كارنيغي: الأنظمة العربية توظف المؤسسات الإسلامية في السيطرة والاستقطاب
الخميس - 13 يناير 2022
نشر مركز "مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط" تحليلا كتبه فريدريك ويري تحت عنوان " المؤسسات الإسلامية في الدول العربية: تحليل منهجيات السيطرة والاستقطاب والنزاع"، قال فيه :" في الوقت الراهن يتزايد تدخل الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية في عمل المؤسسات والمنظمات الدينية بكافة أشكالها وتعريفاتها سواءً كانت وزارات، أو هيئات، أو جامعات، أو مساجد، أو مؤسسات خيرية، أو أوقاف (الأوقاف الإسلامية تشتمل على أصول نقدية وعقارية) أو زوايا صوفية (الزوايا هي مدارس أو محافل أو طرق دينية تلعب دوراً اجتماعياً هاماً في المجتمعات المحيطة بها) أو منظمات شباب أو منصات إعلامية أو غيرها.
وأكد أن " الأنظمة تمارس لعبة السيطرة على المؤسسات الدينية ومحاولة استقطابها ودمجها مستخدمة كل وسيلة ممكنة، قديمةً كانت أم حديثة، للتحكم فيما يجري داخل تلك المؤسسات من عمليات التوظيف والتطهير وإصدار القوانين، والتنظيم الإداري، والإشراف المالي، وغيرها. ولا يخفى على أحد أن الدول العربية الحديثة منذ إنشائها وهي تعمل على توظيف ومأسسة الإسلام الذي ورثته منذ عهود الاستعمار الأوروبي وما سبقه من حكم الامبراطورية العثمانية، وهي عملية استمرت عبر السنين بالتوازي مع تغلغل الدولة في الحياة اليومية للمواطن العربي".
تابع: "على الرغم من ذلك فإن محاولات السيطرة هذه ليست أحادية التوجه، فالشخصيات والمنظمات الإسلامية الموالية للدولة غالباً ما تتمتع بنفوذ وشأنٍ كبير بسبب الدور الذي تلعبه كوسيط بين النظام والمجتمع. وكلما زادت شعبيتها ورأسمالها المجتمعي زادت قدرتها على التفاوض مع السلطة الحاكمة، ومقايضة صمتها عما يدور في عالم السياسة مقابل حريتها في تناول بعض القضايا الشخصية والاجتماعية (على الرغم من تعدي النظام على هذه القضايا أيضاً). ولكن الشخصيات الدينية الموالية للدولة تجد نفسها في موقف يفرض عليها أن تجتهد باستمرار لتنقيح مظهرها الأخلاقي ولتدرأ عن نفسها شُبهة المنافحة عن النظام وأجندته السياسية الدنيوية بدلاً من أن تكون صوت الإيمان والتقوى.
عدا ذلك فإن الخط الفاصل بين الإسلام الرسمي والإسلام غير الرسمي هو خط مشوش وملتبس إلى حد كبير. فالتصريحات عن الإسلام تنهمر من كل حدب وصوب سواء من المقربين للنظام أو من غيرهم من رجال الدين الرسميين أو القضاة أو المشرّعين أو حتى الإعلاميين بمتابعيهم الكُثُر ومعرفتهم الضحلة بالجوانب الفقهية للإسلام2. وفي بعض الأحيان تعمل الدولة على إنشاء وتمويل ورعاية دوائر اجتماعية وسياسية مستحدثة بهدف الترويج لما يسمى بحركة الإصلاح الإسلامي ودعمها عن طريق إجراء تغييرات قانونية وإدارية".
وأوضح أن " أهمية ما تقوم به الأنظمة العربية حالياً من تدخل كبير وسريع ومعقد في المجال الإسلامي يرجع إلى التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي واجهتها في الأعوام التي أعقبت الربيع العربي الذي بدأ في 2011 والتي فاقمتها مؤخراً جائحة كورونا.
وقد حشدت تلك الأنظمة مؤسساتها الدينية الحكومية واستخدمتها أحياناً كأداة لتلميع مشروعية الحكومة في مواجهة القلق الجماهيري المتصاعد بسبب تلك الكارثة الصحية العامة وما ترتب عليها من انهيار اقتصادي-من خلال السيطرة على الخطاب العام والمساجد وعمليات توزيع الإعانات والخدمات- وأحياناً أخرى تستخدم ككبش فداء يتلقى اللوم بدلاً عنها إن لزم الأمر".
المصدر: مركز مالكوم- كارنيغي للشرق الأوسط