي نظمت في 2017.
ورغم أن حركة مجتمع السلم، لم تحصل حينها سوى على 34 مقعدا من إجمالي 462 (7.35 بالمئة)، في أسوأ حصيلة لها، إلا أنها حلت ثالثة خلف كل من جبهة التحرير الوطني (161 نائبا/ نحو 35 بالمئة)، والتجمع الوطني الديمقراطي (100 مقعد/ نحو 22 بالمئة).
فالحركة تتميز بانتشارها في معظم ولايات البلاد، وبقواعدها المنضبطة نسبيا، لكنها عانت من عدة انقسامات وخرج من رحمها عدة أحزاب على غرار حركة التغيير، التي عادت واندمجت فيها، وحركة البناء الوطني، وتجمع أمل الجزائر.
وهذا الانقسام هو أحد الأسباب الرئيسية لتراجع حصتها من المقاعد في البرلمان، وقد يؤثر على حظوظها في الانتخابات المقبلة أيضا.
وتشارك أيضا جبهة العدالة والتنمية، ويتزعمها عبد الله جاب الله، المعارض الإسلامي المخضرم، الذي أسس حركة النهضة في 1990، وحقق معها مفاجأة عندما حل رابعا بـ34 مقعدا، قبل أن ينفصل عنها عقب قرر مجلسها الشوري دعم عبد العزيز بوتفليقة في رئاسيات 1999.
وأسس جاب الله حزبه الثاني؛ حركة الإصلاح الوطني، وحقق معه مفاجأة ثانية، بحصوله على 43 مقعدا في انتخابات 2002، محتلا المرتبة الثالثة ومتزعما التيار الإسلامي، بينما انهارت حركة النهضة بحصولها على مقعد وحيد.
غير أن جاب الله، الذي يتمتع بشخصية كاريزمية، تعرض لحركة تصحيحية أطاحت به من رئاسة الإصلاح، لكن لم ييأس بعد أن خسر ثاني حزب يؤسسه، وأسس حزبا ثالثا تحت اسم "جبهة العدالة والتنمية" في 2011.
كان جاب الله، يأمل أن يحقق مفاجأته الثالثة مع حزبه الجديد في انتخابات 2012، لكنه لم يحصل سوى على 7 مقاعد فقط.
بينما حاولت حركة الإصلاح تفادي سيناريو حركة النهضة في 2002، فتحالفت مع الأخيرة ومعهما حركة مجتمع السلم، فخسر ثلاثتهم، بعد أن حصلوا على 48 مقعدا نزولا من 60 مقعدا في انتخابات 2007.
ويأمل جاب الله، أن يحقق مفاجأة جديدة هذه المرة، بعد أن تغيرت المعطيات، معتقدا أن الزمن أنصفه عندما رفض المشاركة في أي حكومة طيلة العقود الثلاثة الماضية رغم كل الإغراءات والمضايقات.
وينتظر إسلاميو الجزائر أن تقودهم انتخابات 12 يونيو إلى انتصار تاريخي يسمح لهم بتشكيل حكومة ائتلافية، لكن تكرار هزيمتهم مع بدايات الربيع العربي في 2012 قد لا يكون مستبعدا تماما، فأحزاب السلطة مازالت تملك هياكل قوية، وإن فقدت الكثير من رصيدها الشعبي.
المصدر الأناضول + عربي بوست