إدانات بالجملة للأحكام المسيسة بمصر

الاثنين - 30 مايو 2022

إدانات بالجملة للأحكام المسيسة بمصر

توالت على مدار الساعات القليلة الماضية،  سلسلة من الأحكام المسيسة الجائرة، على معارضين مصريين، لتؤكد استمرار انحراف العدالة في مصر عن مسارها الطبيعي، كما توالت الإدانات وردود الأفعال الغاضبة حول تلك الأحكام سواء من الحقوقيين أو النشطاء، مما جعل البعض يصفه ب " الفجور في الخصومة " حيث أصدرت جنايات أمن الدولة العليا طوارئ حكما  بسجن نائب المرشد العام للإخوان المسلمين د. محمود عزت والمرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية د. عبد المنعم أبو الفتوح .. و7 آخرين  لمدة 15 سنة، كما أصدرت أحكاما غيابية بالمؤبد لكل من أ إبراهيم منير ومحمد سيد سويدان وهاني هاشم وضياء المغازي وحسين يوسف ومحمد حشمت ولطفي السيد وحسام عقاب وأيمن عقاب وأيمن محمد وعمر صلاح ومحمود حميد ومحمد ياسر وعطية عاشور، وقد تزامن ذلك مع إحالة النائب العام 17 إعلاميا بالخارج إلى محكمة الجنايات بتهمة نشر أخبار كاذبة..

وقد أثار الحكم على  " محمود عزت"  و "أبو الفتوح " وغيرهم من شرفاء العمل الوطني، غضباً واستهجاناً، خاصة وسط دعوات للحوار الوطني ! ، كما ووصفه مغردون بالحكم المسيّس، نظراً لعدم تناسب الاتهام مع عدد سنوات السجن. وعقد العديد من النشطاء مقارنة بين الحكم على أبو الفتوح مثلا ورجل الأعمال محمد الأمين، حيث حُكِم على الأخير بثلاث سنوات فقط بتهمة هتك العرض والاتجار في البشر!

من جانبه ، دان المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمون"، علي حمد، الأحكام الصادرة ، واصفا إياها بأنها "هزلية وانتقامية و تزيد من فضح هذا النظام الانقلابي الذي أدمن التنكيل بالجميع"، وذلك في تصريح  نشره مساء الأحد موقع "إخوان أونلاين" وظهر أيضا على منصات التواصل الخاصة بالمتحدث الإعلامي.

كما أكد اتحاد القوى الوطنية، " أن استغلال النظام للقضاء لإصدار هذه الأحكام الجائرة بحق خصومه السياسيين- فوق أنها تجهز على سمعة القضاء المصري تماما- فإنها لن تحقق للنظام أمنا ولا استقرارا ، منوها في بيان له عبر منصاته الرسمية : " أن هذه الأحكام تتنافى تماما مع الدعوة التي أطلقها رأس النظام لحوار وطني لا يستثني أحدا، كما يتنافى تماما مع الوعود المتتالية باحداث انفراجة في ملف حقوق الإنسان ."

فيما وصف الكاتب الصحفي جمال سلطان الحكم بـ"الفجور" في الخصومة السياسية، معتبرا أن ما يحدث لا يبرهن عن وجود أمل في النظام الحاكم في مصر وأن دعوات الحوار الوطني "كذبة"، على حد قوله.

وعبّرت ماجدة محفوظ عن الوضع بالقول: ‏"حُكم على د عبد المنعم أبو الفتوح بـ15 عاماً، و10 أعوام لمحمد القصاص! من محكمة أمن دولة عليا "طوارئ"! رغم إنه ألغى حالة الطوارئ رسمياً. كان الوطن يسعنا كلنا وحوار وطني، وإفطار العائلة المصرية ولجنة العفو الرئاسي وبالنهاية كل ده فنكوش!".

وتساءلت الناشطة منى سيف: ‏"الحكم على عبد المنعم أبو الفتوح بـ15 سنة سجن، وعلى محمد القصاص ومعاذ الشرقاوي بـ10 سنين سجن! هو انتو مش ناويين تكتفوا خالص؟ لازم يتدفنوا كلهم جوة سجونكم؟! مش طبيعي والله مستوى التوحش اللي مضطرين نتعامل معاه بشكل يومي".

وشارك الحقوقي جمال عيد: ‏"النهاردة الحكم في قضية ظالمة بعد حبس سنين للدكتور عبدالمنعم أو الفتوح ومحمد القصاص. أبو الفتوح والقصاص وآلاف من الأبرياء، هم من يستحقوا الدعم والتعاطف، أكره وضد كل من ساهم في احتجازهم، وسلب حريتهم أو الصمت على ظلمهم، وأي سن في ترس ماكينة القمع اللي بنعاني منها يستحق العقاب".

ووصف الحقوقي بهي الدين حسن: ‏"عندما تكون الأحكام القضائية، برهانا على مدى هيمنة البلطجة السياسية على نظام الحكم في مصر".

وإحالة 17 إعلاميا بالخارج للقضاء

وفي سياق متصل ، قال المرصد العربي لحرية الإعلام إن النيابة المصرية أحالت 17 إعلاميا وموظفا إلى محكمة الجنايات (الدائرة الرابعة إرهاب) بتهمة نشر أخبار كاذبة بشأن تفشي فيروس كورونا، وعدم اتخاذ مؤسسات الدولة الإجراءات الاحترازية اللازمة لمواجهته، وتعمد عدم تقديم الرعاية الطبية اللازمة لنزلاء مراكز العلاج، معتبرا ذلك "خطوة جديدة لملاحقة الإعلاميين المصريين المعارضين في الخارج".

وأشار، في بيان له، إلى أن "الاتهامات لا تقتصر على جرائم النشر التقليدية فقد أضافت النيابة تهمة جنائية أخرى، وهي تكوين ما وصفته بـ (اللجنة الإعلامية للإخوان المسلمين)، وحملت القضية رقم 143 لسنة 2022 كلي القاهرة، وهي مقيدة برقم 773 لسنة 2020 حصر أمن دولة، وقد عقدت المحكمة أولى جلساتها الخميس 26 أيار/ مايو، وقررت تأجيلها إلى جلسة 12 حزيران/ يونيو المقبل".

فيما ضمت قائمة الإعلاميين المُحالين للمحكمة كلا من: رئيس رابطة الإعلاميين المصريين في الخارج د. حمزة زوبع، والمذيعين بقناة مكملين " سيد توكل، وحسام الشوربجي" ، والمذيع في قناة الشرق " عماد البحيري " ، بالإضافة إلى أمين يوسف، وعبد الحكيم عامر، وهشام متولي، وإسلام علواني، وإبراهيم سعيد، ومحمد أحمد، ومحمد محمد سعيد، وصهيب سامي، ومحمد أبو زيد، وطارق إبراهيم، وعلاء الدين فوزي، وأحمد فوزي، ومحمد حسام، وآخرين".

وشدّد المرصد على أن "هذه الملاحقة الجديدة لهؤلاء الإعلاميين جاءت بعد سلسلة من الملاحقات السابقة للإعلاميين المصريين العاملين في الخارج، تضمنت إدراج عدد كبير منهم على لوائح الإرهاب والمنع من السفر، وعدم تجديد جوازات سفرهم، كما تضمنت صدور العديد من الأحكام بالحبس لعدد كبير منهم، وإضافة إلى كل ذلك ملاحقة أسرهم واعتقال أشقائهم وآبائهم بهدف الضغط عليهم لمنعهم من ممارسة عملهم".

ولفت مرصد حرية الإعلام إلى أن "هذه الخطوة تأتي معاكسة تماما للدعوة التي أطلقها النظام مؤخرا لحوار وطني، وتتناقض مع الوعود بفتح المجال العام، والإفراج عن الصحفيين المحبوسين، كما أنها ستعزز السمعة السلبية لمصر في مجال حرية الصحافة حيث تقبع في المنطقة السوداء محتلة المركز 168 عالميا"

وطالب المرصد بـ "وقف ملاحقة الإعلاميين المصريين داخل مصر وخارجها، سواء بالاعتقال أو المحاكمات أو الفصل أو الإدراج على قوائم الإرهاب والمنع من السفر"، مشدّدا على ضرورة "سرعة الإفراج عن الصحفيين المحبوسين سواء بقرارات حبس احتياطي أو بأحكام قضائية لم تتوفر لها ضمانات المحاكمة العادلة".

ومنظمات حقوقية تدين الاحكام المسيسة بحق نشطاء

وفي سياق متصل، استنكرت 29 منظمة حقوقية مصرية ودولية الأحكام المسيسة التي تصدر في حق معارضين ونشطاء بمصر، ووجهت رسالة عاجلة إلى وزيرة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية الدولية إليزابيث تراس ووزارة الخارجية البريطانية، ناشدوهما فيها الضغط من أجل إطلاق سراح الناشط السياسي المصري الحاصل على الجنسية البريطانية علاء عبد الفتاح.

وقالت المنظمات، في رسالتها المشتركة يوم الجمعة : "يواجه الناشط والمدوّن ومطوّر البرمجيات علاء عبد الفتاح، الذي يحمل الجنسيّتَيْن البريطانية والمصريّة – والمُعتقَل في مصر بهدف إسكاته ومنعه من ممارسة نشاطه – خطراً بالموت في حال لم تتدخّل وزارة الخارجية البريطانية فوراً لضمان حمايته".

وتابعت المنظمات: "لم يحصل علاء بعد على زيارة قنصليّة من المملكة المتّحدة، ولا يزال يطالب القضاء بالنظر في الشكاوى التي قدّمها هو وعائلته حول ظروف اعتقاله وبالتواصل مع محامين بريطانيّين." ، مطالبة وزارة الخارجية البريطانية بضمان الإفراج العاجل عن علاء ونقله الآمن إلى المملكة المتّحدة.

ومن المنظمات الموقِّعة على الرسالة أكساس ناو، وسمكس (SMEX)، والقسط لحقوق الإنسان (ALQST)، والمادة 19 (Article19)، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير (AFTE)، وجمعية الاتصالات التقدمية (APC)، وكوميتي فور جستس (CFJ)، و(CPJ) لجنة حماية الصحفيين.

كذلك وقعت على الرسالة دمج للعدالة والمساواة، ومؤسسة الحدود الإلكترونية (EFF)، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES)، و(Freedom House) فريدم هاوس، وفرونت لاين ديفندرز، والأصوات العالمية (Global Voices)، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، آيفكس (IFEX)، ومسار – مجتمع التقنية والقانون، وميدان (Meedan)، ومنَا لحقوق الإنسان، ومنظمة القلم أميركا (PEN America)، ومشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (POMED)، ومراسلون بلا حدود (RSF)، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS).

يذكر، أن  مركز شفافية للأبحاث والتوثيق وإدارة البيانات" ، قد وثق مؤخرا تعرض أكثر من 16 ألف شخص من أصحاب الخلفية السياسية للملاحقة الأمنية والقضائية خلال عامي 2020 و2021، في محافظات الجمهورية باستثناء شمال سيناء

ووفق التقرير فقد تم عرض أكثر من نصف الملاحقين على نيابة أمن الدولة، فيما تم عرض الباقي على النيابة العامة، باستثناء شخص واحد تم عرضه على النيابة العسكرية.