الإعدامات فى مصر بين دموية النظام والدعم الدولي
الأحد - 8 مايو 2022
- تنفذ سلطة الانقلاب أحكام الإعدام كنوع من الانتقام السياسى من خصومها
- القتل بالإهمال الطبي والتصفية المباشرة يدخل ضمن منهجية التخلص من المعارضين
- إعدام المعارضين يتم بناء على اعترافات قسرية تحت التعذيب دون وجود أي أدلة
- باحثة حقوقية: مصر تتصدر أفريقيا في إصدار وتطبيق الإعدام والحرمان التعسفي من الحياة
- الجنائية الدولية رفضت التحقيق في جرائم النظام لعدم مصادقة مصر على معاهدة روما
- "قضاة الإعدامات" هم أداة النظام وعصاه الغليظة لإسكات صوت المعارضة
إنسان للإعلام - خاص
منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب الدكتور "محمد مرسى"- رحمه الله- والنظام الانقلابى في مصر يمارس أبشع أنواع الانتقام من كل المعارضين للانقلاب، حتى من وقف منهم فى صفه ودعمه للتخلص من حكم الإخوان، على حد زعمهم.
تنفذ سلطة الانقلاب أحكام الإعدام كنوع من الانتقام السياسى من خصومها دون حصول الضحايا على محاكمات عادلة.
وقد وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مذبحة رابعة، أنها أكبر عملية قتل متظاهرين في العالم في يوم واحد في التاريخ الحديث.
وعادة ماتقوم الأنظمة الانقلابية، باتخاذ عدة إجراءات معروفة، وهى تعطيل الدستور، وتعيين حكومة عسكرية، والإعلان عن انتخابات جديدة، بعدة فترة انتقالية قد تطول أو تقصر، ولكن النظام الانقلابى الدموى فى مصر شذ عن هذه القاعدة، فبدأ بالإعدامات الجماعية والقتل خارج إطار القانون، من خلال المجازر فى رابعة والنهضة، والقتل المباشر في الشوارع، ثم إعدام العشرات بأحكام مسيسة وقتل آخرين فى السجون والمعتقلات بالتعذيب الممنهج والإهمال الطبي.
وهو مادفع المنظمات الحقوقية، إلى إصداربيانات إدانة، للمطالبة بوقف الانتهاكات والإفراج عن المعتقلين، لكن كل هذه المطالبات تتحطم على صخرة الدعم الأمريكي والأوروبي والخليجي للنظام الانقلابى.
ورغم أن منظمات حقوقية دعت الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على أوضاع حقوق الإنسان في دولة الانقلاب الدموي، والتحقيق في جرائم القتل خارج نطاق القانون، أو الإجراءات القضائية التي تفضي لصدور أحكام إعدام وفق إجراءات موجزة أو تعسفية، ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم ومنع إفلاتهم من العقاب، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن.
الكارثة أن إعدام المعارضين يتم بناء على اعترافات قسرية صوّرتها وزارة الداخلية أو المخابرات الحربية دون وجود أي أدلة أخرى، رغم نفي جميع المتهمين هذه الاعترافات خلال جلسات محاكمتهم، وتأكيدهم أنها انتزعت منهم تحت التعذيب.
والأمر اللافت أن المجتمع الدولي يعرف الانتهاكات التي تقع في مصر، لكنه يتغاضى عنها لأن النظام الانقلابى اشترى شرعيته من خلال صفقات أسلحة، أومن خلال ترهيب الدول الغربية بفتح باب الهجرة غير الشرعية على مصراعيه لأوروبا، كما قدم نفسه باعتباره أنه صمام الأمان ضد الإرهاب والإرهابيين، وهذه أسطورة يروجها لبقاء الدعم الدولي .
المحاكم واللجان الإفريقية
قام حزب الحرية والعدالة، ممثلًا عن جماعة الإخوان بعد الانقلاب العسكرى عام 2013، بتقديم العديد من الشكاوى والطلبات الى المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان فى أروشا بتنزانيا، لتحريك دعوى جنائية ضد المسئولين فى مصرعن المذابح التى وقعت بحق المعارضين، والتى ترتقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وكان مصير هذه الشكاوى الرفض من المحكمة، لأن مصر لم تصدق على بروتوكول المحكمة، الذى بموجبه يقوم أفراد أو منظمات برفع دعاوى ضد السلطات فى مصر.
كما تم تقديم عدد من الشكاوى عن انتهاكات النظام الانقلابى أمام اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فى مدينة "بنجول" بجامبيا، ففي يوليو 2014، اعتمدت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان قرارين أدانت فيهما انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
وقالت اللجنة فى القرار رقم 287: "تعرب اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عن قلقها الجسيم إزاء التدهور الخطير والسريع في حالة حقوق الإنسان في مصر منذ انتفاضة 2011، لاسيما الاحتجازالتعسفي، وأعمال التعذيب والمعاملة السيئة في أماكن الاعتقال، والانتهاكات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، والعنف الجنسي ضد النساء، وانتهاكات الحق في حرية التعبير، والحق في حرية تكوين الجمعيات، والحق في التجمع، وعقوبات الإعدام".
وفى القرار رقم 288، أدانت اللجنة تحديداً: "العنف الجنسي المتواصل والمتفشي، وأشكال العنف الأخرى ضد المرأة بشكل عام والسيدات اللائي يمارسن حقهن في التظاهر على وجه التحديد" ويدعو السلطات إلى ضمان مثول الجناة أمام العدالة، وكفالة حق الجبر والتعويض للضحايا.
ولكن النظام الانقلابى استفاد من عدم التصديق على برتوكول المحكمة الإفريقية، مما يجعل المحكمة ترفض أى دعوى ترفع ضد مصر من الأفراد أو الهيئات.
كما أنه ضرب بكل قرارات اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان عرض الحائط، ولم ينفذ أي منها.
النظام يمارس البلطجة
ذكرت منظمة "المحامون الدوليون" تعرض عدد من الحقوقيين للتخويف والملاحقة من قبل رجال الأمن المصري واختفاء أوراقهم من الغرف، خلال اجتماع اللجنة الأفريقية الذى أقيم بمدينة شرم الشيخ المصرية في أبريل 2019، بالإضافة إلى عرقلة أنشطة بعض المشاركين في أثناء انعقاد الاجتماع.
وكان المقرر الأممي للمدافعين عن حقوق الإنسان، ميشيل فروست، قد كشف عن بعض تلك التضييقات التي قال إنه شاهد بنفسه بعضها، واستلم شكاوى من ستين مدافعا عن حقوق الإنسان بخصوصها.
وقالت الباحثة في منظمة "المحامون الدوليون"، داليا لطفي، في مداخلة أمام اللجنة الإفريقية:إنه "لا يمكن تحقيق السلام والأمن والتنمية إلا باحترام حقوق الإنسان دون تمييز، وتمكين الناس من التعبيرعن رأيهم دون خوف من التبعات، وخلق فضاء ليمارس الجميع فيه حقه في التجمع، وفي تكوين الجمعيات، والتعبير عن الرأي، وهذا لا يتوفر في مصر؛ حيث تتعرض منظمات المجتمع المدني للقمع الممنهج، ولا يستطيع الناس التعبيرعن آرائهم السياسية، ولا يستطيع الصحافيون القيام بعملهم".
وأعربت عن أسفها لكون"مصر تتصدر دول القارة الأفريقية في إصدار وتطبيق عقوبة الإعدام، كما شهدت مستوى غير مسبوق من حالات الحرمان التعسفي من الحياة، سواء بإعدامات بعد محاكمات جائرة، أو حرمان متعمد للمسجون السياسي من الحق في العلاج والرعاية الطبية، ورفض تحسين ظروف الاحتجاز المزرية، وهي ممارسات ممنهجة في عموم البلاد".
وأشارت إلى "وفاة أكثر من 800 سجين في مصر خلال السنوات الماضية، وفقا لمنظمات حقوقية محلية، كما أنه لم يتم فتح أي تحقيق من السلطات، ولا توجد شفافية في إعلان عدد السجناء الذين يموتون في السجون، ولا ظروف وأسباب وفاتهم، وشجع عدم التحقيق مع المسؤولين عن السجناء من قبل الجهات القضائية على انتهاك الحق في الحياة".
نحو الجنائية الدولية
عندما شعرت جماعة "الإخوان المسلمون" بأن المنظمات والمحاكم الإفريقية ضعيفة، ولايمكنها إلزام النظام الانقلابى بتنفيذ القرارات والأحكام الصادرة عنها، تم اللجوء إلى الجنائية الدولية ولكن المحكمة الجنائية الدولية رفضت شكوى تقدم بها حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بغرض فتح تحقيق في جرائم ضد الإنسانية.
وقالت المحكمة في بيان لها إنها رفضت "عريضة تهدف إلى قبول أهلية المحكمة الجنائية الدولية للنظر في قضايا مصر".
وأوضحت المحكمة أن الشكوى التي تقدم بها حزب الحرية والعدالة لم يتم تقديمها باسم "الدولة المعنية" أي جمهورية مصر العربية، وبالتالي لا يمكن قبولها، لأن مصر لم تصادق على معاهدة روما التي نصت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن فتح تحقيق بدون تقديم طلب من جهة رسمية لا يمكن أن يمر إلا عبر مجلس الأمن الدولي.
وكشف الفريق الدولي، عن أن "كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية أقروا - أثناء اجتماعهم مع الفريق القانوني - بوقوع جرائم خطيرة في مصر منذ الانقلاب واعتبروا هذه الجرائم مشابهة لتلك التي جرى ارتكابها في سوريا".
أحكام إعدام بالجملة
ومنذ الانقلاب العسكرى الدموى فى 2013 ، أصدرت عدة محاكم مصرية عشرات الأحكام جائرة بالإعدام بتهم ملفقة ومحاكمات هزلية وصورية، فقد شهدت منظمات حقوقية أن عشرات ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم بعد استنفاذ جميع إجراءات التقاضي، لتصبح أحكام الإعدام الصادرة بحقهم واجبة التنفيذ.
وقد صدرت هذه الأحكام ، بعد تعرض المعتقلين جميعا لمختلف أنواع الانتهاكات، بداية من الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري لفترات متفاوتة في أماكن احتجاز سرية تعرضوا فيها لشتى أنواع التعذيب، مرورا بانتزاع الاعترافات تحت وطأة التعذيب، والتحقيق مع كثير منهم بدون حضور محام، ومحاكمة بعضهم أمام محاكم عسكرية وآخرين أمام دوائر الإرهاب، وصولا إلى أحكام الإعدام العشوائية التي صدرت بحقهم في قضايا سياسية وصفتها مئات التقارير الحقوقية من منظمات محلية ودولية بالمحاكمات غير العادلة، والتي لم تتوفر فيها أدنى معايير المحاكمات العادلة.
وفي شهادة لأحد الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام، وهو "محمود الأحمدي، روى خلال إحدى جلسات محاكمته الانتهاكات التي تعرض لها أثناء التحقيقات، وكيف استخدموا معه الصعق بالكهرباء، وانتزعت منه اعترافات ملفقة بالإكراه.
"إدّيني صاعق كهربا، وأنا أخلّي أي واحد من اللي واقفين هنا يعترف إنه هو اللي قتل السادات، وفيديوهات الاعتراف تمت كلها نتيجة الإكراه والتعذيب"، بهذه الكلمات واجه الشاب محمود الأحمدي قاضي الإعدامات حسن فريد خلال محاكمته في قضية "اغتيال النائب العام، ورغم ذلك تجاهل القاضي كلامه ووافق على تنفيذ الإعدام الذي جرى بالفعل بحق 9 من شباب مصر دون دليل.
الأمم المتحدة تكتفي بالقلق
أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من الإعدامات التي تنفيذ في مصر، فيما طالبت ألمانيا السلطات المصرية بتعليق الإعدامات.
لكن المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة روبرت كولفيل قال إنّ هناك سببا قوياً للقلق من عدم اتباع السلطات المصرية الإجراءات القانونية اللائقة وضمانها محاكمات عادلة للشبان التسعة الذين أُعدموا قبل أيام.
وأشار كولفيل إلى ثبوت أنّ التعذيب أصبح ممارسة راسخة ومتفشية في مصر، مستشهدا بنتائج ِ تحقيق أجرته الأمم المتحدة عام 2017.
وفي ألمانيا قال مسؤول إن الحكومة تطالب مصر بتعليق عقوبة الإعدام على الفور ووقف عمليات الإعدام بشكل عام.
وعبّر المسؤول الألماني عن قلق حكومته من أحكام الإعدام التي حصلت قائلا إنها ترفضها تحت أي ظرف.
وأضاف أن الحكومة الألمانية ستواصل إثارة قضية الإعدامات في محادثاتها مع الحكومة المصرية، وهي على اتصال دائم مع منظمات حقوق الإنسان الدولية.
"الإفتاء المصرية" تبارك الإعدام
هاجمت دار الإفتاء المصرية جماعة الإخوان المسلمين بعد يوم من تنفيذ حكم الإعدام بحق تسعة معتقلين أدينوا باغتيال النائب العام الأسبق هشام بركات.
وعبر صفحتها الرسمية على موقع "تويتر"، نشرت دار الإفتاء مجموعة من التغريدات، قالت فيها إن "جماعة الإخوان الإرهابية خوارج العصر أعداء مصر، نشروا الدمار والخراب باسم إقامة الدين، ولم يقدموا عبر تاريخهم أي منجز حضاري يخدم وطنهم أو دينهم، اللهم إلا الشعارات الجوفاء والخطب الرنانة".
وإمعانا في التضليل، قالت دار الإفتاء "إن ما تقوم به مؤسسات الدولة وجيشها وشرطتها من مقاومةٍ للجماعات الإرهابية يعدُّ من أعلى أنواع الجهاد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بتتبع جماعات التطرف، وأجمع العلماء على وجوب قتالهم. و"لن تهزِم جماعةٌ ضالةٌ غارقةٌ في الأوهام وطنًا عريقًا كمصر"
وهكذا حرضت دار الإفتاء على استباحة دماء جماعة الإخوان المسلمين باعتبارهم خواج وأن "قتلهم من أوجب الواجبات"، وأنه من أعلى درجات الجهاد، سواء كان بالتصفية والقتل خارج إطار القانون، أو الإعدام فى محاكمات باطلة، أوتجويعهم وقتلهم بالبطيئ فى غياهب السجون والمعتقلات!.
المتاجرة بمقتل النائب العام
بعد اغتيال النائب العام هشام بركات تخبطت الداخلية المصرية ووزعت الاتهامات دون أن تقدم دليلاً واحد على صحة رواياتها المتضاربة، ففى البداية وجه وزيرداخلية الانقلاب التهمة للإخوان وحماس بالتورط في اغتيال المستشار هشام بركات.
روايات داخلية الانقلاب تعددت ووصل عددها إلى خمس روايات مختلفة.
الرواية الأولى:
أعلنت السلطات المصرية القبض على شاب يُدعى محمود العدوي واعترافه بارتكاب الجريمة.
الرواية الثانية:
أعلنت داخلية الانقلاب بعد يومين فقط من اغتيال النائب العام، تصفية 13 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في شقة سكنية في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة.
وزعمت داخلية الانقلاب تورطهم في قتل النائب العام. ونشرت صحيفة الأهرام في اليوم التالي خبرا تحت عنوان "خططوا لاغتيال النائب العام.. مصرع 9 بينهم قيادي بالتنظيم الدولي للإخوان"
الرواية الثالثة:
أعلنت مصادر أمنية بارزة أن هشام عشماوي -ضابط الجيش السابق المفصول- هو العقل المُدبر الرئيسي الذي خطط لعملية اغتيال النائب العام.
الرواية الرابعة:
أعلنت الداخلية فى بيان تصفية ثلاثة أشخاص بمنطقة حدائق المعادي جنوبي القاهرة، حيث أعلنت مسؤولياتهم عن ارتكاب الجريمة.
واتهم بيان وزارة الداخلية هؤلاء الأفراد بانتمائهم لجماعة "أجناد مصر" الجهادية، وأنهم وراء اغتيال النائب العام السابق، وتفجير السفارة الإيطالية بالقاهرة، والتجهيز لعمليات أخرى بوسط القاهرة.
الرواية الخامسة:
كشفت وكالة الأنباء الرسمية المصرية أن النيابة العامة حبست 6 أشخاص قالت إنهم منتمون لجماعة الإخوان على ذمة قضية اغتيال النائب العام، دون اتهام لحركة حماس.
وبعدها بساعتين قال وزير الداخلية مجدي عبد الغفار إن حركة حماس قامت "بتدريب ومتابعة عناصر إخوانية شاركت في تنفيذ عملية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات"، وأن "حماس اضطلعت بدور كبير جدا في مخطط اغتيال النائب العام ، وأنه تم ضبط جميع العناصرالتي شاركت في اغتيال النائب العام وعددهم 14 عنصرا.
وكل هذا التضارب والكذب والتلفيق بالرغم من وجود علامات استفهام بأن الرجل تم الخلاص منه، لحاجة فى نفس نظام الانقلاب.
وأبرزهذه العلامات، الفيديو المتداول بعد عملية الاغتيال يُظهر المستشار هشام بركات وهو على قيد الحياة ومستلق على الأرض بعيدا عن مكان انفجار الموكب، وملابسه غير مضرجة بالدماء بشكل كامل.
كما أن صحيفة مصرية نقلت ،عن أحد شهود العيان قوله "أنزلتُ المستشار هشام بركات من السيارة وأجلسته أسفل شجرة، وأحضرت له ماء في محاولة لالتقاط أنفاسه وتهدئته، وشاهدت إصابته بجرح نافذ بالوجه وقطع باليد اليمنى ونزيف حاد بالأنف".
كما أن المتحدث باسم وزارة صحة الانقلاب، قال فى مقابلة
صحفية: إن المستشار هشام بركات دخل مستشفى "النزهة" على قدميه، وأن التشخيص الأول للحالة كان قطعا في الأنف وكسرا في الساق اليُمنى. وتابع أن "النائب العام لم يُصب بأي شظية من القنبلة، ولكن النزيف الذي أدى إلى وفاته ناجم عن ضغط انفجار القنبلة".
كما أن النيابة العامة، لم تكن محايدة ولا تتعامل بمهنية، وتحولت لأداة من أدوات القمع التي يستخدمها النظام الانقلابى.
و بعدها استقبل قائد الانقلاب قادة أوربا الذين حضروا بقضهم وقضيضهم فى منتجع شرم الشيخ، عقب إعدام تسعة شباب فى قضية النائب العام بعد انتزاع الاعترافات منهم من خلال التعذيب والتهديد باغتصاب أمهاتهم وأخواتهم، إنه الغرب الأوربى المنافق الذى لايعنيه سوى مصالحه، فى حماية الكيان الصهيونى ، وأن يقوم قائد الانقلاب بدور كلب الحراسة لسواحل المتوسط الجنوبية لمنع الهجرة غير الشرعية ، فضلاً عن صفقات السلاح التى يشتريها النظام، لشراء صمت القادة الأوربيين.
قضية عرب شركس
في 15 مايو 2015 كانت فاجعة قضية إعدام "عرب شركس"، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام في حق ستة من الشباب، وقد أثبتت التحريات المدنية أن الحيثيات التي استند عليها القضاء في تنفيذ الحكم، هي أحكام ملفقة وتعتمد على تقارير ضباط الأمن.
كما أن هيئة المحكمة تجاهلت أقوال الشهود وأوراق المحامين التي تؤكد أن ثلاثة من المتهمين اعتقلوا قبل وقوع الجرائم المنسوبة إليهم بمدد تتراوح بين ثلاثة أيام وأربعة أشهر.
وبالرغم من أن "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" طالبت الحكومة المصرية بوقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضد المدنيين المتهمين، بناء على أحكام صادرة من محكمة عسكرية لم تتوفر فيها أدنى ضمانات المحاكمة العادلة، فإن المحكمة العسكرية أصدرت أحكاما بالإعدام في ربيع 2015، وتم تنفيذ الحكم في السنة نفسها، وبعد استئناف الحكم تم رفضه، وفي اليوم التالي للاستئناف مباشرة تم تنفيذ الحكم بالإعدام.
والأغرب في كل ما سبق، فقد تبين للمحكمة بما لا يدع مجالا للشك بعد أقل من أسبوع، براءة الشباب الستة من التهم المنسوبة إليهم، وأن حكم الإعدام الذي نفذ في حقهم كان باطلا.
وكان من المفترض أن يقف العالم كله من أجل هذه المهزلة، وأن يحال قضاة العسكر للإعدام عقوبة لهم،على إزهاق أرواح الأبرياء وكذلك ضباط الأمن الوطنى وشهود الزور، وكل من شارك فى هذه المذبحة، ولو بشطر كلمة، ولكن شيئا من هذا لم يحدث.
قضاة الإعدامات
يقول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ. رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وقضاة الإعدامات فى مصر عرفوا الحق وحكموا بغيره إرضاء للطاغية، فباعوا دينهم بدنيا غيرهم.
"قضاة الإعدامات" هم أداة لنظام وعصاه الغليظة لإسكات صوت المعارضة، وترهيب كل من تسول له نفسه الوقوف في وجه النظام بإصدار أحكام الإعدام والمؤبد فى محاكمات صورية هزلية، مع الصمت المطبق عن انتهاكات النظام وجرائم الشرطة فى حق الشعب.
وهناك مجموعة من قضاة الإعدامات، الذين اشتهروا بإصدار أحكام الإعدام بالجملة، على مئات المعتقلين فى دقائق معدودات ومن أبرز هؤلاء القضاة:
- محمد ناجي شحاتة
أصدر ناجى شحاته بمفرده أكثر من 263 حكمًا بالإعدام بحسب تقارير إعلامية، مما جعل المتابعين يلقبونه بـ "قاضي الإعدامات في مصر".
وعرف ناجى شحاته بالتعبير عن مواقفه السياسية دون الالتزام بواجب التحفظ الذي يفرضه عمله كقاضى، واشتهر أيضا بحبه "للنظر في قضايا الإرهاب"
من أبرز القضايا التي أشرف عليها قضية "غرفة عمليات رابعة"، وقضية "خلية الماريوت" التي حوكم فيها صحفيو الجزيرة.
وقد اشتهر هذا القاضى بكونه القاضي الذي حكم بإعدام 183 متهمًا، وأعطى 230 مؤبدًا في 48 ساعة.
- شعبان الشامي
شعبان الشامى، الذى نال شهرة واسعة، بعد إصداره أحكاما بإعدام المئات من معارضي الانقلاب من بينهم الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اقتحام السجون"، إلى جانب خمسة آخرين حضوريا، و94 غيابيا بينهم رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السابق الدكتور يوسف القرضاوي ووزير الإعلام السابق صلاح عبد المقصود..
وتقول بعض التقارير الإعلامية ،إن الأحكام التى أصدرها تجاوزت 160 حكما.
هو الذى أصدر حكما غيابيا بإعدام 26 متهما في قضية استهداف المجرى الملاحي.
كما حكم بإعدام 16 متهما في القضية المعروفة إعلاميا بـ"التخابر"، كما أصدر حكما بالسجن المؤبد على 17 متهما في القضية نفسها.
- حسن فريد
اشتهر حسن فريد باعتباره القاضي الذي أصدر أكثر من 147 حكما بالإعدام.
وهو القاضي الذي أصدر حكم الإعدام على الشباب التسعة الذين أعدموا في قضية مقتل النائب العام السابق هشام بركات.
أصدر أحكاما بالإعدام والسجن المؤبد على مئات المعتقلين في قضية مذبحة فض اعتصام رابعة في أغسطس/آب 2013.
كما نال شهرة واسعة بموجات السخرية، التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إصداره أحكاما بإعدام متهمين بقتل النائب العام السابق هشام بركات ، وبسبب الأخطاء اللغوية الفجة التي ارتكبها وهو يقرأ حيثيات الحكم، والأخطاء الكارثية عند قراءته آيات قرآنية، حتى قال البعض أن الفم الذى ينطق بالباطل، يعجز حتماً عن النطق بقول الحق.
- سعيد صبري
أصدر القاضى سعيد صبرى مئات الأحكام بالإعدام، واشتهر بإحالته أوراق 683 شخصا للمفتي دفعة واحدة، للموافقة على إعدامهم في القضية المعروفة بمركز العدوة بالمنيا.
كما اشتهر بإصداره نحو 496 حكما بالمؤبد.
عُرف أيضا بإحالته محامين للتأديب بدعوى اعتراضهم على المحكمة، كما عرف عنه، في 2013 بتبرئته مدير أمن بني سويف وضباطا متهمين بقتل متظاهرين إبان ثورة 25 يناير 2011، بل غرّم الأهالي المقدمين للدعوى وألزمهم بدفع مصاريف القضية.
- محمد شرين فهمي
أصدر محمد شرين فهمى، أكثر من 46 حكما بالإعدام.
وكان محمد شرين فهمى، أحد الذين تم اختيارهم، لترؤس إحدى دوائر الإرهاب، وأشرف على عدد من القضايا، كان من بينها اقتحام السجون والتخابر مع قطر، وهو الذى حكم بالمؤبد على الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، وبالإعدام حضوريا على ثلاثة أشخاص، وغيابيا بحق خمسة مواطنين.
وهؤلاء القضاة الخمسة هم أبرز قضاة الإعدامات، ويوجد غيرهم كثير، من الذين قبلوا على أنفسهم أن يحكموا بإزهاق أرواح الأبرياء من خلال تلقى مكالمات هاتفية، فيما عرف على مواقع التواصل الإجتماعى "بالحكم بعد المكالمة"، بعدما كان فى السابق الحكم بعد المداولة.
خاتمة:
من خلال رصد وتتبع حالة عقوبة الإعدام، منذ الانقلاب العسكرى فى يوليو2013 ، يتضح لنا بجلاء أن النظام الانقلابى مُصِر على الاستمرار في الاعتماد على عقوبة الإعدام، من خلال قضاء مسيس وظالم ومحاكمات باطلة، وتهم ملفقة من الأجهزة الأمنية، خاصة ضد المعارضين للانقلاب العسكرى، الذين يتعرضون لانتهاكات تخل بحقوقهم المكفولة خلال فترة محاكمتهم.
© Copyright 2025. All Rights Reserved