"بورغا": صفقات السلاح وعداء الإسلاميين.. أهم أسباب دعم ماكرون للسيسي
الأربعاء - 19 مايو 2021
انتقد المفكر والباحث الفرنسي فرانسوا بورغا، العلاقات الفرنسية المصرية التي جاءت على حساب ملف حقوق الإنسان وقمع الحريات، وذلك بالتزامن مع زيارة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا للمشاركة في كل من مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، وقمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية.
وقال بورغا، وهو مدير الأبحاث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي في مدينة آكس أون بروفانس، جنوب فرنسا، إن هناك أسبابا أخرى غير عقد صفقات السلاح الضخمة تجمع بين الرجلين، على رأسها العداء للتيارات الإسلامية في بلديهما والتنسيق المشترك في ملفات إقليمية مثل شرق المتوسط وليبيا.
دعم السيسي، هو ورقة رابحة في انتخابات فرنسا الرئاسية المقبلة، بحسب الأكاديمي الفرنسي؛ بعد مغازلة أصوات المسلمين في 2017، يسعى ماكرون لمخاطبة اليمين المتشدد وجعل عدائه للإسلام ورقته الرابحة لحملته الانتخابية في 2022.
وعن أسباب دعم ماكرون للسيسي وتجاهل حقوق الإنسان في مصر، قال: التحالف بين السيسي وماكرون، باعتباره نتيجة لسببين أساسيين:
السبب الأول، هو بسيط أو براغماتي، يتعلق الأمر بالجانب المادي والرغبة في الربح والتكسب ببيع الأسلحة.
الدافع الثاني، يتعلق بالطبيعة الأيديولوجية للتحالف بين النظامين وليست مادية. وعلى هذا الصعيد، يبدو أن لماكرون والسيسي مصلحة مشتركة، وهي تجريم وشيطنة التيارات الإسلامية في كل من فرنسا ومصر.
وحول سر العداء المشترك للتيارات السياسية الإسلامية، أكد "بورغا" أن السيسي ومعه نادي "المستبدين بلا حدود" من حكام المنطقة، يعرفون جيدا أن التيار الوحيد الذي يستطيع أن يستقطب حاليا أغلبية انتخابية، وينازع المستبدين على السلطة هو التيار الإسلامي.
وعلل منح السيسي أعلى وسام شرف في فرنسا بأنه يأتي بسبب موقفه من الإسلام السياسي، حيث تم منحه أعلى وسام شرف تمنحه الجمهورية الفرنسية، وأكد لجريدة الفيغارو، محاربته معارضيه من الإسلاميين بصفة عامة، والإخوان المسلمين بصفة خاصة، مبررا ذلك بأنه لحماية المصالح الفرنسية.
وتابع بورغا: في تقديري لا يشكل موقف فرنسا بقيادة ماكرون من الاستبداد المصري -مع الأسف- أي عنصر جديد، كثيرا ما أحب أن أذكر برسم كاريكاتيري كانت نشرته جريدة "Le canard enchainé" في حوالي سنة 1995، يظهر طفلا يسأل الرئيس الفرنسي حينها، جاك شيراك، قائلا: "يا سيادة الرئيس، لماذا نحن في فرنسا ندعم كل الديكتاتوريات في العالم العربي؟!" فيرد عليه شيراك: "يا صديقي اليافع، إن شعوب المنطقة العربية لا يريدون تحمل مسؤولية دعم ديكتاتورييهم بعد الآن، فعلى أحدهم أن يتكلف بذلك الدعم محلهم".
هذا التقليد الفرنسي مستمر مع الأسف منذ ذلك الزمان، أقصد التحالف بين الأنظمة الديكتاتورية العربية والسياسات الخارجية الفرنسية. غير أن أسباب بنية واستراتيجية هذا التحالف تغيرت عبر الزمان، فبالإضافة إلى الخلفية الاقتصادية، التي تتعلق بالربح المادي، يوجد الآن بعد أيديولوجي، قوامه التعاون في شيطنة كل ما يتعلق بتيارات "الإسلام السياسي"، صار يحتل مساحة أوسع ليس في العالم العربي فقط، لكن أيضا في الساحة السياسية الفرنسية بأكثر مما كان عليه الأمر في العقود السابقة.
واستدرك: الجانب المبشر الوحيد في هذا الوضع الفرنسي المأزوم، هو أن النشطاء الحقوقيين والجمعويين والباحثين القديرين في الأوساط البحثية الجامعية الفرنسية، بما فيهم أولئك الأكثر خبرة واحترافية، كل تلك الأوساط متمسكة بموقف أكثر موضوعية ونبلاً في السياق الذي نعيش. غير أن ميزان القوى حاليا ليس لصالح هذه الفئات من المجتمع الأساسية في النقاش العمومي. في المقابل ربما يؤيد عشرة في المائة فقط من الأوساط البحثية، أو إن هامشا أقل، هو الذي يؤيد سياسات الرئيس ماكرون.
وعما إذا كان على الشعب المصري أن يعتمد على نفسه الآن وليس على الغرب، قال: أنا مقتنع بشدة ومنذ مدة طويلة أنه ليس من مصلحة المعارضين العرب والفلسطينيين، وخاصة الإسلاميين منهم، أن ينتظروا أي دعم من الأنظمة الغربية الحالية.
المصدر عربي 21