من الشخصنة والصدمة إلى "الحقيقة البديلة": كيف حوّل "ترامب" الإعلام إلى سلاح سياسي؟
الثلاثاء - 1 يوليو 2025
د. عصام عبد الشافي أستاذ العلوم السياسية يفكك الأدوات الإعلامية لـ"الظاهرة الترامبية":
- السيطرة المباشرة والاستقطاب والشعبوية وصناعة العدو .. مفاتيح استراتيجية "ترامب" الإعلامية
- تجاوَز الوسائط الإعلامية التقليدية واعتمد على منصات التواصل الاجتماعي للوصول مباشرة إلى الجمهور
- شكّلت استراتيجيته الإعلامية أحد أدوات بناء "القبيلة السياسية الترامبية" التي تؤمن به وتكفر بالنخب والمؤسسات
- حرب "ترامب" على الحقيقة تتضمن نشر الشك والتشويش وتفكيك الثقة في المؤسسات الإعلامية والعامة
- على النظم الإعلامية العربية تطوير آليات مكافحة الأخبار الكاذبة وتعزيز ثقافة الشفافية والمصداقية
إنسان للإعلام- حوار: عبد الله الباسل:
منذ لحظة دخوله المشهد السياسي، مَثّل دونالد ترامب، رئيس أمريكا، ظاهرة إعلامية غير مسبوقة، تجاوزت حدود السياسة التقليدية إلى إعادة تشكيل علاقة السياسي بالإعلام في العصر الرقمي.
لم يكن ترامب مجرد رئيس يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، بل تحوّل إلى منصة إعلامية قائمة بذاتها، تتحدى المؤسسات، وتعيد تعريف الحقيقة، وتُنتج خطابًا شعبويًا صداميًا له جمهوره وخصومه.
في هذا الحوار الخاص مع "إنسان للإعلام"، يفكك أستاذ العلوم السياسية الدكتور عصام عبدالشافي ملامح ما يسميه بـ"الظاهرة الترامبية"، موضحًا كيف وظّف ترامب الإعلام كأداة تعبئة وتحشيد، لا كوسيلة لنقل المعلومات، وكيف حوّل الإعلام إلى سلاح في حرب ثقافية مفتوحة تستهدف خصومه وتُكرّس صورته كزعيم استثنائي خارج عن القواعد.
يتناول الحوار أبعاد الاستراتيجية الإعلامية الترامبية، من الشخصنة والصدمة إلى صناعة العدو وخلق الحقيقة البديلة، ويرصد آثارها العميقة على الديمقراطية الأميركية، وانقسام المجتمع، وتآكل ثقة الجمهور بالمؤسسات، كما يناقش فرص الاستفادة – أو الحذر – من هذه التجربة في السياق العربي.
وإلى نص الحوار:
- هل يتبع ترامب فعلا استراتيجية إعلامية خاصة؟
نعم، دونالد ترامب يتبع استراتيجية إعلامية خاصة ومميزة إلى حد كبير، ويمكن وصفها بأنها استراتيجية إعلامية هجومية وشعبوية وغير تقليدية.
وقد شكّلت هذه الاستراتيجية أحد الأعمدة الأساسية لصعوده السياسي، سواء في حملته الرئاسية لعام 2016 أو خلال فترة رئاسته الأولى بين يناير 2017 ويناير 2021، وحتى بعد خروجه من البيت الأبيض، وصولاً لإعادة انتخابه في نوفمبر 2024.
- ماهي أهم ملامح الاستراتيجية الإعلامية لترامب؟
أولاً: التحكم المباشر بالرسائل الإعلامية: حيث اعتمد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة "تويتر"، كمنصة رئيسية لتجاوز الوسائط الإعلامية التقليدية، وكان هدفه من ذلك كان الوصول المباشر إلى الجمهور دون وسطاء (مثل الصحفيين أو المحررين)، وهو ما مكنه من السيطرة على الإطار السردي للأحداث.
ثانياً: الاستقطاب الإعلامي وتغذية الانقسام: تبنّى ترامب خطاباً صدامياً مع وسائل الإعلام الكبرى مثل CNN وNew York Times، ووصمها بـ"الكاذبة"، وخلق هذا الخطاب نوعاً من الاستقطاب الحاد بين مؤيديه الذين وثقوا بمصادره وبين خصومه الذين اعتمدوا على الإعلام التقليدي.
ثالثاً: شخصنة الخطاب السياسي: جعل ترامب من نفسه المحور الأساسي للخطاب الإعلامي، فكل شيء يدور حول "ترامب" شخصياً، وليس حول الحزب الجمهوري الذي ترشح عنه أو حول السياسات العامة التي سيقوم بالعمل عليها بعد انتخابه، وأسهم هذا في رفع نسبة التغطية الإعلامية له بشكل غير مسبوق حتى من قبل خصومه، وبالتالي احتكار الأجندة الإعلامية.
رابعاً: الاعتماد على أسلوب الصدمة والخرق: استخدم ترامب اللغة الاستفزازية والمصطلحات الشعبوية لجذب الانتباه الإعلامي: (مثل "العمالقة الإعلاميون الفاشلون"، "النظام العميق"، "سرقة الانتخابات"...)، وهذا الأسلوب أنتج هالات إعلامية دائمة حول تصريحاته، ما جعله في مركز التغطية الإخبارية باستمرار.
خامساً: التلاعب بالحقائق وإعادة تعريف الحقيقة السياسية: كرر ترامب معلومات غير دقيقة أو كاذبة بشكل مستمر، ما أدى إلى ما وصفه البعض بـ"حرب ترامب على الحقيقة"، ولم يكن الهدف بالضرورة الإقناع بالحقائق، بل نشر الشك والتشويش وتفكيك الثقة في المؤسسات الإعلامية والمؤسسية.
سادساً: استخدام الإعلام كأداة تعبئة: لم يتعامل ترامب مع الإعلام بوصفه أداة لنقل المعلومات، بل بوصفه وسيلة لحشد التأييد، وإثارة العواطف، وبناء هوية سياسية جماهيرية تقوم على "نحن" مقابل "هم"
وهو ما يمكن معه القول إن ترامب اتبع استراتيجية إعلامية خاصة ومقصودة وموجهة، تقوم على السيطرة المباشرة، الاستقطاب، الشعبوية، وصناعة العدو، وتسليح الإعلام في سياق حرب ثقافية وسياسية مستمرة، هدفها ترسيخ "الكاريزما الترامبية".
- ما الذي امتاز به ترامب عن أسلافه في البيت الأبيض فيما يخص الاستراتيجية الإعلامية؟
أهم ما امتازت به استراتيجية ترامب الإعلامية ما يلي:
أولا: الاتصال المباشر دون وسطاء: استخدم ترامب (تويتر (ثمTruth Social) ) للتواصل مباشرة مع الجمهور، ورفض اعتماد البيانات الرسمية التقليدية، مثل المؤتمرات الصحفية الرئاسية المعتادة، أو التحدث من خلال المتحدث الرسمي للبيت الأبيض، والهدف الرئيس من هذا وذاك هو تجاوز الوسائط الإعلامية التقليدية، وتقويض مصداقية الإعلام المحترف.
ثانيا: خلق عدو إعلامي مشترك، فقد وصف ترامب الإعلام بأنه "عدو الشعب"، واتهمه بالكذب المتعمد وخدمة أجندات خفية، وشجّع مؤيديه على فقدان الثقة في المؤسسات الإعلامية المستقلة، وكان الهدف من ذلك هو تعبئة قاعدته الشعبية ضد أي رواية إعلامية مناوئة، وربط الحقيقة بروايته هو فقط.
ثالثا: الشخصنة المفرطة وتضخيم صورة الزعيم: حيث قدّم نفسه باعتباره القائد المنقذ، القوي، القادر على تحدي الدولة العميقة، ربط كل إنجاز أو قرار بذاته، لا بفريق العمل أو الحزب، بهدف تركيز الأضواء عليه شخصيًا في كل الأوقات، وحشد الولاء حول شخصه لا حول المؤسسات.
رابعا: أسلوب الصدمة والتضخيم، حيث تعمد استخدام تعبيرات مثيرة، صادمة، وأحيانًا مهينة، وأطلق تصريحات خارجة عن المألوف لضمان التغطية الإعلامية المكثفة، بهدف فرض أجندته الإعلامية قسرًا على كافة وسائل الإعلام.
خامسا: تشويه الوقائع وإنتاج ما يمكن تسميته من وجهة نظره "الحقيقة البديلة"، التي تقوم على ترويج معلومات خاطئة أو مضللة، وردّدها باستمرار حتى ثبتت عند أنصاره، سيرًا على مقولة وزير الدعاية النازية جوبلز "أكذب ثم اكذب ثم إكذب حتى تصدق ما تقول"، وذلك بهدف إضعاف المشترك الموضوعي في المجال العام، واحتكار السرد السياسي، والتحكم في الروايات الأساسية، وفرضها على الجميع.
- كيف تقيّم استراتيجية ترامب الإعلامية؟
تقييم الاستراتيجية الإعلامية التي اعتمدها دونالد ترامب يقتضي النظر إليها من زاويتين، فعاليتها السياسية والجماهيرية من جهة، وتأثيرها على النظام الديمقراطي والإعلامي الأميركي من جهة أخرى.
أولاً: من حيث الفعالية السياسية والتأثير الجماهيري:
1- النجاح في فرض أجندة إعلامية مستمرة، حيث استطاع ترامب أن يتصدر التغطية الإعلامية المحلية والدولية باستمرار، سواء بتصريحاته أو مواقفه الصادمة، كما أن الصحف والقنوات حتى المعادية له، لم تتجاهله، بل ساهمت في تعزيز حضوره ولو بشكل سلبي.
2- بناء قاعدة شعبوية شديدة الولاء، حيث شكّلت استراتيجيته الإعلامية أحد أدوات بناء ما يمكن تسميته بـ "القبيلة السياسية الترامبية" التي تؤمن به وتكفر بالنخبة والمؤسسات، وهو ما ظهر جليًا على سبيل المثال في حالة الهجوم على الكونجرس في يناير 2021، من أنصار هذه القبيلة.
3- استخدام إعلام الأزمة كأداة للبقاء السياسي، فقد استثمر الأزمات الاجتماعية والسياسية مثل كورونا، العنف، الانتخابات، ملف الهجرة... لتغذية حالة الطوارئ الإعلامية والسياسية، واعتمد على استراتيجية دائمة للفت الانتباه والتعبئة.
ثانيًا: من حيث التأثير على الديمقراطية والمؤسسات:
1- تقويض الثقة في الإعلام المحترف، حيث هاجم الصحافة مرارًا واتهمها بالكذب والخيانة، ما أضعف ثقة قطاعات واسعة من الأميركيين بالمصادر الموثوقة، وخلقت هذه الاستراتيجية فجوة حادة بين الواقع والوعي العام، وتدمير أسس الديمقراطية الليبرالية القائمة على الإعلام الحر.
2- نشر المعلومات المضللة، فقد كان - وما زال - ترامب مسؤولًا عن آلاف الادعاءات الكاذبة أو المضللة خلال ولايته الأولى، والثانية، وأضعف فكرة "الحقيقة الموضوعية" في المجال العام، وساعد على تآكل المشترك المعرفي بين المواطنين.
3- تغذية الانقسام الداخلي والاستقطاب الحاد، حيث عزز خطاب "نحن" و"هم" على كل المستويات الإعلامية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والعرقية والقومية، وأنتج حالة غير مسبوقة من الاستقطاب الثقافي والإعلامي والسياسي، وهذا الأمر وإن كان فعّال انتخابيًا، لكن تداعياته خطيرة ومدمرة على التماسك الاجتماعي الأميركي.
- إلى أي مدى نجح ترامب في استخدام وسائل التواصل كأداة رئيسية للتأثير في الرأي العام؟
نجح دونالد ترامب بدرجة غير مسبوقة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص تويتر، ومن بعدها شبكته الخاص كأداة رئيسية للتأثير في الرأي العام الأميركي، بل يمكن القول إنه أعاد تعريف العلاقة بين السياسي والإعلام في العصر الرقمي، ومن مؤشرات ودلالات نجاح ترامب في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
1- فرض نفسه كمصدر إعلامي بديل، فلم يكن ترامب مجرّد مستخدم نشط لتويتر، بل تحول إلى منصة إعلامية بحد ذاته، وكان الملايين يتابعون تغريداته لتحديد الوضع السياسي كل يوم بل كل ساعة، ووصل عدد متابعيه إلى نحو 90 مليونًا على تويتر قبل حظره في 2021.
2- تحويل "تويتر" إلى منصة رسمية وغير رسمية، حيث استخدم "تويتر" للإعلان عن سياسات مهمة، إقالات، قرارات رئاسية، وآراء شخصية، وأصبح من غير الواضح أحيانًا إن كانت تغريداته تمثل موقفًا رسميًا أم لا.
3- استخدام الأسلوب الشعبوي المباشر، فقد خاطب جمهوره بلغة بسيطة، غاضبة، هجومية أحيانًا، وغالبًا ما تتضمن عبارات تمييزية أو اتهامية، وهذا الأسلوب عزز شعور أنصاره بأنه يتحدث باسم الشعب الحقيقي، ضد النخبة والإعلام والمؤسسات.
4- إثارة التفاعل المستمر وجذب الانتباه، فكل تغريدة كانت تُحدث ضجة إعلامية، إما تأييدًا أو غضبًا أو تحليلًا سياسيًا، وأصبح هو من يُحدد الأجندة الإعلامية اليومية بتغريدة واحدة أحيانًا.
5- خلق منظومة إعلامية موازية، فبعد معاداته للإعلام التقليدي، استخدم ترامب وسائل التواصل الاجتماعي لخلق فضاء إعلامي بديل، شمل منصات يمينية، وإنتاج خطابه الخاص خارج القنوات المؤسسية، ثم لاحقًا أطلق منصته الخاصة (Truth Social).
6- نشر معلومات مضللة وخطيرة، حيث نشر ترامب عشرات الأكاذيب المتكررة حول الانتخابات، وكوفيد-19، الهجرة، وغيرها، وبلغ الأمر ذروته في التحريض غير المباشر على اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021.
7- تقويض الثقة العامة في المؤسسات، حيث أدت تغريداته إلى تآكل الثقة في القضاء، الإعلام، الكونغرس، وهيئات الصحة، وزرع الشك الدائم في النتائج الانتخابية والمؤسسات الديمقراطية.
- كيف أثرت استراتيجية ترامب الإعلامية في مؤسسات الإعلام التقليدي الأمريكية، خاصة شبكات كبرى مثل CNN و New York Times؟
لقد أثّرت الاستراتيجية الإعلامية للرئيس دونالد ترامب تأثيرًا عميقًا وجذريًا في علاقته بالإعلام التقليدي، وخصوصًا مع شبكات كبرى مثل CNN وThe New York Times، حيث دخل معها في مواجهة مفتوحة غير مسبوقة، تحوّلت إلى معركة وجودية بين الرئاسة والصحافة.
ولعل أبرز مؤشراتها ردود فعل ترامب على التقارير التي نشرتها هاتان الشبكتان عن الضربات العسكرية التي قامت بها القوات الأميركية ضد المواقع النووية الإيرانية، في 22 يونيو 2025، وتشكيك تقاريرهما في جدوى وفعالية هذه الضربات.
- اتهام "ترامب" المتكرر لوسائل إعلام تقليدية بنشر "أخبار كاذبة".. هل هو جزء من استراتيجية مقصودة أم نتيجة للعشوائية؟
إن نشر الأخبار الكاذبة من قِبل ترامب لم يكن مجرد نتيجة للعشوائية أو الارتجال، بل كان جزءًا من استراتيجية مقصودة مبنية على وعي سياسي اتصالي مدروس، ومن الشواهد على أن نشر الأخبار الكاذبة كان سلوكًا مقصودًا وممنهجًا:
1- تكرار الرسائل بغضّ النظر عن صحتها، فترامب لم يكتف بإطلاق مزاعم معينة، بل كرّرها بشكل متتالٍ حتى أصبحت تُتداول على نطاق واسع.
2- الاستثمار في التشويش، حيث أغرق الساحة العامة بموجات من المعلومات المتضاربة والمتناقضة، ما صعّب على المواطن الأميركي التمييز بين الحقيقة والادعاء، ولم يكن الهدف فقط إقناع الجمهور، بل تفكيك المشترك الموضوعي وتقويض ثقة الجمهور في أي مصدر آخر.
3- استخدام "الحقيقة البديلة" كمفهوم سياسي، حيث صاغ فريقه (وخاصة كيليان كونواي) هذا المفهوم لتبرير تقديم روايات مناقضة للحقائق المعروفة، وهذا يشير إلى قناعة فكرية بأن الحقيقة ليست موضوعًا مشتركًا، بل يمكن صناعتها خطابياً، وهذا يتماشى مع الأدبيات الشعبوية التي تعتبر أن "نحن" نمتلك الحقيقة، و"هم" يضللون الجمهور.
وفي هذا السياق يمكن القول إنه لا يمكن إنكار أن ترامب يُظهر أحيانًا نزعة عفوية وارتجالية في التصريحات، خصوصًا في التغريدات أو أثناء الحشود الجماهيرية، لكن هذه العفوية كانت جزءًا من استراتيجية بناء صورة الزعيم الخارج عن النمط السياسي التقليدي، حتى عندما كانت الأكاذيب عفوية، فإن فريقه الإعلامي عمل على استثمارها وتضخيمها أو الدفاع عنها.
- من وجهة نظرك: هل يترك نهج ترامب الإعلامي إرثًا طويل الأمد في طريقة إدارة الخطاب السياسي بأميركا؟
نعم،بكل ثقة إن نهج ترامب الإعلامي ترك إرثًا سيكون طويل الأمد في إدارة الخطاب السياسي في الولايات المتحدة، سواء من حيث الأدوات أو الأساليب أو حتى الحدود الأخلاقية والسياسية للخطاب العام، فما فعله ترامب لم يكن مجرد حالة فردية عابرة، بل يمثل تحولًا بنيويًا في كيفية تواصل السياسيين مع الجماهير وكيف تُبنى الحقيقة وتُخاض المعارك السياسية في العصر الرقمي.
وكان من أهم وأخطر نتائجه: انهيار الثقة في المؤسسات الديمقراطية (الانتخابات، الإعلام، القضاء) إضعاف المجال العام كفضاء للحوار العقلاني، صعود القادة الشعبويين والانعزاليين، وانتقال النموذج إلى دول أخرى تقلد الخطاب الترامبي.
- برأيك: هل يمكن أن يستفيد الإعلام العربي من تجربة ترامب؟
سؤال مهم ويطرح فرصة مهمة لاستخلاص دروس من تجربة ترامب الإعلامية، خصوصًا أن الإعلام السياسي في العالم العربي يمر بتحولات كبيرة مع دخول الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، لذلك يمكن القول إن من أبرز الدروس التي يمكن للنظم الإعلامية في العالم العربي الاستفادة منها من تجربة ترامب:
1- أهمية التواصل المباشر مع الجمهور، فتجربة ترامب أكدت أن التواصل المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يتجاوز الرقابة التقليدية والإعلام الرسمي، ويخلق علاقة شخصية بين الزعيم والجمهور، وهو ما يفرض على القادة السياسيين في العالم العربي تعزيز وجودهم الرقمي بشكل مباشر، وتطوير أدوات تفاعلية تتيح للجمهور المشاركة الفعلية في الحوار.
2- قوة بناء السرد الإعلامي الموحد، فترامب برع في صياغة سرد واضح ومتماسك، حتى لو كان مثيرًا للجدل، وهو ما يتطلب ضرورة وضع سرد إعلامي استراتيجي يركز على القضايا التي تهم الجمهور، وأهمية الاتساق في الرسائل وعدم التشتت الإعلامي.
3- الانتباه إلى خطورة التضليل والمعلومات المغلوطة، فتجربة ترامب أظهرت أن نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة يمكن أن يكون أداة فعالة، لكنها تدمر الثقة بالمؤسسات والإعلام، لذا يجب على النظم الإعلامية في العالم العربي تطوير آليات لمكافحة الأخبار الكاذبة، وتعزيز ثقافة الشفافية والمصداقية لتقوية الثقة الجماهيرية.
4- تجنب الاستقطاب الحاد وتغذية الانقسامات، وأهمية بناء خطاب إعلامي يعزز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، والعمل على احتواء الاختلافات بدلاً من تصعيدها.
5 - تطوير مهنية الإعلام في عصر الرقمنة، فالإعلام التقليدي فقد كثيرًا من هيمنته بسبب التسارع في نشر المعلومات عبر وسائل التواصل، الأمر الذي يتطلب ضرورة تطوير مهارات الصحفيين والإعلاميين في التحقق من المعلومات، وتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة وتحليل المحتوى الرقمي.