"هيومن رايتس": مواجهة المستبدين ضرورة حتمية لحل مشاكل العالم
السبت - 15 يناير 2022
قال المدير التنفيذي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث، الخميس 13 يناير 2022، ضمن "التقرير العالمي 2022" الذي أصدرته المنظمة: إن الزعماء المستبدين واجهوا ردود أفعال كبيرة وملموسة في 2021، لكن الديمقراطية لن تزدهر في وجه الاستبداد إلا إذا حسّن القادة الديمقراطيون أداءهم في معالجة المشاكل العالمية.
أضاف روث: "في دولة تلو الأخرى، خرجت أعداد كبيرة من الناس إلى الشوارع، بالرغم من خطر التعرض للاعتقال أو لإطلاق النار، ما يدل على أن جاذبية الديمقراطية ما تزال قوية. لكن القادة المنتخبين بحاجة إلى تحسين أدائهم في مواجهة التحديات الكبرى لإظهار أن الحكومة الديمقراطية تحقق المكاسب الموعودة".
وأكد أن أداء الأنظمة الديمقراطية ليس أفضل خارج حدودها. فغالبا ما تنزل إلى مستوى تنازلات الواقعية السياسية، داعمةً "الأصدقاء" المستبدين للحد من الهجرة، أو محاربة الإرهاب، أو حماية "الاستقرار" المفترض بدلا من الدفاع عن المبادئ الديمقراطية.
على عكس احتضان ترامب للحكام المستبدين غير المعادين عندما كان رئيسا للولايات المتحدة، وعد بايدن بسياسة خارجية من شأنها أن تسترشد بحقوق الإنسان. لكن الولايات المتحدة استمرت بتقديم الأسلحة لمصر، والسعودية، والإمارات، وإسرائيل على الرغم من القمع المستمر الذي مارسته هذه الدول. أما في مواجهة الاستبداد في أمريكا الوسطى، أعطى بايدن الأولوية لجهود الحد من الهجرة بدلا من إنهاء الاستبداد.
أظهر زعماء غربيون آخرون ضعفا مماثلا في دفاعهم عن الديمقراطية. ساعدت حكومة المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل على حشد إدانة عالمية لجرائم الحكومة الصينية ضد الإنسانية في شينجيانغ. ولكن أثناء توليها رئاسة "الاتحاد الأوروبي"، ساعدت ألمانيا في الترويج لاتفاق استثماري للاتحاد الأوروبي مع الصين رغم استخدام بكين العمل القسري من قبل العمال الأويغور.
ساعدت حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تنسيق الإدانة الواسعة لسلوك بكين في شينجيانغ، لكنها تجاهلت الوضع المزري في مصر.
قال روث إنه إذا ما أريد للأنظمة الديمقراطية أن تنجح، على قادتها أن يفعلوا أكثر من مجرد تسليط الضوء على أوجه التقصير الحتمية للحكم الاستبدادي. عليهم أن يقوموا بعمل أفضل لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية لضمان أن الديمقراطية تحقق بالفعل المكاسب التي تعد بها.
ويصف تقرير هيومن رايتس ووتش العالمي 2022، في نسخته الـ 32، حالة حقوق الإنسان في جميع البلدان التي تعمل فيها المنظمة، وعددها حوالي 100.
في مقالته الافتتاحية، يتحدى روث الرأي السائد القائل إن الاستبداد آخذ في الصعود والديمقراطية آخذة في التدهور. وقال: يزعم العديد من الحكام المستبدين أنهم يخدمون شعوبهم أفضل من القادة المنتخبين ديمقراطيا، لكنهم عادة ما يخدمون أنفسهم في المقام الأول ثم يحاولون التلاعب بالأنظمة الانتخابية حتى لا يتمكن المواطنون من إظهار أي تقييم سلبي. وأضاف أن الحكام المستبدين يحاولون عادة صرف الانتباه من خلال دعوات عنصرية، أو متحيزة جنسيا، أو معادية للأجانب.
أوضح أن فيروس كورونا سلّط الضوء على هذا التوجه في خدمات المصالح الذاتية، حيث قلّل العديد من القادة المستبدين من خطورة الوباء، ورفضوا الأدلة العلمية، ونشروا معلومات كاذبة، وتقاعسوا عن اتخاذ التدابير الأساسية لحماية صحة الناس وحياتهم.
قال روث: إنه في تطور مهم ومتنامٍ يجب أن يثير قلق بعض الحكام المستبدين، بدأت مجموعة واسعة من الأحزاب السياسية المعارضة بالتغاضي عن خلافاتها السياسية لبناء تحالفات تعطي الأولوية لمصلحتها المشتركة في إخراج السياسيين الفاسدين أو القادة القمعيين من مناصبهم.
علاوة على ذلك، نظرا لأن المستبدين لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الانتخابات التي يتم التلاعب بها بمهارة للحفاظ على السلطة، يلجأ عدد متزايد منهم، من نيكاراغوا إلى روسيا، إلى انتخابات من الواضح أنها مهزلة وتضمن النتيجة المرجوة، ولكنها لا تمنح أي قدر من الشرعية المرجوة من إجراء الانتخابات. قال روث إن هذا القمع المتزايد هو علامة ضعف وليس قوة.
مع ذلك، من أجل إقناع الناس بالتخلي عن حكم المستبدين الذي يخدم مصالح هؤلاء الحكام، على الديمقراطيات أن تحسن أداءها معالجة العلل المجتمعية، على حد قول روث.
وقال إن الأنظمة الديمقراطية تناقش بانتظام التهديدات التي تشكلها التكنولوجيا. وتشمل هذه التهديدات نشر المعلومات المضللة وخطاب الكراهية على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، والاعتداء على الخصوصية على نطاق واسع كنموذج اقتصادي، وقدرة أدوات المراقبة الجديدة على اجتياح الخصوصية، والتحيّز الناتج عن الذكاء الاصطناعي. لكن القادة الديمقراطيين لم يتخذوا خطوات تذكر لمواجهتها.
وانتهى الى القول: "تعزيز الديمقراطية يعني الوقوف مع المؤسسات الديمقراطية مثل المحاكم المستقلة، ووسائل الإعلام الحرة، والبرلمانات القوية، والمجتمعات المدنية النابضة بالحياة حتى عندما يؤدي ذلك إلى تدقيق في السياسات التنفيذية أو تحدٍّ لها بما يزعج الحكام. يتطلب ذلك رفع مستوى الخطاب العام بدلا من تأجيج أسوأ مشاعرنا، والعمل وفقا للمبادئ الديمقراطية بدل مجرد التعبير عنها، وتوحيدنا بوجه التهديدات الآتية بدل تقسيمنا من أجل الفوز بولاية حكم جديدة ليس لها أي فائدة".
المصدر: هيومن رايتس ووتش