"العفو الدولية" تطالب مصر بوقف المحاكمات أمام "الطوارئ "..
الثلاثاء - 2 نوفمبر 2021
- منظمات حقوقية : مجمع السجون الجديد مجرد " بروباجندا " وليست لعلاج الانتهاكات ولكن لتجميلها .
- مطالبات حقوقية بوقف التنكيل بالبلتاجي وابنه .
- الشهاب : ندين تصاعد الانتهاكات بسجن الزقازيق ونطالب بالتحقيق.
شهدت الساعات القليلة الماضية صدور العديد من التقارير الحقوقية الدولية والمحلية الفاضحة للانتهاكات الحقوقية بمصر ، حيث قالت منظمة العفو الدولية، مساء أمس الاثنين، إن حالة الطوارئ التي استمرت سنوات في مصر، وتم إعلان رفعها مؤخرا، شابتها محاكمات لعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء، والمعارضين السياسيين، والمتظاهرين السلميين المحتجزين تعسفياً، أمام محاكم الطوارئ، في إجراءات جائرة بطبيعتها، كما أصدرت 7 منظمات حقوقية بيانا أكدت فيه أن سجن وادي النطرون المصري الجديد ليس لتغير سياسات الداخلية ولكن لتجميل الانتهاكات لا لعلاجها، كما طالبت منظمات حقوقية بوقف التنكيل بأسرة البلتاجي ، كما جدد "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" إدانته لتصاعد الانتهاكات في سجن الزقازيق العمومي... وطالب بوقفها فورا والإفراج عن جميع المسجونين على خلفية سياسية مع ضرورة التحقيق مع المتسببين في هذه الانتهاكات ومحاسبتهم، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
قالت منظمة العفو الدولية، مساء أمس الاثنين، إن حالة الطوارئ التي استمرت سنوات في مصر، وتم إعلان رفعها مؤخرا، شابتها محاكمات لعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والمعارضين السياسيين، والمتظاهرين السلميين المحتجزين تعسفياً، أمام محاكم الطوارئ، في إجراءات جائرة بطبيعتها
وجاء البيان بالتزامن مع جلسة محاكمة المدون والناشط علاء عبد الفتاح، ومدير مركز عدالة للحقوق والحريات محمد الباقر، والمدون والناشط محمد إبراهيم (المعروف باسم محمد أكسجين)، أمام محكمة أمن الدولة طوارئ بتهم ذات دوافع سياسية، من بينها نشر أخبار كاذبة من شأنها إضعاف هيبة الدولة، والإضرار بأمنها القومي، وتكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب بين الناس.
وقال مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة فيليب لوثر: "يُعتبر رفع حالة الطوارئ خبرًا سارًا من حيث أن السلطات لن تكون قادرة بعد الآن على إحالة القضايا الجديدة إلى محاكم الطوارئ التي تم إنشاؤها بموجبه، إلا أن الخبر يشوبه جانب سيئ. لكي تكون هذه خطوة مجدية نحو معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، يجب على السلطات الإفراج الفوري، ومن دون قيد أو شرط، عن أولئك الذين يواجهون المحاكمة أمام محاكم الطوارئ لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، ومن بينهم علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر ومحمد أكسجين، الذين قضوا بالفعل ما يزيد عن عامين في السجن لمجرد ممارستهم نشاطهم السلمي، ودفاعهم عن حقوق الإنسان، كما يجب على السلطات وقف استخدام محاكم الطوارئ تماماً، لأن إجراءاتها تنتهك أبسط معايير المحاكمة العادلة، بما في ذلك حق المتهمين في مراجعة قرارات إداناتهم، والأحكام الصادرة بحقهم من قبل محاكم أعلى".
وأكدت منظمة العفو الدولية أن التهم الموجهة إلى كل من علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر تنبثق من انتقاداتهما معاملة السلطات للسجناء، والوفيات المشتبه بها في الحجز، بينما تستند التهم الموجهة إلى محمد أكسجين إلى تعليقاته بشأن سجل الحكومة السيئ في دعم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ولا تتضمن أي من تعليقاتهم أي تحريض على العنف أو الكراهية، وبالتالي، فهي مكفولة بموجب الدستور المصري والالتزامات الدولية باحترام الحق في حرية التعبير.
بالإضافة إلى محاكمة هؤلاء النشطاء الثلاثة، علمت منظمة العفو الدولية بوجود ما لا يقل عن 143 قضية أخرى نُظر فيها أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، منذ أن دخلت حالة الطوارئ حيز التنفيذ في إبريل/نيسان 2017، بما في ذلك القضايا المنبثقة فقط عن ممارسة المتهمين السلمية لحقهم في حرية التجمع والتعبير، ووُضعوا جميعهم رهن الحبس الاحتياطي المطول على ذمة التحقيقات بشأن تهم تتعلق بالإرهاب، بعضهم لأكثر من عامين، وهي المدة القصوى للحبس الاحتياطي التي يسمح بها القانون المصري.
وتتسم الإجراءات أمام محكمة أمن الدولة طوارئ بالجور في طبيعتها، ويُحرم المدعى عليهم من الحق في استئناف إداناتهم وأحكامهم أمام محكمة أعلى. تشمل انتهاكات معايير المحاكمة العادلة الموثقة الأخرى الحق في الحصول على الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعهم، والحق في التواصل مع محامٍ من اختيارهم، والحق في جلسة استماع علنية.
منظمات حقوقية: سجن وادي النطرون المصري الجديد " بروباجندا "
وفي السياق الحقوقي ، قالت سبع منظمات وحملات حقوقية مصرية ودولية إنّ السلطات في مصر لا تجيد سوى فن "البروباغندا" في التعامل مع ملف المحتجزين لديها، مضيفة أنه بدلاً من التعامل بواقعية مع ذلك الملف الحقوقي الحساس، تُصر السلطات المصرية على دفن رأسها في الرمال مؤكدة (السلطات) مرارًا أن الأمور كلها تجري على ما يرام، وهو عكس ما ترصده الكثير من التقارير الحقوقية والأممية عن واقع مراكز الاحتجاز والسجون في مصر.
جاء ذلك في أعقاب قيام وزارة الداخلية المصرية بتنظيم جولة تفقدية داخل سجن وادي النطرون الجديد، التابع لقطاع الحماية المجتمعية (مصلحة السجون سابقًا) بالوزارة، بحضور عدد من البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وممثلي المجالس الحقوقية ولجان حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ، وعدد من الإعلاميين ومراسلي الوكالات الأجنبية، والذي تم تشييده في مدة لا تتجاوز 10 أشهر.
وأوضحت المنظمات والحملات أنه في الوقت الذي تتفاخر فيه وزارة الداخلية المصرية بذلك السجن الجديد، وأنه يحتوي على حمامات سباحة وملاعب رياضية مجهزة وقاعات لممارسة المحتجزين هواياتهم المفضلة ومدارس ومستشفى مركزي مجهز بأحدث المعدات والأجهزة الطبية، فإن الأرقام التي رصدتها تقارير حقوقية عدة، حول الأوضاع المعيشية داخل مقار الاحتجاز والسجون في مصر والإهمال الصحي للمحتجزين فيها، خير دليل على أن كل ما يحدث ما هو إلا نوع من أنواع الدعاية المضللة لتحسين صورة النظام المصري.
وذكرت المنظمات والحملات أنه منذ بداية عام 2021 وحتى شهر يونيو/حزيران الماضي، تم رصد أكثر من 400 حالة سوء أوضاع احتجاز، و28 حالة وفاة داخل مراكز الاحتجاز، وأكثر من 120 حالة تعذيب، ما يدلل أكثر على أن الأمر لا يعدو كونه محاولة للتجميل لا لعلاج الانتهاكات المستشرية داخل مقار الاحتجاز والسجون في مصر.
كما أشارت المنظمات والحملات إلى أنه من ضمن الخدمات التي تتفاخر الداخلية المصرية بتقديمها في السجن الجديد؛ خدمة تجديد الحبس الاحتياطي للنزلاء وعروض النيابة إلكترونيا، والتي تتعارض مع مبادئ المحاكمة العادلة التي تعد ركيزة من الركائز الأساسية لحقوق الإنسان في النظام العالمي، وتضرب استقلالية القضاء المصري في مقتل.
وأضافت المنظمات والحملات أنه من خلال ذلك النظام، سيجرى عقد جلسات المحاكمة وتجديد الحبس داخل مقر السجن بشكل غير مباشر، وحينها سيكون المتهم خاضعًا للسلطة التنفيذية، ما يفتح الباب لتعرضه إلى مزيد من الانتهاكات، كما أنه سيكون بعيدًا عن أعين أي رقابة قضائية، فالقاضي لن يرى إلا ما تريد السلطة التنفيذية أن تريه إياه من خلال الكاميرا فقط، كذلك سيفتقد النزيل حقه في الدفاع.
ووفقا للمصدر نفسه، فإنّ افتتاح ذلك السجن الجديد في وادي النطرون تزامن مع إلغاء قانون الطوارئ، وهي خطوات تحاول من خلالها السلطات في مصر تخفيف الضغط الدولي عليها في ملف حقوق الإنسان، الذي يمثل عامل تهديد للعديد من الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية مع العديد من العواصم العالمية والغربية.
وشددت الحملات والمنظمات على أن السلطات المصرية نسيت أو تناست أن حال مقار الاحتجاز والسجون بمصر لن ينصلح بافتتاح سجن جديد، حتى وإن كان مجهزًا بكل تلك التجهيزات فعليًا، بل سينصلح بأن يكون هناك وضع حد لظواهر الاحتجاز التعسفي، والاحتجاز المطول - الذي يصل إلى سنوات - قبل المحاكمة، والاعتقال المتجدد.
وكذا وضع حد لظاهرة التعذيب داخل مقار الاحتجاز والسجون، والتوقف عن محاولات إخفاء هذه الظاهرة الممنهجة، وفتح تحقيقات شفافة ونزيهة وفعالة لمحاسبة المسؤولين عنها، وضمان وصول الضحايا إلى سبل الإنصاف الكافية، وكذا ضمان تعويضهم بالتعويض المناسب.
وجددت الحملات والمنظمات تأكيدها أن مصر لا تحتاج لبناء المزيد من السجون ومقار الاحتجاز فيها، ولكنها تحتاج لفتح صفحة جديدة بين النظام والمواطن، قائمة على بناء وتعزيز قدرات المواطن لا بناء دور عقابية جديدة.
كما دعت وزارة الداخلية المصرية إلى الكفّ عن سياسة التجاهل والتلميع، واعتماد سياسة جديدة قائمة على الشفافية والوفاء بالوعود ف ما يخص الجانب الحقوقي للمحتجزين لديها، وتوفير ظروف معيشية وصحية جيدة لكافة المحتجزين، بلا تفرقة بينهم تبعًا لانتماءات سياسية أو حزبية ضيقة، والتعامل معهم جميعًا من الناحية الحقوقية والإنسانية والقانونية فقط.
المنظمات الموقعة هي حملة المادة 55 - كوميتي فور جستس، والمؤسسة العربية للحقوق المدينة والسياسية – نضال، وحملة حقهم، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، ومنصة صوت الزنزانة، والمركز المصري للحق في التعليم، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي.
والمنظمات الحقوقية تطالب بوقف التنكيل بأسرة البلتاجي
وفي سياق متصل طالبت المنظمات الحقومقية بوقف الانتهاكات بحق الدكتور محمد البلتاجي – أحد رموز ثورة يناير - وأسرته ، حيث يدخل أنس البلتاجي – بعد شهرين - ، عامه التاسع في السجن، منذ القبض عليه في آخر أيام عام 2013.
ومنذ ذلك الحين، لم يخرج أنس من محبسه. كان عمره حينها 19 عاماً. وتم تدويره في أربع قضايا مختلفة، حصل على البراءة في قضيتين من محاكم الجنايات والجنح، وإخلاء سبيل في قضية ثالثة. لكن السلطات المصرية قررت أن تضمّه لقضية رابعة، لتبقيه سجينًا بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية
حُرم أنس البلتاجي من استكمال دراسته، كما أن إدارات السجون التي تنقّل بينها لم تسمح له بإدخال كتبه الدراسية أو أية كتب أخرى، بالإضافة إلى انتهاك حقه وحق أبيه في أن يحتجزا سوياً، وفقاً لما ينص عليه قانون لمّ الشمل.
أنس البلتاجي محروم تماما من الزيارات فيما يزيد عن خمسة أعوام، وبالتالي لا يسمح له باستلام أي مستلزمات غذائية وصحية وعلاجية، بخلاف "تعيين" السجن، أي الطعام الذي يوزع على كافة السجناء
الحال نفسه ينطبق على والده، المحكوم عليه – ظلما - بالإعدام، والمحبوس انفراديا منذ عدة سنوات، بعد اتهامه في أكثر من قضية، ليصل مجموع الأحكام إلى السجن نحو 170 سنة، إضافة إلى إعدام، حسب إحصاء أسرته.
ونشرت سناء عبد الجواد، زوجة القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، ووالدة أنس البلتاجي، رسالة مؤثرة، تحدثت فيها عن العزلة التي يعيشانها في حبسهم.
وقالت عبد الجواد في رسالتها: "زوجي وابني في زنازينهم الانفرادية وكل من مثلهم الوحدة والصمت والغربة.. بل غرباء عن العالم كله. لا يسمعون أصوات أذان، ولا زوجاتهم وأولادهم، ولا زقزقة العصافير، ولا خرير الماء، ولا حفيف الشجر، ولا ضحكات الأطفال. لا يعرفون ضوء الشمس، لا شروقها ولا غروبها، ولا النظر إلى السماء والبحر والشجر، والبشر، وذويهم، وأحبابهم.. لم يروا حتى أنفسهم في المرآة منذ سنوات، وكيف أصبحت وجوههم وأجسامهم وبشرتهم مع الحرمان من رؤية الشمس"
وتابعت "لم يروا الألوان والشجر والورد وضوء النهار. فقط لون الغرفة السوداء وملابسهم التي لا تتغير حمراء أو زرقاء، نسوا كيف يكون المشي لمسافات أو لعدة أمتار حيث الزنازين الضيقة بالكاد يتحركون فيها.. يشتاق ويفتقد لزوجته وأولاده أو خطيبته. أهله، وأحبابه، وأصدقائه، بيته وشارعه، سيارته، عمله، مكتبته. تفاصيل كثيرة يشعر بها وحده المعتقل التى حرم منها ويتمناها"
وأضافت "إنها غربات وظلمات ووحشة وفقد وحرمان تتقطع عليكم القلوب، ولكن كلها ثقة ويقين بلطفه ورحمته التي وسعت كل شيء وأنه قادر على أن يجبركم بأنسه ومعيته، وأن الله ما كتب عليكم هذا إلا ليصنعكم على عينه، وحكمة الله التي تجري. أيكم أحسن عملا وإيمانا وثباتا، فلتصبروا حتى تسمعوا البشرى في الجنة، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، ونسألك اللهم الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، فنحن نعيش في زمن المحن لكي تطهر النفس وتزيل ما بها من خبث وتجعلها تحلق عاليا فحقق ذلك فينا يا رب، وثبتنا على دينك وأفرغ علينا صبرا نستكمل به الطريق".
" الشهاب " تجدد تنديدها بتصاعد الانتهاكات بسجن "عمومي الزقازيق"
وفي سياق متصل ، جدد "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" إدانته لتصاعد الانتهاكات في سجن الزقازيق العمومي، وطالب بوقفها فورا، والإفراج عن جميع المسجونين على خلفية سياسية مع ضرورة التحقيق مع المتسببين في هذه الانتهاكات ومحاسبتهم
ووثق المركز شكاوى أهالي سجن الزقازيق العمومي؛ بسبب ما يتعرض له ذويهم داخل السجن من تعذيب ممنهج وانتهاكات تحت إشراف مباحث السجن والضابط أسامة العطار وشريف نخنوخ وقوة السجن.
وأشار إلى أن الانتهاكات تشمل جميع المواطنين داخل السجن وتتعدد أشكالها، مثل: الضرب المبرح، والتجريدات التي تصادر الملابس والمتعلقات الشخصية، ومنع دخول الدواء؛ مما يعرض حياة الكثير للخطر، والتكدس الشديد، والبيئة غير الآدمية التي تسهل نشر الأمراض.