استمرار معاناة الأهالي في زيارات سجون مصر لتصل للتحرش
الأربعاء - 2 فبراير 2022
أعلن "مركز الشهاب لحقوق الإنسان"، أن استغاثة وصلت إليه، من السيدة أمنية فوزي زوجة الصحافي المصري سيد محمد عبد اللاه، وشهرته سيد عبد اللاه، تكشف تجاوزات غير عادية أثناء تفتيشها في سجن مزرعة طرة بينما كانت بصدد زيارته.
واعتقل، سيد عبد اللاه، بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول 2019، على ذمة القضية رقم 1106 لسنة 2020 حصر أمن دولة ولا يزال محبوساً حتى الآن.
وذكرت فوزي في شكواها حجم التجاوز أثناء التفتيش وقالت "بعد انتظاري أكثر من 5 ساعات على باب السجن دخلت، فتشوا الأكل وجاء دوري في التفتيش، فدخلت الغرفة المخصصة لتفتيش السيدات ووجدت امرأة تفتش بأسلوب قذر وليس تفتيشاً طبيعياً، سبق ومررت بعمليات تفتيش كثيرة ولم أر في حياتي مثل هذا التفتيش الأخير".
وكشفت فوزي أن عملية التفتيش المزعجة لم تكن الأولى من نوعها "سبق أن صدمت واضطررت للصمت وبقيت أكثر من 4 شهور أعاني من حالة نفسية سيئة جدًا، لكن هذه المرة لم أستطع أن أتمالك أعصابي، وإحساسي بيديها على جسدي وطريقتها أخرجتني عن شعوري وأفقدتني أعصابي وانهرت".
وتابعت "عندما قلت لها هذا ليس تفتيشاً طبيعياً، ردت علي ( إنتي فاكرة نفسك جاية ملاهي ده سجن) فقلت لها: أعرف أنه سجن وهذا ليس مبرراً أن تضعي يدك على جسدي بهذه الطريقة... ثم اشتكت المفتشة لرئيس المباحث وأخبرته أنها ترفض التفتيش، وأصرت أن هذا تحرش وانتهاك، فكان رده: (هذا نحن وهكذا تفتيشنا، إما أن تقبلي أو لا تأتي للزيارة)".
وطالب "مركز الشهاب"، النائب العام المصري، بالتحقيق في واقعة الاعتداء على فوزي، وضرورة محاسبة إدارة السجن التي تسمح بمثل تلك التجاوزات.
يذكر أن سيد عبداللاه مخلى سبيله على ذمة القضية رقم 1338 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والمعروفة إعلامياً باسم قضية أحداث 20 سبتمبر/أيلول 2019، وتم تدويره على ذمة قضية جديدة بعد إخلاء سبيله في القضية الأولى.
ويواجه عبد اللاه في القضية الجديدة، اتهامات ببث وإذاعة ونشر أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام "فيسبوك"، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.
وقد اعتقل، من منزله في محافظة السويس، بسبب تصويره التظاهرات المندلعة يوم 20 سبتمبر/أيلول وتم عرضه على نيابة أمن الدولة العليا، وبتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 حققت نيابة أمن الدولة العليا مع الصحافي في القضية رقم 1106 لسنة 2020 حصر أمن دولة بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية وقررت حبسه احتياطيًا، ليستمر حبسه لما يقرب من عامين على ذمة قضيتين باتهامات معلبة.
التحرش عرض مستمر
وكثيرًا ما تحدّثت منظمات المجتمع المدني في مصر عن الاعتداء الممنهج الذي تُمارسه "منظومة العدالة" بحقّ النساء، من تعريتهن وتفتيشهنّ، إلى التحرش والاعتداءات الجنسية.
ولطالما نفى مسؤولون حكوميون هذه الاتهامات، مؤكدين أنهم يجرون عمليات تفتيش عادية يقرّها القانون، وأنه لا غنى عنها إما لخدمة التحقيق أو لمنع دخول محظورات إلى السجون.
ومؤخرا كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية للمرة الأولى،عن تصاعد ظاهرة التحرش بالسجون ، حيث تحدّثت ما لا يقّل عن اثنتي عشرة امرأة علنًا للصحيفة ، عن تعرّضهن للاعتداءات الجنسية داخل مراكز الشرطة والسجون والمستشفيات. واختارت أغلبهن التحدّث دون الكشف عن هويتهن، خوفًا من الاعتقال أو الوصم المجتمعي الذي قد ينال أُسرهن.
ولم يرد المسؤولون في وزارة الداخلية، التي تشرف على الشرطة والسجون، وفي مكتب النائب العام، على طلبات "نيويورك تايمز" بالحصول على تعليق. إلا أن الصحيفة قالت إنها استطاعت الحصول على تأكيدات من ضابط شرطة سبق له العمل لسنوات في أحد مراكز الشرطة وأحد السجون، بحصول "الانتهاكات الجنسية للنساء".
وقال الضابط، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من العقاب: إن "الانتهاك الجنسي للنساء من قبل السلطات القانونية يحدث في كل مكان"، مضيفًا أن الهدف من التفتيش ليس جمع الأدلة أو البحث عن المحظورات بل إهانة إنسانيتك".
تمّ التعامل مع هؤلاء النساء من باب أنهن تم القبض عليهن بسبب التعبير عن الرأي أو لأنهنّ توجّهن إلى السلطات للإبلاغ عن جريمة. وفي كل حالة، قالت كل منهن إنها تعرّضت للانتهاك الجنسي على يد مسؤولين يفترض أنهم مؤتمنون على حمايتهن.
ورغم أن هذه المعاملة ليست قانونية، لا تستطيع النساء عادة فعل شيء تجاهها خوفًا من النبذ والمهانة في كثير من الأحيان، بحسب "نيويورك تايمز".
وحسبما أشارت النساء، حدثت هذه الاعتداءات في أثناء عمليات تفتيش روتينية يقوم بها الشرطة أو حرّاس السجون، أو على يد أطباء مكلفين من السلطات، طُلب منهم إجراء فحوصات جسدية للنساء، من بينها ما يُعرف باسم "كشوف العذرية"، و"فحوص الشرجية".
التفتيش وسيلة للعقاب
وأفردت "نيويورك تايمز" حيّزًا واسعًا لشهادات النساء التي حملت تفاصيل "صادمة" حول طبيعة الانتهاكات التي تعرّضن لها.
ففي عام 2018، أُلقي القبض على أسماء عبد الحميد (29 عامًا)، بسبب احتجاجها على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق. ووُجهت إليها تهم المشاركة بجماعة إرهابية وتعطيل الدستور وتعطيل المواصلات العامة.
وقالت أسماء: إنها تعرّضت لعمليات تفتيش جسدي ثلاث مرات، أجبرت خلالها على التجرد من ملابسها، كما تمّت ملامستها وانتهاك خصوصيتها، إلى غير ذلك من الأمور "الصادمة". وأضافت: "تخيّلت أنني متوجّهة إلى مكان يُفترض أن ينظر إلي على أنني ضحية، لكنّ ما ارتكبه الأشخاص الذين يُفترض بهم أن يحمونا من المتحرشين، هو التحرّش بحد ذاته".
ولا تقتصر عمليات التفتيش الجسدي على المشتبه فيهن في قضايا جنائية أو على الناشطات، إذ تحدّثت امرأتان ومحامية عن امرأة ثالثة عن انتهاكات تعرضن لها على أيدي أطباء مكلفين من السلطات، بعد تقدّمهن ببلاغات عن تعرضهن لاعتداء جنسي.
وقالت إحداهن، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إنها تعرّضت للاغتصاب. وعندما أمرتها النيابة بالتوجّه إلى مصلحة الطب الشرعي، وهي الجهة المسؤولة عن الكشف الطبي في القضايا الجنائية، استجابت للأمر.
وروت تفاصيل "صادمة" عمّا تعرضت له في يوم تقول إنّه كان "صيفيًا شديد الحرارة"، لافتة إلى أنّ "الباب ظلّ مفتوحًا لدخول مزيد من العاملين الطبيين للانضمام إلى الحشد" الذي تحلّق حولها أثناء "فحصها". وتضيف أن طبيبًا آخر عاد بعد ذلك، وطلب منها أن تخلع ملابسها مرةً أخرى، لأن نتيجة "الفحص"، على حد قوله، لم تكن حاسمة.
تضمّن تقرير "نيويورك تايمز" تفاصيل كثيرة وشهادات صادمة لنساء بينهنّ صحافية قالت: إنّ أحدهم (تظنّ أنّه ضابط، كونها كانت معصوبة العينين) "تحسّس جسدها" بعيد توقيفها، وأنّها تعرّضت للفعل نفسه مرّة ثانية، عندما دخلت السجن حيث قضت قرابة العام من دون محاكمة.
وتقدّمت الصحافية بشكوى إلى سلطات السجن، لكن لم يتغيّر أي شيء حتى عام 2019 عندما تقدّمت سجينة أخرى في السجن نفسه – سجن القناطر – إلى مكتب النائب العام بشكوى تقول فيها إنها تعرضت للاعتداء الجنسي
وإثر ذلك، كُلّفت موظفة جديدة بتفتيش السجينات، حسبما أشار عدد من السجينات السابقات. وبدأ استخدام جهاز مسح، وهكذا انتفت الحاجة إلى أي اتصال جسدي. لكن ليس واضحًا ما إذا كان الإجراء الجديد يُتبّع دائمًا أم لا، بحسب الصحيفة.
وتُشير "نيويورك تايمز" إلى أن هؤلاء النسوة يصارعن مع سؤال مشترك هو: هل من أحد يريد أن يسمع منهنّ الحقيقة؟
ووصفت النسوة شعورهن بالضعف والعزلة. وتحدثن عن سعيهن لتحقيق العدالة، وسط مزيج من الأمل والإحباط، لكنهن أكدن أنهن وجدن القوة في أصواتهن.
وأسرة المعتقل المصري دومة تتهم ضابطاً بالاعتداء عليه في السجن
وفي سياق متصل وفي ظل الانتهاكات المتصاعدة بالسجون ، تقدمت أسرة الناشط المصري المعتقل أحمد دومة ببلاغ إلى النائب العام، أمس الثلاثاء، تطالب فيه بفتح تحقيق في واقعة تعرضه للضرب من قبل ضابط شرطة داخل مقر احتجازه بسجن "عنبر الزراعة" في منطقة سجون طرة، جنوبي القاهرة.
وقالت الأسرة، في البلاغ، إنها زارت دومة بتصريح استثنائي، الأحد، وإنه طلب تقديم بلاغ إلى النائب العام ضد أحد ضباط السجن لاعتدائه عليه بالضرب، موضحاً أنه "أثناء نقله إلى عيادة الأسنان في السجن، أوقفه ضابط حتى ينهي إجراءات دخوله، ثم سحبه بالقوة مع فيض من الشتائم، ما ترك علامات على يديه، وانتهت الواقعة بعد قدر من الإهانات"
وطالبت أسرة دومة النيابة العامة، وإدارة التفتيش في وزارة الداخلية، بسرعة التحقيق في الواقعة، وسؤال الضابط المعتدي، وضابط الترحيل، ورئيس ومأمور سجن عنبر الزراعة، وتفريغ كاميرات المراقبة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان أمنه وسلامته داخل محبسه.
واشتكى الناشط السياسي من الإجراءات التعسفية بحقه منذ انتقاله حديثاً إلى ما يُعرف بـ"سجن المزرعة"، ومن بينها منعه من مطالعة الصحف الحكومية، أو مشاهدة التلفزيون الرسمي، وتقليل وقت التريض، وحبسه مع مسجون آخر في زنزانة ضيقة، مطالباً باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتحسين وضعه داخل السجن.
وكانت 10 منظمات حقوقية مصرية قد طالبت بإطلاق سراح أحمد دومة في 4 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالتزامن مع دخوله عامه التاسع من الاعتقال التعسفي على خلفية نشاطه السياسي.