الانتهاكات الحقوقية بمصر تتصاعد .. حبس 34 متظاهر بتهمة التجمهر
الاثنين - 22 نوفمبر 2021
شهدت الساحة الحقوقية المصرية مجددا في الساعات القليلة الماضية، تصاعدا للانتهاكات، حيث حبست النيابة العامة بدمياط 34 متظاهرا وطالبت بضبط وإحضار 14 أخرين ، بتهمة التجمهر لاعتراضهم على تنكيل الشرطة بهم بعد قتل أحد المواطنين في مشاجرة، كما وثقت الشبكة العربية تورط "الأمن الوطني" في تعذيب وإخفاء معتقل رغم حصوله على 3 أحكام براءة ، كما كشفت منظمات حقوقية مواصلة النظام سجن ناشرون مصريون بتهم ملفقة، وفي السياق الحقوقي قامت وزارة الداخلية بتغريب وترحيل العشرات من المعتقلين بالشرقية لسجن الوادي الجديد سئ السمعة والمنيا الذي يشهد تصاعدا في التعذيب للمعتقلين السياسيين ، ومن خلال سطور هذا التقريرنتعرض للتفاصيل.
حبس 34 مصرياً بتهمة التجمهر في دمياط
قررت النيابة العامة المصرية، مساء أمس الأحد، حبس 34 شخصاً احتياطياً، وطلبت ضبط 14 آخرين من المقيمين في محافظة دمياط، على خلفية اتهامهم بالتجمهر، واستعراض " القوة والعنف " مع ضباط وأفراد الشرطة لحملهم على الامتناع عن أداء أعمال وظيفتهم.
وقالت النيابة في بيان إنها تلقّت بلاغاً في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، يفيد بتجمهر ذوي مجني عليه مقتول أمام مسكن أهل المتهم بقتله في دائرة مركز شرطة دمياط، حائزين أسلحة بيضاء، ومواد قابلة للاشتعال، بقصد التعدي عليهم، وتحطيم مسكنهم انتقاماً، فانتقلت قوة من الشرطة لفض التجمهر، لكن أهالي المجني عليه هشّموا زجاج سيارات خاصة، وواجهات محال تجارية، وتفرقوا في الشوارع المجاورة مثيرين الرعب بين المواطنين، ثم قطعوا طريقاً عمومياً يؤدي إلى الطريق الدولي الساحلي الواصل إلى محافظة بورسعيد المجاورة".
وبحسب البيان أن المحتجين أشهروا أسلحة بيضاء، متعدّين على بعض السيارات في الطريق، وعندما لاحقتهم قوات الشرطة، قذفوها بالحجارة، وتمادوا في استعراض القوة والبلطجة، رغم مطالبتهم بفض تجمهرهم، فتعاملت معهم القوات الأمنية حتى تمكنت من تفريقهم، وقامت بإلقاء القبض على مجموعة منهم بعد إصابة ضابط شرطة".
"الأمن الوطني" يخفي معتقلا رغم 3 أحكام براءة
وفي سياق متصل ، تتبّعت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان سلسلة الانتهاكات التي حدثت مع المعتقل خالد عاطف، منذ لحظة القبض عليه، حتى حصوله على حكمين بالبراءة، وصولاً لاستمرار القبض عليه خارج إطار القانون.
وخالد عاطف شاب مصري حاصل على مؤهل متوسط "دبلوم صنايع"، يعيش مع أسرته متوسطة الحال، وباعتباره أكبر الأبناء في عائلته، هو يساعد أسرته في كفالة أخوته الأربعة بالعمل في إحدى شركات الأغذية. لكن في مايو/أيار 2019، انقلبت حال العائلة تماماً، عندما تمّ القبض عليه من منزله في ضواحي حلوان، جنوبي القاهرة.
وبدأت سلسلة الانتهاكات التي تعرّض لها خالد عاطف في 18 مايو/أيار 2019 باقتحام قوات أمن بزيّ مدني منزل أسرته في حلوان، وإلقاء القبض عليه هو وشقيقه واقتيادهما إلى مكان غير معلوم، فسارعت أسرته بإرسال برقيات تلغرافية إلى كلّ من النائب العام ووزيري الداخلية والعدل.
وفي 21 يوليو/تموز 2019، أطلقت قوات الأمن سراح شقيق خالد عاطف من مكان احتجازهما غير المعلوم، وتمّ اقتياد خالد إلى قسم شرطة حلوان وتمّ عرضه في اليوم التالي على النيابة التي اتهمته بالانضمام إلى " جماعة إرهابية " وقرّرت حبسه احتياطياً مدة أربعة أيام.
وفي 25 يوليو/تموز 2019، قرّر قاضي المعارضات في محكمة جنح حلوان إخلاء سبيل خالد عاطف بضمان مالي قدره 10 آلاف جنيه، إلاّ أنّ النيابة العامة قامت بالطعن على القرار بالاستئناف، الذي رفضته محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وتأيد قرار إخلاء السبيل، ليصبح قراراً نهائياً واجب النفاذ عقب تسديد الضمان المالي.
لكن لم يطلق سراح خالد عاطف عملاً بقرار المحكمة ورغم تسديد الكفالة. إذ تم اقتياده مرة أخرى إلى مكان غير معلوم وإخفاؤه قسرياً للمرة الثانية، وفشلت كافة المحاولات للاستدلال على مكان احتجازه. إلى أن ظهر عاطف في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019 في نيابة السلام الجزئية في محكمة القاهرة الجديدة، للتحقيق معه مجددا في جنح أمن دولة طوارئ السلام، والذي ادعى فيه الضابط محرّر المحضر أنّه تمّ ضبط خالد باليوم نفسه، وهو في حالة تلبس أثناء وجوده بمساكن الحرفيين في مدينة السلام، وزعم حيازته سلاح ناري "فرد خرطوش" وطلقتي خرطوش، وقرّرت النيابة حبسه احتياطياً مدة 15 يوماً. وتوالت جلسات تجديد حبسه حتى تاريخ 26 يوليو/تموز 2020 بقرار نيابة شرق القاهرة الكلية، بإحالة خالد عاطف محبوساً إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ .
وفي 30 مارس/آذار 2021، أبلغ محامو الشبكة العربية الذين يتولون الدفاع عنه المحكمة بظروف الدعوى والمتهم، وكمّ الانتهاكات التي طاولته، فقضت محكمة جنايات أمن دولة طوارئ شمال القاهرة ببراءة خالد عاطف مما هو منسوب إليه من اتهام، إلاّ أنّ الإفراج عنه لم يتم
ورغم براءة خالد التي تقتضي إخلاء سبيله فوراً، اقتاده ضباط الأمن الوطني مرة أخرى من قسم شرطة السلام إلى مكان مجهول، وأخفوه قسرياً مرة أخرى، حتى ظهر في 23 مايو/أيار 2021 داخل قسم شرطة مدينة بدر، وتمّ تحرير محضر رقم 1409 لسنة 2021 إداري قسم بدر مع محضر تحريات كاذب، يزعم ورود معلومات تفيد بتردّد خالد على منطقة الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر وقيامه بتحريض الشباب ضد مؤسسات الدولة كما توزيعه المنشورات، وأنّ الشرطة نجحت في إلقاء القبض عليه وتم عرضه بتاريخ 24 مايو/أيار 2021 على نيابة بدر الجزئية بمحكمة القاهرة الجديدة، وتمّ التحقيق مع خالد من دون حضور محام معه، ووجّهت إليه اتهامات الانضمام إلى جماعة أسّست على خلاف أحكام القانون، وحيازة وإحراز مطبوعات بغرض الترويج تحضّ على تعطيل أحكام الدستور والقانون، والترويج لفكر جماعة الإخوان المسلمين " الإرهابية " وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة، وإحراز ذخائر من دون ترخيص.
وفي 17 يونيو/حزيران2021، قرّر المحامي العام لنيابات القاهرة الجديدة إحالة عاطف محبوساً إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بالقاهرة لمحاكمته عن الاتهام بحيازة وإحراز ذخيرة، وقضت محكمة أمن دولة طوارئ القاهرة ببراءة خالد عاطف مما هو منسوب إليه من اتهام، ليكون الحكم الثاني له في قضايا ملفقة، إلاّ أنّ هذا الحكم أيضا لم يلق قبول ضابط الأمن الوطني، حيث تمّ اقتياد خالد إلى مكان مجهول وإخفاؤه مرة رابعة.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول2021، ظهر خالد داخل نيابة الشرابية الجزئية في محكمة الجلاء وتمّ التحقيق معه دون حضور محام، في مخالفة واضحة لقانون الإجراءات. وتمّ توجيه اتهام الانضمام الى جماعة إرهابية له مع العلم بأغراضها، وقرّرت النيابة حبسه احتياطياً على ذمة التحقيقات، وحُرم من المثول أمام قاضيه الطبيعي لنظر أمر مدّ حبسه لينال فرصة الحديث عن الظروف التي مرّ بها منذ إلقاء القبض عليه، وتمّ النظر بتجديد حبسه عن بُعد عبر ما يسمى "التجديد الإلكتروني"، والذي يتمّ عبر نقل خالد من محبسه في قسم شرطة الشرابية إلى سجن 15 مايو العمومي، وإيداعه في غرفة مجهزة إلكترونياً تكتظ بعدد من القيادات الأمنية حيث تنعقد الجلسة، الأمر الذي يستحيل معه حديث خالد مع المحكمة عمّا تعرّض له من انتهاكات على أيدي الأجهزة الأمنية، وهو الأمر المخالف لأبسط قواعد وضمانات المحاكمة العادلة.
وقالت الشبكة: "نحن أمام تصرّفات وممارسات لا تمتّ للقانون بصلة، حيث تصبح نصوص القوانين والدستور مجرد حبر على ورق في كتب تزين المكاتب".
وسجن ناشرون مصريون بتهم ملفقة
وفي السياق الحقوقي ، كشفت منظمات حقوقية استمرار السلطات المصرية في سجن مجموعة من الناشرين، على ذمة قضايا ملفقة ، ففي منتصف نوفمبر الحالي، جددت الدائرة السابعة جنايات الجيزة حبس الناشر المصري يحيى خلف الله محمد، مؤسس دار يقين للإنتاج والتوزيع، مدة 45 يوماً جديدة بتهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية وترويج أفكارها" و"نشر أخبار كاذبة". لتكون هذه هي المرة الثالثة التي توجّه الاتهامات نفسها لمدير مؤسسة يقين الإعلامية للإنتاج والتوزيع منذ القبض عليه للمرة الأولى عام 2015.
وأكدت المنظمات الحقوقية أن هذه المرة جاء في اتهام النيابة العامة المصرية أن محمد "انضم إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها. ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد بقصد تكدير السلم العام في إطار أهداف جماعة الإخوان والترويج لأغراض الجماعة، التي تستهدف زعزعة الثقة في الدولة المصرية ومؤسساتها"
ما يحصل مع يحيى خلف الله محمد يشبه حال باقي الناشرين المحتجزين في السجون المصرية. فهذا ما يحصل مع الناشط المصري والاقتصادي المخضرم عمر الشنيطي، صاحب سلسلة مكتبات "ألف"، التي أغلقت فروعها بالكامل عام 2019، (37 مكتبة) في 10 محافظات في جمهورية مصر، وتمتلك فرعاً في المملكة المتحدة.
وأكدت المنظمان ان القضاء لم يكتفِ بقرار التحفظ على المكتبات وإغلاقها فقط، بل ألقي القبض على عمر الشنيطي، المحلل الاقتصادي البارز وصاحب المكتبة، من منزله يوم 25 يونيو/حزيران 2019، وسجن على ذمة التحقيقات التي تجريها نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والمعروفة إعلامياً بـ"تحالف الأمل"
كانت مكتبات "ألف" منارة علمية حقيقة في مصر، ومنصة ثقافية مستقلة غير تابعة لأي حزب ديني أو سياسي، وتتميز بالتنوع الثقافي حيث تمتلك العديد من الكتب الأدبية والتاريخية والدينية والسياسية، وتتعامل مع أكثر من 400 دار نشر وتوظف عدداً كبيراً من المصريين.
في الإطار نفسه، لدينا قضية الناشر المصري خالد لطفي، مؤسس دار تنمية، المحكوم عليه عسكريًا بالسجن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ بتهمتي "إفشاء أسرار عسكرية، وإذاعة أخبار وبيانات ومعلومات كاذبة"، وذلك لنشره طبعة مصرية من كتاب المؤرخ الإسرائيلي يوري بار جوزيف، والمعنون في ترجمته للعربية بـ"الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل".
وتعود وقائع القضية إلى سبتمبر/أيلول عام 2017، حين اقتحمت قوة من المصنفات الفنية دار تنمية، وألقت القبض على أحد العاملين بالدار بحجة مخالفة معايير النشر بنشرها وتوزيعها الكتاب المذكور. وعلى أثر الواقعة، أتلف مسؤولو تنمية 2000 نسخة، وهي مجمل المطبوع من الكتاب محل الخلاف. وكانت "دار تنمية" قد طبعت بالاتفاق مع الدار العربية للعلوم في لبنان، صاحبة امتياز ترجمة الكتاب للعربية، نسخة منه في مصر، ليكون سعرها في متناول القارئ المصري، وهو الاتجاه الذي لجأت إليه العديد من دور النشر في مصر بعد ارتفاع أسعار الدولار.
الوحيد الذي نجا من دوامات الحبس المطول والأحكام الجائرة، والتدوير على ذمة أكثر من قضية، هو الناشر المصري والصحافي الاقتصادي مصطفى صقر، مؤسس شركة "بيزنس نيوز" ورئيس تحرير جريدة "البورصة" الخاصة. لكنّ قراراً صادراً عن القضاء في 5 ديسمبر/كانون الأول 2016 أمر بالتحفظ وتجميد أرصدته وحساباته وممتلكاته مع آخرين بدعوى انتمائهم إلى جماعة الإخوان المسلمين. وأوكلت لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان ملف إدارة صحيفتي "البورصة" وDaily News Egypt إلى مؤسسة "أخبار اليوم". ولم تكتفِ السلطات المصرية بمصادرة الأموال والتحفظ على الممتلكات ونقل تبعيتها إلى مؤسسة حكومية مصرية، بل عادت وقررت إلقاء القبض عليه في 12 إبريل/نيسان 2020، واقتياده إلى أحد مقار الأمن الوطني، ثم نقله إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا في اليوم نفسه، حيث قررت حبسه على ذمة القضية رقم 1530 حصر أمن دولة عليا، بعدما وجهت إليه اتهامات بالانضمام إلى جماعة لم يتم تحديد هويتها
تغريب معتقلين في سجون بعيدة
ومن الانتهاكات الحقوقية التي ارتكبها النظام على مدار الساعات القليلة الماضية ، ترحيل قوات الأمن بالشرقية 28 معتقلا لسجن الوادي الجديد بينهم 12 من مركز شرطة كفر صقر و12 من مركز أبوحماد و2 من مركز شرطة منشأة أبوعمر ومعتقل من منيا القمح وآخر من الزقازيق .
كانت قوات الأمن قد رحلت مؤخرا 36 معتقلا لسجن المنيا و54 لسجن برج العرب بعد الحكم عليهم بالسجن لمدة عام من محكمة أمن الدولة طوارىء.
كما رحلت قوات الانقلاب بمركزي ههيا وأبوكبير 24 معتقلا لسجن المنيا بعد الحكم عليهم بالسجن لمدة عام من محكمة أمن الدولة طوارئ.
فيما رحلت من مدينة العاشر من رمضان 10 آخرين إلى عدة مراكز بالمحافظة بينهم 3 من بلبيس و2 من ديرب نجم ومعتقلا لكلا من أبوحماد وأبوكبير والحسينية ومنيا القمح وأولاد صقر .