ارتباك مصري بعد فشل التحركات الخارجية في ملف سد النهضة
الأربعاء - 14 يوليو 2021
- التحركات الخارجية بخصوص السد الإثيوبي منيت بإخفاق جديد في بروكسل
- اتفاق عسكري بين إثيوبيا وروسيا يستهدف حماية "السد"..ومراقبون: رسالة واضحة لمصر
- مصادر حزبية": الرئاسة أبلغت رؤساء الأحزاب باجتماع عاجل مع السيسي
- حزب "حماة الوطن" أحد أذرع المخابرات الحربية دعا إلى الاحتشاد باستاد القاهرة
- مصر طلبت من الإمارات أن تؤدي دوراً ضاغطاً على إثيوبيا .. لكن لم يتحقق شىء علي أرض الواقع
- "عبدالناصر سلامة" يدعو السيسي للتنحي .. باعتباره مسؤولا عن ما وصفها بـ "الهزيمة الثقيلة"
شهد ملف سد النهضة علي مدار الساعات القليلة الماضية كثر من التورات الخطيرة ، ومنها ارتباك في دائرة متخذي القرار المصري ، بعد فشل التحركات الخارجية في ملف سد النهضة، وتخطيط لمحاولة امتصاص غضب الشارع بعد فشل الجوالات الخارجية للنظام ، وفي سياق متصل تم اتفاق تعاون عسكري بين إثيوبيا وروسيا يستهدف حماية "السد" والذي يعد رسالة واضحة لمصر لعدم التفكير في الحل العسكري، و سامح شكري يؤكد ان مصر ننتظر مقترحات الاتحاد الأفريقي حول "الأزمة".
ومن جانبه، طالب رئيس تحري الاهرام الاسبق "عبد الناصر سلامة" السيسي بالتنحي، في حين قال مدير الأرصاد الجوية الإثيوبية أن التعبئة الثانية لسد النهضة قد تكتمل قبل موعدها المحدد بسبب غزارة الأمطار ، ومن خخلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
ارتباك مصري بعد فشل الدبلوماسية
توالت علي مدار الساعات القليلة الماضية ، فشل الجهود المصرية في اقناع دول العالم في الانحياز للموقف المصري في ملف سد النهضة ، وفرضت التطورات المتلاحقة لأزمة سد النهضة الإثيوبي، نوعاً من الارتباك في المشهد السياسي المصري، لا سيما بعد فشل التحركات المصرية الأخيرة في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، بعد تلقي مصر إخطاراً من إثيوبيا ببدء الملء الثاني للسد الذي تخشى القاهرة من أن يؤثر على حصتها من مياه النيل.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر حزبية، أن رئاسة الجمهورية أبلغت رؤساء الأحزاب باجتماع عاجل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي الخميس المقبل لبحث الأزمة.
وكشف مصدر نيابي، أن الدائرة المقربة من رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل، والذي يشرف جهازه على ملف الرأي العام الشعبي ووسائل التعامل معه، ناقشت مقترحاً بتنظيم لقاء موسع للأحزاب في استاد القاهرة الدولي، يوم الخميس المقبل، لحشد الدعم الشعبي للإدارة المصرية في التعامل مع أزمة سد النهضة، لكن هذا المقترح "لم يتم اعتماده بعد".
وكان حزب "حماة الوطن"، أحد الأذرع السياسية للمخابرات الحربية ومؤسسوه من ضباط الجيش المتقاعدين، قد دعا في بيان إلى الاحتشاد باستاد القاهرة لدعم القيادة السياسية في اتخاذ ما يلزم في الأزمة، لكنه عاد ونفى صدور بيان بهذا المعنى.
وبعد صدور البيان بيوم واحد حذر حزب حماة الوطن من "وجود صفحات مجهولة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تستغل اسم الحزب لنشر أخبار مزيفة ومفبركة من شأنها إثارة الفتن وزعزعة واستقرار المشهد السياسي والتناغم الحزبي في مصر".
وأكد المصدر أنه من ضمن السيناريوهات الموضوعة للتعامل مع الأزمة داخلياً، ومع حالة الغضب الشعبي بسبب تهديد مياه النيل الذي يعتمد عليها مائة مليون مصري، قد تتم دعوة مجلس النواب للانعقاد في الرابع والعشرين من يوليو الجاري، بعد إجازة عيد الأضحى لبحث أزمة سد النهضة ، ويوافق يوم انعقاد مجلس النواب يوم 24 يوليو، يوم السبت وهو إجازة رسمية، وعادة لا يجتمع المجلس في أيام السبت.
الأوربيون يديرون ظهورهم لمشكلة السد
ومنيت التحركات المصرية الخارجية بخصوص سد النهضة الإثيوبي، بإخفاق جديد، الاثنين، إذ أنه بعد يومين من وصول وزير الخارجية سامح شكري إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، مقر الاتحاد الأوروبي، لمحاولة حشد دعم العواصم الأوروبية لموقف بلاده في هذه الأزمة، وبعد الكثير من اللقاءات مع المسؤولين الأوروبيين، قال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية، جوزيب بوريل، اليوم، إن "أزمة سد النهضة ليست مطروحة على أجندة اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين".
وأضاف بوريل في بيان: "نتفهم قلق مصر والسودان من سد النهضة". وأن الاتحاد "يدعو إلى الحوار والتفاهم السياسي في قضية سد النهضة".
وعرض وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، اليوم الاثنين، نتائج جلسة مجلس الأمن الأخيرة، معربًا عن تقدير مصر للبيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي مؤخراً، والذي انتقد فيه إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني للسد دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب، مع تأكيد مطالبته بأهمية وضع خارطة طريق للتوصّل إلى اتفاق عادل وملزم في إطار زمني محدد".
وحاول شكري خلال وجوده في بروكسل استخدام ورقة المهاجرين "غير الشرعيين" واستعرض "الجهود المصرية الناجحة في إيقاف أي تدفقات للمهاجرين من سواحلها منذ سبتمبر 2016، فضلاً عن استضافتها لنحو 6 ملايين مهاجر ولاجئ" على حد قول بيان الخارجية المصرية.
وكانت الدبلوماسية المصرية قد فشلت قبل ذلك في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، بخصوص السد الإثيوبي. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في تصريحات تلفزيونية إن "بلاده ستعرب عن عدم ارتياحها لتجاهل إدانة الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي"
تعاون عسكري بين إثيوبيا وروسيا
علي الجانب الاخر ، وقّعت وزارة الدفاع الإثيوبية اتفاقية تعاون عسكري في أديس أبابا مع وفد من إدارات القوات الفنية للجيش الروسي، لرفع كفاءة الجيش الإثيوبي، وسط استمرار تحركات مصر والسودان للدفاع عن مصالحهما.
وأكدت وزارة الدفاع الإثيوبية -في بيان- أن الاتفاقية تهدف إلى تحديث قدرة الجيش الإثيوبي في المعرفة والمهارات والتكنولوجيا.
وبخصوص سد النهضة، قال المنسق الرئيسي لأعمال بناء قدرات الجيش الإثيوبي الجنرال باشا ديبيلي إن مشروع السد ليس مجرد تعبئة ومرور ماء من التوربينات أو إنتاج كهرباء.
وأكد ديبيلي -خلال ندوة عن جهود الجيش في حفظ الاستقرار- أن مشروع سد النهضة هو بمثابة الضوء الثاني لحرية السود، وفق تعبيره، وأن بناءه يعني تحقيق الحرية الكاملة للبلاد.
وقال وزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي إن إثيوبيا تقدّر تفهم أعضاء مجلس الأمن للمساعي التنموية الحقيقية لإثيوبيا، وإعادةَ الأمر إلى الاتحاد الأفريقي.
وأضاف بقلي أنه التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وأطلعه على مرحلة إنشاء سد النهضة والتعبئة الثانية للسد والمفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي
وقال وزير الري الإثيوبي إنه أوضح للأمين العام موقف بلاده من القضايا الفنية والقانونية العالقة لاستكمال القواعد والإرشادات الخاصة بسد النهضة
وكان المدير العام للأرصاد الجوية الإثيوبية قال إن التعبئة الثانية لسد النهضة قد تكتمل قبل موعدها المحدد بسبب غزارة الأمطار.
تحفظات مصرية على الموقف الإماراتي
وأكدت مصادر حكومية مصرية أن مصر طلبت من الإمارات، الشهر الماضي، بشكل واضح، عبر اتصالات رفيعة المستوى واستخباراتية، أن تؤدي دوراً ضاغطاً على إثيوبيا، بما تملكه من علاقات اقتصادية راسخة معها، وأن يظهر ذلك بصراحة في وسائل إعلامها، باللغات العربية والإنكليزية والأمهرية، لتكون رسالة واضحة للإثيوبيين وكذلك للعالم بأن الإمارات، إلى جانب السعودية، تدعم مصر والسودان في مساعيهما للوصول إلى اتفاق شامل وملزم، وأن تخفت وتيرة التنسيق بين أبوظبي وأديس أبابا، بالتزامن مع تأزم القضية وبدء الملء الثاني.
وذكرت المصادر أن المسؤولين الإماراتيين وعدوا نظراءهم المصريين بأن "يشهدوا مواقف أكثر إيجابية"، وأشاروا إلى أنهم سينتهجون أسلوباً دعائياً وسياسياً للضغط على إثيوبيا، وسيتم وقف بعض الاجتماعات واللقاءات المخططة سلفاً، وتأجيل مناسبتين اقتصاديتين كان من المفترض أن تجريا في يونيو/حزيران الماضي بين البلدين، مع تكثيف الاتصالات بشأن قضية السد، انطلاقاً من المبادرة السابقة التي طرحتها الإمارات، واعترضت عليها مصر والسودان، في إبريل/نيسان الماضي، والعمل على تقديم ضمانات أكبر لالتزام إثيوبيا ببنودها، أو دمجها مع المبادرة الأفريقية-الأميركية، الخاصة بالتدرج في الاتفاق، أو تجزئته إلى مرحلتين، والتي وضعت إثيوبيا لقبولها شروطاً تُفرغها من مضمونها، وحدد السودان شروطاً موضوعية لقبولها، واشترطت مصر قبول إثيوبيا الكامل بها لتنفيذها مباشرة.
سلامه يدعو السيسي للتنحي
وفي مقال غير مسبوق، دعا "عبدالناصر سلامة"، رئيس التحرير الأسبق لكبرى الصحف القومية بمصر (الأهرام)، الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" إلى إعلان التنحي عن منصبه، باعتباره مسؤولا عن ما وصفها بـ "الهزيمة الثقيلة" أمام إثيوبيا في أزمة سد النهضة.
وأورد "سلامة"، في مقاله الذي نشره عبر حسابه على فيسبوك، أن "السيسي" مسؤول عن "إضاعة حق مصر التاريخي في النيل، عندما منح الشرعية للسد موضوع الأزمة بالتوقيع على اتفاقية 2015 المشئومة، (وكان يدرك عواقب ما يفعل)"، في إشارة إلى إعلان المبادئ الخاص بمشروع سد النهضة، الذي وقعه الرئيس المصري.
واعتبر الكاتب المصري أن "السيسي" منح "إعلان المبادئ" الشرعية مجددا بلجوئه لمجلس الأمن الدولي دون إعداد جيد، وعجزه عن اتخاذ قرار عسكري "يعيد القيادة الإثيوبية المتآمرة إلى صوابها"، حسب تعبيره، على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات على شراء الأسلحة
وأضاف أن "الأمانة والشجاعة تقتضيان خروج الرئيس إلى الشعب بإعلان تنحيه عن السلطة، وتقديم نفسه لمحاكمة عادلة، عن كل ما اقترفته يداه"، مشيرا إلى تنازل الرئيس المصري عن جزيرتي البحر الأحمر (تيران وصنافير) للسعودية، وحقلي غاز بالبحر المتوسط لإسرائيل، فضلا عن خطر إهدار مياه النيل لصالح إثيوبيا، و"إهدار ثروات مصر على تسليح لا طائل من ورائه، وتكبيل البلاد بديون باهظة لن تستطيع أبداً سدادها".
واتهم "سلامة" الرئيس المصري بإشاعة حالة من الرعب والخوف بين المصريين بتهديدهم بنشر الجيش خلال 6 ساعات، وتقسيم المجتمع طائفياً ووظيفياً وفئوياً بخلق حالة استقطاب غير مسبوقة، وسجن واعتقال عشرات الآلاف بمبرر ودون مبرر، وتحويل سيناء إلى مقبرة لجنود الجيش وضباطه؛ "نتيجة إدارة بالغة السوء لأزمة ما كان لها أن تكون".
ووجه رئيس تحرير الأهرام الأسبق رسالة مباشرة إلى "السيسي" جاء فيها: "افعلها وتنحى يا سيادة الرئيس من أجل إنقاذ مصر إذا كنت بالفعل مصرياً، هي الحسنة الوحيدة التي سيذكرها لك العالم وتمحو من ذاكرتهم تهمة الانقلاب التي تؤرقك والتي كانت سبباً في معظم التنازلات الخارجية، افعلها حتى يكون لدى القوات المسلحة حرية التصرف قبل فوات الأوان، وسوف تجد هذه القوات دعماً غير مسبوق من كل فئات الشعب إن هي فعلت ما يجب، مع الوضع في الاعتبار ألّا شرعية لأحد لم يدافع عن النيل"
وتابع: "سوف نستبعد نظرية المؤامرة، والخيانة، والعمالة، وكل ماهو مطروح في الشارع حالياً، نأمل فقط أن تستطيع إثبات أن الموضوع كان مجرد خطأ في التقدير نتيجة حُكم الفرد والانفراد بالقرار، حين ذلك لن تكون هناك العقوبة القصوى، رغم إنني شخصياً أشك في ذلك".