استشهاد الرئيس مرسي: بالأدلة.. إعلام الانقلاب شريك في الجريمة

الخميس - 2 نوفمبر 2023

 

  • التعتيم والتبرير ..أدوات استخدمتها وسائل الإعلام للتغطية على عملية قتله بالبطئ
  • تعليمات للإعلام يوم استشهاده: ممنوع كلمة "رئيس" والتركيز على تشويه سيرته
  • الرئيس ارتقى شهيدا بعدما اشتكي لقاضي الانقلاب 3 مرات من محاولات قتله بالسجن
  • منظمات حقوقية: الانتهاكات بحق الرئيس تمت بصورةٍ منهجية دون أن يُحاسب عليها أحد
  • حاولوا تجاهله وطمس اسمه في السجلات الرسمية فكرمه العالم في سجلات التاريخ
  • الشيخ محمد الصغير: الأقدار أرادت بمرسي شأنا آخر لتلهج ألسن الأحرار بالثناء عليه

 

إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:

في محاكمته بالقضية الملفقة المعروفة إعلاميا بـ"التخابر مع حركة حماس"، يوم 17 يونيو 2019، كان الرئيس محمد مرسي، يحذر رئيس المحكمة، محمد شيرين فهمي، مجددا، من أنه يتعرض للقتل داخل سجنه بطرق مختلفة بينها دس أشياء في طعامه، في حين كان القاضي لا يعيره اهتماما، حتى ارتقى الرئيس شهيدا خلال الجلسة، متأثرا بالإهمال الطبي العمدي، وربما تسميم جسده، بهدف قتله.

بدلا من محاكمة القتلة وكشف جريمتهم، تصدى الإعلام المصري الانقلابي لتبرير الجريمة والتعتيم عليها، وقبل ذلك التمهيد لها، فقبل استهاده نفوا عنه صفة "رئيس" و ذكروا اسمه مجرد ا دون لقبه المستحق، وسردوا أكاذيب تزعم خيانته لمصر وتخابره مع حماس وقطر وغيرها ووصفوه بالإرهاب ثم برروا قتله.

التلفزيون المصري الرسمي اكتفي برواية تقول إن مرسي، الذي كان يبلغ من العمر 68 عاما، طلب الكلمة من رئيس المحكمة وسمح له بها، وعقب إنهاء مرسي كلمته أصيب بنوبة قلبية توفي بعدها بشكل فوري، بينما قال قادة الإخوان، الذين كانوا في قفص داخل المحكمة بجواره: إن قضاة المحكمة وشُرطيِّيها تركوه ملقيا على الأرض نصف ساعة حتى أحضروا طبيبا، لأن الهدف كان قتله لا إنقاذه.

وبعد استشهاده، تبنت وسائل إعلام الانقلاب حملة ممنهجة ومسعورة لتشوية فترة حكم الرئيس الشهيد، بإذن ربه، محمد مرسي، بالتزامن مع فشل قائد الانقلاب السيسي في التعامل مع أي من ملفات الأمن القومي المصري، وركوعه للصهاينة وتنفيذ تعليماتهم.

إعلام الانقلاب الذي ينصح المصريين بألا ينبشوا في ماضي أي متوف من مؤيدي الانقلاب، لم يتورع عن شن حملات هجوم متدنية تتضمن كما هائلا من الأكاذيب ضد  الرئيس الشهيد، بعدما بدأ المصريون يقارنون بين خيانة السيسي وتنازله عن أمن مصر وأراضيها وسيادتها، وفشله في السياسات الخارجية، فبدأ في تشويه الحقائق وإلصاق اتهامات ملفقة بتنازلات وهمية للرئيس مرسي وهي في حقيقتها تنازلات السيسي.

مرسي: أنا في خطر!

اشتكي الرئيس محمد مرسي عدة مرات اثناء محاكمته من انه يتعرض للقتل قائلا: "أنا في خطر .. أنا باموت" ومع هذا لم تستمع له المحكمة بسبب الزجاج السميك الذي يفصل بينه وبينها ومنع الصوت، وظل يعاني الإهمال الطبي ورفض المحكمة علاجه او نقله للمستشفى، وتجاهل إعلام السلطة نشر استغاثته وسخر منها أحيانا.

في 29 نوفمبر 2017، اشتكي الرئيس مرسي للمحكمة الإهمال الطبي الذي يتعرض له في السجن، لكن دون جدوى، وقبلها تقدم بطلب للمحكمة للعلاج في 8 أغسطس 2015، ورغم تصريحات المحكمة بانتداب طبيب متخصص في مرض السكر، إلا أنه لم يحضر حتى وفاته.

وكانت هناك شكوك بإصابته بأمراض مزمنة بالكبد والكلى؛ نتيجة سوء التغذية وحرمانه من دخول الطعام المناسب لظروفه الصحية ومتطلبات سنه، بالإضافة إلى رفض تزويده بالملابس أو معدات النظافة الشخصية وكذا الكتب والصحف.

وفي 17 مايو 2018، أصدرت أسرة الرئيس محمد مرسي، بيانا حول طبيعة وظروف احتجازه هو ونجله أسامه قال أن "رئيس مصر الشرعي والمنتخب الدكتور محمد مرسي خلف الجدران سيئة السمعة مع حالة من الحصار والتعتيم المتعمد عن طبيعة وظروف احتجازه منذ الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر سنة 2013 ودون أن يسمح له بحقه الطبيعي في مقابلة أسرته وفريقه القانوني على مدار سنوات الاعتقال".

وأضاف البيان: "أسرة الرئيس لا تعلم شيئا عن مكان وظروف احتجاز الرئيس، ولا طعامه وشرابه فضلاً عن حالته الصحية وخاصة بعد حديث الرئيس عن تعرض حياته للخطر والتهديد المباشر داخل مقر احتجازه في أكثر من مرة خلال جلسات المحاكمة الهزلية أبرزها كان بتاريخ 8 أغسطس 2015، و6 مايو 2017، و23 نوفمبر 2017".

جريمة لم يحاسب عليها أحد

في 7 يونيو 2020، أصدرت 7 منظمات حقوقية، في مقدمتها "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان"، بيانا قالت فيه: "لم يُصدق أحد بأن وفاة “مرسي” كانت طبيعية، فقد قضى ست سنوات في الحبس الانفرادي داخل غرفة ضيقة، في ظل ظروف احتجازٍ قاسية، وسوء رعاية صحية، وإهمالٍ طبي مُتعمَّد؛ بل أشارت بعض القرائن بشكلٍ واضح إلى تعمد إنهاء حياته بأي صورةٍ كانت.

فمن خصومةٍ سياسيةٍ عميقة، إلى رفض رئيس المحكمة اتخاذ الإسعافات الأولية في حينه، إلى صدور قرار النيابة العامة بالتحفظ على كاميرات قاعة المحكمة وقت وقوع الجريمة، وقرارها أيضًا بالتحفظ على الملف الطبي الخاص بالدكتور “محمد مرسي” طوال فترة سنوات محبسه، انتهاءً بالإجراءات الخاصة بتسليم جثمانة ودفنه والحرص على رؤية أحد له؛ وهي القرائن التي تُشير جميعها إلى توافر النية لقتله".

أكدت المنظمات في بيانها "أن مسلسل القتل بالإهمال الطبي المُتعمَّد داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية ما زال مستمرًا، يحصد أرواح المعتقلين السياسيين بصورةٍ منهجية، وتؤكد أن كافة الانتهاكات التي تمت سابقًا تمت بصورةٍ منهجية، دون أن يُحاسب أو يُساءل عليها أحد، ودون أن يتم التحقيق فيها من الجهات القضائية أو السلطة الرسمية".(رابط البيان)

تعليمات بالقتل!

وقال الحقوقي أحمد مفرح ‘ن لديه معلومات تؤكد أن "قطاع السجون كانت لديه تعليمات من وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق، والذي كان يقود جهاز الأمن الوطني قبل شغله المنصب الحالي، بعدم الاستجابة نهائياً لمطالب أي من قيادات جماعة "الإخوان"، الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، بالعلاج المناسب"!.(تويتر)

لذلك دعا "مفرح" المقرر الخاص المعني بالقتل خارج إطار القانون بالأمم المتحدة إجراء تحقيق في ظروف وملابسات مقتل الدكتور محمد مرسي وما يتصل بها من اوضاع متعلقة باحتجازه واعتقاله وغيرة من المئات داخل السجون المصرية.

وفي مداخلة مع قناة "الجزيرة"، مساء 17 يونيو 2019، قال "كريسبن بلنت" عضو مجلس العموم البريطاني: "وجدنا أن ظروف احتجاز رئيس مصر السابق محمد مرسي قد ترقى إلى حد التعذيب وفقاً للقوانين الدولية والمصرية وأن احتجازه يقع في مصلحة الحكومة الحالية لذا يمكن نظرياً اتهامها بجريمة التعذيب تحت الولاية القضائية العالمية".

أضاف بلانت: "حذرنا في تقرير سابق لنا من أن ظروف اعتقال مرسي قد تؤدي لوفاته، والسلطات المصرية رفضت طلبا منا لزيارة محمد مرسي في سجنه.

لهذا يقول الحقوقيون إن وفاة د. محمد مرسي "جريمة قتل عمد" مسؤول عنها رئيس الدولة والقضاة وأفراد النيابة العامة المشتركين بمحاكمته لمنعه العلاج بموجب المادة 41 العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 45/111 الصادر 14 ديسمبر 1990، واتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة اللاإنسانية 1984.

مع هذا سعي الاعلام لتصوير الأمر على أنه "وفاة بسبب أزمة قلبية عادية" واكتفي بذلك، ثم بدأ في تشويه صورة الرئيس الشهيد في محاولة لتبرير قتله والتشفي في ذلك.

وعقب وفاة الرئيس مرسي يوم 17 يونيو 2019، منعت السلطات إقامة جنازة له، وأجبرت أسرته على دفنه في جنح الظلام تحت حراسة أمنية مشددة، لمنع مشاركة المصريين.

وتجاهلت وسائل الإعلام خبر وفاته، وتم ذكر اسمه فقط من دون أن يسبقه أي لقب (رئيس)، وخرجت صحف أخري بين متجاهلة، وأخرى سبقت اسمه بـ "الخائن" في خبر صغير بالصفحات الداخلية وصفحة الحوادث!.(تويتر)

ورفضت السلطات تسليم الجثمان لأسرته، حيث تم تغسيله في مستشفى السجن بحضور 9 من أفراد عائلته، وتم أداء صلاة الجنازة عليه داخل السجن أيضا بحضور 10 أشخاص فقط في منتصف الليل، ونقل الجثمان فجرًا للمقابر.

كما رفضت السلطات طلبًا بدفنه بمقابر أسرته في قرية العدوة بمحافظة الشرقية تنفيذًا لوصية الراحل وتم دفنه بمنطقة الوفاء والامل شرق القاهرة حيث مدفن مرشدي الجماعة، بينما سمحت بدفن مبارك في مقبرته ومساحتها ألف متر.

وبينما حظرت السلطات على الصحفيين الاقتراب من مقبرة أو منزل الرئيس مرسي، لمنعها العزاء فيه، نجح مراسل القناة 11 (كان) بالتليفزيون الإسرائيلي "روعي كييس" في دخول المقبرة وتصويرها ما أثار تساؤلات.

وحاول المراسل الإسرائيلي الإيحاء بأن القاهرة لم تتأثر بوفاة مرسي قائلا: إن "الدراما الكبيرة التي حدثت خلال مداولات محاكمة مرسي ووفاته في قفص الاتهام ودفنه فجرا وسط حراسة مشددة، كل ذلك لم يكن له ذكر بالشارع وكأن شيئا لم يحدث".(تويتر)

وصل الأمر لإصدار وزارة الأوقاف أمرا للمساجد بمنع صلاة الغائب على شهداء جماعة الإخوان، خاصة الرئيس مرسي ومهدي عاكف "دون تصريح"، لمنع من يحاول الصلاة عليهم بعد المنع الرسمي بالمخالفة للعقيدة الإسلامية.

تعليمات يوم استشهاده

كشف صحفيون في صحف حكومية وخاصة رفضوا ذكر أسماءهم لحساسية الأمر لـ "الجزيرة مباشر"، 18 يونيو 2019، أن تعليمات وردتهم عبر تطبيق واتس اب الذي يتعامل به مسئولون أمنيون وسياديون مع رؤساء ومديري تحرير الصحف بتجاهل الوفاة وعدم ابراز الخبر والاقتصار في حالة النشر على البيانات الرسمية.

وقالوا إن الرقابة على الصحف باتت تتم على وجهين: (الأول) إرسال التعليمات عبر واتس اب، و(الثاني) تواجد رقيب (غالبا ضابط كبير من أمن الدولة) في مطابع الصحف لقراءة البروفة الأولي للطباعة قبل طبعها وإصداره تعليمات بحذف او تعديل ما يري.

وأكدوا أن هذا يفسر صدور غالبية صحف الحكومية بدون أي تغطية قوية لوفاة اول رئيس منتخب ونشر بعضها الخبر على عمود واحد 4 سم في 4 أسطر أسفل الجريدة، أو على سطرين فقط ونشرته اخري في صفحات داخلية.(تويتر)

مقابل تجاهل الصحف الحكومية والخاصة لخبر وفاة ودفن الرئيس مرسي، حاز الخبر على اهتمام أكبر في برامج التوك شو المسائية، في صورتي بث الخبر دون تعليق أو هجوم عنيف على الراحل ووصفه بأنه "عميل وجاسوس".

كان خبر الوفاة محور حديث أشهر اعلامي مصري موالي للسلطة (عمرو أديب) في برنامجه "الحكاية" مساء 17 يونيو 2019 (شاهد 4:08 دقيقة) الذي حرص على تأكيد ان مرسي وكل قادة الاخوان محكوم عليهم بالسجن مدد تصل الي 100 سنة، ومرسي كان محكوما عليه بـ 45 سنة.

أبرز "اديب" عزاء امير قطر والرئيس التركي أردوغان في الرئيس مرسي ووصفه بانه "شهيد"، وعزاء فنانين ومعارضين آخرين، بصورة إخبارية، بما فيهم من انتقدوا الراحل في تويتات عزائهم مثل الكاتبة فاطمة ناعوت.

كان المذيع أحمد موسى المحسوب علي الأجهزة الأمنية المصرية هو أكثر من أثار الجدال بهجومه الشديد علي الرئيس محمد مرسي، خلال برنامج «على مسؤوليتي» على قناة "صدى البلد" المملوكة لرجل الاعمال "أبو العينين"، حيث هاجم مرسي بعنف، وهاجم كل مَن تعاطف معه أو دعا له بالرحمة.

علق "موسى" على وفاة مرسي أثناء محاكمته قائلًا: "سيظل جاسوس وقاتل، وإلى جهنم وبئس المصير"، و"محمد مرسى مات موتة ربنا وربنا ياخد أردوغان وتميم". (يوتيوب)

وزعم "موسي" أن "مرسي كان لديه مخطط لبيع الأراضي المصرية، وأنه قاتل، وقدم وثائق سرية خاصة بالجيش والشرطة إلى الإرهابيين، وأدعي أن "جميع التنظيمات الإرهابية من ليبيا إلى كتائب القسام، تهدد بتنفيذ عمليات ضد مصر انتقاما لوفاته".

أفرد برنامج "الحياة اليوم" نحو نصف الساعة للحديث عن وفاة مرسي (شاهد 5:56 دقيقة)، وتناول رأي د. معتز بالله عبد الفتاح القريب من السلطة الذي هاجم الرئيس محمد مرسي وقال انه "كان يحكم باسم جماعة الاخوان واقترف أخطاء جعلت منه هو وجماعته أعداء للجميع"، وقال إنه "مات منذ فترة طويلة بالنسبة للمجتمع الدولي".(يوتيوب)

نشرت قناة اكسترا نيوز التابع للمخابرات (شركة إعلام المصريين) خبر وفاة الرئيس محمد مرسي مصحوبا بصورة بمقر جماعة الاخوان وهو مُحطم ومخرب مؤكده على شاشتها أن "الاخوان جماعة إرهابية بحكم القضاء"، ما اعتبره نشطاء على مواقع التواصل محاولة لإجهاض أي تعاطف شعبي مع الرئيس الراحل.(تويتر)

في سياق الحملة الإعلامية الرسمية لتشويه ذكري الرئيس الراحل محمد مرسي، نشرت صحيفة خاصة تابعة لشركة "إعلام المصريين" المملوكة لجهاز المخابرات المصري، تقرير يدعي أن تنظيم "ولاية سيناء" الذي يحارب الجيش والشرطة في سيناء نعي الرئيس مرسي ووعد بالانتقام له.

صحيفة "اليوم السابع" كتبت، 18 يونيو 2019، تحت عنوان "تنظيم ولاية سيناء الإرهابي ينعى محمد مرسى العياط"، تزعم أن "مسارعة تنظيم ولاية سيناء الإرهابي لنعى مرسى تعد بحسب العديد من الخبراء والمراقبين دليلا واضحا على تبعية التنظيم المتورط في سفك دماء العديد من الأبرياء".(تويتر)

ورد محلل عسكري موال للسلطة ونشطاء على الصحيفة مؤكدين أن البيان الذي نشرته الصحيفة، نقلا عن حساب مفبرك على مواقع التواصل، وأن هذا التنظيم سبق أن كفّر الرئيس مرسي ووصفه بأنه "مرتد"، وانتقدوا عدم مهنية الصحيفة.

قال المحلل العسكري المقرب من السلطة "محمود جمال" ننشر مثل هذه الأخبار دون تأكيد منهم للمعلومة او بحث عن المصدر يعني عدم المصداقية.

وشدد على أن هذا ليس بيان رسمي من تنظيم داعش لنعي مرسي، والحساب المنشور باسم "تنظيم ولاية سيناء" مفبرك و"معمول جديد ومن شخص هاوي"، وأن "تنظيم ولاية سيناء ليس له حسابات تنشر بياناتهم الإعلامية سوي على تيليجرام ومعظمها أصبحت سرية/مغلقة". وتابع: "مستحيل ان تنظيم داعش ينزل بيان لنعي مرسي لان التنظيم عقائدياً وفكرياً وايدولوجيا يكفر جماعة الإخوان".(تويتر)

أردوا طمس سيرته فانتشرت مناقبه

اعتبر د. محمد الصغير في مقال نشره موقع "مؤسسة مرسي للديمقراطية"، نقلا عن موقع "الجزيرة مباشر"، 19 يونيو 2020، تحت عنوان "محمد مرسي وكيف قضى نحبه؟"،  أن ما فعله إعلام الانقلاب وسلطة الانقلاب لطمس وتشويه سيرة مرسي جاء عكسيا وربما لو تركوه يكمل فترته لنجحوا أكثر في تشويهه لكن تعجيلهم التخلص منه زاد من ذكره ورسخ سيرته بين المصريين.

قال: "من أراد أن يتأمل أقدار الله، ويتعلم مما يُكشف من أسرارها، فليتأمل سيرة هذا الرجل، الذي لو أكمل مدته الرئاسية، ربما لم ينتخب لفترة ثانية، ولذهب ذكره، وطمس أثره، كما فُعل بالرئيس محمد نجيب الذي حكم ضعف مدته".

لكن الأقدار أرادت بمرسي شأنا آخر، ليخلد اسمه، وتلهج ألسن الأحرار بالثناء عليه، وأصوات الأبرار بالترحم عليه، ويرتقي مقتولا مظلوما، صابرا محتسبا، إلى ساحة الحَكَم العدل الذي يقتص للشاة الجَلحاء من الشاة القَرناء التي نطحتها، ولا تضيع عنده المظالم.

قال: من اللحظة الأولى أدرك الرئيس مرسي أنها عملية استشهادية، وأن الرئاسة هي طريقه إلى الشهادة، وبالفعل كانت محطة سريعة، لم تتجاوز العام الواحد، حَصَّلَ بعدها من رفعة الذكر، وعلو المكانة، ومحبة الخلق في شتى أصقاع الأرض، بما لم يخطر لأحد على بال أو يتوقعه، فأصبح رمزا للثبات على الحق، والموت في سبيل المبادئ، وشرَّف كلمة الرئاسة بإضافة إلى الشهادة، ليكمل حبات العقد الفريد، بعد الإمام الشهيد، والأستاذ الشهيد، فكان الرئيس الشهيد الذي تربى في مدرسة حسن البنا، وسيد قطب، وكُتب اسمه في السطر نفسه.

قال: انتصر محمد مرسي على الإعلام الفاسد، والقضاء الجائر، والشرطة الظلمة، والعسكر الغدرة، ومن ورائهم من أصحاب المال القذر، وخفافيش الثورة المضادة.(رابط المقال)

تزييف الحقائق التاريخية

ضمن السياسة الإعلامية للانقلاب بـ "تزييف الحقائق التاريخية"، عبر استهداف الشخصيات الرموز بضراوة وتشويهها أو طمسها وتهميش وجودها، جاءت عمليات تشويه صورة الرئيس الراحل الشهيد محمد مرسي في مقدمة اهتمام إعلام الانقلاب.

لم يكتف اعلام السلطة بتشوية صورة الرئيس مرسي عبر ادعاءات تتعلق باتهامه بالإرهاب والتخابر والمسئولية عن كل مشاكل مصر مع أنه لم يحكم سوي عام واحد في ظل مؤامرات الدولة العميقة، ولكنه سعي لطمس فترة حكمة وإلغائها بعدما وجد تعاطفا شعبيا أكبر ورد فعل عكسي على محاولات تشويه صورته.

ومن بين هذه المحاولات، حرص وزير السيسي سامح شكري خلال زيارة الوزير التركي مولود تشاووش أوغلو لمقر وزارة الخارجية المصرية مارس 2023، أن يبين له قائمة برؤساء مصر ليس من بينها الرئيس الراحل محمد مرسي الذي قطعت تركيا علاقتها بالسيسي بسبب الانقلاب عليه.

حيث غابت صورة الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، عن قائمة صور لرؤساء مصر معلقة على أحد الجدران في مبنى وزارة الخارجية المصرية، وذلك بحسب ما أظهره مقطع فيديو من زيارة وزير الخارجية التركي إلى مبنى الوزارة بالقاهرة، ما أثار ردود أفعال على شبكات التواصل الاجتماعي.

وكان المذيع عمرو أديب اعترف بأنهم كانوا يشوّهون صورة الرئيس الشهيد محمد مرسي، ويقللون من شأنه، ويبحثون له عن الثغرات.(تويتر)

والمفارقة أن عدلي منصور رئيس مؤقت عينه العسكر "كومبارس"، ومع هذا تم وضع صورته ضمن رؤساء مصر، بينما تم تجاهل صورة الرئيس مرسي المنتخب كأول رئيس مدني، مع أنه لم يتم وضع صورة صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب الذي تولي الرئاسة مؤقتا مثل عدلي منصور عقب اغتيال الرئيس السادات.(تويتر)

مع هذا ظلت صفحة الرئاسة المصرية التي كانت مدشنة منذ عهد الرئيس مرسي، بذكر الرئيس محمد مرسي والتعريف عنه ضمن رؤساء مصر السابقين، وعدم إلغاء وجوده كما فعلت وزارة الخارجية.

وقال الناشط والطبيب الفلسطيني الدكتور "ابراهيم حمامي": "مهما حاول السيسي المرعوب من الرئيس الشهيد محمد مرسي رحمه الله طمس الحقيقة فإن التاريخ سيذكر دائما أن مرسي هو أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر وإن ذكر السيسي فسيذكر أنه انقلابي سفاح أفلس مصر وباعها وانهارت في عهده البائس..سيترحم الناس على مرسي ويلعنون السيسي إلى يوم الدين".(تويتر)

وكتب الصحفي جمال سلطان يقول: "إن محمد مرسي هو الرئيس الخامس لمصر ومحاولة إسقاط اسم مرسي من ذاكرة الدولة سلوك غير دستوري كما هو غير أخلاقي، ودستوريا يعني إسقاط شرعية جميع قراراته، وما ترتب عليها من مناصب عسكرية بما فيها تعيينه للسيسي". (تويتر)

استراتيجيات الشائعات ضد مرسي

وفي عهد الرئيس مرسي، اعتمدت الشائعات التي قادها الاعلام، خصوصا إعلام رجال الأعمال والدولة العميقة، على عدد من الاستراتيجيات الرئيسية منها:

أولا: الطعن في شرعية مرسي

شملت هذه الشائعات مناسبتين انتخابيتين: الأولى هي الانتخابات الرئاسية في يونيو 2012 بين مرسي وشفيق، والثانية هي الاستفتاء على الدستور في ديسمبر 2012 ويناير 2013.

فمنذ انطلاق جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة عام 2012، نشر الإعلام شائعات عن تفوق شفيق في النتيجة النهائية، وأن الإخوان تهدد بإحراق البلاد وإغراقها في الفوضى إذا تم إعلان فوز شفيق.

ولوحظ في هذا الإطار الشائعة التي أطلقها مصطفى بكري عن ذهاب قوات من الحرس الجمهوري لمنزل شفيق لتأمينه وبعد الإعلان عن فوز مرسي استمر التشكيك والحديث عن تزوير الانتخابات واستمر الحديث المزعوم عن أن تهديد الإخوان أجبر المجلس العسكري على إعلان فوز مرسي.

وكان الاستفتاء على الدستور في ديسمبر 2012 ويناير 2013 واحدا من أكبر الأحداث التي انتشرت فيها الشائعات، التي حاولت بكل الطرق إثبات وجود تزوير ومخالفات جسيمة تطعن في نزاهة العملية الانتخابية للتقليل من أهمية الحدث.

فقد زعمت جريدة "الوطن"، في خبر نشرته 22 ديسمبر 2012 بعنوان " الأقباط يتعرضون لـ"المنع".. و«البابا» يحذر من الظلم"، أن نسبة رافضي الدستور متفوقة على نسبة الموافقين قبل انتهاء فترة التصويت أصلا كما زعمت أن هناك عمليات تزوير لزيادة عدد الموافقين.

وقالت الصحيفة إن هناك عمليات منع للأقباط في الصعيد ومحافظات أخرى من المشاركة في الاستفتاء، وأن هناك فصلا لصناديق الناخبين المسلمين عن صناديق الناخبين المسيحيين في لجان أخرى.(رابط الخبر)

ثانيا: الطعن في وطنية مرسي والإخوان

لم تقتصر الشائعات على شخص مرسي فقط، وإنما امتدت إلى جماعة الإخوان المسلمين التي كان ينتمي إليها قبل ترشحه في انتخابات الرئاسة، كما كان يشغل منصب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة

وبالتالي كان الهجوم على الجماعة هو في ذات الوقت هجوم على مرسي، كما كانت وسائل الإعلام تحاول دائما الإيحاء بأن كافة قرارات مرسي هي في حقيقة الأمر قرارات للإخوان، وأن مرسي مجرد منفذ لها

وارتبطت هذه الشائعات بخطاب إعلامي كان يهدف إلى تصوير ثورة يناير باعتبارها مؤامرة خارجية، ويعتمد على سردية مفادها أن جماعة الإخوان نسقت مع حركة حماس وحزب الله لاختراق الحدود ومهاجمة السجون وأقسام الشرطة لصنع حالة من الفوضى للإطاحة بنظام مبارك والإفراج عن قيادات الإخوان في السجون.

وتم التركيز على مرسي ليس باعتباره رئيسا للجمهورية، بل باعتباره هاربا من السجن ومتخابرا مع دول أجنبية، وأصر عدد من المذيعين المرتبطين بالدولة العميقة ونظام الانقلاب الحالي، على وصف مرسي بلقب "الجاسوس".

وقامت جريدة "المصري اليوم"، 26 أبريل 2013، بنشر ما زعمت إنها نصوص 5 مكالمات سرية جرت بين قيادات في جماعة الإخوان المسلمين ومسئولين من حركة حماس أثناء ثورة يناير، وتتضمن اتهاما صريحا في صورة مزاعم لحماس وللإخوان بأنهم وراء الدعوة لمظاهرات 25 يناير عام 2011، كما تتهمهم بالمسؤولية عن الهجوم على أقسام الشرطة والسجون يوم 28 يناير.

ولم تقدم الجريدة أي تسجيلات صوتية لتلك المكالمات على الإطلاق، واكتفت بالقول إن "إدارة الأمن الوطني قامت بتسليم التسجيلات إلي المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان".

جانب آخر من الشائعات التي نشرها الاعلام ارتبط بحادث رفح في أغسطس 2012، والادعاء بأن عددا من منفذي الهجوم صدر قرار من مرسي بالعفو عنهم والإفراج عنهم من السجون.

وقد نشر تلك الادعاءات عدد كبير من وسائل الإعلام، ونشرت معظم هذه الشائعات في وسائل الإعلام اعتمادا على تسريبات من مصادر أمنية مجهولة وامتدت الاتهامات لتشمل تورط تلك العناصر في هجمات أخرى ضد قوات الجيش والشرطة في شبه جزيرة سيناء.

غير أن تحقيقا نشره الصحفي حسام بهجت في موقع "مدى مصر"، 19 فبراير 2014، بعنوان "من فك أسر الجهاديين؟!"، كشف زيف تلك الادعاءات وعدم صحتها، فقد أثبت التحقيق أن “الغالبية الساحقة من قرارات الإفراج عن الجهاديين وغيرهم من الإسلاميين صدرت في فترة تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة حكم البلاد بعد تنحي مبارك وتحديدا في الفترة من فبراير إلى أكتوبر ٢٠١١”.(رابط التحقيق)

ففي حين أطلق مرسي سراح ٢٧ شخصا ممن يطلق عليهم “الجهاديين” أو المتهمين في أحداث عنف، فإن المجلس العسكري أصدر قرارات بالإفراج عن  ٨٠٠ شخص منهم، من بينهم عبود الزمر المتهم بالتخطيط لاغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وابن عمه طارق الزمر، ومحمد الظواهري شقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، وكان معظم هؤلاء معتقلين بقرارات إدارية أو محتجزين داخل السجون حتى بعد انتهاء مدة الحكم الصادر بحقهم كما لم يثبت تورط أي من هؤلاء الأشخاص في عمليات عنف منذ الإفراج عنهم.

كما نقل تقرير لصحيفة "الشروق"، 30 أغسطس 2013، عن مسؤول سابق بالرئاسة خلال عهد مرسي، أن الأخير لم يفرج عن أي شخص دون موافقة الأمن العام، كما أكد أن عدد المفرج عنهم لم يتجاوز عددهم 27 شخصا، وهو نفس الرقم الذي ذكره تحقيق موقع “مدى مصر”. (رابط تقرير الشروق)

وبدءا من أبريل عام 2013، بدأت وسائل إعلام مصرية إثارة قضية تعرف باسم “الكربون الأسود” وهي عبارة عن مشروع لصناعة الصواريخ بين مصر والعراق والأرجنتين في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، وكان أحد أبطالها المهندس “عبد القادر حلمي” الذي كان يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، التي اكتشفت تعاون الأخير مع مصر، وقامت باعتقاله، وهو ما أدى إلى عزل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع آنذاك من منصبه.

لكن وسائل الإعلام المصرية بثت شائعات تتهم مرسي بأنه كان جاسوسا لصالح الولايات المتحدة، وأنه من قام بالوشاية بالمهندس المصري لدى المخابرات الأمريكية، وقد أثار هذه الشائعة في البداية “حسام خير الله” المرشح الرئاسي السابق ووكيل جهاز المخابرات العامة السابق، الذي تبنى الإعلام تلميحاته التي أشار إليها في حلقة من برنامج على قناتي “أون تي في” و "القاهرة والناس".

بل شجعه المذيعون الذين قاموا بإجراء الحوار معه على ذكر اسم مرسي صراحة، وقالوا هم اسمه رغم امتناعه عن الحديث والتعليق بالقول "لا تعليق".

وضمن هذه الشائعات التي لم يتدخل الرئيس مرسي لقمع او منع او مصادرة صحف واراء قالتها شائعات مثل بيع أجزاء من مصر إلى دول وجهات أجنبية، وان الرئيس لا يجيد اللغة الانجليزية التخلي عن منطقة حلايب وشلاتين للسودان، وبيع منطقة ماسبيرو إلى قطر والتفريط في مياه النيل وبيع قناة السويس بيع سيناء لإقامة وطن بديل للفلسطينيين، وكلها ثبت أنها اكاذيب روجها جهاز السيسي الاستخباري بالتعاون مع هؤلاء الصحفيين والاعلاميين تمهيدا للانقلاب، ونفذها السيسي لاحقا بالفعل لا الرئيس الشهيد مرسي.

أيضا حاولت وسائل الإعلام الإيحاء بأن موكب مرسي كبير الحجم مثلما كان الحال في عهد مبارك، واستغلت قيام مرسي بأداء صلاة الجمعة في مساجد ومحافظات مختلفة وقالت إن ذلك يكلف خزانة الدولة مبالغ باهظة، لكنهم خسروا حين كان السيسي يخرج بعجلة سعرها ملايين الدولارات بمواكب ضخمة للاستعراض.

وزعم عدد من الإعلاميين مثل إبراهيم عيسى و لميس الحديدي أن الصلاة الواحدة لمرسي تكلف ما لا يقل عن 3 ملايين جنيه، وخصص المذيع باسم يوسف فقرة كاملة في برنامجه حول موكب مرسي لانتقاده وتبني ذلك الرقم الذي زعمه الإعلاميون رغم نفي الأخير أن يكون الموكب أو الصلاة يكلف تلك المبالغ.

هكذا، كانت حملة الاغتيال المعنوي للرئيس مرسي قبل أن تقتله يد الطغيان بالإهمال الطبي وتلويث طعامه، ومنع العلاج عنه، ورغم ذلك واصل الإعلام أكاذيبه وتضليله بشأن ملابسات وفاته المريبة، فكان شريكا أصيلا في جريمة قتله، بالتعمية عليها وإنكارها وتبريرها، متجاهلا أبسط القواعد المهنية والأخلاقية.