الانتخابات الليبية على فوهة "بركان الخلافات"

الجمعة - 26 نوفمبر 2021

في ظل حالة الخلافات والتنازعات بين الشرق والغرب الليبي والتدخلات الخارجية في الشأن الليبي الداخلي ، أصبحت الانتخابات الليبية على فوهة "بركان " ، خاصة بعد صدور حكم بالإعدام غيابياً على حفتر وستة من أعوانه، كما أصدر النائب العام العسكري أمرا بضبطه على خلفية اتهامه في 5 قضايا،وتزامن ذلك مع مطالبة عقيلة صالح  حفتر بالتنازل له، وفي سياق متصل رفض  "المجلس الأعلى الليبي " إجراء الانتخابات دون توافق، وسبق أن تم استبعاد 25 مرشحا من بينهم حفتر، وسيف الإسلام القذافي.

فيما تسود لدى النظام المصري تخوفات من إجراء الانتخابات في موعدها بسبب عدم ثقة القاهرة في فوز مرشح يمكن الاعتماد عليه في بناء تحالف قوي  يراعي المصالح المصرية هناك، وأمريكا تُحذر أمام مجلس الأمن من تورط أي قوى سياسية داخلية أو دول خارجية في تعطيل هذه الانتخابات، ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد تفاصيل اهم التطورات في الملف الليبي خلال الساعات القليلة الماضية .  

 

أعلنت النيابة العسكرية بالمنطقة الوسطى في ليبيا، أمس الخميس، عن حكم المحكمة العسكرية الدائمة في مدينة مصراتة غيابياً بإعدام اللواء المتقاعد خليفة حفتر وستة ضباط من معاونيه، فيما طالب المدعي العسكري جهاز المباحث الجنائية بإدراج حفتر ضمن سجلاته لمخالفته لأحكام القانون العسكري.

ووفقاً للوثيقة، فقد حكمت المحكمة العسكرية بالإعدام على رئيس الأركان في مليشيات حفتر، العميد عبد الرزاق الناظوري، والقائد السابق لأركان القوات الجوية في مليشياته، العميد طيار ركن سقر الجروشي، وقائد غرفة عمليات طرابلس إبان عدوان حفتر على طرابلس، العميد عبد السلام الحاسي، وقائد غرفة عمليات الجنوب في مليشيات حفتر، العميد مبروك الغزوي، وقائد أركان القوات الجوية الحالي بمليشياته، العقيد الطيار محمد المنفي، وضابط آخر بالقوات الجوية بمليشياته، هو العقيد الطيار سعد الورفلي.

وأوضحت الوثيقة أن الحكم "بمعاقبتهم بالإعدام عما أسند إليهم"، ويرجح أن تكون التهم الموجهة لحفتر وضباطه الستة تتعلق بالهجوم العسكري على طرابلس بين 4 إبريل/نيسان 2019، ويونيو/حزيران من العام الماضي.

وبالتزامن، طالب المدعي العسكري جهاز المباحث الجنائية بإدراج خليفة حفتر ضمن سجلات الجهاز، موضحاً أن حفتر خالف قانون العقوبات العسكرية الليبي، الذي يجرم العمل السياسي للعسكريين.

وأشار خطاب المدعي العسكري أيضاً إلى أن حفتر متهم في خمس قضايا، ارتكبت بين عام 2019 و2020، وأنه صدرت بحقه أوامر سابقة بالضبط والإحضار

وأكد الخطاب أن كل عسكري عقد اجتماعات سياسية أو شارك في المظاهرات أو الاضطرابات أو في حملات انتخابية أو حرض على أي من الأفعال المذكورة "يعاقب بالسجن مدّة لا تزيد عن خمس سنوات".

وسبق أن وجه مكتب المدعي العسكري خطاباً للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات بعدم استكمال طلب ترشح خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي، لكونهما مطلوبين على ذمّة قضايا قتل وتحريض.

إلى جانب ذلك طالب النائب العام العسكري في ليبيا، أمس الخميس، بتنفيذ "أوامر الضبط" بحق اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على خلفية 5 قضايا و"مخالفته القانون العسكري".

وطالب مكتب المدعي العام العسكري، بـ"تنفيذ أوامر الضبط الصادرة عن النيابة من قبل مأمور الضبط القضائي المختص، على خلفية خمس قضايا لعامي 2019 و2020".

وحول مخالفة القانون العسكري بترشحه للانتخابات الرئاسية، قال مكتب المدعي العام إن "حفتر ضابط بالجيش الليبي وقام بإجراءات الترشح لدى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات".

وأردف: "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على الخمس سنوات كل من عقد اجتماعات سياسية أو اشترك فيها، أو انتمى إلى هيئة سياسية أو اشترك في المظاهرات أو الاضطرابات أو في حملات الانتخابات، أو كتب المقالات السياسية باسم صريح أو مستعار أو ألقى خطبا سياسية أو حرض الغير على أي فعل من الأفعال المذكورة".

والأربعاء، أعلنت مفوضية الانتخابات الليبية، قائمة أولية تضم 73 مرشحا للانتخابات الرئاسية، المقررة في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، بينهم حفتر، إضافة إلى قائمة أخرى بـ25 مستبعدا، منهم سيف الإسلام القذافي.

ومشاورات بين صالح وحفتر لانسحاب أحدهما

في السياق ذاته، قالت مصادر مصرية إن الفترة الراهنة تشهد مشاورات موسعة بين كل من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر لتنسيق تحالف بينهما، كاشفةً أن مصر وفرنسا تريان أن فرص حفتر ستكون ضعيفة للغاية في حال لم يتمكن من عقد تحالف مع طرف قوي في غرب ليبيا.

وأوضحت المصادر، أن المشاورات الجارية، طُرح خلالها انسحاب قائد مليشيات شرق ليبيا، في مقابل الحصول على ضمانات من جانب عقيلة صالح، تضمن تعيين أحد أبنائه في منصب كبير حال فوزه بالرئاسة.

ولفتت المصادر إلى أن فرص صالح في التحالف مع طرف قوي في غرب ليبيا أكبر كثيراً من حفتر، الذي ترفض قوى الغرب التعامل معه تحت أي ظرف، وهو ما يقلل فرصه أيضاً في الحصول على دعم دولي كبير، خاصة أن فوزه في الانتخابات قد يقود لمزيد من التأزم في المشهد حال رفضت قوى الغرب التعامل معه والاعتراف بنتائج الانتخابات..

استبعاد سيف القذافي

واستبعدت القائمة الأولية التي اعتمدتها مفوضية الانتخابات الأربعاء سيف الإسلام القذافي لمخالفة أوراق ترشحه البند السابع من المادة العاشرة من قانون انتخابات الرئاسية، التي تنص على (ألا يكون محكوماً بحكم نهائية في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة)، وأيضاً لمخالفتها البند الخامس من المادة 17 بشأن شهادة الخلو من السوابق الجنائية. 

كانت مصادر مصرية على صلة بمتابعة الملف الليبي، قالت لـ"العربي الجديد"، أمس قبل صدور قرار المفوضية، إن فرص سيف الإسلام باتت ضعيفة للغاية في ظل وجود موقف أوروبي أميركي موحد بشأن رفض تواجده من الأساس في قائمة المرشحين، مضيفة أن "الإدارة الأميركية أكدت في أكثر من موضع أنه لا يمكنها القبول بوجود رئيس ليبي متورط في جرائم حرب".

الانتخابات الليبية في نفق مظلم

وعن إجراء الإنتخابات الليية في موعدها، قالت مصادر دبلوماسية غربية رفيعة المستوى في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن سيناريو تأجيل العملية الانتخابية ما زال مطروحا على الساحة الدولية، على الرغم من المضي قدماً في الإجراءات كافة المتعلقة بالانتخابات، مضيفة أنه على الرغم من الخلافات في الرؤى بين مصر وتركيا وفرنسا بشأن الأوضاع في ليبيا، إلا أن هناك رغبة لدى الأطراف الثلاثة بتأجيل العملية الانتخابية، لحين التوافق على آلية واضحة تضمن تهيئة المشهد الليبي بعد نتائج الانتخابات.

وأكدت المصادر أنه "حتى اللحظة، لا يوجد يقين لدى الأطراف الدولية الفاعلة، بالتزام القوى الرئيسية في الداخل الليبي بنتائج الانتخابات النهائية حال إجراء العملية الانتخابية، بالإضافة إلى أن القوى الدولية الكبرى لم تصل بعد إلى حالة من التنسيق مع مرشحين يمكنهم حسم المنافسة لصالحهم، في ظل افتقاد الكثير منهم لبعض المقومات اللازمة لقيادة ليبيا في المرحلة الراهنة".

وأشارت المصادر إلى أن الإدارة الأميركية أبدت أيضاً، عدم معارضة قاطعة لعملية تأجيل الانتخابات، شريطة أن لا يكون التأجيل لفترة طويلة، وبحيث تُجرى الانتخابات في موعد لا يتجاوز مارس/آذار 2022

وبحسب المصادر، تتسارع القوى الدولية في الفترة الحالية على الترتيب والتنسيق مع الشخصيات البارزة المطروحة على الساحة، والتوفيق بينها وبين آخرين من أجل ضمان أفضل فرص تنافسية في العملية الانتخابية حال إجرائها.

وفي نفس السياق ، جدد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري رفض المجلس إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد دون قوانين توافقية.

ووصف المشري العملية الانتخابية بالمهزلة ، وقال إن المجلس لن يشارك في شرعنة هذه "المهزلة"، وستنعكس مواقفه من خلال إجراءات قانونية سيتخذها.وذكر المشري أن المجلس الأعلى للدولة لن يسمح لأي طرف داخلي أو خارجي بتحميله مسؤولية عرقلة الانتخابات.

وأوضح أن من عرقل الانتخابات هو من أصدر قوانين معيبة ومخالفة للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي وخارطة الطريق، حسب تعبيره.

والمجلس الأعلى للقضاء يتراجع عن تعديل لائحة الطعون بالانتخابات

وفي سياق متصل ، تراجع المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا، مساء أمس الخميس، عن قراره الخاص بتعديل اللائحة التنفيذية لآليات تعيين وتحديد مهام لجان الطعون والاستئنافات بالعملية الانتخابية، وذلك بعد ساعات من بدء استقبال الدوائر القضائية الطعون بالمرشحين للانتخابات الرئاسية. 
وكان المجلس قد أعلن، الثلاثاء، تعديل المادة الخامسة من لائحة الطعون التي أصدرها في 11 من الشهر الجاري، وتضمن التعديل السماح لمن يرغب في تقديم طعن على أحد المرشحين بتقديمه في منطقته، بديلاً عن النص السابق الذي ينص على "رفع الطعون المتعلقة بقبول المرشحين أمام لجان الطعون الابتدائية الواقع في نطاقها الموطن المختار للمرشح المطعون ضده، في غضون 72 ساعة من نشر قوائم المرشحين الأولية". 

وشمل التعديل أيضاً مكان الطعن في نتيجة اقتراع أي من المرشحين والسماح للطاعن بأن يقدمه في منطقته، بدلاً عن النص السابق الذي ينص على "رفع الطعون المتعلقة بعملية الاقتراع وكذلك النتائج في غضون 48 ساعة من تاريخ نشر النتائج الأولية أمام لجنة الطعون الواقع في نطاقها محل إقامة المطعون ضده". 

وجاء التعديل بعد اعتراضات بشأن عدم قدرة الطعن على مرشحين لهم سيطرة مسلحة على مناطقتهم التي ترشحوا عنها، لكن المجلس عاد وألغى التعديل، وطالب بضرورة التقيد بالنصوص السابقة ، ولم يبرر المجلس الأعلى للقضاء أسباب تراجعه عن تعديل النصوص السابقة بعد الإبقاء عليها، ما يعيد لائحة الطعون إلى دائرة الجدل مجدداً، خصوصاً في ظل سيطرة مجموعات مسلحة موالية للمرشحين على مناطقهم، الأمر الذي يضعف من قدرة وصول أي طاعن في ترشحهم في الدوائر القضائية التي يتبع لها المرشح. 

بدء المرحلة الثانية من العملية الانتخابية

وبدأت أمس الخميس، المرحلة الثانية من العملية الانتخابية، فبعد إعلان المفوضية العليا للانتخابات القائمة الأولية للمرشحين، تبدأ مرحلة الطعن ضدهم أمام ثلاث دوائر قضائية خصصها المجلس الأعلى للقضاء لهذا الشأن، في طرابلس وبنغازي وسبها. 

ودارت الاعتراضات على اللائحة حول قدرة الطاعنين على الوصول إلى المناطق التي ترشحت منها أبرز ثلاث شخصيات، وهي قائد مليشيات شرق ليبيا المرشح من بنغازي خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح المرشح من بنغازي، ورئيس الحكومة الحالية عبد الحميد الدبيبة المرشح من طرابلس. 

تخوفات مصرية من إجراء الانتخابات الليبية

وعلي الجانب الأخر ، تبدي مصر تخوفا من إجراء الانتخابات الليبية في موعدها، في ظل حالة الاستقطاب الحاد بين الفرقاء في ليبيا، وعدم ثقة القاهرة في فوز مرشح يمكن الاعتماد عليه في بناء تحالف قوي، يراعي المصالح المصرية هناك.

أتي ذلك في وقت استقبل فيه "عبدالفتاح السيسي"، الثلاثاء الماضي ، رئيس المجلس الرئاسي الليبي "محمد المنفي"، في القاهرة، على هامش انعقاد قمة "الكوميسا".

وقالت مصادر مصرية، إن القاهرة، ما زالت تحاول الترويج لرؤيتها الخاصة بتأجيل إجراء انتخابات الرئاسة في ليبيا، المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، باعتباره السيناريو الأمثل بالنسبة لها في المرحلة الحالية.

ووفق المصادر، فإن القاهرة غير واثقة في فوز مرشح يمكن الاعتماد عليه في بناء تحالف قوي، يراعي المصالح المصرية، في ليبيا.

لقاء "السيسي" و"المنفي"، تطرق إلى إعادة التأكيد على التخوفات المصرية من إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، في ظل حالة الاستقطاب الحاد بين الفرقاء في ليبيا، خاصة مع الوضع الأمني الهش الذي يمكن أن يعود للتدهور من جديد؛ وهو الأمر الذي يمثل خطراً على الأمن القومي المصري.

وأمريكا تحذر من عرقلة الانتخابات الليبية

وفي سياق متصل ، حذرت الولايات المتحدة، من أن "التدخل في الانتخابات الليبية أو استخدام العنف قد يؤدي لفرض عقوبات من قبل مجلس الأمن الدولي".

جاء ذلك، على لسان مستشار وزارة الخارجية الأمريكية "جيفري ديلورينتيس"، في إحاطة بمجلس الأمن، الأربعاء. ، وأضاف "ديلورينتيس"، أن "التهديد بمقاطعة الانتخابات لن يعزز السلام، وعلى مجلس الأمن محاسبة معرقليها".

كما دعا "جميع الدول للالتزام بقرارات مجلس الأمن وسحب المرتزقة والقوات الأجنبية".

وفي وقت سابق، قال المبعوث الأممي المستقيل "يان كوبيش"، في مداخلته أمام مجلس الأمن إن "ليبيا تعاني مرحلة سياسية هشة، وعدم إجراء الانتخابات قد يؤدي إلى نزاعات وصراعات".

وأشار إلى أنه "تم الاتفاق بين أطراف ليبية على أسس دستورية للانتخابات الليبية".

لقت إلى أن "النتائج النهائية للانتخابات الليبية ستعلن بشكل متزامن"، مشيرا إلى أن "القضاء هو صاحب الكلمة الأخيرة فيما يخص العملية الانتخابية"