من صوت للمجتمع إلى بوق للنظام| هكذا روّج إعلاميو "السيسي" لقوانين الفساد والاستبداد
الأربعاء - 20 آغسطس 2025
- الإعلام المصري شكّل ظهيرًا داعمًا للنظام في تمرير القوانين المكبلة للحريات
- فرض تعتيمًا على سلبيات القوانين التي باتت سيفٍا مصلتا على رقاب المصريين
- تجاهل الانتقادات الموجهة للقوانين وتخلّى عن المعايير المهنية في معالجتها
- استخدم "شماعة الإخوان" كمبرر لإقرار القوانين السالبة لحريات المواطنين
إنسان للإعلام- تقرير:
من المفترض أن يكون الإعلام المصري أحد الأعمدة الرئيسة في تشكيل الرأي العام وصناعة الوعي الجمعي، بما يملكه من أدوات التأثير الواسعة، غير أنّ العقد الأخير شهد تحولاً لافتاً في هذا الدور؛ إذ تراجع الأداء المهني للإعلام ليتحوّل إلى أداة دعائية تروّج لتمرير سلسلة من التشريعات المثيرة للجدل، التي انعكست سلباً على الحقوق والحريات العامة.
وبات واضحاً أنّ التغطيات الإعلامية لم تعد تتعامل مع النصوص القانونية بعين النقد أو المراجعة، بل صارت منصات الترويج الرسمي لهذه القوانين، على الرغم مما تحمله من عيوب دستورية وإشكالات قانونية.
من خلال هذا التقرير، نسلط الضوء على الدور الذي لعبه الإعلام المصري، بمختلف وسائله المرئية والمسموعة والمكتوبة، في تمرير مئات القوانين سيئة السمعة، وكيف تخلّى عن وظيفته الأساسية في مساءلة السلطة والتعبير عن مخاوف المجتمع، ليصبح جزءاً من ماكينة سياسية تعمل على إخضاع الرأي العام بدلاً من تمثيله.
قوانين استبدادية غير مسبوقة
منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في مصر عام 2013، توالت سلسلة من القوانين والقرارات التي أثارت جدلاً واسعاً، وواجهت انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، فضلاً عن المعارضة السياسية.
وفي ما يلي رصد لأبرز هذه التشريعات سيئة السمعة:
قانون التظاهر 2013
صدر هذا القانون في نوفمبر 2013، ليحظر التظاهر والتجمعات غير المرخصة، مشترطاً الحصول على إذن مسبق من السلطات لتنظيم أي مظاهرة، وقد اعتُبر القانون أداة مباشرة لقمع الحريات العامة وتكميم الأفواه، إذ جعل من المستحيل تقريباً تنظيم أي احتجاجات من دون موافقة الأجهزة الأمنية، ما أدى إلى خنق المجال العام وتقييد الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين.
قانون مكافحة الإرهاب
أُقر هذا القانون عام 2015، وتعرض لاحقاً لعدة تعديلات زادت من حدته، ورغم أنه قدّم نفسه كآلية لمكافحة الأنشطة الإرهابية، فإنه منح السلطات صلاحيات واسعة في التحقيق والملاحقة، طالت معارضين سياسيين وصحفيين وأصحاب الرأي.
وانتقدته منظمات حقوقية معتبرة إياه تشريعاً يوسّع دائرة القمع السياسي، إذ أتاح فرض عقوبات قاسية استناداً إلى تهم فضفاضة مثل "التحريض" أو "الانتماء لجماعات إرهابية"، من دون أدلة دامغة.
كما استخدم لإدراج مئات الأشخاص على قوائم الإرهاب، وهو ما فتح الباب أمام النظام للاستيلاء على أموال وممتلكات المصريين تحت غطاء قانوني.
قانون تأميم الأوقاف
منح هذا القانون الدولة سلطة الإشراف الكامل على الأوقاف الدينية، بما في ذلك تلك التي كانت تديرها مؤسسات مستقلة.
ورأى فيه مراقبون محاولة واضحة من الحكومة للسيطرة على موارد الأوقاف وتوظيفها بما يخدم سياساتها، إلى جانب إحكام قبضتها على المؤسسات الدينية واستخدامها كأداة لتعزيز السيطرة على المجتمع[1].
قانون الخدمة المدنية
قدّم هذا القانون نفسه باعتباره خطوة لإصلاح الجهاز الإداري للدولة، غير أنه في جوهره فرض قيوداً صارمة على حقوق الموظفين العموميين؛ فقد حدّ من قدرة العاملين على التظلم أو الاعتراض على القرارات الإدارية التعسفية، ما اعتبره النقابيون تقليصاً واضحاً للحقوق العمالية وإضعافاً لأدوات الدفاع عن مصالحهم.
قانون دعم الاقتصاد
رُوِّج لهذا القانون على أنه إطار لتشجيع الاستثمار وتخفيف القيود البيروقراطية أمام الأعمال، لكن الواقع كشف عن توظيفه لتعزيز هيمنة الحكومة والجيش على الاقتصاد. فقد أصبح وسيلة لتركيز السلطة الاقتصادية في يد قلة نافذة، الأمر الذي عمّق الفجوة الاجتماعية وزاد من اختلال التوازن في بنية الاقتصاد المصري.
قانون الجمعيات الأهلية
يُعد من أكثر القوانين إثارة للجدل، إذ فرض قيوداً خانقة على عمل المنظمات غير الحكومية، واشترط حصولها على موافقة الدولة قبل تلقي أي تمويل أجنبي أو تنفيذ أنشطة محددة.
ورأت فيه المنظمات الحقوقية محاولة متعمدة لتقويض المجتمع المدني وإجهاض الدور الرقابي للجمعيات المستقلة، خاصة تلك التي تدافع عن حقوق الإنسان وتكشف الانتهاكات.
قانون الجريمة الإلكترونية
صدر تحت شعار مكافحة نشر "المعلومات المغلوطة" على الإنترنت، لكنه تحوّل سريعاً إلى أداة لملاحقة المعارضين والحد من حرية التعبير الرقمي.
وبموجبه، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تحت رقابة أمنية مشددة، فيما استُخدم القانون لتكميم الأفواه التي تنتقد سياسات السلطة عبر الفضاء الإلكتروني.
قانون تنظيم الإعلام
منح هذا القانون الحكومة سيطرة شبه مطلقة على وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، وعزّز من قبضة الرقابة على الصحفيين والمواقع الإلكترونية، وُجهت إليه اتهامات واسعة بأنه يشكل ضربة قاصمة للصحافة المستقلة، إذ يتيح للسلطات حظر المواقع وإغلاق القنوات بدعوى حماية الأمن القومي، بينما هدفه الفعلي كان إحكام السيطرة على المجال الإعلامي وإخضاعه بالكامل للسلطة[2].
تعديل "الإجراءات الجنائية"
شهد هذا القانون تعديلات جوهرية خلال السنوات الأخيرة، روّج لها النظام باعتبارها تطويراً للنظام القضائي ليتماشى مع تحديات العصر، غير أن المضمون العملي لهذه التعديلات جاء على حساب الحريات الشخصية وحقوق الدفاع، فقد وسّع صلاحيات الشرطة، وفتح الباب أمام الهيئات القضائية لفرض الحبس الاحتياطي استناداً إلى نصوص فضفاضة، ما مثّل إهداراً لمبدأ التقاضي العادل وأداة جديدة لتقييد المعارضين.
قانون الإيجارات القديمة
يُعد من أكثر التشريعات إثارة للجدل في الأوساط القانونية والسياسية والاقتصادية، إذ يرتبط بالعقود الإيجارية المبرمة قبل عام 1996.
ورغم الجدل الطويل حول ضرورة تعديل هذا القانون لتحقيق توازن بين الملاك والمستأجرين، فإن التعديلات الأخيرة جاءت منحازة بشكل واضح لصالح الملاك على حساب المستأجرين، فقد نصّت على إنهاء العلاقة الإيجارية خلال سبع سنوات للوحدات السكنية، وخمس سنوات للوحدات التجارية، وهو ما يهدد بتشريد مئات الآلاف من الأسر، خاصة من كبار السن الذين لا يملكون بدائل سكنية ميسورة[3].
جميع هذه القوانين، التي تنطوي على الكثير من الظلم والاستبداد، لم تكن لتُمرر بهذه السهولة لولا شراكة الإعلام المصري، الذي لعب دورًا أساسيًا في تمريرها.
الإعلام وتمرير القوانين سيئة السمعة
لعب الإعلام المصري خلال العقد الماضي دوراً محورياً في تمرير القوانين المثيرة للجدل، عبر التعتيم على جوانبها السلبية وإبراز ما يُصوَّر كإيجابيات لها، فضلاً عن تهميش النقاش العام وإقصاء الأصوات الناقدة.
ووصل الأمر إلى حد الترويج لفكرة أن هذه التشريعات تمثل ضرورة لإصلاح المنظومة القانونية في البلاد، رغم ما تحمله من عوار دستوري وتشريعي.
فعلى سبيل المثال، لم تكتف الصحف الحكومية والخاصة المتماهية مع السلطة بنقل نصوص القوانين، بل تحولت إلى منصات دعائية لتلميعها، فقد عنونت جريدة "الأهرام" تقاريرها بعبارات من قبيل: "ضوابط التظاهر باللائحة التنفيذية للقانون تحمي مصر"[4] و"الرئيس السيسي يصدق على تعديل قانون مكافحة الإرهاب لإنقاذ مصر"[5]، بل وصفت تعديل قانون الإجراءات الجنائية بأنه "علامة فارقة في مسار تطوير المنظومة القضائية"[6].
أما صحيفة "اليوم السابع"، فقد تبنّت خطاباً مشابهاً، إذ اعتبرت أن تطبيق قانون الإرهاب يستهدف بالأساس جماعة الإخوان[7]، وروّجت للقانون باعتباره حماية للمجتمع[8].
كما نشرت تقارير مطوّلة بعنوان "ميلاد قانون الإجراءات الجنائية بعد 75 عاماً علامة فارقة في إرساء دعائم دولة القانون"[9]، في محاولة لتغليف القانون بغطاء إصلاحي رغم اعتراضات واسعة من خبراء القانون.
صحيفة "الدستور" بدورها تبنّت خطاباً رسمياً يساير أجندة النظام، فوصفت قانون الإجراءات الجنائية بأنه "ترجمة واقعية لضبط منظومة العدالة"[10]، وروّجت لتعديلات قانون الجريمة الإلكترونية باعتبارها وسيلة للحفاظ على "قيم المجتمع"[11]، بينما عنونت تقاريرها حول الكيانات الإرهابية بعبارات عن "التوافق البرلماني"[12]، وكأن البرلمان لم يكن سوى غرفة تصديق على ما يقدمه النظام.
أما "الوطن" فقد ساهمت في تبرير قانون الخدمة المدنية وتعديلات قانون الإيجارات القديمة، عبر تصريحات لوزراء ومسؤولين، أبرزها ما ورد على لسان وزير الشؤون النيابية بأن "إجازات الوضع للعاملات تتسق مع البنية التشريعية للقانون"[13]، وكأن القانون إنجاز اجتماعي لا انتقاص من الحقوق.
وفي السياق ذاته، عنونت "صدى البلد" تقاريرها بعبارات مثل: "ثورة تشريعية في عهد السيسي.. البرلمان يفتش في القوانين الشائكة"[14] و"15 مليار جنيه عائد متوقع بعد تصديق السيسي على قانون الإيجار القديم"[15]، ما يكشف عن تحوّل الصحف إلى منصات ترويج اقتصادي وسياسي لخيارات السلطة، لا أدوات مساءلة أو كشف.
ولم يتوقف الأمر عند الصحف، بل تجاوزه إلى شاشات الفضائيات، حيث لعب الإعلاميون المقرّبون من النظام دور "بهلوانات التشريع"، متنقلين بين مدح القوانين وتزيينها للجمهور. ففي برنامجه "الحكاية" على قناة MBC مصر، بتاريخ 30 مارس 2019، أشاد عمرو أديب بقانون الخدمة المدنية ورفع الحد الأدنى للأجور[16]، متجاهلاً ما رافق القانون من تقييد لحقوق العاملين وتوسيع صلاحيات الإدارة على حساب الموظفين.
وعلى النهج نفسه، خرج أحمد موسى في برنامجه "على مسئوليتي" على فضائية صدى البلد، بتاريخ 10 مارس 2024، ليصف مشروع قانون الإجراءات الجنائية بأنه "نقلة للدولة المصرية"[17]، رغم ما كشف عنه خبراء القانون من انتهاك لحق التقاضي وتوسيع غير مسبوق للحبس الاحتياطي.
أما نشأت الديهي، فقد قدّم نموذجاً آخر لهذا الدور التبريري، إذ دافع في برنامجه "بالورقة والقلم" على قناة TeN، بتاريخ 1 يوليو 2025، عن تعديلات قانون الإيجار القديم قائلاً: "إن الدولة اقتحمت عشاً مليئاً بالصعوبات والمخاطر" وإن الحل الذي تم التوصل إليه "لا يضر أحداً"[18]، في وقت كانت فيه آلاف الأسر مهددة بالطرد والتشريد.
وفي السياق نفسه، خرج محمد الباز في برنامجه "90 دقيقة" على فضائية المحور بتاريخ 27 يناير 2020، ليؤكد أن تعديل قانون الكيانات الإرهابية حمى مصر من "خطر الإرهابيين"، معتبراً أن القانون يضع تحت طائلته حتى من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد الدولة[19]، في تأكيد على تحوّل الإعلام إلى شريك مباشر في تبرير القمع وإضفاء الشرعية عليه.
بهذا الشكل، لم يعد الإعلام المصري مجرد ناقل للأخبار أو حتى مروّج لسياسات الدولة، بل تحوّل إلى أداة ضغط ناعمة، تسعى إلى إعادة تشكيل وعي الجماهير بما يتناسب مع أهداف النظام، وإلى تزيين القوانين المعيبة وتحويلها إلى إنجازات مزعومة، في واحدة من أخطر صور التلاعب بالوعي العام في تاريخ البلاد الحديث.
والخلاصة من كل ما سبق أن الإعلام المصري، بكل وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية، كان الظهير الأبرز للنظام ومؤسساته التشريعية في تمرير هذا الكم من القوانين الفاسدة والمستبدة، فقد ساهمت المنصات الإعلامية في الترويج لهذه التشريعات، مسلطة الضوء على ما وُصف بأنه إيجابياتها، بينما تغافلت عمداً عن إبراز سلبياتها الجسيمة التي حوّلتها إلى سيف مسلط على رقاب المصريين، يحد من حقوقهم وحرياتهم.
لقد اعتمدت السردية الإعلامية في تبرير هذه القوانين، على مدار العقد الماضي، على ثلاثية متكررة: التمهيد للتشريع القانوني عبر التأكيد على ضرورته، ثم إبراز النقاشات اليومية حوله بما يضخم من مزاياه ويهمل عيوبه، وأخيراً الترويج له بعد صدوره ومهاجمة كل من يجرؤ على انتقاده.
وهكذا تحولت وسائل الإعلام إلى أداة لإعادة تدوير خطاب السلطة بدلاً من مساءلته أو تقديم بدائل موضوعية له، كما فتحت أبوابها للمحسوبين على النظام وحدهم، ليقودوا حملة إقناع الرأي العام بقبول هذه القوانين، بينما اختفت الأصوات المعارضة والمستقلة من المشهد تماماً.
ولم يقتصر الأمر على التجاهل، بل إن بعض الوسائل سخّرت أدواتها لمهاجمة المنتقدين والرد على الاعتراضات الحقوقية والسياسية، بما يتناقض مع أبسط معايير المهنية الإعلامية.
وعلى مدار عقد كامل، انصبت المعالجات الصحفية والإعلامية على تكرار مقولة إن القوانين المستحدثة ضرورية لحماية الدولة من الأعداء والإرهابيين، وضمان الأمن القومي وحماية المواطنين، في محاولة لإضفاء غطاء وطني على تشريعات قمعية في جوهرها.
والمفارقة أن الإعلام، وهو أكثر المتضررين من القوانين المقيدة للحريات مثل قانون الكيانات الإرهابية وقانون الجريمة الإلكترونية وقانون المجلس الأعلى للإعلام، وقد عجز عن فضحها أو التصدي لها، وبدلاً من ذلك ساهم في تمريرها.
وظهر بوضوح أثر التوجيهات السيادية في كل هذه المعالجات، حيث تشابهت العناوين والنصوص الصحفية، وتطابقت مواقف الفضائيات، وتزامن توقيت الحملات الإعلامية الداعمة لهذه القوانين.
وكان من اللافت أن تعتمد تلك التغطيات على "شماعة الإخوان" في التمهيد لمعظم القوانين المتعلقة بالحريات العامة، بزعم أنها ضرورة لمواجهة خطر الجماعة وحماية الوطن، ليبقى الإعلام المصري في موقع الشريك في إنتاج خطاب التبرير، لا الحارس على مصالح المجتمع وحقوق مواطنيه.
المفقود في المعالجات الإعلامية
المفقود في معالجات الصحف والفضائيات لملف التشريعات في مصر أنّ الدور المهني للصحافة، المتمثل في التصدي للتشريعات المعيبة وممارسة الرقابة عليها، قد غاب تماماً خلال السنوات الأخيرة.
فمن المفترض أن يقوم الإعلام بفتح ملفات القوانين المقترحة وتحليلها بعمق، وكشف الثغرات القانونية التي تنطوي عليها، وإظهار انعكاساتها غير العادلة على المجتمع. وكان واجب الصحافة أن تسهم في نشر الوعي بين المواطنين حول هذه التشريعات وتأثيراتها المحتملة، عبر تبسيط المفاهيم القانونية المعقدة وتمكين الناس من تكوين مواقف مستنيرة، إلا أن هذا الدور تلاشى بالكامل، تاركاً الساحة لخطاب دعائي أحادي يروّج لرؤية النظام فقط.
لقد كان من المنتظر أن تضغط الصحافة المصرية على الحكومة في ملف التشريعات، من خلال نشر مقالات نقدية وتحقيقات معمقة، وصولاً إلى إطلاق حملات إعلامية أو استضافة خبراء وقادة رأي يعرضون بدائل وحلولاً، لكن هذا المسار اختفى من حسابات المؤسسات الصحفية التي باتت تعمل تحت سيف الرقابة المباشرة، فيما دفعت الرقابة الذاتية كثيراً من الصحفيين إلى التزام الصمت أو تبنّي خطاب السلطة خشية العقاب أو الإقصاء.
ومع اختفاء النقد الموضوعي المستند إلى الأدلة، فشل الإعلام في تقديم رؤية بديلة أو مقترحات عملية لتحسين التشريعات وتحقيق التوازن بين مصالح الدولة وحقوق المواطنين.
كما حُرم الجمهور من حقه في المشاركة في النقاش العام حول هذه القوانين، بعد تغييب الفعاليات الإعلامية التي تُعطي مساحة للحوار، مثل البرامج الحوارية الجادة أو المقالات التحليلية أو المناظرات المتلفزة.
ونتيجة لذلك، تقلّصت فرص المواطنين في اتخاذ مواقف فاعلة ضد هذه التشريعات التي مست حياتهم بشكل مباشر.
لقد استسلم قطاع واسع من الصحفيين المصريين للقيود الحكومية، سواء من خلال القوانين التي كبّلت حرية الصحافة أو عبر التهديد المباشر بالعقوبات، وهو ما أفقد الصحافة دورها الرقابي الحيوي.
وفي ظل هذا الوضع المأزوم، لم يعد هناك أمل حقيقي سوى في بقاء الصحافة المستقلة التي تمثل عنصراً حاسماً في مواجهة التشريعات المعيبة، فهي وحدها القادرة، رغم ما تواجهه من ضغوط سياسية وأمنية خانقة، على توعية المجتمع وممارسة الرقابة وتقديم بدائل موضوعية تحافظ على حقوق المواطنين وتصون الحد الأدنى من المهنية الصحفية.
المصادر:
[1] "قوانين السيسي.. محاصرة المعارضة وتقنين الفساد" ، الجزيرة نت ، 16 يونيو 2016 ، https://goo.su/ripSm
[2] "منظمة حقوقية: مصر تعيش فوضى قوانين استثنائية في عهد السيسي" ، القدس العربي ، 11 مايو 2020، https://linksshortcut.com/OgQBt
[3] برنامج "شات. جي .بي .تي " للذكاء الاصطناعي بتصرف
[4] "ضوابط التظاهر باللائحة التنفيذية للقانون تحمى مصر " ، الأهرام العدد 46435، 24 يناير 2014 ، https://linksshortcut.com/sqYgT
[5] "الرئيس السيسي يصدق على تعديل قانون مكافحة الإرهاب لانقاذ مصر " ، الأهرام ، 11نوفمبر2021 ، https://goo.su/mHmETeo
[6] " قانون الإجراءات الجنائية الجديد علامة فارقة في مسار تطوير المنظومة القضائية المصرية" ، الأهرام ، 26فبراير2025 ، https://gate.ahram.org.eg/News/5104895.aspx
[7] "الحكومة تقر تنفيذ قانون الإرهاب على كل من ينضم لجماعة الإخوان" ، اليوم السابع ، 10 أبريل 2014 ، https://linksshortcut.com/OjvRG
[8] " 26تعريفا هاما فى قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية تحميك من فخ الجريمة" ، اليوم السابع ، 14 ديسمبر 2024 ، https://linksshortcut.com/gxXBa
[9] "ميلاد قانون الإجراءات الجنائية بعد 75 عاما علامة فارقة فى إرساء دعائم دولة القانون.. "اليوم السابع" يرصد شهادة رئيس مجلس النواب ووزيرا العدل والشئون النيابية والقضاء الأعلى والنيابة ونقيب المحامين" ، اليوم لسابع ، 01 مايو 2025 ، https://linksshortcut.com/DMqxr
[10] "النائب أحمد محسن: مشروع قانون الإجراءات الجنائية ترجمة واقعية لضبط منظومة العدالة" ، الدستور ،5مايو 2025 ، https://www.dostor.org/5057765
[11] "تعديلات على قانون الجريمة الإلكترونية للحفاظ على قيم المجتمع" ، الدستور ، 13 نوفمبر2024 ، https://www.dostor.org/4864653
[12] "توافق بالبرلمان حول تعديلات قانون الكيانات الإرهابية " ، الدستور ، 10 فبراير 2020 ، https://www.dostor.org/2997445
[13] "وزير الشؤون النيابية: إجازات الوضع للعاملات تتسق مع البنية التشريعية لقانون الخدمة المدنية" ، الوطن ، 10 مارس 2025 ، https://linksshortcut.com/OFzjw
[14] "ثورة تشريعية في عهد السيسي .. البرلمان يفتش في القوانين الشائكة" ، صدى البلد، 31 مارس 2024 ، https://www.elbalad.news/6158610
[15] "15 مليار جنيه عائد متوقع بعد تصديق السيسي على قانون الإيجار القديم" ، صدى البلد ، 8أغسطس 2025 ، https://www.elbalad.news/6659983
[16] "عمرو أديب: السيسي انحاز للبسطاء اليوم.. وجبر بخواطر الموظفين" ، الوطن ، 30 مارس 2019 ، https://linksshortcut.com/uDHQG
[17] "أحمد موسى: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيكون نقلة للدولة" ، صدى البلد، 10 مارس 2024 ، https://www.elbalad.news/6136793
[18] "الديهي: مواجهة ملف الإيجار القديم تتطلب شجاعة وحكمة للحفاظ على حقوق الجميع" ، موقع نيوز روم، 1 يوليو 2025 ، https://newsroom.info/97052
[19] "محمد الباز يكشف تفاصيل تعديلات قانون الكيانات الإرهابية" ، الدستور ، 27 يناير 2020 ، الدستور ، https://www.dostor.org/2983715