الاقتصاد المصري يدخل نفقا مظلما
الخميس - 2 ديسمبر 2021
- البنوك المصرية تتوسع في الاقتراض الخارجي
- التضخم يدفع البنك المركزي لرفع المعروض النقدي 17.58%
- 16% زيادة في إجمالي الواردات بأول 9 أشهر من 2021 مع تراجع الصادرات
- النظام يلجأ لرفعا لضرائب 5 مرات لسد العجز التمويلي للموازنة
في ظل السياسات الاقتصادية الفاشلة للنظام ا، نجد الاقتصاد المصري دخل في نفق مظلم ، بسبب تراكم الديون والتي دخل ماراثونها البنوك المصرية ، وذلك على خطى الحكومة .. التي تستدين بقوة لتوفير السيولة التي تحتاجها مشروعات السيسي وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة ، كما أن التضخم دفع البنك المركزي لرفع المعروض النقدي 17.58%، وقد تزامن ذلك مع ارتفاع في إجمالي الواردات بأول 9 أشهر من 2021 ، بحوالي 16% مع تراجع الصادرات، ولذلك لم يصبح أمام النظام المصري لسد الفجوة التمويلية وتسديد الديون ، إلا جيوب المصريين من خلال رفع الضرائب 5 مرات لسد خلال السنوات السبع العجاف الماضية، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض بالتفاصيل ، لأهم ملامح وخطوات إغراق الاقتصاد المصري في الفشل.
قال البنك الأهلي المصري إنه دخل في مفاوضات مع أحد البنوك الآسيوية التنموية للحصول على قرض تتجاوز شريحته الأولى 600 مليون دولار.
وأكد هشام السفطي، رئيس قسم المؤسسات المالية والخدمات المالية الدولية في البنك، في تصريحات وفقاً لنشرة "إنتربرايز" المحلية الاقتصادية، أن الشريحة الأولى من القرض سيتلقاها البنك قبل نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن قيمة الشريحة الثانية لم يُتَّفَق عليها بعد.
وتوقع السفطي الحصول على الشريحة الثانية خلال الربع الأول من عام 2022 ، وقال نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري يحيى أبو الفتوح في وقت سابق من هذا الشهر إنه يخطط للحصول على قروض بقيمة 1.5 مليار دولار من المؤسسات الدولية العام المقبل.
وحصل البنك على قرض مشترك مدته ثلاث سنوات بقيمة مليار دولار من مجموعة من البنوك في مايو، واقترض 200 مليون دولار من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وصندوق أوبك للتنمية الدولية، لتمويل مشاريع البنية التحتية في البلاد، إضافة إلى تسهيل ائتماني بقيمة 20 مليون دولار من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لإعادة إقراضه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة
ويتفاوض البنك المملوك للدولة أيضاً مع الوكالة الفرنسية للتنمية، للحصول على تسهيلين ائتمانيين. وقد وقّع البنك بالفعل اتفاق التسهيل الأول بقيمة 100 مليون دولار، فيما لا تزال المحادثات جارية بشأن التسهيل الثاني.
يأتي ذلك تزامناً مع توسع الحكومة المصرية في الاقتراض من الخارج، سواء بشكل مباشر أو عبر الهيئات الحكومية، وقالت ثلاثة مصادر لوكالة "رويترز" الأسبوع الماضي، إن مصر تقترب من الحصول على قرض خارجي بقيمة ثلاثة مليارات دولار لاستخدام بعضه في تمويل مشروعات مستدامة، فيما تحاول البلاد التعافي من تراجع السياحة خلال جائحة كوفيد-19.
وحصلت مصر في أغسطس/ آب من العام الماضي على قرض قيمته مليارا دولار، رتبه بنك الإمارات دبي الوطني وبنك أبوظبي الأول لتمويل ميزانية الدولة ودعم الاقتصاد.
وقالت وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط، الأسبوع الماضي أيضاً، إن مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وافق على تمويل لمصر بقيمة 360 مليون دولار.
وأكدت أن مجموع ما وافق عليه البنك الدولي والبنك الآسيوي يبلغ 720 مليون دولار، بواقع 360 مليون دولار لكل منهما.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت وزارة المالية السعودية أنها قدمت وديعة بقيمة 3 مليارات دولار للبنك المركزي المصري، بالإضافة إلى تمديد الودائع السابقة بمبلغ 2.3 مليار دولار.
ويتعين على مصر سداد ديون خارجية قصيرة الأجل بقيمة 13.77 مليار دولار خلال العام المالي الجاري، الذي بدأ في أول يوليو/ تموز الماضي وينتهي في آخر يونيو/حزيران المقبل.
ووفق بيانات صادرة عن البنك المركزي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ارتفع الدين الخارجي للبلاد بقيمة 14.3 مليار دولار خلال العام المالي 2020-2021، المنقضي في يونيو/ حزيران الماضي، ليصل إلى 137.85 مليار دولار، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 11.57%.
المركزي المصري: ارتفاع المعروض النقدي 17.58% في أكتوبر
وفي وسط الأسبوع الجاري ، قال البنك المركزي المصري،إن المعروض النقدي (ن2) ارتفع 17.58 بالمئة على أساس سنوي في أكتوبر/ تشرين الأول.
بلغ المعروض النقدي لمصر 5.65 تريليونات جنيه (360.79 مليار دولار)، في أكتوبر/ تشرين الأول، مقارنة مع 4.8 تريليونات قبل عام، وبزيادة بلغت نحو 850 مليار جنيه خلال عام واحد، وبزيادة بلغت نحو 70 مليار جنيه عن شهر سبتمبر/أيلول الماضي
وهناك علاقة بين ارتفاع المعروض النقدي من ناحية، وزيادة معدل التضخم وتراجع سعر صرف العملة المحلية من ناحية أخرى.
ووفقا لبيانات البنك، اليوم أيضا، فقد ارتفع صافي الاحتياطي الأجنبي لمصر بنحو 24 مليون دولار خلال شهر أكتوبر، ليصل إلى 40.849 مليار دولار، ويأتي ذلك رغم الارتفاع الكبير في القروض التي تلقتها مصر خلال الأشهر القليلة الماضية.
و16% زيادة في إجمالي الواردات بأول 9 أشهر من 2021
وتزامن مع إقبال البنوك على الاقتراض ، إعلان بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر،أن هناك ارتفاع في إجمالي قيمة الواردات خلال الـ9 أشهر الأولى من العام الجاري، بنسبة 16%.
وأوضحت أن إجمالي قيمة الواردات وصل إلى 61 مليار دولار، خلال الفترة المذكورة، مقارنة بـ 52.4 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي
ووفق البيانات المذكورة، استوردت مصر وقودا وزيوتا معدنية ومنتجات تقطيرها في التسعة شهور الأولى من 2021 بقيمة 7.8 مليارات دولار مقابل 5.1 مليارات دولار عام 2020
كما زادت واردات الآلات والأجهزة الكهربائية وأجزاؤها؛ حيث بلغت 4.6 مليارات دولار مقابل 4.5 مليارات دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي.
وصعدت واردات مجموعة الحبوب (قمح – ذرة – أرز)، خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، بنسبة 10.5%، لتصل إلى 4.2 مليارات دولار، مقابل 3.8 مليارات دولار خلال نفس المدة من العام الماضي.
وبلغت واردات مصر من السيارات بأنواعها وأجزاؤها، 4.1 مليارات دولار، مقابل 3.5 مليارات دولار في العام الماضي، فيما بلغت واردات منتجات الصيدلة (الأدوية وغيرها)، 2.7 مليار دولار، مقابل 2.1 مليار دولار..
وتصدرت الصين بنسبة 16% قائمة أهم 20 دولة مصدرة لمصر بلغت نسبتهم (76%) من إجمالي الواردات خلال التسعة أشهر الأول من العام الحالي.
وجاءت السعودية في المركز الثاني بنسبة 8%، والولايات المتحدة ثالثا 7%، وألمانيا رابعا 5%، وتركيا خامسا 4%، وروسيا الاتحادية سادسا 4%، وإيطاليا سابعا 4%، والهند ثامنا 3%، والإمارات تاسعا 3%.
والنظام يلجأ لمضاعفة الضرائب بمصر 5 مرات
ولايجد النظام المصري في ظل تراكم الديون وقلة الاستثمارات ، وارتفاع التضخم إلا اللجوء لجيوب المصريين من خلال فرض مزيد من الضرائب .
وفند خبراء اقتصاد ومحللون مزاعم الحكومة المصرية بشأن زيادة الحصيلة الضريبية بأنها نتيجة جهود الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها الدولة وتطوير المنظومة الضريبية، مؤكدين أنها نتيجة زيادة الضرائب بشكل مفرط على جميع الأنشطة ومضاعفة قيمتها فضلا عن استحداث أنواع جديدة.
وكشفت وزارة المالية المصرية، قبل يومين، أنها تسعى إلى تغيير جذري متكامل في منظومة الإدارة الضريبية لتوسيع القاعدة الضريبية، وتوفير الضمانات الكفيلة بتحصيل حق الدولة، وإرساء العدالة الضريبية.
ووافق مجلس النواب المصري، على قرار عبد الفتاح السيسي بتعديل بعض فئات التعريفة الجمركية، وتضمن القرار فرض رسوم بنسبة 10% على الهواتف المحمولة وبذلك يرتفع إجمالي الضرائب المفروضة على الهواتف بعد هذه الزيادة إلى نحو 35%.
وتستهدف وزارة المالية زيادة الحصيلة الضريبية خلال العام المالي المقبل بنسبة 18.3% بقيمة 983 مليار جنيه أي ما يعادل 62.8 مليار دولار، أي نحو 75% من إجمالي إيرادات الدولة المتوقعة 1.3 تريليون جنيه أي نحو 83 مليار دولار.
حصيلة الضرائب من المواطنين
وارتفعت حصيلة الضرائب في مصر منذ الانقلاب العسكري 2013-2014 من 260 مليار جنيه فقط إلى نحو تريليون جنيه، أي أنها تضاعفت نحو 5 مرات في 7 سنوات فقط، وجاءت معظمها من جيوب المواطنين من خلال:
ضريبة القيمة المضافة البالغة 391 مليار جنيه (25 مليار دولار) بنسبة نحو 40% من إجمالي إيرادات الضرائب.
والضرائب العامة المقدر لها 497 مليار جنيه (31.7 مليار دولار) بنسبة 50% من إجمالي إيرادات الضرائب (تشمل ضريبة المرتبات، الأشخاص الطبيعيين والنشاط التجاري وغير المهني والثروة العقارية، الخ).
وضريبة القيمة المضافة الضريبة على الخدمات بقيمة 61.2 مليار جنيه (3.9 مليار دولار)، بالإضافة إلى حصيلة الضرائب والرسوم الجمركية بقيمة 42.4 مليار جنيه (2.7 مليار دولار).
وأوضحت نتائج الحساب الختامي لميزانية العام المالي الماضي أن حصيلة الضرائب البالغة 834 مليار جنيه تعادل أكثر من ضعفي بنود الأجور ودعم السلع التموينية البالغين على التوالي 318.8 مليار جنيه و83 مليار جنيه (الدولار يساوي 15.7).
في السياق، قال أستاذ الاقتصاد أحمد ذكر الله إن "مضاعفة الضرائب لها الكثير من الأسباب؛ مثل التوسع في فرض الضرائب، واستحداث أنواع جديدة من الضرائب على المواطنين والقطاع الخاص، والتوسع في فرض الرسوم والدمغات على الخدمات العامة، والتوسع في نطاق التحصيل الحكومي والحد نوعا ما من عمليات التهرب الضريبي، وفي نهاية المطاف أصبحت تشكل ضغطا على بيئة الأعمال المصرية وهو ما أفصح عنه مؤشر مديري المشتريات بأن هناك تراجعا في أنشطة القطاع الخاص طوال السنوات الخمس بشكل لافت وينذر باستمرار الانكماش".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "السؤل المهم: كيف وجهت الدولة الزيادة في الحصيلة الضريبية خلال السنوات الماضية؟ الملاحظ أن الزيادة في الضرائب لم تكن موجهة للفقراء إلى حد كبير، أو إلى قطاع الخدمات الذي يلبي احتياجات الفقراء كالاهتمام بمشروعات تتعلق بالصحة والتعليم بل إن هناك تجاهلا متعمدا لهذه القطاعات"، موضحا أن "الجزء الأكبر يوجه لسداد فوائد وأقساط الديون الداخلية والخارجية ما يشكل ضغطا على الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين".