الانتهاكات تتصاعد بالسجون.. والعفو الدولية تطالب بضغط دولي على مصر

الثلاثاء - 24 مايو 2022

 

"الشبكة المصرية" : معتقلي برج العرب يتعرضون للتنكيل والتعذيب المستمر ويتم إيداعهم في زنازين التأديب

حقوقيون نقلوا استغاثات من معتقلي سجون "جمصة" و"الوادي الجديد" و"العقرب 1و2" 

"كوميتي فور جستس": “سجون مصر تحولت لمقابر ورصدنا 7369 انتهاكًا في عام واحد

والعفو الدولية : "كوب 27" فرصة للضغط لإحراز تقدم  في حقوق الإنسان بمصر

على مدار الساعات القليلة الماضية توالت التقارير الحقوقية لتؤكد أن الانتهاكات تتصاعد بالسجون المصرية، حيث كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في تقرير لها أمس الإثنين، عن تلقيها استغاثة من المعتقلين السياسيين في سجن برج العرب غربي مدينة الإسكندرية، يشكون فيها من ظروف الاحتجاز، والانتهاكات التي تمارس بحقهم منذ فترة طويلة.

وقال السجناء السياسيون في استغاثتهم، إنهم يعانون في السجن من التضييق والتعنت، وإنهم يتعرضون للتأديب من دون فعل أي مخالفة، إذ "يدخل المسجون في غرفة متر ونصف في مترين تضم ثلاثة أو خمسة أفراد، والطعام اليومي هو رغيف، وقطعة حلاوة، وقطعة من الجبنة، وزجاجة مياه واحدة، ولا يمكنك ان تسأل متى ستخرج، فضلاً عن أنواع التعذيب المادي والمعنوي".

وأكدوا أنه "ليس هناك تريض، أو تهوية، والسجين لا يرى الشمس، والطعام سيئ، وقليل. طعام خمسة يعطونه لحجرة بها 20 سجينًا، والزيارة مرة شهريًا، ويدخل زائر واحد للسجين، وطعام الزيارة تقرر أن يكفي ليوم واحد، ويضم نوع فاكهة واحد، والشراء من كافتيريا السجن بأسعار مضاعفة. أغيثونا يرحمكم الله".

من جانبها، دانت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان كافة الانتهاكات والتضيقات التي تمارسها السلطات الأمنية في سجن برج العرب بحق المعتقلين، وطالبت النائب العام بإرسال فريق تحقيق للإشراف على السجن، والعمل على وقف كافة الانتهاكات، والحفاظ على كرامة وأمان وصحة المعتقلين، والتوقف عن كافة أشكال القمع.

وصدر قرار بإنشاء سجن برج العرب في عام 2004، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، في منطقة صحراوية تقع غرب محافظة الإسكندرية، وخصص للمسجونين الجنائيين، كما أنه يستقبل أصحاب الجنسيات الأجنبية الذين يُلقى القبض عليهم في داخل مصر لارتكابهم جرائم، إضافة إلى السجناء المقبوض عليهم على خلفية قضايا سياسية

ووفق شهادات بعض المحتجزين السابقين، فإن زنازينه متشابهة من حيث التصميم والسعة، إذ تتسع لنحو 12 سجيناً، إلّا أن وضع زنازين "الإيراد" أكثر سوءًا، إذ يتم احتجاز ما يزيد عن 35 شخصا فيها، بينما يتقلص الرقم إلى 21 في زنازين "التسكين" العادية

ويتم منع المحتجزين من التريّض كأسلوب للتنكيل والعقاب في حال اعتراضهم على بعض الممارسات أو الانتهاكات، وأكد أحد المحتجزين السابقين، أنه تم منعهم من التريّض عشرة أيام، وبعد عودتهم مرة ثانية للتريّض اقتصرت المدة على ما بين 5 إلى 10 دقائق، رغم أنها كانت قبل ذلك نحو 3 ساعات.

ويحصل المسجونون على أدوات النظافة الشخصية عن طريق زيارات الأهل، ويتم منعها أحيانًا لإجبار السجناء على شرائها من "كانتين" السجن.

كما نقل حقوقيون أيضا، استغاثات من معتقلي سجون "جمصة" و"الوادي الجديد" و"العقرب 1و2"  ، حيث أكدوا تصاعد الانتهاكات من خلال الأعتداء البدني واللفظي ، والحرمان من الحقوق القانونية مثل التريض ، والزيارة ومنع الأدوية خاصة عن المرض وكبار السن . 

كوميتي فور جستس : “سجون مصر مقابر "

وفي منتصف الشهر الجاري أصدرت منظمة “كوميتي فور جستس” الحقوقية، تقريرها السنوي ضمن مشروع “مراقبة الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية”.

وجاء التقرير تحت عنوان: “سجون مصر.. مراكز إصلاح وتأهيل أم مقابر لحقوق المصريين؟!”

وأكد التقرير، إن في عام 2021 شهد رصد 7369 انتهاكًا داخل 66 مقرًا رسميًا وغير رسميٍ للاحتجاز، توزعت بين 19 محافظة بمختلف أنحاء الجمهورية وعبر عديدٍ من أنماط الانتهاكات.

تصدرها الحرمان من الحرية تعسفيًا بواقع 4885 انتهاكًا، يليه الاختفاء القسري بواقع 1668 انتهاكًا، وسوء أوضاع الاحتجاز بواقع 598 حالة، والتعذيب 156 حالة، والوفاة داخل مقار الاحتجاز بـ62 حالة.

وعلى صعيد المحافظات، قالت المنظمة إن محافظة القاهرة تصدرت محافظات مصر بنحو 68 بالمئة تقريبًا (5026/ 7369)، تليها محافظة الشرقية التي تم تسجيل نحو 16 بالمئة (1225/7369) من إجمالي الانتهاكات المرصودة.

أما من حيث أنواع مقار الاحتجاز، أشارت المنظمة إلى أنه من بين 1144 انتهاكًا تمكنت من تحديد المقار التي وقعت بها، تصدرت السجون المركزية/ العمومية/ الليمانات بنحو 66%(763/1144)، تليها الأقسام والمراكز الشرطية بنحو 20% (229/ 1144)، ثم معسكرات الأمن المركزي بواقع 93 انتهاكًا، ودور الرعاية الخاصة بالأطفال الأحداث بواقع 31 انتهاكًا.

أيضًا في عام 2021، عمل فريق التوثيق بـ”كوميتي فور جستس” على التحقق من قيام السلطات المصرية بانتهاكات بحق 495 ضحية في السجون ومقار الاحتجاز المصرية.

وتم توثيق 591 انتهاكًا تم بحق 187 ضحية منهم، ما بين الاعتقال العشوائي بحق مواطنين لا ينتمون لأي خلفيات سياسية أو أيدولوجية، والاختفاء القسري، وتعرض الضحايا الإناث للاعتداء والتحرش الجنسي.

والعفو الدولية : "كوب 27" فرصة للضغط لإحراز تقدم في حقوق الإنسان بمصر

وفي نفس السياق قالت منظمة العفو الدولية، أمس الاثنين، إن سجلّ مصر السيئ في قمع المعارضة السلمية وانتهاكات السجون  والفضاء المدني، يجب ألا يُسمح له بتقويض نجاح مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغيُّر المناخ "كوب 27" المقرر أن يبدأ بعد أقل من ستة أشهر في مصر.

وأكدت منظمة العفو الدولية، في تحليل مفصّل ، على أن تسليط الضوء على مصر، وهي تستعد لاستضافة مؤتمر "كوب 27"، يجب أن يستخدم كفرصة للضغط من أجل إحراز تقدم ذي مغزى في مجال حقوق الإنسان في البلاد.

ودعت منظمة العفو الدولية، الحكومات المشاركة في مؤتمر "كوب 27"، إلى الضغط على السلطات المصرية لضمان المشاركة الآمنة والفعالة والهادفة للفاعلين في المجتمع المدني، من المصريين وغير المصريين.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "يعتبر مؤتمر "كوب 27" بمثابة لحظة مهمة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية، وهي أزمة لحقوق الإنسان ذات أبعاد غير مسبوقة، فنظراً لسجل مصر في إسكات الأصوات الناقدة وتضييق الخناق على المنظمات المستقلة، هناك بواعث قلق متزايدة من أن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني لن تتمكن من المشاركة بحرية، مع بعضها البعض ومع المشاركين في المؤتمر، مثل ممثلي الحكومة والشركات لمناقشة القضايا الحاسمة لمستقبل كوكب الأرض".

ويمثل مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ "كوب 27"، المقرر عقده في مدينة المنتجعات المصرية شرم الشيخ، في الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لحظة مهمة للدول لتقديم الأدلة على أنها تفي بالتعهدات التي قطعتها على نفسها، بموجب اتفاقية باريس وفي مؤتمر "كوب 26"، واعتماد المزيد من القرارات للحد بسرعة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بصورة تتماشى مع حقوق الإنسان.

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر يتعرضون للاحتجاز التعسفي، وللاستدعاء للاستجواب بالإكراه، والتهديدات بإغلاق منظمات حقوق الإنسان المستقلة، وحظر السفر، وتجميد الأصول، والأساليب شديدة الصرامة الأخرى، لإيقاف العمل المدني. وحذرت السلطات المصرية المنظمات غير الحكومية المستقلة للتسجيل بموجب القانون لتنظيم ممارسة العمل الأهلي لسنة 2019 شديد الصرامة، أو مواجهة الإغلاق بحلول العام المقبل

وقالت "أمنستي" إنه "بينما تستعد مصر لاستضافة مؤتمر "كوب 27" لا يزال آلاف الأفراد، من بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان وصحفيون، ومحتجون سلميون، ومحامون، وسياسيون معارضون، ونشطاء، يقبعون في السجون المصرية في ظروف تنتهك الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، لمجرد ممارسة حقوقهم في حرية التعبير أو تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، أو التجمع السلمي، وذلك دون سند قانوني أو بعد محاكمات فادحة الجور".

وأشارت إلى أن هناك أيضاً "بواعث قلق بشأن سلامة جميع المشاركين في مؤتمر "كوب 27"، نظراً لسجل السلطات المصرية المروع في التقاعس عن حماية النساء، وأفراد مجتمع الميم، من التمييز المجحف، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وكذلك محاكمتهم بتهم زائفة مثل "الفسق" أو مخالفة "الآداب العامة" أو "الفجور"، لمجرد طريقة لبسهم، وتكلّمهم والتعبير عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو للعلاقات الجنسية بين البالغين بالتراضي.