"رايتس ووتش" : إغلاق الشبكة العربية ضربة فادحة للحركة الحقوقية في مصر..

الخميس - 13 يناير 2022

على مدار الساعات القليلة الماضية، واصلت المنظمات الحقوقية رصد انتهاكات النظام المصري، حيث اعتبرت منظمة هيومان رايتس ووتش" إغلاق منظمة الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ضربة فادحة للحركة الحقوقية في مصر ، فيما طالبت مؤسسة "جوار" بإنقاذ البلتاجي " ثائر كل العصور"، بينما أكدت

"الشبكة المصرية" أن حياة الشيخ د.محمود شعبان معلنا إضرابه عن الطعام، وقال تقرير" لمدى مصر" أنه في عزبة السيسي أصبحت "الحرية مقابل الجنسية"، وفي السياق الحقوقي، قال نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي : السيسي لم يسلم من انتقاد جرائمه حتى في المؤتمرات التي يحاول من خلالها تجميل وجه نظامه القبيح، ومن خلال هذا التقرير نتعرض للتفاصيل .

أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، اليوم الخميس، إجبار "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" على إنهاء نشاطها في مصر بعد نحو 18 عاما من العمل في البلاد.

ووصفت المنظمة (مقرها نيويورك)، في بيان، هذا الأمر بأنه "ضربة خطيرة لمستقبل المجتمع المدني المستقل في مصر، وعلامة جديدة على الحالة الحقوقية المتردية في البلاد، وخسارة فادحة للحركة الحقوقية المصرية وشركائها الدوليين".

وأن "قرار الشبكة العربية الصعب بالإغلاق بعد نحو عقدين من الزمن يُثبت للأسف أن هدف الحكومة المصرية هو إسكات المجتمع المدني المستقل الناقد"، مطالبة المجتمع الدولي بألا يسمح للدولة المصرية بإبادة المجتمع المدني الذي كان حيويا في السابق.

وأضافت أن قانون الجمعيات الأهلية في مصر الصادر عام 2019 "يفرض قيودا صارمة على عمل منظمات المجتمع المدني، ورقابة حكومية شديدة، تشمل شرط تسجيل جميع المنظمات غير الحكومية لدى وزارة التضامن الاجتماعي"، مشيرة إلى أن الشبكة العربية قالت للمنظمة إنها غير قادرة على تلبية هذه المتطلبات ولا ترغب في تلبيتها.

كما يسمح القانون للجهات الحكومية بإغلاق أي منظمة فاعلة غير مسجلة بالقوة وتجميد أصولها.

وكانت الشبكة أرجعت، في 10 يناير/كانون الثاني الجاري، قرارها إلى "تزايد الاستهانة بسيادة القانون، وتنامي انتهاكات حقوق الإنسان، التي لم تستثن المؤسسات والمدافعين المستقلين عن حقوق الإنسان"، فضلا عن المهلة التي تشارف على الانتهاء، وتفرض على جميع المنظمات غير الحكومية التسجيل بموجب قانون الجمعيات.

استغاثات حقوقية

وفي يونيو الماضي دعت 63 منظمة حقوقية، عبدالفتاح السيسي،إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء حملة القمع الشاملة التي تشنها السلطات على المنظمات الحقوقية المستقلة وكافة أشكال المعارضة السلمية".

وقالت المنظمات إنه "من الضروري الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأشخاص المحتجزين، لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع".

كما طالبت بوقف عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، وممارسات الإخفاء القسري والتعذيب وغيرها من الانتهاكات الحقوقية والجرائم الجسيمة بموجب القانون الدولي

ومن بين المنظمات الموقعة، منظمة العفو الدولية، وفرونت لاين ديفندرز، وهيومن رايتس ووتش، وأيضا مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والديمقراطية في العالم العربي الآن، والمعهد الدانماركي لمناهضة التعذيب، وكذلك لجنة الحقوقيين الدولية، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان.

وذكرت المنظمات بإصدار أكثر من 30 دولة أعضاء في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 12 مارس 2021، بيانا مشتركا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء مسار حقوق الإنسان في مصر.

في عزبة السيسي.. الجنسية مقابل الحرية

وفي سياق متصل، نشر موقع مدى مصر تقريرا سلط خلاله الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها النشطاء والسياسيون المعتقلون في سجون السيسي، بداية من ظروف الاعتقال غير الآدمية، ومرورا بمنع الزيارات والحرمان من الأدوية والأغطية في هذا البرد القارس والتجريد من المتعلقات ومنع التريض، بالإضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد وانتهاء بابتزاز المعتقلين ومقايضتهم بالتنازل عن الجنسية المصرية مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب التقرير، وصل الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث إلى باريس بعد أن أفرجت سلطات الانقلاب عنه من السجن بعد أكثر من 900 يوم من الاحتجاز الاحتياطي، وخرج من مطار شارل ديجول مع زوجته سيلين ليبرون شعث وسط حشد من المؤيدين، إلا أن شروط الإفراج عنه لم تكن سببا للاحتفال ، فقد أُجبر شعث على التخلي عن جنسيته المصرية مقابل حريته.

وأضاف التقرير أن جهاز الأمن الوطني قد تواصل خلال الأشهر الستة الماضية مع عائلة شعث، لبدء عملية التخلي عن جنسيته والترتيب لترحيله، حسب ما أفاد به مصدر مطلع على نقاشات دارت حول الإفراج عنه، تحدث إلى "مدى مصر" شريطة عدم الكشف عن هويته.

وأوضح التقرير أن هذه الممارسة المثيرة للجدل تستند إلى مرسوم  يعرف باسم القانون 140، أصدره عبد الفتاح السيسي في نوفمبر 2014، يسمح بإعادة السجناء الأجانب إلى بلدانهم، حسب تقدير الرئيس، لقضاء أوقاتهم أو إعادة محاكمتهم هناك.

وصدر القرار بعد خمسة أشهر من الحكم على ثلاثة صحافيين في قناة الجزيرة، هم الأسترالي بيتر جريست والمصري الكندي محمد فهمي والمصري باهر محمد بالسجن بين سبع وعشر سنوات بتهم تتعلق بالإرهاب في قضية أثارت موجة تنديد دولية، وانتقدت منظمات حقوق الإنسان والحكومات الغربية والأمم المتحدة، ووفقا للمحامي نجاد البرعي، الذي مثل فهمي في القضية، صدر القانون 140 للسماح بالإفراج عن جريست وترحيله إلى بلده الأصلي أستراليا، وبعد أقل من ثلاثة أشهر من إصدار المرسوم، تم ترحيل جريست بالفعل.

وأشار التقرير إلى أن فهمي تخلى عن جنسيته المصرية، في ذلك الوقت،  أملا في ترحيله إلى كندا، وقال فهمي لموقع مدى مصر في ذلك الوقت إن "كبار المسؤولين زاروه في السجن وقالوا له إن التخلي عن الجنسية المصرية هو السبيل الوحيد للخروج"، ورفض فهمي في البداية، لكنه قال إنه شعر بالضغط عليه ويريد الخروج من السجن، ولم تنجح هذه الخطوة، ولم يفرج عنه سوى مع باهر محمد، بعد أن حصل هؤلاء على عفو رئاسي في سبتمبر 2015 عقب إعادة المحاكمة، واستعاد فهمي جنسيته المصرية منذ ذلك الحين.

وقبل أشهر، في مايو 2015، أجبر محمد سلطان، وهو ناشط مصري أمريكي سجن لأكثر من 640 يوما، على التخلي عن جنسيته من أجل إطلاق سراحه، وترحيله إلى الولايات المتحدة بعد مناشدات مباشرة من إدارة أوباما.

مطالبات بإنقاذ  ”ثائر كل العصور البلتاجي ”

وفي السياق الحقوقي ذاته، طالبت مؤسسة جوار للحقوق والحريات برفع الظلم الواقع على الدكتور محمد البلتاجي نائب الشعب ببرلمان 2012، وأحد أبرز رموز ثورة 25 يناير الملقب بـ "ثائر كل العصور" الذي يعد من أشهر المناضلين ضد العسكر وحكم السيسي وصدرت ضده أحكام بالسجن مدى الحياة، فضلا عن حكم بالإعدام بهزلية "مذبحة فض رابعة"، التي قتلت فيها ابنته أسماء .

وقالت المؤسسة الحقوقية إن "البلتاجي" تعرض لكثير من الانتهاكات داخل محبسه، ولا يزال يتعرض للقتل البطيء داخل سجن العقرب انتقاما منه، حيث نكّل به النظام أشد تنكيل هو وأسرته، فحرقوا عيادته، وقتلوا ابنته الوحيدة، وسجنوا أولاده وطاردوا زوجته، وحبسوه في زنزانة انفرادية، ومنعوه من دفن والدته، حيث تُوفيت وهو في المعتقل.

يذكر  أن د. محمد البلتاجي يبلغ من العمر 56 عاما، وهو أستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر، تم اعتقاله في 29 أغسطس 2013، ومنذ ذلك التاريخ وهو يقبع بسجن العقرب سيئ السمعة، يحرم  من أبسط حقوقه، بما في ذلك الزيارات ووقت الراحة خارج الزنزانة والرعاية الصحية، حتى إنه أُصيب بجلطة دماغية، وتدهورت حالته الصحية بشكل بالغ  ويُخشى على سلامة حياته.

حياة "محمود شعبان” في خطر

من ناحية أخرى دانت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان الانتهاكات التي تمارسها السلطات الأمنية بحق الأستاذ الجامعي بالأزهر محمود شعبان ،وأكدت ان حياته في خطر وهو المحبوس منذ 2019 على ذمة قضايا سياسية، دون اتهامات أو أدلة سوى محضر تحريات الأمن الوطني المُلفق.

وقالت الشبكة إنها "علمت بأن إدارة سجن الاستقبال بطره، قامت منذ أيام بنقل الدكتور محمود شعبان 49 عاما، والمعتقل منذ أكثر من عامين إلى مستشفى سجن طرة، وذلك بعد أن تدهورت حالته الصحية موخرا، نتيجة دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام اعتراضا على المعاملة القاسية وغير الإنسانية التي يتلقاها داخل محبسه".

وأوضحت أن "شعبان" أستاذ البلاغة والنقد في معهد الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، يعاني بسبب ظروف الاعتقال المستمرة في زنازين تفتقد إلى أدنى المعايير القانونية والإنسانية من عدة أمراض كالغضروف وعرق النسا والبواسير، والتي تتفاقم مع مرور الوقت مع عدم تلقيه العلاج المناسب.

وأشارت إلى أن أسرته تقدمت بطلبات لمكتب النائب العام للعلاج على نفقته الخاصة في مستشفى تابع لجامعة الأزهر باعتباره أستاذا فيها ، ولم يُبتّ في الطلب حتى الآن،  حتى تدهورت حالته  نتيجة الإضراب الأخير عن الطعام .

كما سبق وأن طالبت مؤسسة "جوار" بوقف الانتهاكات التي يتعرض لها معتقلي سجن ملحق المزرعة، وعلى رأسهم  الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل للعام التاسع على التوالي منذ اعتقاله في يوليو 2013.

وذكرت المنظمة أن معتقلي هذا السجن  ممنوع عنهم ، وان السجن يحوي العديد من المعتقلين كبار السن ومنهم الشيخ "حازم" الذي أعلن إضرابه عن الطعام أكثر من مرة، بسبب الإهمال الطبي وسوء المعاملة والتعذيب الذي يحدث بحقه، فضلا عن صدور أحكام مسيسة بسجنه 12 عاما في قضايا ذات طابع سياسي.

وفي سياق متصل، شهدت مواقع التواصل المصرية تفاعلاً مع مقطع فيديو تداوله المغردون لممثلة تحالف البحر المتوسط وهي تكيل لعبد الفتاح السيسي الاتهامات بتدهور حقوق الإنسان في عهده، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم المقام في شرم الشيخ جنوبي سيناء.

وفي إطار جلسة "نموذج محاكاة مجلس حقوق الإنسان الدولي بالأمم المتحدة"، الثلاثاء 11 يناير 2022 ،هاجمت ممثلة التحالف، التي لم يُذكر اسمها، النظام المصري، وقالت: "في مصر، رغم التطور المحدود الذي ظهر في اعتماد استراتيجية حقوق الإنسان (سبتمبر/أيلول)، نشعر بالقلق من... حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وقمع المجتمع المدني وانتهاكات للسجناء والتمييز ضد النساء"، ودعت لاتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة.

واعتبر المغردون الاتهامات خروجا عن جولات التطبيل للنظام خلال المنتدى، وخرقا لخطة القائمين عليه للترويج لرأس النظام، ما أربك السيسي، ودفعه للرد على تلك الاتهامات قائلاً:"شعرت أن الخطاب قاس جداً"، معتبراً أنّ "الواقع ليس كذلك، وأنّ هذا الخطاب شكل من أشكال الإساءة للدولة المصرية".

مما دفع رئيس وفد مصر بجلسة المحاكاة التعقيب مؤكدا أن ما ذكرته الممثلة «ادعاءات نرفضها جملة وتفصيلا»،  

من جانبه طالب اتحاد القوى الوطنية المصرية المعارض في وقت سابق الثلاثاء  شباب العالم الموجودين بالمنتدى بالحديث عن «الانتهاكات الحقوقية».. متسائلا: «أم أن المحاكاة التي ستتم لأعمال مجلس حقوق الإنسان في جنيف هي تمثيلية شكلية؟»

وغرد الدكتور سيف عبد الرحمن: "‏ممثلة تحالف البحر المتوسط تنتقد الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة المصرية في ملف حقوق الإنسان أثناء جلسة نموذج محاكاة مجلس حقوق الإنسان في مؤتمر الشباب بحضور السيسي، وتهاجم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري".

وكتب محمد حسونة: "‏طلقات توبيخ مباشرة الى السيسى من ممثلة تحالف البحر المتوسط حول حقوق الانسان في #مصر المليئة بالسجون والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري وقمع المجتمع المدني في #منتدى_شباب_العالم".