إحسان الفقيه تكتب: شهادة الشيخ محمد حسان
الثلاثاء - 10 آغسطس 2021
يحاول القضاء الانقلابي السيساوي؛ كتابة شهادة وفاة العمل الإسلامي غير الرسمي في مصر!
المتابع يلحظ بوضوح طبيعة الأسئلة الفكرية والمنهجية التي تخرج تماما عن دائرة الشهادة في القضية،وإزاء ذلك يكون على الشاهد الداعية إما أن يصطدم مباشرة بالنظام، أو المداهنة بتقديم إجابات على هواه.
على المستوى الشخصي،لا أتهم الشيخ محمد حسان بالنفاق كما فعل البعض،وأحسبه كان مصيبا موفقا في كثير من الإجابات،خاصة التأصيل الشرعي في قضايا التكفير والدماء المعصومة،وأزعم أن ما نطق به الشيخ يعبر عن قناعاته،لكن ذلك لا يمنع من الوقوف عند خطابه بالنقد وبيان أبرز أخطائه التي وقع فيها
اولا:الشيخ محمد حسان؛كان في حديثه كسائر على حبل بين شاهقتين،فهو يخشى من شهادة الزور من جانب،ويحاول تأمين نفسه من التحدث بما يوقعه في مرمى بطش النظام.
لا نُبرر له ولكن أن نتهمه بالنفاق ففي ذلك ظلم لا نحتمل عواقبه،وبما أننا ندافع عن أي مُسلم مظلوم،نرفض شتمه والتطاول عليه.
في البداية تحدث الشيخ محمد حسان عن نشأة جماعة الإخوان كجماعة دعوية ثم تحولت إلى حزب سياسي يهدف إلى الحكم،في تماهٍ مع ما تريده المحكمة من القول بأن الإخوان هدفهم كان الحكم،وهنا نطرح سؤالنا على الشيخ حسان باعتباره أحد رجال العلم:وهل العمل السياسي ينفصل عن الدعوة يا شيخ حسان؟
أليس تغيير نظام الحكم الجائر إلى إسلامي عادل هو أحد الأهداف الرئيسية لأي دعوة؟ وفي الجُملة أليس الوصول إلى الحكم شيئا مشروعًا لكل الأحزاب؛ يا شيخ محمد حسان؟
تحدث الشيخ محمد حسان عن أسباب فشل الإخوان وحصرها في أن الجماعة لم تستطع الانتقال من سياسة الجماعة ذات الطيف الواحد إلى سياسة الدولة ذات الأطياف المتعددة،إلا أنه لم يشر من قريب أو من بعيد إلى تلك المعوقات المفتعلة التي تم بها عرقلة مسيرة نظام الإخوان..
الشيخ محمد حسان واتته الشجاعة ليبين ما يتعلق بأخطاء الإخوان،لكنها لم تواته في الحديث عن القوى والكيانات التي وضعت العراقيل أمام حكم مرسي، بما يعني أن الشيخ تكلم ببعض الحق الذي يراه وسكت عن البعض الآخر إيثارا للسلامة..
قال الشيخ محمد حسان: "لما حدث الصدام الحقيقي بين الجماعة والدولة بكل مؤسساتها جيشًا وشرطةً وإعلامًا وقضاءً، رفعت الجماعة شعار الشرعية أو الدماء"،ك!
وهذه سقطة كبيرة من الشيخ حسان، فكلامه يعني أن الجماعة قد انتهجت العنف ضد مؤسسات الدولة، وهذا باطل بيّن البطلان.
يا شيخ محمد حسان؛الإخوان التزموا السلمية،رغم تهكّم البعض عليهم-في تلقيهم الضربات-بعد شعار مرشدهم:"سلميتنا أقوى من الرصاص"!
أولا يُحسب لهم أنهم لم يُغرقوا مصر بحرب أهلية،رغم القاعدة الجماهيرية العريضة منهم ومن مؤيديهم والذين لو كانوا قد تلقوا أوامر بحمل السلاح لأغرقوا مصر بالدماء؟
حديث الشيخ محمد حسان،عن الفرق بين منهج السلفية والإخوان،فأرى أنه قد جانبه الصواب،حيث ذكر أن هناك اختلافا في أصول المنهج،وهذا غير صحيح،فالأصول لدى الطرفين في الاعتقاد وأصول النظر والاستدلال واحدة كشأن سائر أهل السنة،إنما كان لابد أن يذكر أنه خلاف في الرؤية الإصلاحية.
قول الشيخ محمد حسان بأن المنهج السلفي يتبنى أصل التوحيد الخالص بخلاف الإخوان،هو تعبير غير موفق،لأن الحاكمية التي يسعى الإخوان لإرسائها هي من التوحيد،والقدح بالتوحيد لا يقتصر على تعطيل صفات الله،بل يتضمن أيضا تعطيل شريعته وتفرده بالحكم سبحانه،فالدعوة لتحكيم الشريعة جزء من التوحيد.
يا شيخ محمد حسان؛الجماعة العاملة لا تمثل الدولة،وإذا تخصصت في جزئية معينة علمية أو دعوية أو اقتصادية أو سياسية،فلا يعيبها ذلك طالما أن مرجعية عملها في أحد الجوانب هو الكتاب والسنة، فالسلفيون أنفسهم تخصصوا في الجانب العلمي والدعوي، فهل يحق لنا أن نتهمهم بالقصور وعدم الشمولية؟!
حسب فهمي واطلاعي المتواضع؛ لا أنكر أن دعوة الإخوان المسلمين؛ كانت تتبنى التكثيف لا التركيز، بمعنى توسيع رقعة المؤيدين والمنتمين دون التركيز على البناء العلمي في مجال العقيدة والفقه،أي التوسع الأفقي لا الرأسي،بينما كانت تركز على المنهج الحركي للسيرة النبوية،والأمور السياسية.
نجح القاضي في أن يستصدر من الشيخ محمد حسان إقرارا بأن المؤسسات الدعوية والخيرية لابد وأن تكون تحت سيطرة الدولة،حتى لا يتصدر للحديث عن الله ورسوله غير المؤهلين،وهو بذلك يؤيد بغير أن يشعر سياسات الدولة في جعل الخطاب الدعوي محصورا في نطاق المؤسسات الرسمية التابعة لها فحسب.
إقرار الشيخ محمد حسان،كلام القاضي بأن سيد قطب هو أصل الفكر التكفيري،يناقض دفاعاته التي اشتهر بها عن سيد قطب،لدرجة أن التيار المدخلي الجامي كان لا يكف عن الهجوم على الشيخ حسان بسبب دفاعه عن قطب وثنائه عليه !
كان الأحرى بالشيخ محمد حسان، كما أوضح أن بعض المتأثرين به قد فهموا كلامه على وجه خاطئ، أن يبين كذلك الفهم المغلوط الذي خرج به التكفيريون من قراءاتهم لكتابات سيد قطب، لا أن يُحمله مسؤولية التكفير في هذه الشهادة التاريخية !
ما عدا ذلك،لا أرى أن الرجل قد جانب الصواب في بقية كلامه،ولا أرى مُبررا للهجوم الكاسح عليه،أو اتهامه بالنفاق،ولنكن واقعيين ولا نحمل الرجل فوق طاقته ونطالبه بذكر مساوئ النظام الحالي وظلمه وجوْره،فهذا أمر عسير،ولو افترضنا أنه قد فعل ذلك،فهل كانوا سيُذيعون شهادته؟ وكيف سيكون مصيره؟
الكلام عن الثبات ومواجهة الظالمين سهل،بل أيسر شيء حينما يتحدث به بعضنا إلى بعض،لكن الصِدام مع سلطة انقلابية دموية جائرة على هذا النحو هو مما لا يطيقه أحد.
-هل أخطأ الشيخ محمد حسان؟
-نعم وقد يرى البعض أنه أجرم
وما كتبته أعلاه يعتمد على مُجمل فهمي لديني وواقعي
والله من وراء القصد.
المصدر : صفحةً الكاتبة على فيس بوك