"ستراتفور": مصر مقبلة على انفجار شعبي.. والنظام عى صفيح ساخن
السبت - 6 آغسطس 2022
الأوضاع مهيأة للانفجار بضغط من الاقتصاد المنهار ولغياب السياسة تماما وعدم وجود أي هامش للحرية
مصر مقبلة على انفجار شعبي...هذا ما قاله مركز ستراتفور (stratfor) الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية، في أول أغسطس 2022م.
تلا ذلك إعلان ثلاثة من رموز السياسة والاقتصاد في مصر (أيام الاربعاء والخميس والجمعة) امتناعهم عن الكتابة في الشأن العام بضغط من أجهزة السلطة، وهم: الدكتور حسن نافعة، الخبير الاقتصادي هاني توفيق، النائب البرلماني السابق ورئيس حزب الكرامة الحالي احمد طنطاوي.
فعلا الأوضاع مهيأة للانفجار، بضغط من الاقتصاد المنهار والتضخم الذي يثقل كاهل الشعب، ولغياب السياسة تماما وعدم وجود أي هامش للحرية.
مركز ستراتفور (الذي يوصف بأنه مقرب من المخابرات الأمريكية) قال في تحليله للأوضاع المصرية: إن الحرب الروسية في أوكرانيا وضعت النظام المصري على صفيح يزداد سخونة مع استمرارها وتراجع الاقتصاد وانهيار العملة المحلية.
في الوقت نفسه، أثار إعلان 3 شخصيات مصرية بارزة توقفهم عن الكتابة تساؤلات حول دلالة هذا التزامن، وإذا ما كانوا تعرضوا لضغوط من قبل السلطات، اضطرتهم إلى تلك الخطوة، خاصة أن أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، عزا توقفه عن الكتابة إلى "أسباب خارجه عن إرادته"، وهو ما يؤشر لحجم الضغوط الأمنية على أصحاب الرأي، وتجفيف منابع السياسة تماما.
وبحسب تقرير ستراتفور، فبالرغم من تفاقم الأوضاع الاقتصادية في مصر، من المستبعد حاليا اندلاع موجات احتجاج واسعة، نظرا للقبضة الأمنية القوية للنظام المصري وخطط الحكومة لزيادة الإنفاق الاجتماعي لتخفيف الشعور بالأزمة، ولكن إذا استمرت تداعيات حرب أوكرانيا في استنزاف موارد البلاد المالية، فقد تضطر حكومة السيسي في النهاية إلى اتخاذ تدابير تقشف مؤلمة، ما قد يزيد من مخاطر الاحتجاجات.
وأشار إلى أنه من بين البلدان النامية، كانت مصر معرضة بشكل خاص لصدمة أسعار السلع الناتجة عن حرب أوكرانيا. ومطلع الشهر الجاري، سجلت العملة المصرية أدنى مستوى لها على الإطلاق، حيث تجاوز سعر الصرف 19 جنيهًا مصريًا لكل دولار أمريكي.
التضخم وتراجع العملة
وذكر التقرير التحليلي أنه بالرغم أن التضخم الإجمالي انخفض بشكل طفيف في يونيو عن الشهر السابق بسبب التراجع الطفيف في أسعار المواد الغذائية، ما تزال أسعار المستهلك أعلى مما كانت عليه قبل اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير الماضي.
وأدى التأثير المشترك للتضخم المرتفع وانخفاض قيمة العملة في الآونة الأخيرة إلى زيادة الضغوط الاقتصادية على المصريين من مختلف الطبقات الاجتماعية.
وحذر من أن الاقتصاد المصري سيظل ضعيفًا طالما استمرت حرب أوكرانيا في استنزاف احتياطيات القاهرة من العملات الأجنبية عبر زيادة تكلفة الواردات وخفض معدلات السياحة وإثارة مخاوف المستثمرين الأجانب.
وأدى انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة (مثل الغذاء والوقود) ما أدى إلى تفاقم صدمة أسعار السلع الأساسية التي خلقتها الحرب في أوكرانيا.
كما تسببت الحرب في تقليل عدد السياح الأوكرانيين والروس والأوروبيين الذين يزورون مصر، ما حرم القاهرة من مصدر رئيسي للعملة الأجنبية. وقبل الحرب، كان الروس والأوكرانيون يمثلون نحو 30% من السياح الذين يزورون مصر.
كما سحب المستثمرون الأجانب نحو 20 مليار دولار من السوق المصرية هذا العام وسط ارتفاع أسعار الفائدة العالمية.
وأدت هذه الخسارة في عائدات رأس المال والسياحة – إلى جانب زيادة تكلفة الواردات – إلى تآكل احتياطيات مصر من العملات الأجنبية (بلغت 33.4 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران انخفاضًا من حوالي 41 مليار دولار في نهاية فبراير/شباط).
ربع السكان تحت خط الفقر
وقال التقرير: إن أدت زيادة الأعباء على الأسر المصرية إلى تفاقم الغضب ضد الحكومة، بالرغم أن الاحتجاجات الجماهيرية لا تزال غير مرجحة في الوقت الحالي بسبب القبضة الأمنية القوية في البلاد.
ولا يزال من غير المرجح أن تؤدي المظالم الاقتصادية المتزايدة إلى تأجيج المظاهرات بفضل قيام قوات الأمن بتفريق أي تجمعات غير مصرح بها. ومنذ الربيع العربي، أصبح لدى المصريين شهية منخفضة بشكل عام للاضطرابات الشعبية الكبيرة لكن الزيادات في تكلفة المعيشة تنطوي على مخاطر تأجيج السخط من النظام، حيث يعيش أكثر من ربع السكان (30%) بالفعل تحت خط الفقر.
وفي الأشهر الأخيرة، لجأ المصريون بشكل متزايد إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم من الحكومة، لا سيما بسبب ارتفاع أسعار أجور النقل العام والوقود والطعام والسلع الأساسية.
وإذا استمرت الحرب في أوكرانيا في ضرب الاقتصاد المصري، فهناك فرصة (وإن كانت ضئيلة) أن يصل هذا الغضب الشعبي في النهاية إلى مستويات تتجاوز قدرة الحكومة على احتوائه من خلال الأساليب الأمنية المعتادة.
وقبل حرب أوكرانيا، كانت الحكومة تفكر في تقليص بعض هذا الدعم (بما في ذلك الخبز والمياه والكهرباء)، والتي تؤثر بشدة على المالية العامة للدولة.
لكن في ظل المناخ الاقتصادي الحالي، ستحاول الحكومة المصرية تجنب مثل هذه الإصلاحات، حيث تدرك أن وضع أي ضغط إضافي على المصريين الذين يعانون بالفعل من شأنه أن يخاطر بتأجيج الغضب العام.
وينطبق ذلك بشكل خاص على دعم المواد الغذائية التي تعتبر حساسة سياسياً بشكل استثنائي لأنها تساعد في منع المصريين الأكثر هشاشة من الوقوع فريسة للجوع.
مزيد من الديون
يؤكد تقرير ستراتفور أنه إذا لم يتم إيقاف التراجع الاقتصادي في مصر في الأشهر المقبلة، فمن المحتمل أن تحتاج القاهرة إلى أموال خارجية لتعزيز الإنفاق الحكومي، الأمر الذي سيتطلب على الأرجح تدابير تقشفية جديدة قد تزيد الضغط على الأسر المصرية.
وإذا استمر الوضع الاقتصادي الحالي إلى ما بعد نهاية عام 2022، فلن يترك ذلك خيارا لمصر سوى الحصول على المزيد من الديون.
ومن المرجح أن تضغط القاهرة للحصول على مساعدة مالية من دول الخليج، بالإضافة إلى تمويل خارجي من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي. ويمكن أن تؤدي شهية الإمارات للاستثمار في الشركات المصرية إلى تعزيز توجه القاهرة لخصخصة الشركات المملوكة للحكومة، بما في ذلك المتعلقة بقطاع الدفاع المصري.
وإذا ظلت مصر ملتزمة بمشاريع الخصخصة، فقد يساهم ذلك في موقف إيجابي من قبل صندوق النقد الدولي، الذي شجع مصر على بناء قطاع خاص أكثر قوة. ومع ذلك، فإن وضع اللمسات الأخيرة على أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي لا يزال يتطلب موافقة القاهرة على إصلاحات اقتصادية تتضمن تدابير تقشف لا تحظى بشعبية.
وبالرغم أن المحادثات الجارية بين صندوق النقد الدولي ومصر تشير إلى بعض الانقسام بين الطرفين حول وتيرة ونطاق هذه الإصلاحات، فإن إدارة “السيسي” الحالية أبدت استعدادها من قبل لزيادة الضرائب وخفض الدعم، بالرغم من تكلفة ذلك على الأسر المصرية.
وإذا استمرت حرب أوكرانيا في استنزاف الموارد المالية للبلاد، قد تضطر القاهرة إلى فرض مثل هذه الإجراءات مرة أخرى من أجل فتح الباب أمام مزيد من تمويل صندوق النقد الدولي، وهو ما يفتح الباب على أي احتملات قادمة.