"نزيل وليس مسجونا أو معتقلا".. برلمان مصر يغير القانون لإخفاء الانتهاكات!

الأربعاء - 9 مارس 2022

وافق مجلس النواب المصري، بشكل نهائي، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 الخاص بتنظيم السجون، وهي تعديلات شكلية في الاسماء دون الممارسات في محاولة لإخفاء التعذيب والقمع في السجون.

أبرز التعديلات كانت خاصة بتغيير مسمى السجون إلى "مراكز إصلاح" رداً على اتهامات التعذيب وتغيير مصطلحات: قطاع السجون إلى قطاع الحماية المجتمعية، وسجن وليمان إلى مركز إصلاح وتأهيل (عمومي وجغرافي)، وسجين إلى نزيل.

ودعت صحف مصرية لتغيير تسميتهم للسجون والمعتقلات مؤكده أنه "بعد تعديلات قانون تنظيم السجون: قل «نزلاء وتأهيل» ولا تقل «مساجين وسجون»!

وعادة ما يتهكم المصريون على تغيير وزارة الداخلية للمسميات للتغطية على جرائم القتل والتعذيب المستمرة داخل أقسام الشرطة والسجون منذ عقود، ومنها تغيير شعار "الشرطة في خدمة الشعب" إلى "الشرطة والشعب في خدمة الوطن" عقب ثورة 2011، ثم العودة إلى الشعار القديم في أعقاب انقلاب 2013، وكذلك تغيير مسمى جهاز "أمن الدولة" إلى "الأمن الوطني".

ونص التعديل على تغيير اسم السجناء إلى نزلاء، ومأموري السجون إلى مديري مراكز التأهيل، وإلغاء كلمات "سجون" و"ليمانات" أينما وردت في القانون، مع إقرار حقوق جديدة للنزلاء، مثل استكمال التعليم، وتسليمهم المذكرات والمكاتبات شخصياً تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا بشأن وجوب إثبات تسليم الأوراق المطلوب إعلانها للمسجون.

ونقلت التعديلات سلطة إصدار قرار وضع قيد حديدي في قدم مسجون يُخشى هروبه، والتي كانت في يد مدير عام قطاع السجون فقط، إلى يد مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية أو مدير اﻷمن المختص أو من يُفوض في ذلك.

وفيما يتعلق بالطلاب السجناء، نصت التعديلات على إلزام الجهات التعليمية المقيدين بها، بعقد لجان خاصة لهم داخل مراكز الإيداع، أو أن يطلب مدير الجهة التعليمية انتقالهم لأداء الامتحانات الشفوية أو العلمية خارج مراكز الإيداع عند اللزوم، بشرط عدم وجود خطورة أمنية، وهو ما يعود لتقدير وزير الداخلية أو من يفوضه، خلافًا للمواد السابقة في القانون التي تعطي إدارة السجن الحق في السماح بتأدية الطلاب الامتحانات في مقار اللجان خارج السجن.

واستهدف تعديل المسميات في القانون الترويج للاستراتيجية المزعومة بشأن حقوق الإنسان، والتي أعلنها عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2021 للتخفيف من حدة الضغوط الخارجية على نظامه حول ملف "حقوق الإنسان"، لا سيما من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية؛ في حين يتمسك النظام المصري بممارسات التعذيب والتنكيل بحق المعارضين، والتي تصل إلى حد القتل بالحرمان من العلاج داخل السجون.

وقالت الحكومة في مذكرتها الإيضاحية، إن "التعديل جاء في إطار خطة تطوير المؤسسات العقابية من حيث مسمياتها، وأبنيتها، وإدارتها

وأضافت أن "تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية سيكون في مراكز الإصلاح والتأهيل طبقاً لأحكام القانون، وتحت إشراف قضائي؛ مع تحديث الهياكل التنظيمية للقطاعات والإدارات الرئيسية في وزارة الداخلية، ومسايرة التطورات الحديثة في هذا المجال، والاهتمام بتطوير سياسات التنفيذ العقابي كأحد مظاهر تقدم الشعوب عن طريق الارتقاء بمعاملة المودعين في السجون"

وترى منظمات حقوقية محلية ودولية أن الإهمال الطبي في السجون ومقار الاحتجاز المصرية "يعد ترسيخاً لسياسة القتل البطيء التي تنتهجها السلطات تجاه خصومها؛ رغم تأكيدها المتكرر على احترام حقوق السجناء، وعلى رأسها الحق في تقديم الرعاية الصحية"

نتيجة التعذيب والإهمال الطبي

وتصاعدت حالات الموت في أماكن الاحتجاز المصرية خلال السنوات الماضية نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، خصوصاً تجاه المحتجزين على خلفية قضايا سياسية؛ إذ شهد عام 2021 وفاة 60 محتجزاً على الأقل، ووفاة 73 محتجزاً خلال عام 2020، و40 محتجزاً في 2019، و36 محتجزاً في 2018، و80 محتجزاً في 2017، ووفاة 121 محتجزاً في عام 2016، و185 محتجزاً في 2015، و166 محتجزاً في 2014، و73 محتجزاً في 2013، وفق منظمات حقوقية. 

ولم يعترض النواب على التعديلات، وأيدوها بما فيهم حزب النور السلفي زاعمين وجود «تقدم كبير في مجال حقوق الإنسان خاصة قطاع السجون»