د. عز الدين الكومي يكتب: "الاختيار3" تزييف التاريخ
الثلاثاء - 5 أبريل 2022
بعد تزييفات الحقائق التي احتواها مسلسل الاختيار 1 و 2 يأتي “الاختيار 3” ليكمل مسيرة التزييف والتضليل التي بدأها النظام الانقلابي منذ حدوثه في 2013 وحتى اليوم .
ولسان حالهم يقول “الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا” ونحن نزور التاريخ كيفما نريد .
فشركة سينيرجي المملوكة لجهاز المخابرات هي التي تنتج هذه السلسة من الأكاذيب ظنًا منهم أن ذلك كاف لتغيير الحقائق وطمسها .
وبالرغم من ملايين الجنيهات التي تنفق على هذه التفاهات والتي تسمى زورًا “دراما” لتبييض وجه العسكر .. إلا أن كل هذه الأموال والجهود لايكفيهم ، فلذلك لجأوا إلى الاستعانة بأحد علماء السلطان ليدعم هذا “التهريج” باعتباره تنمية للوعي!! فوجدنا مستشار مفتي الدم يقول : “دقيقة دراما تساوى 100 جمعة ، وأن أي مسلسل يؤدي إلى قيمة أخلاقية ويكرس الوعي مثل مسلسل الاختيار فنحن في أمس الحاجة إليه ” .
ونحن بدورنا نقول لهذا المستشار : أي قيمة هذه التي تنمي الوعي والمسلسل يكرس الحرب بين الشعب ومؤسسات الدولة؟؟! .
فالعسكر يسعون إلى طمس معالم ثورة يناير التي أنتجت أول انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة قال فيها الشعب كلمته وجاءت بممثلين حقيقيين للشعب وليس مجموعة من المصفقين المطبلين ، كما أنها أكدت اختيار الشعب لممثليه بعيداً عن التزوير والإرهاب اللذين يمارسهما العسكر منذ انقلاب 1952.
ومن الواضح أن الهدف والقصد من إنفاق هذه الملايين على هذه المسلسلات الهابطة والكاذبة هو بالأساس لتشويه صورة الإخوان المسلمين وفترة حكمهم التي لم تستمر سوى عام واحد فقط ، وكذلك تشويه صورة الرئيس الشهيد محمد مرسي رحمه الله ، وكأن الإخوان هم المسؤولون عن الأزمات والكوارث التي هى نتيجة طبيعية لحكم العسكر طوال سبعة عقود !!
ومن خلال مثل هذه المسلسلات يريدون أن يضعوا في أذهان الناس أن قائد الانقلاب وعصابة العسكر قد أنقذوا البلاد من الانهيار بقدراتهم الخارقة وذلك للعمل على عودة حكم العسكر بالحديد والنار !!
فإلى هؤلاء المزورين نقول : التزوير لايصنع التاريخ ، فقد حاول عبدالناصر أن يفعل الأفاعيل لتزوير التاريخ لكن اللعنات لازالت تطارده بعدما تكشفت الحقائق ، وزالت الغشاوة عن العيون بالرغم من الجهود الجبارة التي بذلها الناصريون !! . فإذا كانت الدبابة قد منحت المنقلب شرعية بالحديد والنار فإن فرض المسلسلات الهابطة لايمنح الخونة تاريخاً مشرفاً .
التاريخ لا يرحم .. فمن الذي فرط في مياه النيل؟ ومن الذي فرط في مقدرات الشعب من الغاز والبترول؟ ومن الذي باع جزيرتي تيران وصنافير بالرغم من حكم القضاء بمصرية الجزيرتين؟ .
لوكانت المسلسلات والحفلات الماجنة والأغاني العاطفية والعسكرية تغير التاريخ لغيرت المسؤول عن نكسة 1967 .
فهل يمكن لهذه المسلسلات أن تخفي الحقيقة التي وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها “إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث”؟؟ .
يا سادة : إنها ثورة يناير التي يحاول قائد الانقلاب تشويهها في كل مناسبة ، واعتبارها سببًا لكل بلاء ، ولكن الحقيقة أن حكم العسكر الفاشل هو سبب البلاء وأس الداء.
ولكن العسكر يريدون التأكيد على أن المصريين اعتادوا على نمط حكم واحد في مصر الحديثة منذ تأسيسها ، يقوم على قهر الشعب وإذلاله بدأً من محمد علي وحتى قيام ثورة يناير !!
ونسوا أو تناسوا أن مهمة العسكر الوحيدة في العالم كله هي حماية الحدود وحفظ الثغور وليس الحكم أو صناعة المكرونة وتربية البط والدجاج وبيع الخضروات .
وعندما أتى رئيس من عامة الشعب ومنتخب بطريقة ديمقراطية إنزعج العسكر انزعاجا شديدًا ، لكنهم أمام الإرادة الشعبية الجارفة ساعتها اضطروا صاغرين لتسليم السلطة ، وفي الوقت نفسه لجأوا إلى أساليب خسيسة فى نشر الشقاق والفرقة بين الثوار وانتهى الأمر بسيطرة العسكر والزج بالجميع في غياهب السجون والمعتقلات بصرف النظر عمن أيد الانقلاب أو كان من المعارضين له!!
أما مذبحة رفح الأولى التي وقعت في الخامس من أغسطس 2012 حيث قتل ستة عشر ضابطاً وجندياً مصرياً وأصيب سبعةً آخرون بالقرب من معبر كرم أبو سالم حيث استهدفهم مسلحون بمدينة رفح على الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة وذلك أثناء تناولهم طعام الإفطار في شهر رمضان …. فإن المسلسل يريد أن يتهم فيها الإخوان …
مع أن التصريحات الرسمية حول الحادث من قبل المدعي العام العسكري وكذلك قائد الانقلاب كانت تشير إلى أن التحقيقات حول الحادث ما زالت مستمرة ، ولعل أبرز تصريحات قائد الانقلاب في هذا الصدد ما ذكره في شهر مايو 2013 م عندما قال : “لو نعرف القاتل ما تركناه حياً على وجه الأرض ولا توجد أي جهة ستحول دون ذلك… تفتكروا إنه احنا لو نعرف من قتل أبناءنا سنتركه حياً على وجه الأرض؟ ، أو أن أحداً يستطيع أن يحول بيننا وبينه… لو نعرفه لن يجلس ثانية واحدة على وجه الأرض ، والتحقيقات مازالت جارية وسيتم الكشف عن مرتكبي الحادث قريبا ، وأكرر ما سبق وقلته لن ننسى من قتلنا وأقول لضباطي لا تنسوا من قتلنا” .
فهذه التصريحات كفيلة بهدم كل مايقوم به مشخصاتية المخابرات العامة وشؤون العسكر المعنوية وتصريحات خبراء الغبرة وإعلام مسيلمة الكذاب من اتهامات لحماس والرئيس الشهيد محمد مرسي رحمه الله والإخوان .
والملاحظ أن مسلسل الاختيار 3 أغفل عن عمد قضية “التخابر مع قطر” والاتهام المزعوم من قبل نظام الانقلاب للرئيس الشهيد محمد مرسي بالتخابر مع الدوحة . وهذا بعد أشولة الأرز التى تدفقت من الدوحة .
وعلى الرغم من أن “الاختيار 2” تحدث عن تسريب وثائق سرية وهامة حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة إلى جهاز المخابرات القطري عن طريق الرئيس الشهيد محمد مرسي.
لكن اليوم وفى ظل شهر العسل مع قطر صارت قطر شقيقة وحبيبة وسبحان مغير الأحوال .
لكن يبدو أن عقدة الذنب ومحاولة البراءة من الدماء هي التي تدفع هؤلاء إلى مثل هذه الحماقات لكن هيهات هيهات كما قال الشيخ سلمان العودة : “ألا أيها المستبشرون بقتلهم أطلت عليكم غمّةٌ لاتفرّجُ!”.
وكما قال الكاتب وائل قنديل : ولو فاض النيل دولارات حتى ملأ البحيرة ووصل حتى البحر.. لن تنبت لك سنبلات. إنها لعنة الدم إنها لعنة الدم