الثورة مازالت حية.. السيسي ضاعف أزمات عهد مبارك والانفجار قادم
الأحد - 29 يناير 2023
- الأزمات التي شلت الحياة في عهد مبارك تتكرر مع السيسي بشكل أسوأ
- طوابير الخبز لم تنقطع من أمام المخابز على مدى العشر سنوات الأخيرة
- الثورة رفعت شعار "عيش حرية عدالة " فانتهى كل شئ مع الانقلاب
- باسم عودة وفّر الرغيف وخطط للاكتفاء الذاتي من القمح فاعتقله السيسي!
- أزمة الخبز تصاعدت بشكل غير مسبوق في ظل اتجاه السيسي لإلغاء الدعم
- القطاع الصحى تدهور بشدة في عهد مبارك ويعيش أسوأ أزماته مع السيسي
- عهد الرئيس مرسي شهد إلغاء القوانين التى تستهدف خصخصة المستشفيات
- انحياز حكومة مرسي للفقراء كان واضحا بزيادة موازنة الصحة والتعليم
- السيسي جاء ليغرق المصريين في أزمة اقتصادية خانقة ويضاعف الديون
- ديون مصر بلغت داخليا أكثر من 5 تريليون جنيه وخارجيا 170 مليار دولار
- التضخم اقترب من 80% وسقط أكثر من 60% من المصريين في وحل الفقر
- انهارت العملة الوطنية وفقدت في عهد السيسي أكثر من 550% من قيمتها
- السيسي يقود أكبر عمليات بيع لممتلكات الدولة ويرهن قرارها لدول الخليج
إنسان للإعلام- خاص:
تناولنا في موضوع " الثورة مازالت حية والديكتاتور مرعوب "، الذي نشر قبل يومين، مظاهر خوف النظام المصري ورعبه من ثورة يناير، ومدي هشاشته التي دفعته لمزيد من القمع.
وفي هذا الموضوع نرصد التشابه بين ما تعيشه مصر الآن من أزمات في مختلف مناحي الحياة، والأزمات التي دفعت الشعب للقيام بثورته في يناير 2011 ، مرورا بالتحسن الذي حدث في سنة حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي، في الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية، والذي شهد به الجميع.
أزمة الخبز قبل وبعد الثورة
رفعت ثورة يناير شعار "عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية" ، وكانت من أولوياتها توفير الحياة الكريمة للمصريين ، ولذلك تصدر "العيش شعار الثورة ، حيث شهد عهد مبارك تصاعد مستمر لأزمة الخبز على مدار سنوات حكمه ، وكانت اشدهما في عامي 1982 و1988 ثم تصاعدت بشكل خطير في نهاية عهده .
ففي عام 1982 ظهرت أزمة طوابير العيش إلي السطح وطرحت وقتها عدة اقتراحات للحل واضطر الجيش للتدخل ونشرت الأهرام يوم 12 مارس 1982 أن الجيش سيتدخل لحل أزمة الخبز، وأن المصانع الحربية ستقوم ببناء 100 مخبز جديد لإنتاج حوالي 5.3 مليون رغيف يوميا، علي أن تبدأ التجربة في القاهرة وتتبعها باقي المحافظات.
وأعلن مبارك في مؤتمر برلماني عقد في 1 أكتوبر1984 أنه قرر زيادة سعر الرغيف إلي قرش واحد للعاملين، وقرشين للأغنياء مع الحفاظ علي جودة الرغيف، لمواجهة أزمة الخبز.
وفي عام 1988 أي منذ 35 عاما صرح وزير الزراعة دكتور يوسف والي بأن مصر ستحقق اكتفاء ذاتياً من القمح خلال 5 سنوات من خلال زراعة شبه جزيرة سيناء والساحل الشمالي وتشجيع الفلاحين علي زراعة القمح من خلال زيادة أسعار التوريد، مشيرا إلي أن ذلك يأتي بعد أن نجحت مصر بالفعل في تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الغذائية وأبرزها الفول والخضروات والفاكهة.
تصريحات والي بدت متناقضة مع تصريحات الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء وقتها، الذي ذكر أن مصر تعاني من مشكلة الخبز، وأنها تستورد 75% من احتياجاتها من القمح.
وزادت في العام نفسه حدة أزمة الخبز، وعقد مؤتمر رغيف الخبز الذي أعلن أن وجود فاقد في إنتاج الخبز يقدر بـ365 مليون جنيه سنويا، نتيجة للسوق السوداء ولسوء العادات الاستهلاكية، وأوصي المؤتمر برصد 250 مليون جنيه لتحسين إنتاج الرغيف والتقليل من الفاقد، وتحديث صناعة الخبز البلدي والشامي في القطاع الخاص من خلال خطوط الإنتاج نصف الآلية.
كما نقلت الأهرام يوم 1 مايو 2008 تصريحات مبارك في عيد العمال وكانت كالآتي «أتابع علي مدي الساعة طوابير الخبز وغلاء الأسعار ومخصصات دعم الخبز 20 مليار جنيه».
وقد أخذت أزمة الخبز في مصر منحى جديدا منذ عام 2008 الى 2010، بعد تحذيرات الخبراء من تحول طوابيرها إلى «اقتتال اجتماعي» في ظل الارتفاع المضطرد للأسعار، و«عشوائية» الحلول الحكومية، مما أثار التساؤلات عن مستقبل حكومة الدكتور أحمد نظيف المتهمة بالفشل في مواجهة الأزمة الاقتصادية وضبط الأسعار."1"
وقد أعرب وزير الاقتصاد المصري الأسبق ورئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب وقتها الدكتور مصطفي السعيد، عن اعتقاده بأن السبب الرئيس لأزمة رغيف الخبز في مصر ترجع إلي الفارق الضخم الذي يتزايد بين السعر المدعم للدقيق الذي تقدمه الحكومة للمخابز وسعر السوق وهو ما يؤدي إلى أن المتعاملين في سوف الخبز غير راغبين في استخدامه في صناعة الخبز المدعم ويتم تسريبه للبيع في السوق وحذر وقتها من أستمرار الاوضاع بهذه الصورة مما سيؤدى لانتفاضة شعبية ."2"
ولم تحل أزمة الخبز بعد الثورة إلا على يد وزير التموين د. باسم عودة الذي أخذ على عاتقه حل أربعة ملفات حيوية، هي الخبز والسلع التموينية والبنزين والمنتجات البترولية وتنشيط التجارة الداخلية. وفجّر عودة المفاجأة ونجح في إدارة ملفات وزارة التموين وعلى رأسها رغيف الخبز وبشهادة كل المصريين، المؤيدين والمعارضين على السواء، ورغم تعرّضه للاغتيال وحرق مكتبه بالوزارة.
وبدأ عودة بتطبيق منظومة جديدة للخبز التمويني المدعوم، من خلالها يحصل المواطن على رغيف الخبز بجودة عالية، وبكرامة تليق به بعد ثورة يناير. وجعل عودة الخبز حقًّا لكل المواطنين من غير حد أقصى لعدد الأرغفة، ودون تخفيض وزن الرغيف. وبدأ بإيقاف تسريب القمح من المطاحن والدقيق من المخابز إلى السوق السوداء، فوفّر 3.4 ملايين طن من الدقيق وبتكلفة 11 مليار جنيه، وألزم المخابز بتصنيع حصة الدقيق المصروفة إليها كاملة، فقضى على ظاهرة طوابير الخبز القاتلة.
ومنع باسم عودة إضافة دقيق الذرة إلى رغيف الخبز، وهو ما حسّن جودة الخبز على نحو جعل أساتذة الجامعات يعودون لشراء الخبز التمويني بجودة تليق بكرامة المواطن المصري، وحافظ بهذا القرار على صحة المواطنين من الإصابة بالسموم الفطرية الموجودة فى دقيق الذرة لعشرات السنين والتي تسبب سرطان الكبد.
كما استهدف عودة بناء صناعة لإنشاء الصوامع، وبناء شبكة من الصوامع لتنتشر في محافظات إنتاج القمح بالاشتراك مع خبراء من كلية الهندسة بجامعة القاهرة وبأقل تكلفة، واتخذ خطوات في هذا المجال توقفت بعد 2013. وقال في حوار مع جريدة الأهرام، إن “مبارك أسس الشركة المصرية القابضة للصوامع، التي قامت خلال عشر سنوات ببناء 17 صومعة، وقامت بتخزين مليون ونصف مليون طن من القمح فقط. هناك تفكير في إنشاء عدد كبير من الصوامع الضخمة، فقد تم طرح كراسة شروط لـ15 صومعة وهناك كراسة أخرى بعشر صوامع، وثالثة لمستثمرين عرب ومصريين لبناء 75 صومعة ووضع خطة الأمد قصيرة الأمد لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وتم تنفيذها ولكن لم يمهله الانقلاب كثيرا وزج به في السجون بكم كبير من القضايا الملفقة ."3"
ثم عادت ازمة الخبز من جديد في عهد السيسي الذي وضع مخططا متصاعدا للتخلص من دعم منظومة الخبز بدأت بتخفيض وزن الرغيف وتقليل الكمية الموزعة على المواطنين وانتهت بتعويم الخبز !.
وتصاعدت الأزمة بعدأشتعال الحرب الروسية الاوكرانية ، وتوقف أوكرانيا عن تصدير القمح تمامًا ، وبذلك خسرت مصر واردات القمح من روسيا، وأوكرانيا ، خامس أكبر مصدر في العالم. وهي خسارة كبيرة وخطيرة لأكبر مستورد للقمح في العالم. العام الماضي، اشترت نحو 8.9 ملايين طن من روسيا بنسبة 68%، واشترت 3 ملايين طن من أوكرانيا، بنسبة 23% من وارداتها.
واصبحت منظومة الخبز التمويني المدعوم في مصر تغطي 71 مليون مواطن فقط. وتبلغ حصة المواطن 5 أرغفة في اليوم بسعر 5 قروش للرغيف وبوزن 90 جرامًا. منذ سنة 2014، تم حذف 10 ملايين مواطن من المنظومة، وتخفيض وزن الرغيف من 130 جرامًا إلى 110 جرامات، وأخيرًا انخفض وزن الرغيف إلى 90 جرامًا.
ولذلك يوجد أكثر من 32 مليون مواطن ليست لهم حصة في الخبز التمويني المدعوم، ويشترون الخبز الحر غير التمويني، الذي يُسمّى العيش السياحي، لأن الدولة ليست لها رقابة على وزنه ولا سعره. ومع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، انخفض وزن رغيف العيش السياحي وزاد سعره بنسبة 50% ليصل إلى جنيه و50 قرشًا للرغيف الواحد، وهي زيادة كبيرة تثقل كاهل الأسر الفقيرة والغنية في مصر.
لذا، أصدرت الحكومة قرارًا غير مسبوق يحدد وزن وسعر بيع رغيف الخبز الحر، الذي يسمّيه المصريون العيش السياحي، ونص القرار على تحديد سعر بيع الخبز الحر بـ50 قرشًا للرغيف زنة 45 غرامًا، و75 قرشًا للرغيف زنة 65 غرامًا، وجنيه واحد للرغيف زنة 90 غرامًا، و11.5 جنيهًا للكيلوغرام من الخبز المعبأ.
ومؤخرا قال وزير التموين ، علي المصيلحي، إن الحكومة ستبدأ في بيع الخبز بسعر التكلفة للمواطنين، الذين لا تشملهم منظومة دعم الخبز، في إطار جهودها لمواجهة التضخم الآخذ في الازدياد.
وأضاف أن المصريين غير المشمولين في منظومة الدعم سيتمكنون من شراء أرغفة خبز يزن الواحد منها 90 جراما بسعر التكلفة باستخدام بطاقات مسبقة الدفع، وأن السعر لم يتحدد بعد لكنه سيكون أقل من جنيه واحد
وبالنسبة للخبز السياحي، فإن المخابز تشتري الدقيق من السوق لإنتاج الخبز السياحي، ويتم تحديد سعره وفقًا للعرض والطلب، ولا يخضع للرقابة الحكومية، وكان هذا أحد أسباب تصاعد الشكاوى من المواطنين خلال الأسابيع الأخيرة حول تردي جودة هذا الرغيف واستمرار نقصان وزنه بالتوازي مع غلاء سعره، حي وصل سعر الرغيف الواحد إلى جنيهين في بعض المناطق.."4"
انهيار القطاع الصحي بين مبارك والسيسي
ويعد القطاع الصحي والإهمال فيه في عهد مبارك، وتمتع الأثرياء بالعلاج دون الفقراء من مسببات ثورة يناير في 2011، حيث عانى فقراء مصر في عهد مبارك من عدم قدرتهم على العلاج في ظل تصاعد أنتشار الأمراض المزمنة بين المصريين.
وكان ملف الإنفاق على الصحة من أبرز الملفات التي تشغل بال المصريين باستمرار، سواء كان ذلك قبل أو إبان أو حتى بعد ثورة يناير. يرجع سبب ذلك إلى أن كثيرا من المشكلات التي يعانيها القطاع الصحي في مصر هي بسبب شح الموارد والناتج عن ضعف موازنة القطاع الصحي بشكل عام، والذي ينتج عنه بلا شك ضعف رواتب كل العاملين بالقطاع، وعدم قدرة القطاع على تقديم الخدمات الصحية بالصورة والجود اللائقة لعموم الشعب المصري.
وتاريخيا، كانت الدولة هي الممول الرئيس للخدمة الصحية منذ عام 1952 وحتى عام 1964، ثم لجأت إلى إنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحي عام 1964 والتي تمول الخدمة من خلال اشتراكات المؤمن عليهم وهم في غالبيتهم موظفو الدولة، بالإضافة إلى دعم الدولة لميزانية الهيئة، وبعد عام 1974 والتحولات السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد تم إدخال مصادر أخرى للتمويل الصحي وهي القروض والمنح والهبات الدولية، كذلك بداية التوسع ودعم مستشفيات القطاع الخاص والعيادات الخاصة والسماح لها بالعمل في مصر.
وقد شهدت تلك المراحل أيضا تراجعا في الإنفاق الحكومي وتقلصا في نصيب الإنفاق الصحي من الميزانية العامة للدولة، وهو ما استمر خلال الفترة المذكورة.
وكانت أواخر عهد مبارك -أي في الفترة من 2005 وحتى سقوط النظام في يناير 2011- شاهدةً على حدوث تحولات كبيرة خاصة مع توجه النظام نحو خصخصة الخدمات الصحية.
واتجهت حكومة أحمد نظيف إلى خصخصة الخدمات الصحية، وذلك ليس من خلال بيع المستشفيات المملوكة للدولة للقطاع الخاص، ولكن من خلال تحويل النشاط من هيئات خدمية غير هادفة للربح إلى هيئات اقتصادية هادفة للربح
وفي عهد الرئيس مرسي كان واضحا انحياز الحكومة للفقراء، من خلال موازنة العام التالي 2013/2014 فميزانية الصحة كانت في حدود الـ 4.5% من الموازنة العامة للدولة، وكان هناك وعدا من الرئيس مرسي بزيادة مخصصات الصحة بنسبة 1.5% سنويا خلال مدة رئاسته المقررة بأربع سنوات ،ولكن لم يمهله الانقلاب طويلا ، وكان الهدف الأكبر من السياسات الصحية في عهد الدكتور مرسي هو إصلاح هيكل الإنفاق والذي يتحمل المواطن أكثر من 70% من تبعاته، ويمكن التدليل على ذلك ببعض الإجراءات التي سيتم ذكرها في معرض الحديث عن سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية، بالإضافة إلى بعض الإجراءات التي سيتم استعراضها أيضا، مثل: كادر المهن الطبية ومشروع التأمين الصحي الشامل، واللذان يمثلان بدورهما حجر الزاوية في إصلاح هيكل الإنفاق الصحي، وذلك من خلال (رفع كفاءة المنشآت الصحية- توفير عوامل جذب لاستقرار الأطباء- زيادة تمويل المنظومة الصحية وتفعيل التنافسية مع القطاع الخاص).
وأصدر الرئيس محمد مرسي في سبتمبر 2012 مرسوما بقانون “رقم 86 لسنة 2012″، بإنشاء نظام جديد للتأمين الصحي على الأطفال دون السن المدرسي، ويشمل النظام جميع المواليد، ومن هم دون سن التعليم الأساسي، غير الخاضعين للقانون 99 لسنة 1992، بشأن نظام التأمين الصحي على الطلاب.
وضم المرأة المعيلة لنظام التأمين الصحي الشامل مجانا للفقيرات منهن وبرسوم بسيطة تبلغ نحو 12 جنيهات سنويًا للقادرات، كما أعلنت الهيئة العامة للتأمين الصحي في أغسطس 2012، أن المرحلة الأولى من ضم فئة “المرأة المعيلة” لمظلة التأمين الصحي الذي أقره البرلمان -قبل حله- سوف تشمل 600 ألف امرأة معيلة، من إجمالي 5 ملايين امرأة، وأشار عبد الرحمن السقا رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي إلى أن المرأة المعيلة ستتحمل 12 جنيهًا سنويًا -قيمة اشتراكات العلاج- بينما تتحمل الدولة 200 جنيه سنويًا بدلا منها”، مشيرًا إلى أنه بذلك سترتفع نسبة من يقعون تحت مظلة التأمين الصحي من 59% إلى 62% من المصريين.
في 22 يونيو 2012 كلفت وزارة الصحة جميع المستشفيات العامة والخاصة والاستثمارية على مستوى الجمهورية بضرورة تقديم خدمات العلاج مجانًا للحالات الطارئة بحد أقصى 24 ساعة، وذلك بحسب ما نص عليه الدستور، وهو علاج جميع حالات الطوارئ بالمجان.
وعلى النقيض شهدت فترة السيسي العديد من التحولات في إدارة المالية العامة للدولة، حيث يمكن القول إن الاعتماد على القروض والمنح كانت هي السمة السائدة، وبعد أن توقفت المنح تم الإفراط في الحصول على قروض. فعلى سبيل المثال، بعد اندلاع الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو، شهد النصف الثاني من العام 2013، أي النصف الأول من العام المالي 2013/2014 اعتمادا كبيرا على الدعم القادم من دول الخليج، تحديدا المملكة العربية السعودية والإمارات، تجلى ذلك في الحساب الختامي للعام المالي 2013/2014 حيث سجل بند المنح 95.86 مليار جنيه في حين أن هذا الرقم كان في العام المالي السابق أي عام 2012/2013 ما قدره 5.2 مليار جنيه ، أي بزيادة قدرها 1743% وكانت تلك الزيادة في إطار الدعم السياسي الذي قدمته دول الخليج لنظام الثالث من يوليو.
وشهدت تلك الفترة تحولات مهمة، ليس فقط في القطاع الصحي، ولكن في فلسفة إدارة المالية العامة، وبالطبع انعكس ذلك على مخصصات ذلك القطاع في الموازنة العامة للدولة.
وتراوحت الزيادة في مخصصات القطاع سنويا من 6%-12.5%، وهي نسبة ضئيلة، لقطاع مهم كالقطاع الصحي، وتعكس سياسة الدولة نحو القطاع. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الدستور الذي أقرته مصر في العام 2014 كان أول دستور في تاريخ مصر يُقر ألا يقل الإنفاق على الصحة ما نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وبمراجعة بيانات الموازنات العامة للدولة خلال الأعوام الخمسة الماضية؛ يتبين أن الحكومة لم تفِ بهذا الاستحقاق الدستوري مطلقًا. وذلك كما يوضح الشكل التالي.
وتراجعت بشكل مستمر نسبة الأجور من مخصصات القطاع، من 62.8% في العام المالي 2014/2015، إلى 51.1% في العام المالي 2018/2019؛ وذلك بالرغم من أن نظام السيسي لم يلتزم بمشروع الكادر المقترح، واكتفائه بنظام حوافز للمهن الطبية السبعة، مع العلم أن هذا الحافز يشمل الـ 200% التي أُقرت بعد ثورة يناير ويُضاف إلى ذلك أيضا أن مصر في تلك الفترة شهدت معدلات تضخم مرتفعة، وصلت في شهر يوليو 2017 إلى 34%؛ فهل كان من المناسب أن تتراجع الأجور كنسبة من مخصصات القطاع في تلك الفترة التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الأسعار نتيجة لرفع الدعم عن الكهرباء والمواد البترولية.
شكلت نسبة الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية 6.2%-8.5%؛ وهي نسبة قليلة إذا قُورنت بالنسب التي أقرتها الموازنة العامة للدولة في عهد مبارك، والتي كانت تتراوح من 7.3%-13.4%؛ وهو ما يعني أن اتجاه الدولة في عهد السيسي هو تقليل مخصصات الدعم الموجهة للقطاع.
وأصبحت التبرعات للمستشفيات في عهد السيسي ، من المصادر المهمة لدعم وإنشاء المستشفيات الحكومية، وذلك نظرا لما أصبحت تمثله حصيلة التبرعات السنوية من مورد مالي كبير ومتزايد كل عام ويتمتع بالاستدامة والاستقرار، ونتيجة لذلك قامت الدولة بالدخول في المجال بطرق متحايلة من خلال تأسيس جمعيات أهلية يرأسها مسؤولون سابقون بالدولة للإنفاق على المستشفيات الحكومية خصوصا المستشفيات الجامعية
طلب عبد الفتاح السيسي في مارس 2018 بشكل مباشر من منظمات المجتمع المدني تقديم الدعم المالي والفني والإداري للمستشفيات الحكومية، مشيرًا إلى أنه على استعداد لتسليم الجمعيات الخيرية مستشفيات مكتملة لتطويرها وإدارتها، ثم جدد الدعوة في سبتمبر من نفس العام في كلمته التي ألقاها بمناسبة افتتاح مستشفى المنوفية العسكري قائلا: “إن إشراك الجمعيات في إدارة المستشفيات جاء نتيجة لثقتنا في حسن إدارتهم، ونحن على استعداد إلى تقديم 10 و20 و100 مستشفى أمام الجمعيات المستعدة والتي تستطيع تقديم الخدمة بجدارة” .
كما تلقت المستشفيات الحكومية دعما ماليا مباشرا من عدة مؤسسات وهي (مؤسسة مجدي يعقوب- جمعية الأورمان- بيت الزكاة المصري- مؤسسة مصر الخير- مؤسسة مستشفى 57357) والتى اصبحت مهددة بالإغلاق
وتصاعدت مشاكل الاطباء في عهد السيسي بسبب الاجور وتدني مستوي المعيشة والتكليف ، وحسبما الرصد الحكومى ، فقد تقدم نحو 1044 طبيبا باستقالته في 2016، فيما بلغ عدد المستقيلين، 2549 في عام 2017، وفي عام 2018، استقال 2612 طبيبا ، وفي عام 2019 استقال 3507، بينما استقال 2986 طبيبا، في 2020، وفي عام 2021، تقدم 4127 باستقالتهم وبلغوا في عام 2022 نحو 4647 طبيب مستقيل .
بدوره، حذر المركز المصري للحق في الدواء من استمرار ظاهرة هجرة الأطباء العاملين في مستشفيات وزارة الصحة، وطالب بضرورة مناقشة هذه الظاهرة التي بدأت من فترة حتى تزايدت قبل 5 سنوات. . وتؤكد دراسة للمكتب الفني لوزارة الصحة المصرية أن عدد الأطباء البشريين المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء يبلغ حوالي 212 ألفاً و835 طبيباً، يعمل منهم حوالي 82 ألف طبيب، في جميع قطاعات الصحة، سواء بالمستشفيات التابعة للوزارة أو المستشفيات الجامعية الحكومية، أو القطاع الخاص، بنسبة 38% من إجمالي عدد الأطباء المسجلين الحاصلين على تراخيص مزاولة المهنة، ما يعني تسرب نحو 62% من الأطباء بالمنظومة الصحية."5"
تزايد نسب الفقر بين السيسي ومبارك
لا ننكر ان عهد مبارك شهد معدلات نمو اقتصادي متوسطة خصوصا في الفترة الأخيرة من عهده ، ولكن هذا النمو لم يشعر به المصريون في حياتهم المعيشية، و لم يستفد منه سوى "فئة معينة من المقربين من النظام".
وحسب الصحف المحلية، فقد "وصل الدين العام المحلي لمصر في نهاية عام 2010 - أي في نهاية عهد مبارك - إلى نحو 962 مليار جنيه ، كما بلغ الدين الخارجي نحو 32 مليار دولار، وسجل معدل التضخم بنهاية 2010 نحو 11.1 % ، وخلال فترة حكمه، تولى رئاسة الحكومة المصرية 9 شخصيات انتهت بالفريق أحمد شفيق.
وحسب كتاب "قصة الاقتصاد المصري" للكاتب الراحل جلال أمين، فقد شهدت مصر من منتصف عام 1981 وحتى 2005، (ازدياد في الديون الخارجية من 30 مليار دولار إلى 45 في عام 1986، وتعرض الاقتصاد المصري لصدمة خارجية عنيفة بسبب أسعار النفط في السوق العالمية، وتدخل صندوق النقد الدولي في الاقتصاد منذ عام 1987، ثم ارتفاع مفاجئ لتدفق الاستثمارات الأجنبية) ، كما شهد الجميع بان عصر مبارك شهد فسادا لم يظهر في عهد الرؤساء السابقين. "6"
أما في عهد السيسي فقد تحولت حياة المصريين لجحيم غير مسبوق، حيث أثرت الأزمة المالية والاقتصادية في مصر، والتي تفاقمت مؤخرا بانهيار قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، وارتفاع معدلات التضخم، على الأوضاع المعيشية للمصريين، وساهمت بشكل كبير في تغيير نمط معيشتهم.
ومع فقدان الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس 2022 ارتفع التضحم في مصر التي تستورد غالبية احتياجاتها من الخارج، إلى 21,9 في المئة، وزاد سعر السلع الغذائية بنسبة 37,9 في المئة، وفق الأرقام الرسمية.
ولكن أستاذ الاقتصاد بجامعة جون هوبكنز في ميريلاند ستيف هانك المتحصص في التضخم البالغ الارتفاع، يقول إن نسبة التضحم الحقيقية السنوية "تصل إلى 88%".
وكما حدث عام 2016 عندما حُفّض السيسي سعر العملة المصرية فتضاعف سعر صرف الدولار أمام الجنيه، يدفع الثمن الفقراء وأفراد الطبقة المتوسطة.
ويعيش60% من سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، وفق البنك الدولي، بينما ثلث آخر "معرّضون لأن يصبحوا فقراء".
ووسط التفاوت الكبير في المداخيل ومستويات المعيشة في مصر، "يصعب تحديد" الطبقة المتوسطة، وفق الباحثة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة هدى عبد العاطي التي تقول: "المشكلة هي أن هؤلاء الذين لم يكونوا قريبين من خط الفقر يمكن أن يقتربوا أكثر وأكثر منه بسبب التصاعد الكبير في التضخم".
ذلك بخلاف الديون التى تراكمت على مصر بشكل غير مسبوق في تاريخها ، حيث بلغت اكثر من 170 مليار دولار خارجيا ، و5تريليون داخليا ، وتلتهم خدمة الديون سنويا أكثر من 80% من الميزانية المصرية .
والتضخم الذي قفز في مصر لقرب 101% بحسب قائمة ستيف هانك "السادسة عالميا" في احصائيات التضخم، الذي أصبح يحرق معيشة المصريين الذين يعانون من موجات غلاء متتالية ومتسارعة شملت كافة أنواع السلع والخدمات، بعد انهيار الجنيه أمام العملات الأجنبية ، ومع هذا التضخم الغير مسبوق زاد سعر السلع الغذائية بنسبة 37,9 في المئة، وفق الأرقام الرسمية."7"
يقول الخبير الاقتصادي ممدوح الولى: "في بلد بلغ به الحد الأدنى للأجور بعد زيادته 3000 جنيه شهريا في الحكومة منذ تشرين الثاني/، و2700 جنيه في القطاع الخاص منذ بداية العام الحالي، مع اعتراض كثير من منشآت القطاع الخاص على تلك القيمة، خاصة أنه ما زالت كثير من منشآت القطاع الخاص تمنح رواتب شهرية 1500 جنيه لخريجي الجامعات ، مما يصعب المعادلة المعيشية في ظل الارتفاع الهستيري للأسعار على كل المصريين وقد أكدت الولى ان تهدأ الاوضاع الاقتصادية سيكون الجوع المحرك الاول لكثير من المصريين ."8"
بيع مصر من مبارك للسيسي
وكان من بواعث الثورة في يناير توسيع قاعدة الخصخصة في عهد مبارك، حيث كانت مظلة كبيرة ترتكب تحتها جريمة سرقة ممتلكات مصر، وارتبطت في رحلتها الطويلة، على مدى 5 عقود، بشكل وثيق بالحكم العسكري، خاصة عهدي مبارك والسيسي.
وتم بشكل واضح في عهد مبارك، تحت مظلة الخصخصة بيع 382 مؤسسة مملوكة للدولة، بعضها خصخصة كلية وأخرى جزئية، فيما بلغ إجمالي حصيلة بيع الشركات العامة بموجب برنامج الخصخصة 57.4 مليار جنيه مصري (حوالي 9.4 مليار دولار تقريبًا) حتى عام 2009، وفق إحصائيات البنك الدولي وقد شاب برنامج الخصخصة -الذي اعتمدته مصر في التسعينيات وأوقفته مؤقتًا بعد ثورة يناير كثير من الفساد، في عهد مبارك “1981-2011″، وذلك في ظل الوقائع التي أحاطت بصفقات البيع.
وكشفت دراسة أجرتها الدكتورة سلوى صابر، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، أن برنامج الخصخصة في عهد مبارك سُجلت عليه شبهات فساد وتربح عديدة. وهو ما تُوضحه أرقام الجهاز المركزي للمحاسبات، إذ أن 69% من صفقات بيع هذه الشركات تمت بأقل من قيمها الحقيقية.
كما أن إجمالي قيمة بيع أصول القطاع العام الحكومي المصري في عهد مبارك بلغت قرابة 500 مليار جنيه، ذلك علمًا بأن تلك الأصول قُيمت وقت إنشائها في ستينيات القرن الماضي بحوالي 115 مليار جنيه، حسب التقارير الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية. في وقت كانت القيمة الحقيقية التي دخلت خزائن الحكومة المصرية، وفقًا للبيانات الصادرة عن دراسة سلوى صابر، لم تتخط 25 مليار جنيهًا. بما يشير إلى بيعها بأقل من 5% من قيمتها الحقيقية بعد عام 1994.
وقد انتهى عهد مبارك وانتهت معه الخصخصة، ولكن بعد حصاد مر من الفساد؛ تم فيه بيع 413 شركة بحصيلة 56.962 مليون جنيه ذهبت هباء منثورا في دواليب الفساد.
وقد أشار "مركز الأرض لحقوق الإنسان" (منظمة أهلية) في تقرير له إلى حجم الفساد الذي صاحب عملية الخصخصة في عهد مبارك منذ انطلاقها في العام 1991 وحتى العام 2008. ووفقاً للمركز فقد بيعت 623 شركة مقابل 23 مليار جنيه، بينما أعلن رسمياً بيع 412 شركة مقابل 320 مليار جنيه، وهو الأمر الذي أثار الشبهات داخل البرلمان المصري في دور انعقاده في العام 2006، حينما تساءل عن غياب نحو 13 مليار جنيه من حصيلة الخصخصة عن حسابات الحكومة."9"
ومع بداية عهد السيسي بدأ انقلاب 3 يوليو في التخطيط لبيع أصول مصر ونجح في ذلك على مدار 9 سنوات مضت ، وكانت الموجة العنيفة بدأت في أعقاب اتفاق مصر ، مع صندوق النقد للحصول عام 2016، على قرض 12 مليار دولار.
وبدأت بوادر حديث نظام السيسي عن برنامج الخصخصة الحالي في الظهور للسطح في مقال كتبته وزيرة التعاون الدولي "سحر نصر" بصحيفة "وول ستريت جورنال" في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، قالت فيه إن مصر "سوف تتخلص جزئيا من العديد من الشركات والبنوك المملوكة لها من خلال الطرح العام، وسيشمل هذا الطرح، للمرة الأولى، شركات المرافق العامة"، وهي شركات طالما استُبعدت تاريخيا من البيع بوصفها قطاعا إستراتيجيا مصريا.
جاء حديث "نصر"، الذي أحدث ضجة وانتقادات عدة اضطرت الوزارة بعدها لإصدار بيان تهدئة، بعد أيام من قيام الحكومة المصرية بالعديد من الإجراءات التي اتُفق عليها مع صندوق النقد الدولي، كتحرير سعر صرف الجنيه المصري، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض دعم المحروقات. وهي إجراءات أشاد بها الصندوق في وثيقة الاتفاق على القرض الموقعة بينه وبين مصر في الشهر نفسه أيضا، والتي قام على إثرها بصرف الشريحة الأولى منه بقيمة 2.75 مليار دولار.
بدأ بعدها موجة بيع للأصول غير مسبوقة، وانتهى بها المطاف للتخطيط لنقل ملكية مصر في أصولها واقتصادها إلى الصناديق السيادية الخليجية، ايفاءً لعهودها وربما كنوع من المقايضة على الديون التي أصبحت حملاً ثقيلاً.
وفي العام 2018، صدر قانون إنشاء "صندوق مصر السيادي" تحت اسم "صندوق مصر"، برأس مال 200 مليار جنيه، ومحفظة استثمارية بنحو 12 مليار جنيه، فيما نقلت إليه منذ التأسيس في 2018 وحتى الآن أصول وعقارات مملوكة للدولة بقيمة 30 مليار جنيه.
كما انبثق عن الصندوق أربعة صناديق فرعية يصل رأس مالها إلى 120 مليار جنيه. وقد منح القانون رئيس الدولة الحق في نقل ملكية الأصول العامة غير المستغلة أو المستغلة إلى ملكية الصندوق، وشراء وبيع وتأجير أو استئجار تلك الأصول والانتفاع بها، ثم صدر تعديل بالقانون رقم 197 لعام 2020 شمل تغيير اسم الصندوق لـ"صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية"
وسرعان ما استحوذ الصندوق على عدد كبير من الأصول والأراضي المملوكة للدولة، منها 126 شركة قابضة وتابعة (تتبع وزارة قطاع الأعمال)، وأيضاً أراضٍ مثل: أرض الحزب الوطني المنحل على كورنيش النيل المطل على ميدان التحرير، وأراضي الديوان العام لوزارة الداخلية، وملحق معهد ناصر الطبي المطل على النيل، ومجمع التحرير بوسط العاصمة وغيرها. وخلال وقت قصير، ووفقاً لمعهد صناديق الثروة السيادية العالمية، فقد قُدِّرت أصول الصندوق المصري بنحو 11.9 مليار دولار، واحتل المرتبة الـ41 عالمياً وفق مؤسسة "جي وورلد" لتحليل الاستثمارات.
استحوذ الجيش على صناعات مهمة، ولجأ الرئيس بشكل متزايد إلى الجيش لمواجهة أزمات البلاد الاقتصادية، في الوقت الذي أصبحت فيه مؤسسات الدولة المدنية عاجزة عن القيام بمهامها، ما أدى إلى اتساع نشاطه الاقتصادي بشكل كبير. فوفقاً لبيانات حديثة للبنك الدولي، فإنّ هناك 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة في مصر، من إجمالي 24 صناعة مدرجة على جدول تصنيف الصناعات محلياً.
ووفقاً للتعديلات التي أجريت على القانون، فقد أنهت الدولة الحق الشعبي في الرقابة على الأموال العامة والتي بموجبها استطاعت كيانات وأفراد من الشعب في نهاية عهد مبارك رفع دعاوى قضائية ضد الخصخصة، ليقتصر الحق في الطعن في عمليات الصندوق على طرفين هما الجهة المالكة للأصل والجهة المنقولة إليها الملكية. وقد ظهرت التعديلات مباشرة بعد إطلاق السيسي وبن زايد ما وصفاه بـ"منصة استثمارية استراتيجية مشتركة" في تشرين الثاني / نوفمبر 2019، بقيمة 20 مليار دولار، مناصفة عبر شركة أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي.
وفي أيلول/سبتمبر 2019، أعلن رسمياً عن جهود لجنة حصر الأصول غير المستغلة المملوكة للدولة، والتي عملت على حصر الأصول المملوكة للهيئات والوزارات والمحافظات المختلفة، معلنة وقتئذٍ عن حصر 3692 أصلاً، وتسجيل 3273 منها في 24 محافظة و5 وزارات. وترتبط اللجنة في عملها بشكل رئيس بتجهيز الأصول التي سيتم التصرف فيها إما عن طريق البيع المباشر أو التداول في البورصة أو استغلالها بشكل آخر. ووفقاً للمادة السادسة من قانون الصندوق فإن "لرئيس الجمهورية حق نقل ملكية أي من أصول الدولة غير المستغلة إلى الصندوق أو أي من الصناديق التي يؤسسها، والمملوكة للصندوق بالكامل بناء على العرض من رئيس الوزراء والوزير المختص، وكذلك الأصول المستغلة فتكون كالأصول غير المستغلة بإضافة الاتفاق مع وزير المالية والتنسيق مع الوزير المعني"، ما يعني أنّ كافة الأصول المصرية سوف تنتقل تباعاً إلى ملكية وإدارة الصندوق السيادي والذي بدأ في طرح بعضها للبيع إما لسداد الديون أو لمقايضتها بالأصول.
وفي آذار/مارس 2022، أعلنت البورصة المصرية عن صفقة يقودها صندوق الثروة السيادي الإماراتي بقيمة 2 مليار دولار، استحوذ فيها هذا الصندوق على حصص مملوكة للحكومة المصرية في 5 شركات مدرجة في البورصة هي البنك التجاري الدولي، وشركة فوري، وأبو قير للأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات، ومصر لإنتاج الأسمدة "موبكو". وتلقّى الشارع المصري الأمر بصدمة كبيرة، خاصة وأنّ الصفقة قد تمت بعد زيارة أجراها محمد بن زايد ولي عهد دولة الإمارات إلى مصر، التقى خلالها عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي في قمة ثلاثية بشرم الشيخ.
ووفقاً لبيانات حديثة للبنك الدولي، فإنّ هناك 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة في مصر، من إجمالي 24 صناعة مدرجة على جدول تصنيف الصناعات محلياً. وبالفعل استعدت الدولة لطرح شركتي "الوطنية للبترول" و"صافي" (الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية والزيوت النباتية) المملوكتين لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة في البورصة. وتشير بيانات صادرة عن وزارة التخطيط أنّه من المقرر أن يعقب ذلك دراسة طرح 3 شركات أخرى تابعة للجيش للتداول، فيما جاءت تصريحات رئيس الصندوق السيادي لتؤكد أنّ هناك مخططاً أولياً يبحث في بيع 10 شركات مملوكة للجيش بشكل كامل."10"
لكن سطوة جنرالات الجيش وخوف السيسي من غضبهم يحول دون هذا التحرك، ولذلك بدأت الدولة تستخدم واجهات مدنية (مشبوهة) لمحاولة نقل ملكية هذه الشركات "صوريا" وبقائها تحت الإشراف المباشر للجنرالات، في محاولة للالتفاف على قرارات وطلبات صندوق النقد الدولي.
المصادر:
- هشام عمر عبد الحليم ، "طوابير الخبز ظهرت عام 1982.. ومصر شهدت 3 أزمات خلال 27 عاماً"، المصري اليوم ، 04-05-2008، https://cutt.us/uuD1t
- " خبراء يحذرون من انجراف «طوابير العيش» في مصر إلى اقتتال اجتماعي" ، البيان الاماراتية ، 10 أبريل 2008، https://cutt.us/v6rwa
- مصطفى عبد الرازق، "باسم عودة.. وقصة حل أزمة الخبز المزمنة" ، الجزيرة نت ، 4/4/2022، https://cutt.us/z2YTh
- "تعويم الرغيف.. للمرة الأولى التموين تطرح الخبز بسعر التكلفة" موقع رصد ، 16 يناير 2023، https://rassd.com/524547.htm
- محمد أحمد عباس ، "الإنفاق على الصحة في النظم المصرية" ، المعهد المصري للدراسات ، 22 أكتوبر2019 ، https://cutt.us/57stc
- ""مصر مبارك"... كيف بدأت وإلى أين انتهت؟" ، سبوتنيك عربي، 25 فبراير 2020 ، https://cutt.us/oeMbt
- "كيف أثر انهيار الجنيه على حياة المصريين؟.. "شبح الفقر يطاردهم"، عربي 21 ، 17 يناير 2023 ، https://cutt.us/BNrZt
- ممدوح الولي ، "الجوع كافر" ، عربي 21 ، 22 يناير 2023 ، https://cutt.us/7eM1p
- "خصخصة التسعينيات واستحواذات 2022.. وقائع حزينة في فساد الحكم والتفريط في حقوق المحكومين"، اخبار الغد ، 18 اكتوبر2022 ، https://cutt.us/Tjhtc
- ماجدة حسني، "بيع أصول مصر.. لمن المُلك اليوم؟"، موقع جريدة النهار اللبنانية ، 26 مايو 2022 ، https://cutt.us/B60i6