"معـاداة الساميــة" في الإعلام والدبلوماسيــة الصهيو-غربية.. تحولات ما بعد "طوفان الأقصى"

الجمعة - 25 يوليو 2025

  • تطبيقات قوانين "معادة السامية" جعلت "إسرائيل" ترتكب المجازر والتطهير العرقي أمام العالم دون خشية من أحد
  • الدبلوماسية الإعلامية "الإسرائيلية والغربية" حولت مصطلح معاداة السامية إلى أداة سياسية لتبرير جرائم دولة الاحتلال
  • لابد من آليات للفصل بين إنتقاد "إسرائيل" وممارساتها القمعية وبين المصطلح وعمل مرصد "لمعاداة العرب الفلسطينيين"

 

إنسان للإعلام- دراسة:

مقدمة:

نجحت الصهيونية في ابتداع مفهوم "معاداة السامية"، وبدأت توظفه لتحقيق مصالحها، ولإسكات الأصوات المنتقدة لسياسات دولة الاحتلال، والداعمة للحقوق الفلسطينية، ونجحت في جعل المصطلح سيفًا مسلطًا على رقاب من يتجرأ بنقد مشروعها ودولتها.[1]

وتعني "معاداة السامية" في تعريفها المبسط النظرة السلبية لليهود، أو كراهيتهم. ومنذ تصاعد السياسات العدوانية "الإسرائيلية" في العقود الأخيرة عموماً ومنذ 2007 خصوصاً (عام فوز حماس في انتخابات غزة وبدء الحصار الإسرائيلي للقطاع)، أخذ المصطلح يتسع وتم توظيفه صهيونياً وغربياً وأمريكياً لكي يستهدف كل من ينتقد السياسات الإسرائيلية أو حتى يصوت ضدها في المؤسسات الدولية.

واتسع المصطلح، خصوصاً في العقود الثلاثة الماضية، إلى حدّ صعوبة الفصل بين تعريفه وبين أبعاد جديدة يجري توظيفها بشكل متواصل، وقد نبَّه العديد من الكتاب الغربيين، وخصوصاً الأمريكيين، إلى هذا الخلط بين معاداة السامية وكل من نقد السياسة - وأحياناً السياسيين - الإسرائيلية، أو نقد الصهيونية كأيديولوجية، أو نقد اليهودية، أو حتى التصويت على قرارات دولية في الأمم المتحدة تدين السياسات "الإسرائيلية"، وهو خلط سياسي توظفه الدعاية "الإسرائيلية" بشكل كبير لمواجهة تنامي الصورة السلبية لـ "إسرائيل" لدى الرأي العام الدولي.[2]

وبعد معركة "طوفان الأقصى"، التي بدأت في أكتوبر 2023، ثم فوز الجمهوريين في الولايات المتحدة ظهر مصطلح "معاداة السامية الجديدة"، وتَركز توظيفه على مواقف الرأي العام العربي والعالمي ومظاهرات الجامعات والشوارع وحركات دعم فلسطين وغزة، من أجل خفض الحراك الدولي والشبابي الداعم لفلسطين والاستمرار في سياسات القوة الأمريكية والصهيونية.

ومن المفارقة أن أوروبا، بعد الحرب العالمية الثانية، أخذت تتنصل من تبعات المصطلح بوسم العرب والمسلمين به، بسبب الصراع في فلسطين، إضافة إلى وسم كل من ينتقد السياسات "الإسرائيلية" بمعاداة السامية، حتى لو كان يهوديًا، ولم يفرق الإعلام الغربي بين انتقاد الصهيونية باعتبارها أيديولوجيا عنصرية فاشية وبين معاداةً لليهود باعتبارهم مجموعة دينية.[3]

وبالوصول إلى حروب الإبادة والتهجير والحصار "الإسرائيلية" ودعم عدد من اليهود في العالم لفلسطين ومعارضتهم السياسات "الإسرائيلية"، إضافة إلى تصاعد الدعم الشعبي الغربي، نجد أن الساسة في واشنطن وتل أبيب لا يستوعبون حقيقة الأمر ويفضلون الاعتقاد أن كثيرًا من الناس في أوروبا، لا يحبون اليهود.[4]

وتفترض هذه الورقة أن:

  • أهداف معاداة السامية متنوعة وتصب في غاية واحدة هي دعم سياسات الاحتلال والاستيطان الصهيونية في فلسطين.
  • التوظيف الغربي و"الإسرائيلي" للمصطلح زاد بعد بعد  7 أكتوبر لمواجهة تنامي الصورة السلبية لدولة الاحتلال وكبح التيارات المناهضة لحرب الإبادة والتهجير وخصوصاً في الجامعات الأمريكية.
  • الحراك المساند لفلسطين وغزة في العالمين الغربي والإسلامي عليه تطوير خطاب إعلامي حول حقيقة الصراع، وأن الأصل هو العداء للفلسطينيين والعرب وليس معاداة السامية "رغم أن العرب ساميون".

"موجات" مصطلح معاداة السامية

استعمل مصطلح معاداة السامية Anti-Semitism للمرة الأولى سنة 1860 من قبل المفكر النمساوي اليهودي شتاين شنيدر، عند نقده لأفكار الفيلسوف الفرنسيّ إرنست رينان الذي تحامل ضد "الأعراق السامية"، ووصفهم بأنهم أدنى من "الأعراق الآريّة"؛ فاتّهم رينان أنه "معادٍ للسامية[5]".  وبقي المصطلح غير متداول حتى 1873 عندما استعمله الصحفي الألماني ويلهلم مار في كُتيّب عنوانه "انتصار اليهودية على الألمانية"، وعبّر فيه عن موقفه المعادي للعرق اليهودي مستخدماً مصطلح "معاداة السامية"، وأنشأ رابطة "المعادين للسامية" في برلين عام 1879 لمكافحة الخطر اليهودي، وقصر المصطلح على "معاداة اليهود" كمجموعة عرقية على وجه الخصوص دون غيرهم من الشعوب السامية الأخرى.[6]

وطرح المصطلح وقتذاك خلال المناقشات في ألمانيا حول الاندماج في المجتمع الألماني من قبل الأقليات المختلفة وخصوصاً اليهود، نظراً للعلاقة الملتبسة بين الديانتين المسيحية واليهودية منذ المرحلة الهيلينية مروراً بالإمبراطورية الرومانية المسيحية.

 وبالرغم من أن السامية -كعرقية- تشمل أعراقاً أخرى غير اليهود، إلا أن المصطلح ارتبط بـ”كراهية اليهود” تحديداً، وتزايد هذا التوجه في القرون الوسطى في الدول المسيحية وصولاً إلى القضية الشهيرة الخاصة بالضابط اليهودي الفرنسي ألفرد دريفوس Alfred Dreyfus سنة 1894، ثم المرحلة النازية قبيل الحرب العالمية الثانية.[7]

وفي الوقت الحالي تبنت الولايات المتحدة، ومعها 30 دولة، التعريف الإجرائي لمعاداة السامية الذي نشره مركز مراقبة العنصرية وكراهية الأجانب الأوروبي سنة 2016، مستنداً إلى تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست The International Holocaust Remembrance Alliance”، وينص على أن:

"معاداة السامية هي نظرة معينة لليهود، والتي يمكن وسمها بكراهية لليهود، وكل المظاهر الخطابية والجسدية لمعاداة السامية الموجهة نحو اليهود أو غير اليهود و/أو ممتلكاتهم أو تجاه مؤسسات المجتمع اليهودي ومرافقه الدينية".[8]

كما ينص على أن «معاداة السامية هي تصور معين لليهود قد يُعبر عنه بالكراهية تجاههم. وتشمل مظاهرها الخطابية أو الجسدية التي توجه ضد الأفراد اليهود أو غير اليهود، أو ممتلكاتهم، أو مؤسساتهم الدينية والمجتمعية.

ويشير التعريف أيضا إلى أن استهداف دولة "إسرائيل"، باعتبارها «تجسيدا جماعيا للشعب اليهودي، قد يعتبر أحد مظاهر معاداة السامية».وقد اعتمدت هذا التعريف حتى فبراير 2025 نحو 46 دولة، من بينها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، كما تبنّته أكثر من 1200 جهة، بينها جامعات، بلديات، ومنظمات غير حكومية، كإطار توجيهي في مكافحة التمييز ضد اليهود، بحسب بيانات المفوضية الأوروبية.[9]

وبعد معركة "طوفان الأقصى" ظهر ما يمكن تسميته "الموجة الثالثة من معاداة السامية" أو ما أطلق عليه البعض اسم معاداة السامية الجديدة New anti-Semitism، وركز على مواقف الرأي العام من السياسات "الإسرائيلية"، معتبراً أن مواقف التيارات السياسية العربية والغربية الرافضة للسياسات "الإسرائيلية" هي تجديد لمعاداة "السامية" "بالرغم من أن العرب ساميون". ويتضح هذا الخلط المتعمد بين اليهود والصهيونية و"إسرائيل" ومعاداة السامية بشكل واضح في مناقشات المؤتمرات وفي الكتابات التي ترعاها جماعات الضغط اليهودية، بل إن الأمر تطور إلى حدّ وسم بعض مؤسسات حقوق الإنسان أو البيئة في مناقشات وزارة الخارجية الأمريكية بمعاداة السامية، والدعوة لإدراج هذه المؤسسات مثل منظمة العفو الدولية Amnesty، وأوكسفام Oxfam، وهيئات مراقبة حقوق الإنسان ضمن قوائم معاداة السامية، وهو ما جعل حدود المفهوم تشمل أبعاداً لا حصر لها بغرض توظيفه سياسياً من قبل "إسرائيل" وحلفائها.[10]

ويرجع بعض المفكرين سبب المعادة إلى اليهود أنفسهم، فهم يعدون أنفسهم "شعب الله المختار" والوحيد على الأرض الذي استودعه الله الوحي، أمّا البشر الآخرون فهم في مرتبة أدنى تكاد تقترب من الحيوانات، ويسمونهم "الأقوام" أو "الأغيار".

واستمدوا الفكرة من التوراة في سفر التثنية (14:2): "وَقَدِ اخْتَارَكَ الرَّبُّ لِكَيْ تَكُونَ لَهُ شَعْبًا خَاصًّا فَوْقَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ"، وفي سفر أشعيا (49/23) أن "الرب أمر كل أجنبي إذا لقي يهوديًّا أن يسجد له على الأرض ويلحس غبار نعليه".

ومن هنا شعر اليهود بالتميز والتفرد عن غيرهم؛ ومارسوا فكرة "التمركز حول الذات" فانغلقوا داخل المجتمعات في أشكال متعددة، منها "الجيتو" في أوروبا و"حارة اليهود في مصر"، و"قاعة اليهود" في اليمن و"الملاح" في المغرب ورفضوا التماهي مع النظم القائمة مما جعلهم محل شك وريبة، فقد ظل الاستعلاء اليهودي يجذب الكراهية، والكراهية تولد الحقد، والحقد يغري بالاضطهاد.[11]

وإذا كان المصطلح في معجم اللغة الفرنسية، يعني "عداء تجاه الشعب اليهودي، ويأخذ شكل عقيدة أو سلوك قائم على التمييز، سيء النية ويمثل تهديدا للأشخاص المنتمين للطائفة اليهودية"، وهو جريمة يعاقب عليها القانون الفرنسي بنفس الطريقة التي يعاقب بها التمييز العنصري وكراهية الأجانب، فإن مصطلح الصهيونية يشير إلى أيديولوجية سياسية ظهرت في القرن التاسع عشر ونظّر لها الكاتب المجري-النمساوي تيودور هرتزل، وتهدف إلى تشجيع إنشاء وطن قومي يهودي، فساند هرتزل، الذي أثرت فيه قضية دريفوس، فكرة أنه "لا يمكن لليهود الاندماج في بلدانهم وأنه يجب إعطاءهم دولة ليتجمعوا فيها". [12]

وقضية دريفوس هي صراع اجتماعي وسياسي حدث في نهاية القرن التاسع عشر في عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة، واتهم بالخيانة في هذه القضية النقيب ألفريد دريفوس، وهو فرنسي الجنسية يهودي الديانة، وهزت هذه القضية المجتمع الفرنسي خلال اثني عشر عاما 1894 و1906 وقسمته إلى فريقين: المؤيدون لدريفوس من كانوا مقتنعين ببراءته والمعارضون له الذين اعتقدوا أنه مذنب.

ويذكر الصحافي في "لوموند ديبلوماتيك" دومينيك فيدال، وصاحب كتاب "معاداة الصهيونية = معاداة السامية؟" أن هناك خلط متعدد حول هذين المفهومين، و"إذا اعتبرنا أنه في حال رفض نظرية تيودور هرتزل يعني معاداة السامية، فمعناه أننا نعتبر ملايين اليهود الذين لا يريدون العيش في فلسطين وفي الأراضي المحتلة معادين للسامية.. وهذا جهل بالتاريخ، وحتى غباء.[13]

ويرى فيدال أن السياسة التي أرساها القادة الإسرائيليون في السنوات الأخيرة ساهمت بنسبة كبيرة في الإبقاء على خلط المفاهيم فيقول "بالتصويت على قوانين في الكنيست على غرار "الدولة القومية للشعب اليهودي" أو ضم الضفة الغربية، بتكثيف التحالفات الشعبوية، أعطى بنيامين نتانياهو صورة سيئة عن بلاده.

لذلك فإن الإبقاء على الخلط بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية يسمح للقيادي، المهتم بصورته، بلجم آراء خصومه،  لكن كل هذا لا يجدي لأن الصورة السيئة لإسرائيل في السنوات الأخيرة سببها السياسة الإسرائيلية نفسها.[14]

إن التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست هو منظمة دولية حكومية أسسها في العام 1998 رئيس الوزراء السويدي غوران بيرسون "لتعزيز وتشجيع وترويج التعليم حول الهولوكوست، والأبحاث بشأنه وسبل إحياء ذكراه".

يعمل التحالف، في إطار مهامه، بالطبع على الترويج لمكافحة معاداة السامية، ومنذ اعتماده ما يسمى "التعريف العملي لمعاداة السامية"، عمد إلى نشره في جميع أنحاء العالم، لكن ما يثير إشكالية أكبر يتمثّل في كيفية استخدام الحكومة "الإسرائيلية" والمجموعات المتحالفة معها ومنظمات المناصرة لهذا التعريف والأمثلة المُلحقة به من أجل استهداف المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، في محاولة لإسكات الأصوات المنتقدة لـ"إسرائيل"، وبالتالي تحصينها ضدّ أي مساءلة.[15]

المصطلح كسلاح لأهداف محددة

طبقاً لأرقام الوكالة اليهودية، وهي جهة تنسق أعمالها مع الحكومة "الإسرائيلية"، توجد علاقة واضحة بين نسبة الهجرة إلى "إسرائيل" ونسبة "النشاطات العنيفة أو غير العنيفة" التي يتم تصنيفها على أنها مؤشر على نزعة معاداة السامية.

 وللتدليل على هذه العلاقة نقدم مثالاً على ما أشارت له الوكالة من أن ما مجموعه 9880 يهودياً هاجر من أوروبا الغربية إلى "إسرائيل" سنة 2015، وكان نحو 8 آلاف منهم من فرنسا، وهي السنة التي تصفها المراجع اليهودية بأنها الأسوأ في تنامي نزعة معاداة السامية.

 وتضم فرنسا ثالث أكبر تجمع يهودي في العالم بعد "إسرائيل" والولايات المتحدة، وتدل الدراسات الغربية على وجود علاقة واضحة بين ارتفاع منسوب وقائع الدعاية عن "معاداة السامية" وبين ارتفاع نسبة الهجرة إلى "إسرائيل" مباشرة.[16]

وما ظهر في الولايات المتحدة الاميركية، ومن قبل في فرنسا، ضد اليهود هناك والذي تدعي دولة  الاحتلال بأنه "معاداة للسامية"، ومن خلال نظرة سريعة على ما حدث في الولايات المتحدة الاميركية من تحطيم لشواهد العديد من قبور اليهود في عدة ولايات اميركية وكذلك الانذارات بوجود قنابل في عدد من المؤسسات والمدارس اليهودية مما ادى الى اخلائها واستنفار قوات الأمن الأميركية في الولايات التي نفذت فيها تحطيم شواهد القبور وهذه الانذارات التي تبين فيما بعد بأنها انذارات كاذبة تحمل هذه الأهداف.[17]

ولعل أبرز الاهداف وراء هذه الاعتداءات هو العمل على تهجير أكبر عدد من الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة إلى "إسرائيل"، كما حدث في تسعينيات القرن الماضي عندما هاجر إلى "إسرائيل" مليون روسي عقب انهيار الاتحاد السوفياتي واستغلال دولة الاحتلال لهذا لانهيار من أجل هذه الهجرة تحت ادعاءات الخوف من معاداة السامية وعدم تمكن أجهزة الأمن الروسية من حماية اليهود هناك.[18]

وتسعى "إسرائيل" لردم الفجوة الديموجرافية بين اليهود والعرب في فلسطين التاريخية، وليس أمامها من علاج إلا برفع نسبة الزيادة السكانية التي هي الآن 1.9% بين اليهود مقابل 2.7% بين العرب من ناحية، وزيادة الهجرة اليهودية من كل مجتمعات العالم إليها من ناحية أخرى، ولعل الترهيب بمعاداة السامية يعزز نزعة الهجرة من قبل اليهود لفلسطين.[19]

هدف آخر وراء أي اعتداءات على اليهود في بلدان العالم لإرغامهم على الهجرة الى "إسرائيل"، وهو خوف "إسرائيل" من العامل الديمغرافي في المستقبل ليصبح الفلسطينيون أكثرية في أرض فلسطين التاريخية، وبالتالي سيسيطرون على الحكم ولن تكون هناك دولة يهودية، كما يشترطون على الجانب الفلسطيني الاعتراف بـ"اسرائيل" كدولة للشعب اليهودي،[20] هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، كثيراً ما يتم استخدام تعبير "السامية" لتأكيد الهوية القومية لليهود، خصوصاً غير المتدينين منهم، فالعلماني اليهودي في أوروبا أكثر تقبلاً لفكرة "العرق السامي" لأنها تكثف المضمون القومي على حساب المضمون الديني الذي ليس له المكانة نفسها في المنظومة المعرفية لهذا العلماني.

 وقد نبهت استطلاعات الرأي العام الدولية صناع القرار في الحكومة "الإسرائيلية" إلى أن نسبة النزعة الدينية بين اليهود خارج "إسرائيل" تتراجع، إذ بينت أحد هذه الدراسات أن 38% من يهود العالم يعدّون أنفسهم متدينين، مقابل 54% غير متدينين و2% ملحدين، وعليه شعرت النخبة الحاكمة في دولة الاحتلال أن تعبير "معاداة السامية" له صدى أقوى من تعبير "اليهودية" في صفوف يهود الخارج.

 ومن هنا أصبحت الأدبيات الصهيونية تركز على التعبير العرقي في الخارج أكثر من التعبير الديني، فاليهودي غير المتدين أقل قابلية للإقدام على الهجرة لدولة دينية، لكن اليهودي "الإثني أو العرقي" أكثر قابلية عندما يُصنف بانتمائه للسامية.[21]

ومن ناحية ثالثة، تهدف الاعتداءات المفتعلة، أو تضخيمها، إلى إرغام الجاليات اليهودية الموجودة في أوروبا والولايات المتحدة، والتي تنتقد بعض الممارسات "الاسرائيلية" في الأراضي الفلسطينية، على دعم "لاسرائيل" سياسياً ومادياً من أجل مواصلة سياساتها في الأراضي المحتلة، خاصة وأن بعض هذه الجاليات أخذت تنتقد "إسرائيل" والحكومة اليمينية المتطرفة والعنصرية علناً.[22]

ومن ناحية رابعة وأخيرة، نجد أن الاستخدام للمعركة ضد معاداة السامية خدمةً لمصالح أجندة الحكومة "الإسرائيلية"، يولّد نوعًا آخر من العنصرية: إنها العنصرية ضد الفلسطينيين التي وصفتها رابطة المحامين العرب الكنديين بأنها "شكل من أشكال العنصرية المناهضة للعرب التي تُسكت الفلسطينيين أو سردياتهم، أو تُقصيهم، أو تمحوهم أو تُلصق بهم صورًا نمطية، أو تشوّه سمعتهم أو تجرّدهم من الإنسانية".

وتكتسي هذه العنصرية أشكالًا مختلفة يعرضها تقرير للرابطة، من بينها: "تشويه سمعة الفلسطينيين وحلفائهم من خلال الافتراء عليهم عبر وصفهم مثلًا بأنهم معادون للسامية بطبيعتهم، أو يشكّلون تهديدًا إرهابيًا أو متعاطفون مع الإرهاب، أو معارضون للقيم الديمقراطية.[23]

توظيف المصطلح قبل 7 أكتوبر

ما عاد ممكنًا بعد حرب الأيام الستة في سنة 1967 التغاضي عن الظلم الذي ألحقته "إسرائيل" بالفلسطينيين، ولا سيَّما بعد أن بدأ الشعب الفلسطيني النضال، وانقسم موقف الشعوب في كلٍّ من أميركا وأوروبا، فهناك قلة قليلة التي دعمت حق الفلسطينيين، في حين كان موقف الأغلبية العظمى الوقوف إلى جانب "إسرائيل".

لكن حينما ازدادت وتيرة انتقاد السياسة "الإسرائيلية" مع مرور الوقت، بدأ داعمو دولة الاحتلال في اتهام من ينتقد "إسرائيل" بمعاداة السامية وتوظيف هذه الاتهامات لخدمة أهدافهم.[24]

وفي عام 1990 أصدرت فرنسا قانون "جيسو" الذي يجرم مجرد مناقشة حقيقة وقوع "الهولوكوست"، كما أصدرت النمسا في عام 1992 قانونًا يعاقب كل من ينكر أو يقلل من جرائم النازية سواء بالكلمة المكتوبة أو المذاعة.

وفي عام 1994 وضع البرلمان الألماني قانونًا يجرم أي محاولة لإنكار وقوع "الهولوكوست"، ويوقع على مرتكب هذه الجريمة عقوبة قدرها السجن خمس سنوات بصرف النظر عما إذا كان المتحدث يؤمن بما ينكره أم لا؟.[25]

وفي عام 2004 وقّع الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن مشروع قانون يلزم وزارة الخارجية برصد وإحصاء الأعمال المعادية للسامية في العالم، وتقويم مواقف الدول من هذه الأعمال، وينص القانون على ضرورة استمرار الولايات المتحدة في جهودها لمحاربة عداء السامية في العالم.

وتم التطبيق الفعلي للقانون بصورة فجة، وبناءً عليه تعرّضت عدة شخصيات فكرية وسياسية وأكاديمية وفنية لتهمة معاداة الصهيونية، فقد تعرّض الممثل ميل جيبسون لتهمة معاداة السامية بعد فيلم "آلام المسيح" عام 2004، الذي أدانته جماعات يهودية، مبيّنة أنه يسهم في إذكاء المشاعر المعادية للسامية، نتيجة لَوْم اليهود على "مقتل" السيد المسيح، وفرض اليهود حصارًا عليه، وتأثرت أعماله تأثرًا كبيرًا بعد إخراجه الفيلم.

وعندما تجرأ عمدة لندن كين ليفنجستون ونشر مقالًا عن "التطهير العرقي ضد الفلسطينيين"، ووصف أرييل شارون بأنه "مجرم حرب"؛ أصدرت لجنة قضائية عام 2006 أمرًا بوقفه عن عمله عدة أسابيع.[26]

وفي عام 2011 وجهت اتهامات للمفكر النرويجي يوهان غالتنج، وهو أحد أبرز علماء الاجتماع المعاصرين وصاحب العدد الأكبر من التنبؤات السياسية المهمة، وأثارت صحيفة "هآرتس" هذه الاتهامات التي تتضمن الربط بين هجمات وقعت سنة 2011 في النرويج وقُتل فيها عشرات الأفراد، حيث أشار غالتنج إلى العلاقة بين المسؤول عن الهجمات وبين منظمة لها صلات وثيقة بالحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً من خلال الموساد.

كما أشار إلى أن اليهود يمتلكون ست شركات إعلامية تسيطر على 96% من وسائل الإعلام، وأن 70% من أعضاء الهيئة التدريسية في أهم 20 جامعة أمريكية هم من اليهود، وهي عوامل تسهم في التلاعب بالرأي العام المحلي والدولي عند وقوع مثل هذه الأحداث وربطها بمعاداة السامية.[27]

ووفي عام 2019 أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًّا لمنع المساعدات عن الجامعات التي تسمح بـ"معاداة السامية"، كما تعرضت عضو الكونجرس عن الحزب الديمقراطي إلهان عمر في نفس العام لانتقادات من قبل ترامب ورئيسة الكونجرس نانسي بيلوسي عن تصريحات أشارت فيها إلى أنّ المشرعين الأمريكيين يدعمون "إسرائيل" بسبب تمويل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية  AIPAC لهم، واتهمت إعلامياً بأنها "معادية للسامية" وتم مطالبتها بالاعتذار.[28]

وقبل حرب السابع من أكتوبر كان للسياسات "الإسرائيلية" تجاه الفلسطينيين أثرها السلبي على صورة إسرائيل في الذهن الأوروبي بشكل خاص والعالمي بشكل عام، وترتب على ذلك تزايُدُ التعاطف مع الفلسطينيين، وأدركت دولة الاحتلال خطورة ذلك، لذا بدأت في توظيف معاداة السامية من خلال ربط الهجمات على اليهود أو معابدهم بالفلسطينيين أو مؤيديهم من الجماعات الأوروبية لحقوق الإنسان أو غيرها خصوصاً الحركات الإسلامية، بغض النظر عن مدى توفر الأدلة على هذا الادعاء.[29]

واتهمت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) والحركات المناهضة للاحتلال والداعية لمقاطعة "إسرائيل" والمستوطنات جميعها بمعاداة السامية، ومع تصاعد قوة اليمين في "إسرائيل" وفي العالم والعداء للإسلام والعداء للأجانب بدأ المصطلح يشكّل قيداً على العالم وعلى حرية البحث والنقد والتظاهر ومواجهة "إسرائيل" وسياستها العنصرية واحتلالها.[30]

وسابقا، أدت المعركة التي نشبت بين المقاومة و"إسرائيل" في  مايو 2021 إلى زيادة التوترات في الولايات المتحدة بين مؤيدي “إسرائيل” وأنصار الفلسطينيين، الأمر الذي دفع رابطة مكافحة التشهير Anti-Defamation League - وهي منظمة يهودية دولية مقرها نيويورك- إلى الإشارة بأنها شهدت تصاعداً خطيراً وجذرياً في جرائم الكراهية المعادية للسامية منذ اندلاع الصراع، وقال جوناثان جرينبلات Jonathan Greenblatt، الرئيس التنفيذي للرابطة في بيان: "إننا نتتبع أعمال المضايقة والتخريب والعنف بالإضافة إلى سيل من الانتهاكات عبر الإنترنت" تجاه اليهود.

وكتبت خمس مجموعات يهودية رسالة إلى الرئيس جو بايدن Joe Biden أعربت فيها عن قلقها إزاء التصاعد لجرائم الكراهية المعادية للسامية في الولايات المتحدة وسط المواجهة العسكرية بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية.

 ودعت الجالية اليهودية الأمريكية، ورابطة مكافحة التشهير، والاتحادات اليهودية لأمريكا الشمالية، وهداسا Hadassah، واتحاد التجمعات اليهودية الأرثوذكسية الأمريكية، الرئيس بايدن لاستخدام برنامجه لإدانة معاداة السامية واتخاذ عدد من الإجراءات لمكافحة معاداة اليهود.[31]

ولوحظ ارتفاع وتيرة الحديث عن معاداة السامية في الفترة التي يتعرض لها الفلسطينيون إلى قدر أكبر من الاعتداءات، فالدراسات والتقارير الغربية تؤكد ذلك من خلال المؤشرات التالية:[32]

  • أول مرة ترتفع نداءات مواجهة معاداة السامية بشكل كبير في الولايات المتحدة سنة 1994 بعد واقعة قيام يهودي أمريكي بمجزرة في الحرم الإبراهيمي في الخليل، والذي استشهد وجرح فيها قرابة 130 فلسطينياً، وكانت ردة الفعل في الشارع الأمريكي قوية، مما دفع لإحياء موضوع معاداة السامية لامتصاص آثار الجريمة ضدّ الفلسطينيين.
  • تزايدت وتيرة حملات إثارة “معاداة السامية” مرة ثانية بشكل كبير في ديسمبر 2000، مع اشتداد الانتفاضة الفلسطينية وما نجم عنها من تعاطف دولي مع الشعب الفلسطيني.
  • عادت موجة الحديث عن معاداة السامية في مايو 2021، بعد أن بدأت وسائل الإعلام في نقل تدمير “إسرائيل” للمنازل والقصف العنيف على غزة إلى جانب ضرب أبراج سكنية تضم مراكز إعلامية مختلفة، إلى جانب انتقاد مؤسسات المجتمع المدني العالمية وهيئات حقوق الإنسان السياسة "الإسرائيلية".

ومن الحوادث اللافتة ذات المغزى أن فرانشيسكا ألبانيز، مقررة الأمم المتحدة الحالية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعرضت  لحملات "إسرائيلية" مكثفة تتهمها بمعاداة السامية بسبب أداء وظيفتها، رغم نفيها تلك المزاعم وتأكيدها على حق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس.

وأكدت ألبانيز "هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي سيتعرض فيها عملي وشخصي للهجوم. إنَّ نظام الفصل العنصري، كما يقره الإطار القانوني الدولي، قد يلجأ إلى اضطهاد الأشخاص والمنظمات التي تعارضه".

ومنذ توليها مهمتها، في مايو 2022، واجهت "ألبانيز" معارضة كبيرة من اليمين "الإسرائيلي"، بسبب تقاريرها حول انتهاك "إسرائيل" حقوق الإنسان الفلسطيني وفضحها هذه الانتهاكات، بما في ذلك جريمة الفصل العنصري، والعمل كدولة استعمارية استيطانية  "لا تُحاسَب على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة".[33] ورفضت ألبانيز جميع الاتهامات بمعاداة السامية، ووصفتها بأنها "أكاذيب" وجزء من "حملة تشهير" ضدها شخصيا.

توظيف "معاداة السامية" بعد 7 أكتوبر

إنّ حرب الإبادة في غزّة، منذ السابع من أكتوبر 2023، لم يشهدها الشّعب الفلسطيني لا قبل إعلان دولة الاحتلال، ولا في فترة الكفاح المسلّح الذي خاضته حركة فتح بين ستّينيات وأواخر ثمانينات القرن الماضي.

وقد كان همّ الغرب يومها قبول العرب بهذه الدولة،  واعتقد الغرب أنّ صوت البندقيّة أُسْكِت إلى الأبد بعد اتفاق أوسلو، وما تلاه من عملية تطبيع، لكن المقاومة ولدت من جديد بحركة- أو حركات- تحرّر ذات توجّه إسلامي.

لذلك  كشّر الغرب عن أنيابه، وسايرته بعض دول المنطقة، وفي هذا الصّدد تكفي الإشارة إلى ما قاله الجنرال الأمريكي مايكل فلين، في صيف 2016: " نحن نواجه فكرا آخر تماما، فكر الإسلام السياسي، إنه سرطان خبيث داخل جسد 1.7 مليار شخص على هذا الكوكب ويجب استئصاله، يجب أن نُعرّفه جيّدا، ويجب أن نطارده… علينا أن نخلق تحالف القرن الـ21، ومبدئيّا يجب أن نضع العبء على ظهر العالم العربي… من خلال خلق "نيتو عربي" ومن أجل الوصول إلى ذلك سوف يحتاجون للقيادة الأمريكية".[34]

وقال رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر: "مشكلتنا الحقيقيّة مع الإسلام نفسه، وستظلّ كذلك، لأنّه ليس لنا إلاّ خيار مواجهة التدفّق الإسلامي والفكر الإسلامي بشتّى الطرق… ليس لنا خيار سوى مقاومة الإسلام ولو أدّى ذلك إلى تخلّي بلداننا ومؤسّساتنا عن القيم الليبراليّة… يجب الاستمرار في دعم إسرائيل مهما كانت إجراءاتُها قاسيّة، حتّى لا تسمح بإقامة نواة لنظام إسلامي في غزّة يشجّع الشّعوب الإسلاميّة على احتذاء التجربة".[35]

وربما لأول مرة بهذا الحجم، تشتعل مظاهرات واعتصامات، خصوصاً في الجامعات الأمريكية وعديد من الجامعات حول العالم، بسبب حرب الإبادة والتهجير الإسرائيلية على قطاع غزة، وقوبلت هذه الاحتجاجات بحملة عنف من الشرطة الأمريكية واعتقالات واسعة شملت الطلاب وأعضاء من هيئة التدريس، كما اعتدت الشرطة على المتظاهرين باستخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.[36]

ونتيجة لهذه الممارسات، أصبح مصطلح "معاداة السامية" فضفاضا جدّاً من الناحية الإعلامية والسياسية، خصوصا في الغرب، وصار يطال كل من ينتقد، ليس اليهود والديانة اليهودية فقط أو دور اليهود في التاريخ أو صفات معينة يحاولون إلصاقها باليهود، بل انتقل إلى الجوانب السياسية، بعد أن وسّعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست IHRA، وهو تحالف بدأ بثلاث دول والآن يضمّ 35 دولة أوروبية "ديمقراطية"، وهذا الشرط للانضمام إلى هذا المنتدى.[37]

وعليه، كانت "معاداة السامية" التهمة الأبرز التي قُمعت بها المظاهرات المنتقدة للحرب في غزة، وأداة لتكميم الأفواه المعارضة لسياسات "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين.

 ومنذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، زادت مساحة استخدام هذا الاتهام بشكل ملحوظ، رغم نسبة المشاركة اليهودية في حملات وقف إطلاق النار والمطالبة بحلّ الدولتين ووقف الانتهاكات "الإسرائيلية".

واستخدمته "إسرائيل" منذ السابع من أكتوبر مراراً في الدفاع عن نفسها أمام تقارير المنظمات الحقوقية الدولية التي تُدينها بارتكاب جرائم حرب، ومن أبرز هذه المرات وصفت حكومة بنيامين نتنياهو منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنها "معادية للسامية"، عقب تقرير عن استخدام التجويع كسلاح حرب، فضلاً عن اتهام وزير الأمن القومي "الإسرائيلي" إيتمار بن غفير محكمة العدل الدولية بأنها "معادية للسامية"، زاعماً أن قرارها يثبت أنها "لا تسعى إلى العدالة".[38]

وأطلق الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن دعوة لمحاربة "التصاعد الشرس" لمعاداة السامية، وقال إن "مثل هذه الكراهية ليس لها مكان في أمريكا"، حيث ربط فظائع المحرقة "الهولوكوست" بهجوم حماس على "إسرائيل" في السابع من أكتوبر، وحذّر من تصاعد "معاداة السامية" في الولايات المتحدة، ولا سيّما في الجامعات، مدّعياً أن عديداً من الطلاب اليهود يتعرضون للمضايقة أو الهجوم في الحرم الجامعي.

في الوقت نفسه طالب بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي بنشر قوات الحرس الوطني في الجامعات "لحماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من أصل يهودي"، رغم أن الطلاب الذين واصلوا إظهار الدعم للفلسطينيين في حرم جامعة كولومبيا أكدوا أن الطلاب اليهود يحتجّون معهم أيضاً على جرائم الحرب "الإسرائيلية" في غزة، وأن مسألة معاداة السامية غير واردة. [39]

وكشف الرئيس "بايدن" النقاب عن إستراتيجية إدارته الجديدة لمكافحة "معاداة السامية"، لزيادة الوعي بمعاداة السامية خاصة في حرم الجامعات وعبر الإنترنت. وأكدت الإستراتيجية التزام الولايات المتحدة بحق دولة "إسرائيل" في الوجود، وشرعيتها وأمنها، ودعوة شركات التكنولوجيا لوضع سياسة تواجه خطاب الكراهية على منصاتها، وتضمّنت الإستراتيجية توجيهات لوزارة التعليم وللمدارس بضرورة تضمين تدريس "الهولوكوست" ضمن مناهجها.[40]

كما مرر مجلس النواب الأميركي قانون التوعية بمعاداة السامية "2024" وسط الكثير من الجدل بشأنه، وصوّت على القانون، الذي قدمته مجموعة من المشرعين من الحزبين، أغلبية بعدد 320 صوتا مقابل 91 صوتاً.[41]

وحسبما جاء في موقع مجلس النواب الأميركي فإن القانون "يتوافق مع الاستراتيجية الوطنية الأميركية لمكافحة معاداة السامية التي أصدرها البيت الأبيض والهادفة لزيادة الوعي والفهم لمعاداة السامية، بما في ذلك تهديدها للولايات المتحدة وكذلك تحسين السلامة والأمن للمجتمعات اليهودية".

ويقول منتقدو مشروع القانون إن تعريف معاداة السامية يحظر انتقادات معينة لدولة "إسرائيل"، وهو أمر يدافع عنه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، واتهموا أعضاء الكونغرس بالسعي لإقرار هذا التشريع سريعا من أجل استخدامه للحد من حرية التعبير في الجامعات الأميركية، كما دعا اتحاد الحريات المدنية الأميركي، المشرعين الأميركيين إلى معارضة مشروع القانون. وقال في رسالة: "إن القانون الفيدرلي يحظر بالفعل التمييز والمضايقة المعادية للسامية من قبل الكيانات الممولة اتحاديا، وبالتالي ليس هناك حاجة إلى قانون .. للحماية من التمييز المعادي للسامية".[42]

وأعاد الهجوم أمام المتحف اليهودي وسط العاصمة الأميركية (مايو 2025)، الذي أسفر عن مقتل موظفين اثنين في السفارة "الإسرائيلية"، الجدل حول معاداة السامية، بعدما اعتبره مسؤولون إسرائيليون والرئيس الأميركي دونالد ترمب عملا مدفوعا بالكراهية تجاه اليهود.

وعقب الهجوم، سارعت الحكومة "الإسرائيلية" إلى توظيف الحادث في سياق مزاعم التحيز ضد اليهود، إذ أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، أن الواقعة فرصة لعقد قمة لمكافحة معاداة السامية في القدس الأسبوع المقبل، معتبرا أن البعثات الدبلوماسية وموظفيها باتوا هدفا للإرهاب المعادي للسامية.[43]

فيما قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة: "إن المعادين للسامية حول العالم يستمدون قوتهم من بعض السياسيين الأشرار داخل إسرائيل نفسها."

وتظهر هذه لتصريحات المحاولات الصهيونية لقلب الموازين، في ظل ادعاءات متكررة من بعض المنظمات الصهيونية حول تصاعد جرائم معاداة السامية[44]، حيث وفر الهجوم لتلك الجهات أدوات جديدة لاستغلال الحدث، سواء عبر التحريض على النشطاء المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، أو عبر الضغط لتمرير تشريعات في الكونغرس لتقييد حرية التعبير وتقويض المبادئ الديمقراطية من خلال محاولة تجريم أي صوت يتحدث عن الإبادة الجماعية في غزة.

ويقود الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترمب، جهود وقف المظاهرات في الجامعات بزعم تشجيعها «معاداة السامية» من خلال السماح بفعاليات طلابية ومواقف أكاديمية تُعارض السياسات الإسرائيلية، وذلك في سياق حملة إعلامية تعتبر أن بعض أشكال معارضة الصهيونية أو دعم فلسطين تدخل ضمن معاداة السامية.

وأبدى نشطاء وأكاديميون مخاوفهم من توظيف تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لتجريم التعبير السياسي، خاصة في أوساط المدافعين عن القضية الفلسطينية، واعتبر منتقدو التعريف أن توسيع نطاقه ليشمل انتقادات "إسرائيل"، حتى تلك المستندة إلى أسس قانونية أو سياسية، يمثل تهديدا لحرية التعبير في الديمقراطيات الغربية.

وفي ظل استمرار الحرب، ظهرت تحركات سياسية اوروبية مناوئة للسياسات "الإسرائيلية" الخاصة بالإبادة والتجويع والتهجير، واتهم وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بـ"التشهير"، وذلك إثر تصريحات أدلى بها الأخير، قال فيها إنّ زعماء بريطانيا وفرنسا وكندا "يقفون إلى جانب حماس".

 وهاجم بارو نتنياهو، مؤكداً أنّ اتهام مؤيّدي "حلّ الدولتين" بتشجيع معاداة السامية أو حماس هو أمر "سخيف ويُعدُّ تشهيراً"، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ فرنسا "ملتزمة التزاماً راسخاً بأمن إسرائيل"، في حين قالت المتحدّثة باسم الحكومة الفرنسية، صوفي بريماس، إن باريس "لا تقبل اتهامات نتنياهو"، مضيفةً أنّ ثمّة "حاجةً إلى تهدئة التوتر المتصاعد بين فرنسا وإسرائيل، والعمل على إيجاد حلول سلام دائمة لإسرائيل وفلسطين". [45]

أما من جهة بريطانيا، فأكد وزير الدفاع، لوك بولارد، إنّ بلاده "تقف إلى جانب "إسرائيل" في حقّها في الدفاع عن نفسها"، على حدّ تعبيره. وأضاف: "لكن هذا الدفاع عن النفس يجب أن يتمّ في إطار القانون الإنساني الدولي".

ويأتي كلّ ذلك على خلفيّة البيان المشترك، الذي أصدرته فرنسا وكندا وبريطانيا، في الـ19 من مايو 2025، والذي حذّرت فيه من أنّها "ستتخذ إجراءات ملموسةً رداً على إسرائيل، إذا لم توقف هجومها العسكري المتجدّد على القطاع، وترفع القيود التي تفرضها على المساعدات الإنسانية".[46]

آليات لفضح العداء للعرب والفلسطينيين

تقوم الدبلوماسية الإعلامية "الإسرائيلية" في موضوع معاداة السامية على الأسس التالية: [47]

1. تعميم مفهوم معاداة السامية على أي نقد للسياسة "الإسرائيلية" في أي مجال من مجالات العلاقات الدولية.

2.  اعتبار أي نزعة تعاطف إنساني مع الفلسطينيين أو الدعوة لحقوقهم بأنها تعبير عن نزعة لا سامية.

3.  إيجاد حالة من القلق لدى اليهود في الخارج لتشجيعهم على الهجرة لـ "إسرائيل".

4.  منع فتور حماس يهود الخارج لـ "إسرائيل"، وضمان استمرار تأييدهم لها بالمال، وبتسهيل فتح القنوات أمام نشاطاتها السياسية والاستخبارية والاقتصادية في الدول التي يتواجدون فيها.

5. لا تتورع "إسرائيل" من تضخيم أو افتعال أحداث أو أعمال عنف بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم ربط هذه الأحداث بمعاداة السامية لتحقيق الأهداف السابقة.

ويدعو الكاتب الألماني "أبراهام ملتسر" إلى إعادة دراسة مصطلح "معاداة السامية"، في وقت تعاود فيه بعض الدوائر الغربية والأوروبية إعادة صناعته، وذلك بسحب استحقاقاته السياسية والتاريخية على شعوب أخرى، كما يدعو إلى كفِّ اللوبي "الإسرائيلي" عن استغلال "الهولوكوست" وعن اتهام مناهضي الصهيونية بمعاداة السامية.[48]

وجعلت تطبيقات قوانين "معادة السامية"، "إسرائيل" ترتكب المجازر والتطهير العرقي أمام العالم دون خشية من أحد، وهي بذلك تعد دولة مارقة بمفهوم القانون الدولي.

 كما آن الأوان لتصحيح المفاهيم المغلوطة، والكشف عن أنّ "معاداة السامية" تتنافى مع مبدأ المساواة ورفض التمييز العنصري؛ لأنها تميز اليهودية عن باقي الأديان، كما تتعارض مع مبدأ حرية الفكر وحرية التعبير عن الرأي المكفول للجميع بحكم القانون الدولي. [49]

وتخالف هذه القوانين القواعد المستقرة في القانون الدولي والأعراف الدولية، فتنافى مع مبدأ المساواة ورفض التمييز العنصري؛ وتميّز اليهودية عن باقي الأديان، بما ينافي مبدأ حرية الفكر وحرية التعبير عن الرأي، لأنها تجرم كل من ينتقد دولة "إسرائيل" وممارساتها السياسية مهما كانت.[50]

لذا، لا بدّ للمؤسسات الحقوقية، ومراكز الأبحاث العربية والفلسطينية، وقوى المقاومة، من تتبع ورصد الوقائع التي تدلل على الربط بين "دبلوماسية توظيف معاداة السامية" التي تنتهجها "إسرائيل" والعمل على تعميم نتائج هذا الرصد على وسائل الإعلام المختلفة وعلى البعثات الديبلوماسية والباحثين، خصوصاً في الدول والمجتمعات الأجنبية.[51]

ومن الأهمية الآن، إعداد أرشيف عربي يضم كل الأعمال المعادية للعرب والفلسطينيين لمخاطبة العالم الحر ويخاطب برلمانات العالم، حتى نستطيع أن نكسب من خلالها الدعم والتأييد لقضايانا العادلة، ونكشف حقيقة الصهيونية الكارهة للبشرية.[52]

وكذلك نشر تقرير سنوي عن العداء للعرب والفلسطينيين، حيث أن هناك توافق اليوم في أوساط المجتمع المدني الدولي بأن "إسرائيل" تمارس جريمة الفصل العنصري، وأن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست الذي يجّرم توصيف "إسرائيل" بدولة الفصل العنصري ويعتبره معاداة للسامية، هو في حقيقته تمكين آلية الفصل العنصري وحمايتها من أي نوع أنواع الانتقادات التي ترتفع باستمرار.[53]

 إضافة إلى دعم تقارير المركز الأوروبي للدعم القانوني، وهو المنظمة الوحيدة في أوروبا والمملكة المتحدة التي تقدّم الدعم القانوني للأفراد والمجموعات المعاقبين بسبب دفاعهم عن حقوق الفلسطينيين، حيث قدم أحد هذه التقارير، استنادًا إلى 53 حالة استُخدِم فيها تعريف معاداة السامية السائد، صورة لاستهداف المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، مما أدّى إلى رقابة ذاتية وعزّز العنصرية ضد الفلسطينيين.[54]

وفي هذا السياق، بالإمكان استثمار الأصوات الحرة في الغرب التي بدأت تتجرأ بصورة غير مسبوقة ضد هذه السيطرة الصهيونية، وحطموا تلك الأيقونة، ومنهم شخصيات مؤثرة عالميًّا ضربوا بـ"معاداة السامية" عرض الحائط، وهاجموا الوحشية الصهيونية وأظهروا تعاطفًا غير محدود مع أهل غزّة وأطفالها، مع مطالبات للمجتمع الدولي بالنظر بعين العدالة لما يجري على تلك الأرض منذ عام 1948، منهم على سبيل المثال: دواين جونسون ذا روك، وليام نيسون، وجون كوزاك، ومادونا، وجينيفر لوبيز، وإيمي شومر، وناتالي بورتمان، وسارة سيلفرمان، وجيري سينفيلد، وباربرا سترايسند، وكيت بلانشيت، وعشرات غيرهم.[55]

وتلعب اليونسكو دوراً مهما في القضية الفلسطينية، حيث تسعى لحماية التراث الثقافي الفلسطيني ودعم التعليم والتربية في المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز حقوق الإنسان وحرية التعبير. كما تدعو إلى حماية المواقع الثقافية التاريخية في فلسطين، خاصة في مدينة القدس والمسجد الأقصى. 

والمطلوب منها عمل برامج تثقيف دولية بشأن القضية الفلسطينية وبرامج دولية وتدريبية للمعلمين على غرار برامجها للمحرقة، حيث تقدم الدعم لبلدان حول العالم لإدراج تاريخ محرقة اليهود في مناهجها الدراسية.

ووصل هذا البرنامج إلى 24 دولة عضواً في المنطمة كما تقدم التدريب لمئات المعلمين بشأن كيفية درء "معاداة السامية" عن طريق التعليم. وأعدت اليونسكو، بالتعاون مع المفوضية الأوروبية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، برنامجاً تدريبياً مخصصاً للمعلمين وجاري العمل على تنفيذه في اثني عشر بلداً من بلدان الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع توسيعه هذا العام ليشمل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.[56]

خاتمة:

تبنى التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوتIHRA ، عام 2016، تعريفاً غير ملزم لمعاداة السامية، بهدف وضع مثال للسلوك المسؤول للمنظمات وتوفير أداة واضحة لمكافحة معاداة السامية.

ويجادل كثيرون بأن "معاداة السامية" يتم تسخيرها لإسكات النقد المشروع، وأن التعريف تم توسيعه ليشمل أي انتقاد لسياسات إسرائيل وجرائمها، فيما يجادل البعض بأن مثل هذا التعريف القانوني الواضح مطلوب لمكافحة التمييز، وعلى الرغم من أن التعريف يفتقر إلى معايير التشريع الملائم، فقد تم تبنيه ليصبح قانونًا ملزما في العديد من الدول الغربية، كما تبنته العديد من الجامعات والمعاهد الأكاديمية في الغرب، وشجع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين على استخدام التعريف في مجالات التثقيف والتوعية، وفي ظل ذلك، يقول العديد من المحامين والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم أنهم يتعرضون لخطر دائم، وحريتهم في التعبير أصبحت مهددة، بل ويتم إسكاتهم فعليًا فيما يتعلق بانتقاد السياسات الإسرائيلية. وقد صرح بعضهم بتعرضهم للملاحقة والوصم والتضييق بسبب مزاعم "معاداة السامية".[57]

ويمكن القول إن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لا يوفر أداة لمكافحة معاداة السامية، وفق مئات الأكاديميين، بمن في ذلك العلماء اليهود المتخصصون في دراسات المحرقة ومعاداة السامية والتاريخ اليهودي، بالإضافة إلى مئات منظمات المجتمع المدني، ومنظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية، ولكنه أصبح في الغالب يقمع المدافعين عن حقوق الفلسطينيين ويهدف إلى إسكات الانتقادات الموجهة إلى السياسات والممارسات الإسرائيلية.[58]

لقد حولت الدبلوماسية الإعلامية الإسرائيلية والغربية، مصطلح معاداة السامية إلى أداة سياسية لحماية دولة "إسرائيل" المسؤولة عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وبالتالي أصبح يعكس مصادفة انتهازية تتجسد في فكرة التعهد بإقامة دولة يهودية بالكامل في مجتمع أغلبه غير يهودي، إضافة إلى أنه يشتت الإنتباه عن المجازر "الإسرائيلية" ويحول النقاش عن الفكرة الأساسية وهي أن "إسرائيل" دولة إحتلال وفصل عنصري، من خلال نزع شرعية المنظمات والأشخاص واتهامهم بمعاداة السامية، ووصل الأمر في الولايات المتحدة الآن إلى تجريم كافة أشكال المعارضة السلمية لممارسات "إسرائيل" وسياساتها.

وكل هذا يتطلب جهود وآليات، سواءً للفصل بين إنتقاد دولة الاحتلال وممارساتها الإجرامية، وبين المصطلح، أو بلورة مصلح جديد وعمل مرصد وتقرير سنوي له وهو "العداء للعرب والفلسطينيين".

------------------

المصادر:

  1. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية".. توظيف ما لا بد من توظيفه (2/3)، موقع عروبة 22، https://urli.info/-Uvq
  2. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات،  https://urli.info/13YHH
  3. أبراهام ملتسر.. نشوء مصطلح "معاداة السامية" وتوظيفه، العربي الجديد، https://urli.info/-UCC
  4. المرجع السابق.
  5. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية".. توظيف ما لا بد من توظيفه (1/3)، موقع عروبة 22، https://urli.info/13ZqF
  6. المرجع السابق.
  7. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  8. المرجع نفسه.
  9. معاداة السامية.. فزّاعة لإسكات الأصوات المعارضة لإسرائيل، صحيفة الغد، https://urli.info/-USE
  10. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  11. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية".. توظيف ما لا بد من توظيفه (1/3)، مرجع سابق.
  12. معاداة الصهيونية ومعاداة السامية بين المفهوم والالتباس، فرنسا 24، https://urli.info/-URi
  13. المرجع السابق.
  14. المرجع نفسه.
  15. استخدام تهمة معاداة السامية كسلاح، ديوان كارنيجي، https://h1.nu/14ab9
  16. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  17. محمد أبو لبدة: مصطلح معاداة السامية ... أهداف وغايات، شبكة راية الإعلامية، https://h1.nu/14a5J
  18. المرجع السابق.
  19. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  20. محمد أبو لبدة: مصطلح معاداة السامية ... أهداف وغايات، مرجع سابق.
  21. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  22. محمد أبو لبدة: مصطلح معاداة السامية ... أهداف وغايات، مرجع سابق.
  23. استخدام تهمة معاداة السامية كسلاح، ديوان كارنيجي، مرجع سابق.
  24. أبراهام ملتسر.. نشوء مصطلح "معاداة السامية" وتوظيفه، العربي الجديد، https://urli.info/-UCC
  25. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية".. توظيف ما لا بد من توظيفه (2/3)، موقع عروبة 22، https://urli.info/-Uvq
  26. المرجع السابق.
  27. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  28. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية".. توظيف ما لا بد من توظيفه (2/3)، مرجع سابق.
  29. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  30. تهمة معاداة السامية.. كيف استخدمت لتكميم أفواه المحتجين ضد إسرائيل؟، تي آر تي عربي، https://urli.info/13ZuA
  31. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  32. المرجع نفسه.
  33. اتهامات إسرائيلية لها "بمعاداة السامة".. هجوم على مقررة أممية بعد إدانتها الاحتلال، https://h1.nu/148N3
  34. د.  حاجي فريد: تعويذة معاداة السامية وانكشاف المستور، الشروق الجزائرية، https://urli.info/-UQy
  35. المرحع السابق.
  36. تهمة معاداة السامية.. كيف استخدمت لتكميم أفواه المحتجين ضد إسرائيل؟، مرحع سابق.
  37. المرجع نفسه.
  38. المرجع نفسه.
  39. المرجع نفسه.
  40. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية".. توظيف ما لا بد من توظيفه (2/3)، مرجع سابق.
  41. مرره مجلس النواب الأمريكي.. ما هو قانون التوعية بمعاداة السامية؟، الأيام البحرينية، https://urli.info/-ULA
  42. المرجع السابق.
  43. معاداة السامية.. فزّاعة لإسكات الأصوات المعارضة لإسرائيل، صحيفة الغد، https://urli.info/-USE
  44. المرجع السابق.
  45. فرنسا تهاجم نتنياهو: اتهام مؤيدي "حل الدولتين" بمعاداة السامية سخافة وتشهير، https://h1.nu/102EK
  46. المرجع السابق.
  47. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  48. أبراهام ملتسر.. نشوء مصطلح "معاداة السامية" وتوظيفه، مرجع سابق.
  49. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية"  طرق المواجهة المقترحة "تحطيم الأيقونة" (3/3)، مرجع سابق.
  50. المرجع نفسه.
  51. د. وليد عبد الحي: ورقة علمية: استراتيجية التوظيف الإسرائيلي لـ”معاداة السامية“، مرجع سابق.
  52. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية"  طرق المواجهة المقترحة "تحطيم الأيقونة" (3/3)، مرجع سابق.
  53. ملخّص ندوة “وصم معاداة السامية: بين حماية فئة واضطهاد أخرى”، القانون من أجل فلسطين، https://urli.info/-UJV
  54. استخدام تهمة معاداة السامية كسلاح، ديوان كارنيجي، مرجع سابق.
  55. أنور محمود زناتي: "معاداة السامية"  طرق المواجهة المقترحة "تحطيم الأيقونة" (3/3)، مرجع سابق.
  56. عقد من العمل ضد معاداة السامية، موقع اليونسكو، https://urli.info/-UG8
  57. ملخّص ندوة “وصم معاداة السامية: بين حماية فئة واضطهاد أخرى”، القانون من أجل فلسطين، مرجع سابق.
  58. تهمة معاداة السامية.. كيف استخدمت لتكميم أفواه المحتجين ضد إسرائيل؟، مرجع سابق.