أسامة حمدان لـ"إنسان للإعلام": يجب التركيز على الصورة الحقيقية لجرائم "إسرائيل" ضد الإنسانية في غزة
الأربعاء - 12 نوفمبر 2025
"حمدان" في تصريحات خاصة عقب ندوة "غزة.. قراءة في الواقع والتحولات" بإسطنبول:
- 80% من قطاع غزة دُمر بالكامل وهناك 60 ألف يتيم بعضهم هو الناجي الوحيد من عائلته
- السلاح المُلقى على قطاع غزة يعادل 12 مرة من القنابل النووية التي دمرت ناجازاكي وهيروشيما
- لابد من محاسبة المسؤولين عن الجرائم وتقييد حريتهم في التنقل بحرية حول عواصم العالم
- القضية لن تموت.. وعلى النخب أن تُحول وقائع الحرب إلى أفكار وبرامج عمل لتحريك الشعوب
- ما يجري في الأمة لايتعلق بصراعات داخلية ولكن بمشروع لتفكيك قدراتها لصالح إسرائيل
- الشعب الفلسطيني منح المقاومة الثقة بقدرتها على الصمود وإعادة البناء حتى وإن طالت المعركة
"إنسان للإعلام- إيمان سلامة:
عقب ندوة خاصة نظمتها المنسقية الإعلامية لفلسطين والمؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، في إسطنبول، الثلاثاء 11 نوفمبر2025، تحت عنوان "غزة.. قراءة في الواقع والتحولات"، اختص القيادي في حماس أسامة حمدان مركز "إنسان للدراسات الإعلامية" بالإجابة على مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالدور المطلوب إعلاميا لإبقاء القضية الفلسطينية حية على الساحة الدولية بعد سقوط السردية الصهيونية، وخاصة في نفوس الشعوب العربية والإسلامية، في ظل تشابك قضايا الأمة، والأحداث الجارية في السودان.
قال "حمدان"، في رد على سؤالنا: ماذا بعد سقوط السردية التي حاول الاحتلال فرضها عالميًا، والدور المطلوب للحفاظ على حضور القضية الفلسطينية على الساحة الدولية؟: يجب التركيز على الصورة الحقيقية للجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية في غزة، فنحن نتحدث اليوم عن أكثر من 60 ألف يتيم؛ بعضهم هو الناجي الوحيد من عائلته، ومن بينهم أطفال لم يتجاوزوا عامهم الأول.
وتحدث عن الدمارٍ الهائل، موضحا أن حوالي 80% من قطاع غزة مدمّر بما فيه المدارس، المساجد، الكنائس والمستشفيات كلها دُمّرت، مضيفا: "هذه هي صورة الجريمة، جريمة الإبادة، لذلك يجب التركيز على عرض هذه الحقائق للرأي العام العالمي، لأن إبراز حجم المأساة يحافظ على حضور القضية في المشهد الدولي ويحاصر محاولات الاحتلال للتحكم بالسرد الإعلامي وحجب الحقيقة".
كما يجب تركيز الجهود على محاسبة المسؤولين عن الجرائم، وعدم تركهم يتنقلون بحرية في العواصم العالمية، فكلما شعر هؤلاء بأنهم يستطيعون السفر دون مساءلة، سيستعيدون الثقة بسرديتهم ويحاولون إعادة ترويجها.
وأشار حمدان إلى أنه بعد عدوان عام 2009، كانت هناك قضايا قانونية في بريطانيا لملاحقة مسؤولين إسرائيليين، وأدى هذا إلى تجنب بعضهم السفر إلى لندن، وهذا النوع من الضغط يمكن أن يتكرر في دول أخرى ويستهدف ضباطًا ومسؤولين ووزراء.
وأضاف: يجب الاستفادة من الروايات التي تصدر من الإسرائيليين أنفسهم، من جنود أو مسؤولين، والتي تكشف ما حدث وتدعم مصداقية الرواية الفلسطينية، فيجب إظهار كيف كان خطف وقتل الأطفال، وكيف حدث الاعتداء والتدمير، وهذه ليست مجرد قصص تُروى، بل عبارة عن صور موثقة، وتسجيلات بالكاميرا، وشهادات قالها الجنود في إطار واسع و أمام شهود، وكل ذلك مهم في تثبيت الرواية وتأكيد أن ما جرى هو عملية إبادة منظمة بحق الشعب الفلسطيني، وجريمة ضد الإنسانية.
القضية لن تموت
وفي إجابته على سؤال: كيف يمكننا إبقاء القضية حية في نفوس الشعوب العربية والإسلامية؟، قال: "أعتقد أن القضية لن تموت عند الشعوب"، مشيرا إلى أن "حيوية القضية هي أن تتحول إلى فعل، وأنا أعتقد أن هذا الموضوع يختص بالنخب بشكل أساسي، والتي يجب أن تحول الوقائع التي جرت على مدى عامين -وهي كثيرة جدا- إلى أفكار وبرامج عمل تحرك الشعوب، عندما نتكلم عن ثمانين ألف شهيد، هؤلاء كل واحد له قصة يجب أن تروى وإذا رُويت ستكون عاملا محفزا ومهما عندما نتكلم عن طبيعة الجريمة الإسرائيلية.
وأكد أن السلاح الذي أُلقى على قطاع غزة من قذائف يعادل 12 مرة من القنابل النووية في ناجازاكي أو هيروشيما، وهذا يعني حجم هائل من الدمار، مضيفا: "أنا أعتقد أن حياة القضية موجودة، والمطلوب كيف تتحول هذه المسألة إلى قوة فعل وإرادة فعل داخل الأمة؟".
مشروع تفكيك الأمة
وبسؤاله عن إمكانية أبقاء القضية حية عربيا وإسلاميا، في ظل تشابك قضايا الأمة وتصاعد أحداث السودان على سبيل المثال، أجاب بأنه لا يجب أن يكون الاهتمام الفلسطيني على حساب أي قضية أخرى من قضايا الأمة، ففي النهاية هذا جراح واحد.
وأوضح أن ما يجري في الأمة، لا يتعلق بشكل أساسي بصراعات داخلية بقدر ما يتعلق بمشروع لتفكيك قدرة الأمة لصالح إسرائيل، متسائلا: ما الذي يعنيه تدمير السودان؟ يعني فتح الباب لتفكيك دول كبرى أخرى مجاورة، سواء مصر شمالا أو المملكة العربية السعودية شرقًا.
واستطرد: قبل سنوات لو قيل إن هناك هدف لتفكيك السودان، لربما كثيرين قللوا من ذلك، لكن الآن أصبح الأمر واضحًا، فحينما يتحدث المبعوث الأمريكي توم براك إلى المنطقة ويقول إنه لم تعد هناك قيمة لحدود "سايكس بيكو"، هذا يعني أن المشروع الاستراتيجي هو إعادة رسم خارطة المنطقة، وتأكيد أن يحاول الأمريكي رسم خارطة المنطقة وفق مصالح قوى عالمية تتقاطع مصالحها استراتيجيًا وتكتيكيًا مع مصالح إسرائيل.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني منح المقاومة الثقة في أنها قادرة على الصمود حتى وإن طالت المعركة، وهو قادر على إعادة البناء إذا ما انتهت المعركة بصمود المقاومة.
فشل المنظومة الدولية
وكانت الندوة، التي شارك فيها الأمين العام للائتلاف العالمي لفلسطين منير سعيد بحضور عدد من القنوات الفضائية ومراكز الأبحاث والإعلاميين، قد بدأت بحديث "حمدان" عن المحطات التي سبقت وقف إطلاق النار، والجهود الدولية في التفاوض وفشل هذه المنظومة، موضحًا التناقض الكبير بين مطالبها بالحقوق والحريات والمساواة وبين غض الطرف عن بشاعة الأحداث في غزة.
وأوضح من خلال الإحصائيات أن هناك ٨٠ ألف شهيد،١٥٠ ألف جريح،٦٠ ألف طفل يتيم و٣٠ ألف طفل مبتوري الأطراف كاملة أو بشكل جزئي، بالإضافة إلى عدد الأطفال الذين لم تُعرف عائلاتهم.
وأشار إلى حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية، بتغطية أمريكية للسلاح المستخدم في الحرب على مدار عامين،مؤكدا أن تلك الجرائم أسقطت الرواية الإسرائيلية بقوة، فما يروى عن سردية الدفاع عن النفس التي تتغنى بها اسرائيل بات واضحا من خلال كمية العنف الهستيري الذي طال كل شئ في القطاع.
الحق الفلسطيني لن يسقط
وأكد "حمدان" أن الحق الفلسطيني لن يسقط، وأن التضحيات التي قدمها الفلسطينيون هي استكمال المسير نحو تحرير الأرض ونهضة الأمة الاسلامية جمعاء، مشيرًا إلى الجاهزية العالية لترتيب البيت الداخلي وإعادة الإعمار وبسط الأمن العام في كل القطاع.
وقال: كان يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣م كفيلاً بأن يسقط الرواية الإسرائيلية ويرسل للعالم رسالة واحدة مفادها أن إسرائيل التي روجت بأنها تمتلك أقوى ترسانة عسكرية، أظهرت الإحصائيات أن جنودها يعيشون أكبر حالة انقسام عرفها الاحتلال، فهى تطال قرابة مليون ضابط وعسكري إسرائيلي فضلاً عن خروج ١٤٠٠٠ جندي من الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى هجرة الكثيرين ومنهم عدد من كبار الخبراء الذين وصل عددهم ٢٨ ألف خبير، مضيفا أن "طوفان الأقصى" هو الذي ذكّر العالم أنه لابد أن تكون هناك دولة فلسطينية.
حِراك الأمة الإسلامية
وحول حِراك الأمة الإسلامية منذ انطلاقة "طوفان الأقصى"، أكد أنه كان هناك جهد أقل مما نريد ولكن الأهم أن الأمة لم تستسلم، وأصبح هناك جرأة على مقاومة الكيان الصهيوني، وكذلك أكد تقدير "حماس" لدور الشعوب وجهدها المبذول رغم التضييق عليها.
وقال: إن الطوفان الأوربي، الذي اجتاح العالم، قد أفرغ مخزون الاعتقاد بأن هناك حرية ومساواة وعدالة طالما هناك جريمة مشاهدة هي الأبشع في التاريخ وينتهك فيها الحق الآدمي بصورة غير معهودة.
وحينما سئل عن القانون الجديد الذي أقره الكنيست بالقراءة الأولى، قبل يومين، بإعدام الأسرى الفلسطينيين، أكد أن هذا القانون مناقض للقانون الدولي واتفاقية جنيف ويجب معاملة الأسرى الفلسطينيين المقاومين معاملة أسرى الحروب وفق القانون الدولي، لكن هذا لم يتحقق منذ سبعين سنه، واليوم زاد خروج الكيان على القانون الدولي، وهو بهذا يقول إن المعركة صفرية، وأنه يجب أن يقتل ويبيد الشعب الفلسطيني بالقصف والتدمير أو بالأسر، وهذه السياسة ماضية منذ الاحتلال البريطاني ومع ذلك لم تتوقف المقاومة.
رسالة عالمية واضحة
وحول الوعي العالمي المتزايد بعد حرب في غزة، أشار "حمدان" إلى أن قدرة المزاج العالمي على التغيير وتصعيد قيادات جديدة وضع القادة السياسيين الحاليين في موقف محرج مع شعوبهم، فعندما نجد أن مليون متظاهر ينزلون في روما احتجاجاً على رئيسة الوزراء وموقفها المتواطئ مع الكيان الصهيوني ضد النشطاء السياسيين المشاركين في أسطول الصمود، فهذا يمثل رسالة واضحة للطبقة السياسية الأوروبية وللعالم وللإسرائيليين.
وتابع: "المهم كيف يتم تعزيز الرواية الفلسطينية التي تأكد العالم من حقيقتها ومنع الكيان الصهيوني من تشويهها، لاسيما أنه يمتلك قدرة إعلامية عالية ومنصات عالمية، وسمعنا مؤخرا عن اتفاقاته مع بعض المنصات العالمية لإعادة تسويق الرواية الإسرائيلية مقابل مبالغ مالية هائلة".
وبسؤاله: هل يعتبر هذا الوضع بداية النهاية لإسرائيل؟ قال: "انا اعتقد أن الطوفان الذي انطلق يوم 7 أكتوبر لن تكون نهايته إلا في القدس".
وفي النهاية، خرجت الندوة بعدد من التوصيات أبرزها:
- العمل علي الحفاظ علي المد الأوروبي الذي ارتوت منه الساحات والميادين في دول الاتحاد.
- تكثيف الحضور الإعلامي وخاصة في المساحات الجديدة المبتكرة والتي تنال شغف الجماهير.
- الاستمرار في المقاومة كفعل مطلوب لضمان التوصل للحق الفلسطيني كاملاً.
