"طبخ" الأرقام لعبة رسمية: لماذا تتراجع مصر في جدول التنافسية الدولية؟

الأحد - 9 مايو 2021

في العام 2010 احتلت مصر المركز الـ 81 بين دول العالم في جدول التنافسية الدولية. هذا المركز لم يكن لائقا لها، لكنها بعد أكثر من عشر سنوات تراجعت إلى المركز 93 وهو ما يضع على عاتق السياسة الاقتصادية تحديا كبيرا للنهوض بالقدرات التنافسية في قطاعات الإنتاج السلعي، جنبا إلى جنب مع النهوض بقطاعات التنمية البشرية، خصوصا التعليم والصحة والبحث العلمي. إن أحد الملامح المهمة لأي موازنة سنوية جديدة هو أنها تتعامل مع المستقبل وليس مع الماضي، وتتطلع للأمام وليس للخلف. وينطبق هذا القول على مشروع الموازنة العامة الجديدة للدولة في مصر، المعروضة حاليا للمناقشة في مجلس النواب.
الجهات الإدارية التي تتولى إعداد مشروع الموازنة أو خطة التنمية الاقتصادية تتعمد اللجوء إلى طبخ الأرقام وتضخيمها حتى تظهر وكأن هناك زيادة كبيرة في الاستثمار. على سبيل المثال فإن مخصصات الاستثمار في مشروع الموازنة تبلغ 358.1 مليار جنيه مقابل قيمة متوقعة في نهاية السنة المالية الحالية تبلغ حوالي 232 مليار جنيه، أي بزيادة بنسبة 54.5 في المئة، وهي نسبة ضخمة بلاشك. لكن هذه الزيادة المدهشة تثير الرغبة في إعادة فحص الأرقام واخضاعها للاختبار، خصوصا وأن قيمة الاستثمارات المخصصة للعام القادم تقرب من ضعف قيمة الاستثمارات المنفذة في العام الماضي 19/20 التي بلغت 191.6 مليار جنيه.
نلاحظ أن نسبة زيادة مخصصات الاستثمار في العام المالي الجديد تبلغ 54.5 في المئة عن المتوقع للعام الحالي. وبما أن الناتج المحلي الإجمالي سيحقق زيادة متوقعة بنسبة 6 في المئة، فلا شك أنك يجب أن تصفق للحكومة وتؤدي لها واجب التحية. لكن ظنك في جدارة الحكومة التي تزعم أن الإستثمار هو محرك التنمية سيخيب فورا عندما تعلم أن المنفذ الفعلي من الاستثمارات يقل كثيرا عن المخصصات المعلنة. ويزيد من فداحة أسلوب «ضرب الأرقام» أن وزارة المالية تفاجئ مجلس النواب في كثير من الأحيان طالبة تعديل الربط القانوني بالزيادة، وهو ما حدث فعلا في السنة المالية الماضية. فقد جاء في تقرير مراجعة الحساب الختامي أن قيمة الاستثمارات المنفذة في عام 19/20 بلغت 191.6 مليار جنيه فقط مقارنة بربط معدل لقيمة الاستثمارات الواردة في قانون الموازنة الذي بلغ 244.7 مليار جنيه، أي أن الاستثمارات المنفذة فعلا تقل عن 80 في المئة من المعلنة. الغريب في الأمر أن مشروع الموازنة الجديدة لا يلتفت إلى تلك الملاحظات، ولا يهتم بتصحيحها، بل ان استهتار الحكومة بمجلس النواب وصل إلى حد أنها لا تقدم للمجلس تقرير المتابعة السنوي للخطة منذ عام 2003 حتى الآن، في حين أن القانون يلزمها بتقديم التقرير كل عام، في موعد لا يتجاوز 12 شهرا بعد نهاية السنة المالية.
يعترف وزير المالية بأن مدفوعات الفوائد المستحقة على الديون «تمثل أكبر باب إلى جانب المصروفات منذ عام 2015/2016» ويشير إلى جانب واحد فقط من جوانب أعباء الديون هو مدفوعات الفوائد، في حين أن أعباء الديون تتضمن أيضا سداد قيمة الدين الأصلي، ونفقات إدارة الدين من لحظة الشروع في ترتيبه وحتى اهلاكه

التفاصيل من هنا