اعتراف صهيوني يؤكد أن إضعاف السيسي ل «الإخوان» هو لصالح “إسرائيل”

الجمعة - 24 ديسمبر 2021

 

في حلقة جديدة من حلقات كشف الحقائق حول أسباب الجرائم التي ترتكب في حق جماعة الإخوان المسلمين بمصر على يد السيسي ، اعترف المؤرخ الإسرائيلي دان شيفتان، المحاضر ببرامج الدراسات الأمنية بجامعة تل أبيب، ورئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا، أن الحرب التي يقودها الجنرال  السيسي وبعض النظم العربية على جماعة الإخوان المسلمين يعزز قوة "إسرائيل" ويمنحها فرصة لضرب حركة المقاومة الإسلامية حماس وإضعافها، وقد تزامن ذلك مع استغلال "النظام المصري" تغييب الأصوات المعارضة ويرتب الأوضاع في سيناء لصالح صفقة القرن وتنفيذها على مراحل، ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد هذه الترتيبات الجديدة وأثر الاعتراف الصهيوني على الساحة السياسية .

قال المؤرخ الإسرائيلي دان شيفتان، رئيس برنامج الأمن الدولي بجامعة حيفا والمحاضر ببرامج الدراسات الأمنية بجامعة تل أبيب، أن الحرب التي يقودها الجنرال  السيسي وبعض النظم العربية على جماعة الإخوان المسلمين يعزز قوة "إسرائيل" ويمنحها فرصة لضرب حركة المقاومة الإسلامية حماس وإضعافها.

وفي مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم" يحذر المستشرق الإسرائيلي مما وصفه بـ"الهدوء الخادع" مع حركة حماس في قطاع غزة، مقرا بأن تل أبيب تعمل على تدمير قدرات حماس العسكرية وتصفية قادتها. لافتا إلى أن حماس معنية بهدوء مؤقت بهدف تعزيز قوتها استعدادا للمواجهة القادمة.

ويدلل على ذلك بأن "حماس بالتوازي مع تعزيز قوتها في غزة، تقوم بعمل في الضفة والقدس كي ترفع مستوى مكانتها كمسؤولة عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي إسرائيل (المناطق المحتلة عام 1948)، وتبني شبكة عسكرية في لبنان كي تخلق ساحات مواجهة إضافية، ربما بمشاركة حزب الله".

ويرى شيفتان أن "إسرائيل" أيضا معنية بمثل هذه التهدئة لأنها تخدمها على المستوى الإستراتيجي، ولأنها أدمنت الهدوء الخادع بغزة على المستوى العملي.  ويشرح المؤرخ الإسرائيلي أبعاد المشهد التي تمنح "إسرائيل" الفرصة لضرب حماس، أولها الحد بقدرات حماس العسكرية في الحرب الأخيرة "حارس الأسوار" في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي الأخير في مايو 2021م. وثانيها استكمال العائق البري الذي يقيد قدرات حماس في إشارة إلى السور الذي انتهت منه قوات الاحتلال على  الحدود مع غزة.

وثالثها هو عزلة  الإخوان المسلمين في مصر وعدد من بلدان المنطقة. واعتبر أن هذه الظروف الناشئة بهذه الأبعاد الثلاثة إنما تعطي تل أبيب فرصة سانحة ومريحة لقمع تعاظم قوة حماس وتصفية زعمائها في ظل حرية العمل الممنوحة لإسرائيلي إقليميا.

ويُحرض شيفتان حكومة الاحتلال على شن حرب على غزة حاليا في الوقت الذي تعاني فيه الحركة من حالة ضعف في أعقاب الحرب الأخيرة التي حدت من قدرتها، مفضلا المخاطرة بمواجهة مع حماس حاليا في ظل الضعف النسبي الذي تعاني منه في الوقت الراهن قبل تعزيز قدراتها استعدادا لمواجهة قادمة، أو دخولها مواجهة تكون فيه معززة بمواجهة شاملة مع إيران وحزب الله في ظروف يصعب فيها ـــ  إذا وقعت ــ على إسرائيل أن توجه القوة اللازمة لضرب حماس.

ولمزيد من إقناع حكومة الاحتلال على شن مواجهة مع حماس في الوقت الراهن، يشير المؤرخ الإسرائيلي إلى أن شركاء "إسرائيل" العرب كمصر والأردن لهم ــ تماما مثل إسرائيل ــ مصلحة إستراتيجية في إظهار فشل نموذج غزة؛ من أجل ردع عرب آخرين عن تبنيه، أما تعزيزه "المدني" فهو سياسة ضارة وقصيرة النظر، وبخلاف جهات معادية أخرى – السلطة الفلسطينية وسوريا – مع حماس توجد لإسرائيل "لعبة نهايتها الصفر"؛ فما هو خير لحماس شر لإسرائيل، لأنه خير للإخوان في غزة".

ويصف شيفتان التسوية بعيدة المدى بين تل أبيب وحماس بــ«الوهم الغريب»، ويرى أن الحديث عن جزيرة اصطناعية وميناء لأهالي غزة هو هذيان يعيد إلى الأذهان الفرضية  الفاشلة لشمعون بيريز في التسعينات، حيث كان يظن أن خروج "إسرائيل" من غزة سيجعل القطاع مثل "سنغافورة".

 

ويرى أن تحقيق تسوية كهذه من خلال التأهيل المدني للقطاع دون سحق حماس ومنع تعاظم قوتها سوف يشجع حماس  وغيرها ويضعف موقف المساومة الإسرائيلي مستقبلا، ومما يجعل سياسة حماس مجدية هو ضعف تل أبيب أمام التصعيد الذي تقوم به في الضفة والقدس والداخل ولبنان.

ويبدي  الكاتب رفضه لمثل هذه التسوية مع حماس؛ مشيرا إلى أنها تسمح لها يتوجيه الدولارات التي تتلقاها من قطر في تعزيز قدرتها العسكرية، بخلاف توظيف تصاريح العمل في إسرائيل للعمال الفلسطينيين، وتسهيلات في الاستيراد والتصدير وإدخال البنى التحتية، وإدخال "مواد ثنائية الاستخدام" وتشجيع المصريين على تسجيل القيود في معبر رفح، كلها عوامل تعزز من قدرة حماس.

ومع هذه المعطيات وفقا للكاتب ــ فإن تل أبيب تعزز موقف حماس في المساومة، وفي تعهدها للجماهير بإبرام صفقة تبادل وإعادة الجنود الإسرائيليين ويرى أن هذا ضار من الناحية الإستراتيجية بإسرائيل ومرفوض من الناحية الأخلاقية، ويذهب إلى أن صفقة تبادل  جديدة يخرج بموجبها أسرى فلسطينيون، "ستشجع" العمليات التي تقوم بها حماس مثلما حصل في صفقة الجندي "جلعاد شاليط" السابقة.

وينتهي الخبير الإسرائيلي إلى أن الكلفة التي ستدفعها تل أبيب نتيجة إدمانها على وهم الهدوء، ستنفجر في وجه "إسرائيل" المرة تلو الأخرى، من خلال العربدة   التي تشوش حياة الإسرائيليين في الجنوب، وفي تعطل الشرطة أمام الخاوة العربية في الشمال، وفي الخوف المبرر من استئناف الاضطرابات في المدن المختلطة (عرب ويهود)، وفي سيطرة الأسرى في السجون حيال ضعف مصلحة السجون، وفي التسامح تجاه إرهاب اليهود، وبالتسليم بالعنف الجماهيري المنظم في مجتمع الحريديم، وبالعقاب السخيف الذي يفرضه قضاة رحماء"، مما يشجع الجريمة في المجتمع الإسرائيلي". ويرى أن الحكومة الحالية عندما تخشى المواجهة فإنها تعزز العنف وتسهم في انتشاره.

ترتيبات جديدة بسيناء تشمل مطار وسكة حديد ومنطقة حرة للفلسطينيين

وفي سياق متصل ، وفي ظل تغييب كل الأصوات المعارضة بمصر وعلى رأسها جماعة الإخوان وحتى قوى اليسار، تتواصل الأعمال التي تعد تمهيدا لصفقة القرن ، وذلك لإنهاء الترتيبات اللازمة لتشغيل مطار العريش، وخط سكة الحديد الرابط بين شرق قناة السويس وغربها، وكذلك إنشاء المدينة الحرة في مدينتي رفح والشيخ زويد، والطريق الدولي الذي يخترق الصحراء، بالإضافة إلى محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء، وهي مشاريع مقامة لخدمة الفلسطينيين في قطاع غزة.

وفي التفاصيل، قال مصدر حكومي مسؤول في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إنه يجري في الوقت الحالي ترتيب الإجراءات الفنية واللوجستية لتشغيل مطار العريش، الذي سيكون مخصصاً بالدرجة الأولى لسفر الفلسطينيين من قطاع غزة إلى داخل مصر وخارجها، بعد التوسعات التي جرت للمطار خلال السنوات الماضية، ليتمكن من استيعاب عدد من الطائرات كبيرة الحجم بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المسافرين بشكل يومي.

وأضاف أنه بالتزامن مع ذلك يجري العمل على إنشاء طريق خاص للمسافرين الفلسطينيين القادمين من غزة عبر منفذ رفح البري، وهذا الطريق مغلق بجدار إسمنتي، لا يمكن للمسافرين تجاوزه للوصول إلى المطار أو إكمال الطريق إلى قناة السويس ومنها إلى المحافظات المصرية غرب القناة.

وأوضح المصدر ذاته أن هناك اهتماماً بالغاً من القيادة المصرية بالمشروعات التي تقام حالياً في مدن محافظة شمال سيناء، والتي تشمل أيضاً استكمال مدينة رفح الجديدة، وإنشاء منطقة اقتصادية حرة في محيطها، امتداداً إلى الشيخ زويد

وأشار المصدر إلى أن محطات المياه والكهرباء التي تم إنشاؤها أخيراً في مدن الشيخ زويد والعريش لم تعمل حتى اللحظة بالشكل الكامل، في انتظار قرارات عليا تسمح بعملها وإمداد السكان بحاجتهم وإيصال الفائض إلى مدينة رفح الفلسطينية.

وكان الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة قد كشف في مقابلة تلفزيونية في نهاية الشهر الماضي، نقلاً عن مسؤولين مِصريين التقاهم أثناء زيارته للقاهرة، أن القيادة المصرية تريد تحويل قطاع غزة إلى "دبي ثانية".

وأفاد بأن المرحلة المقبلة ستشهد تدفّق المِليارات لإنجاز هذا الهدف، وتطبيقه عملياً على الأرض، بالإضافة إلى تقديم تسهيلات لأبنائه بما في ذلك حرية السفر، ووقف إجراءات التفتيش المهينة على الحواجز الأمنية المصرية في معبر رفح وفي سيناء، علاوةً على المطارات المصرية.

ولفت النخالة إلى وجود قرار مصري بإقامة مدينة ترفيهية ضخمة قبالة مدينة رفح على حدود القطاع مع سيناء، تكون مفتوحة لأبناء القطاع، ولا يتطلّب دخولها أي تصاريح أو إجراءات دخول، وتحتوي على فنادق خمس نجوم، وملاه ودور سينما ومنشآت ترفيهية أخرى.

وبالتزامن مع ما سبق، سمحت قوات الجيش المصري بشكل مفاجئ لمئات المصريين المهجرين قسراً بالعودة إلى قراهم المدمرة في نطاق الشيخ زويد، فيما يجري العمل على إعادة كافة المهجرين إلى هذه المناطق، مع عدم التطرق إلى قضية المهجرين في مدينة رفح الحدودية.

ويجري العمل وفق ما أكد شهود عيان لـ"العربي الجديد" لإزالة ما تبقى من ركام المنازل في أحياء رفح المهجرة، تمهيداً لإقامة المزيد من المشروعات الاستراتيجية في ظل تهجير المصريين من تلك المناطق.

وتم توفير كسارات للحجارة والباطون وآليات هندسية ثقيلة لإتمام المهمة، فيما تعرّض جزء من هذه الآليات للحرق على يد تنظيم "ولاية سيناء" قبل أيام، بدعوى عملها في مشاريع لصالح الجيش المصري، وهو ما حذّر منه التنظيم أكثر من مرة.

وحصلت "العربي الجديد" على مشاهد لطريق دولي جديد يمتد من شاطئ البحر المتوسط مروراً بمناطق وسط سيناء، وانتهاءً بقناة السويس، على يد الأطقم الفنية التابعة للهيئة الهندسية في وزارة الدفاع المصرية.

ويحاط هذا العمل الضخم بسرية تامة، إذ يُحظر على المدنيين المرور من تلك المنطقة بشكل كامل، بالإضافة إلى إقامة جدار إسمنتي محيط بالطريق، خصوصاً في المناطق التي تمر بطرق المواطنين والطريق الرابط بين معبر رفح ومدينة شمال سيناء، بالتزامن مع استمرار أعمال إنشاء خط سكة الحديد لربط شرق القناة بغربها.

وحصلت "العربي الجديد" أيضاً على مشاهد لوضع جسر السكة الحديد لتمر من أعلى قناة السويس، ما يشير إلى وجود خطة لرفع مستوى شبكة الطرق والمواصلات في شمال سيناء خلال الفترة المقبلة.