الاتحاد الإفريقي يفشل في تحديد موعد لانطلاق مفاوضات سد النهضة أكتوبرالجاري

السبت - 23 أكتوبر 2021

 

شهد ملف سد النهضة كثير من التطورات ، خلال الأيام القليلة الماضية ، حيث فشل الاتحاد الإفريقي في تحديد موعد لانطلاق مفاوضات سد النهضة في أكتوبر الجاري، كما حذر موقع “ الموينتور” من أن إثيوبيا تستعد للملء الثالث في ظل تعثر المفاوضات ، فيما أكد خبراء أن مناورات السيسي العسكرية لم تعد تجدي نفعا مع إثيوبيا، والسفير الروسي ينفي انحياز بلاده لإثيوبيا رغم ضخامة استثمارارت بلاده في"السد " وموقفه المخزي لمصر في مجلس الأمن ، كما اعترف وزير الري بتكبد مصر والسودان مليارات الدولارات بسبب الآثار السلبية لسد النهضة، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

أكد مصدر دبلوماسي سوداني مسؤول لصحيفة المصري اليوم المصرية ، المقربة من الأجهزة المخابراتية ،  أن الكونغو الديموقراطية رئيس الاتحاد الإفريقي وراعي مفاوضات سد النهضة الاثيوبي بين مصر والسودان وإثيوبيا لم تحدد بعد أي موعد لانطلاق جولة جديدة لمفاوضات سد النهضة.

وقال المصدر لـ«المصري اليوم»: إن وزير الخارجية الكونغولي زار منتصف سبتمبر الماضي كل من أديس أبابا والخرطوم والقاهرة لاستئتاف التفاوض، مضيفا أن السودان رحّب من جانبه ، باستئناف التفاوض، غير أن الجانب الكنغولي لم يحدد بعد أي مواعيد لانطلاق جولة جديدة من التفاوض

وأعاد المصدر التأكيد أن السودان طالب من جانبه بتغيير منهجية التفاوض الراهنة، كونها لم تفض إلى النتائج المرجوة خلال العشرة أعوام الماضية.

وفي سياق متصل ، نشر موقع "الموينتور" تقريرا سلط خلاله الضوء على استعدادات إثيوبيا لعملية الملء الثالث لسد النهضة، في ظل توقف تام للمفاوضات بين  سلطة الانقلاب في مصر والسودان وإثيوبيا بشأن السد.

وقال التقرير إنه مع استمرار توقف المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي الكبير، بدأت إثيوبيا في الإعداد لملء المرحلة الثالثة من سدها الكهرومائي الضخم على النيل الأزرق ، الرافد الرئيسي لنهر النيل".

ويتوقع أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي، أن تبدأ إثيوبيا أعمالها الهندسية في نوفمبر المقبل، استعدادا للملء الثالث لمستودع السد خلال موسم الأمطار المقبل.

وأوضح أن جزءا من سد النهضة سيتم تجفيفه أولا، وأضاف أنه بعد ذلك، سيتم وضع جدار خرساني في فبراير لرفع جسم السد بمقدار 20 مترا إضافيا، بحيث يصل إلى 595 مترا بشكل عام.

وأوضح شراقي لمونيتور أن إثيوبيا تسعى لتخزين 10.5 مليار متر مكعب من المياه، في إطار خطتها للوصول إلى 18.5 مليار متر مكعب بنهاية موسم الأمطار المقبل. وسيتم إضافة 10 مليارات متر مكعب مياه إضافية سنويا في السنوات المقبلة إلى أن يتم الوصول إلى الرقم المستهدف وهو 74 مليار متر مكعب. وتجري عملية الملء خلال موسم الأمطار الذي يمتد من يونية إلى سبتمبر من كل عام.

الاستعداد للملء

وأضاف شراقي أن إثيوبيا سوف تجفف الممر الأوسط للسد إما بتشغيل التوربين الأول وتوليد الكهرباء أو ببساطة إطلاق المياه.

وقال إن "صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن أديس أبابا لم تبدأ بعد في أعمال البناء استعدادا لعملية الملء الثالثة".

وفي يولية، ادعت إثيوبيا أنها أكملت بنجاح ثاني ملء لخزان السد وهو 13.5 مليار متر مكعب كما كان مخططا، بيد أن خبراء مصريين وسودانيين زعموا أن إثيوبيا لم تتمكن من تخزين سوى 3 مليارات متر مكعب خلال المرحلة الثانية، بالإضافة إلى 4.9 مليار متر مكعب مخزنة خلال عملية ملء المرحلة الأولى في يولية 2020.

وفي 19 يوليو، أعلنت إثيوبيا عن الانتهاء من عملية ملء خزان السد بالمياه الكافية لتوليد الطاقة الكهرومائية بعد أشهر من التصعيد الدبلوماسي، والتي بلغت ذروتها مع التهديدات المصرية بشن عمل عسكري إذا ما مضت أديس أبابا في المرحلة الثانية من عملية التعبئة.

في 8 يوليو، عقد مجلس الأمن اجتماعا بناء على طلب من مصر والسودان في محاولة لحل النزاع.

وفى يوم 15 سبتمبر دعا مجلس الأمن الدول الثلاث إلى استئناف المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي ، من أجل الانتهاء سريعا من نص اتفاقية مقبولة وملزمة للجانبين حول ملء وتشغيل سد النهضة

ومنذ ذلك الحين ، حثت جمهورية الكونغو الديمقراطية ، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي ، الدول الثلاث على استئناف المفاوضات ، ولكن دون جدوى.

وقال شراقي إن "إثيوبيا تصر على تشغيل توربينات السد وتوليد الكهرباء دون التوصل إلى اتفاق مع جيرانها في المصب".

خيارات صعبة

وأكد التقرير أن الوضع سيزداد تصعيدا إذا ما تم الشروع في عملية التعبئة الثالثة بصورة انفرادية في الصيف القادم، وقد تدفع هذه الخطوة مصر إلى التفكير في كل خياراتها، خصوصا وأن الهدف من عملية التعبئة الثالثة هو الحصول على مياه أكثر من عمليتي التعبئة السابقتين

وقال عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس المجري يانوس آدر في 12 أكتوبر الجاري في بودابست، إن "بلاده لا تريد أن يكون الماء سببا للصراع أو الصدام، بل أن يكون مصدرا للتنمية والتعاون بين الدول، وأضاف أن مصر تسعى فقط لحماية حصتها السنوية من مياه نهر النيل، داعيا إلى التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن عملية سد النهضة"

وقال كوردا تيزيانا، الباحث في شبكة تقدم الدراسات الاجتماعية والسياسية في جامعة ميلانو، في حديث مع المونيتور إن "الأطراف الدولية قد تتراجع خطوة بعيدا عن الضغط على إثيوبيا، لحملها على التحول إلى اتفاق ملزم بعد تلقي الأدلة على الفوائد الإقليمية المترتبة على سد النهضة".

وأضاف تيزيانا، في تناقض واضح مع خطابها القاسي حول عملية التعبئة، قامت الشركات السودانية مؤخرا بتكثيف اتصالاتها مع أديس أبابا لشراء المزيد من الكهرباء منها، وتساعد هذه الإجراءات في تغذية رواية أثيوبيا بأن ما تقوم به، حتى ولو كان من جانب واحد، مفيد أيضا لجيرانها.

وأوضح أن هذا قد يجعل المجتمع الدولي بعيدا عن مواقف مصر الأكثر صدامية، وفي هذه الحالة ومع ضعف الدعم الدولي، فمن الصعب أن نتصور أن القاهرة سوف تحاول مواصلة العمل العسكري ضد أديس أبابا.

في 10 أكتوبر، قال رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت في مؤتمر صحفي مع السيسي في القاهرة إن "رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد وعد ببدء المفاوضات حول سد النهضة هذا الشهر بعد تشكيل الحكومة الإثيوبية، ولكن ذلك لم يحدث".

وأضاف ميارديت أن أحمد ليس في وضع يسمح له ببدء المفاوضات، بسبب الحرب التي تقودها الحكومة الفيدرالية ضد ثوار تيجراي

وقال هيدسون من مجلس الأطلنطي إن "أثيوبيا تضيع الوقت، وأعتقد أيضا أن الحرب في تيجراي تشتت انتباهها، وأن أحمد يعتقد أنه إذا نجح في التوصل إلى حل لهذا الصراع، الذي يعتقد أنه مدعوم من مصر والسودان، فسيكون في موقف تفاوضي أقوى بكثير بشأن سد النهضة عندما تبدأ هذه المحادثات، فكلما طال أمد قدرته على تأخير المفاوضات الجادة، كلما زاد الوقت الذي يتعين عليه فيه أن يعمل الجهاز الثوري، وهذا من شأنه أن يجعله في موقف أقوى".

روسيا تنفي انحيازها لإثيوبيا بشأن سد النهضة

وفي سياق متصل ، قال السفير الروسي لدى مصر، غيورغي بوريسينكو، إن بلاده تحترم حق مصر في مياه نهر النيل، وأن روسيا تقول دائما إن إثيوبيا ومصر أصدقاؤها، ويمكن القول إن علاقاتنا مع مصر أعمق بكثير من علاقتنا مع أي بلد إفريقي آخر

وأكد بوريسينكو في لقاء متلفز مع قناة مصرية أن بلاده تفهم أن تعداد سكان مصر يتزايد بسرعة، وفي مصر بالفعل حاليا أكثر من 100 مليون نسمة ولديها بالطبع حاجة كبيرة إلى المياه.

وأشار  في حديثه إلى أن  روسيا ناشدت كثيرا أصدقاءها وحلفاءها الإثيوبيين أن يأخذوا بعين الاعتبار المخاوف المصرية، مضيفا: “نتطلع من حلفائنا الإثيوبيين أن يفكروا في طلبنا ويفهموا مخاوف مصر”

ونفى السفير الروسي انحياز بلاده إلى إثيوبيا في ملف سد النهضة، واصفا هذه المزاعم بأنه فهم خاطئ

وأبدى دعم موسكو الثابت للبيان الصادر عن رئاسة مجلس الأمن الدولي في سبتمبر بشأن قضية سد النهضة الذي أكد ضرورة مواصلة التفاوض عبر الوساطة الأفريقية والتوصل إلى اتفاق بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم.

وأعرب سفير روسيا لدى مصر عن سعي موسكو إلى تطوير العلاقات مع القاهرة في السنوات القادمة، مضيفا أنه في هذا السياق تم إقرار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، بالإضافة إلى تعاونهما في تسوية الأزمة الليبية، والنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني وقضايا الأمن السيبراني ومحاربة "الإرهاب".

يشار إلى أن موقف روسيا في مجلس الأمن كان معارضا لاتخاذ أي إجراءات تهدد سد النهضة، وقال مندوب روسيا إن بلاده تشعر بالقلق من تنامي الخطاب التهديدي في أزمة سد النهضة

خبراء: مناورات السيسي العسكرية لم تعد تجدي نفعا مع إثيوبيا

وفي سياق متصل ، قال خبراء ومختصون، إن مناورات رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر، عبد الفتاح السيسي، مجرد استرضاء للمصريين بالداخل، ولم تعد تجدي كثيرا مع الجانب الإثيوبي.

جاء ذلك بالتزامن مع فعاليات التدريب المصري السوداني المشترك "حارس الجنوب ــ 1"، المقرر أن تنتهي في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بقاعدة محمد نجيب العسكرية، وينفذ لأول مرة بين الجانبين بمشاركة عناصر من حرس الحدود المصرية وعناصر المشاة السودانية المدربة على مهام تأمين الحدود.

ومؤخرا، استعرض السيسي ملف سد النهضة في القمة الثلاثية باليونان، مشددًا على أهمية الأمن المائي الذي تعتبره مصر "قضية مصيرية"

وفي سياق تعليقه، طالب الخبير العسكري العميد السابق بالجيش المصري، عادل الشريف، بإثبات السيسي والمؤسسة العسكرية حسن نيتهم بإجراء عسكري حقيقي، وليس مجرد استهلاك وقت طويل في تدريبات ومناورات عسكرية.

وأضاف: "يجب ألّا تظل المناورات والتدريبات العسكرية طوال الوقت هي الورقة الوحيدة، بل يجب إرسال إشارات جادة لتفعيل إجراء حقيقي".

وأوضح الخبير العسكري لـ" عربي٢١"، أن هذه الإشارات تتمثل في عدة خطوات قبل العمل العسكري نفسه، من قبيل طرح اتفاق 2015 على البرلمان لمناقشته والتهديدات بإلغائه، كذلك اتخاذ إجراء دبلوماسي من قبيل سحب السفير المصري أو طرد السفير الإثيوبي كإعداد مسرح لخطوة عسكرية مرتقبة، سواء بعمل عسكري مباشر أو عملية مخابراتية بتخريب للسد وتعطيله.

وأردف: "يبدو أن السيسي ليس جادا في أي إجراء حقيقي، لكنه يدغدغ مشاعر شعب تملكه القلق علي مستقبل أجيال قادمة".

التلويح بالقوة

من جانبه، يقول مدير مركز "تكامل مصر"، مصطفي خضري، إن هذه التدريبات ربما تأتي في إطار التلويح بالقوة وليس استخدامها، ففي أي صراع كبير ومكلف، مثل الصراع المصري الإثيوبي، يصبح التلويح بالقوة أكثر تأثيرا من استخدامها الفعلي.

وأضاف لـ"عربي21": "قرار الحرب المباشرة قد يكون قرارا مستبعدا، لأسباب كثيرة أهمها أن السيسي قد وقع على اتفاق ما سمي وقتها اتفاق مبادئ السد، بما يجعل أي تحرك عسكري مصري مباشر ضد السد وكأنه اعتداء غير مشروع على إثيوبيا".

أما خبير العلاقات الدولية سيد أبو الخير، فيقول: "لا أعتقد أن هذه التدريبات رسالة لإثيوبيا، لأنه ليس فيها أي عملية تدريب على قصف السد، فهي للاستهلاك المحلي فقط، ومحاولة لتفادي الضغوط المستمرة على السيسي داخليا، وإرسال رسائل تطمين، لكنها رسائل غير حقيقية، ومناورة سياسية بامتياز، وليست مناورة عسكرية، وإن كانت تبدو كذلك، مطالبا بضربة حقيقية للسد إذا كان هناك جدية بالفعل

واتفق خبير العلاقات الدولية، في حديثه لـ" عربي٢١"، مع اعتبار تصريحات الأخيرة للسيسي حول مياه النيل مجرد إشارات لتخدير وتضليل المصريين، مؤكدا أن مسألة السد محسومة باتفاق المبادئ عام 2015م، وبالاتفاق على مراحل الملء الأربعة في واشنطن شباط/ فبراير 2020.

الري: ننفق مليارات الدولارات لتخفيف آثار سد النهضة

ومن جانبه أعترف مؤخرا  وزير الري «محمد عبد العاطي» بالاثار السلبية للسد ، حيث قال إن دول مصب نهر النيل تتكبد مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن سد النهضة

وأضاف إن إنشاء سد بهذا الحجم الضخم ودون وجود اتفاق قانوني لتشغيله، وإدارته بشكل منفرد من جانب إثيوبيا، سيتسبب في حدوث ارتباك كبير في نظام النهر بأكمله.

كانت وزارة الخارجية السودانية قالت إن إثيوبيا بدأت تعلية الممر الأوسط لسد النهضة، ووضع جدران خرسانية، استعدادا للملء الثالث للسد”.

وأن السودان سلم وزير خارجية الكونغو، ملاحظاته بشأن منهجية التفاوض في أزمة سد النهضة.