"العربي الجديد": كارثة سوهاج تشعل الصراع بين قيادات السلطة المصرية

الاثنين - 29 مارس 2021

تحت عنوان (كارثة سوهاج تشعل الصراع بين قيادات السلطة المصرية)، نشرت "العربي الجديد" تقريرا جاء فيه: عمّقت تبعات حادث تصادم قطارين في سوهاج يوم الجمعة الماضية، الأزمة والحساسيات القائمة منذ سنوات بين مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، ووزير النقل الفريق كامل الوزير المحاصر حالياً كالمسؤول الأول عن وقوع الحادث الكارثي، وتكرار أزمات قطاع النقل في البلاد.

وانعكست هذه الأزمة في الحملات التي شنتها بعض وسائل الإعلام المملوكة للمخابرات والشخصيات التابعة لها أو المدارة بواسطتها، وكذلك نواب "تنسيقية شباب الأحزاب السياسية والسياسيين" التابعة لمكتب كامل مباشرة. وتمهّد الحملة للمطالبة بإقالة كامل الوزير، الذي لم يعد يظهر في وسائل الإعلام التابعة للمخابرات منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مفضّلاً الظهور بشكل دوري مع الإعلامي أحمد موسى المحسوب على وزارة الداخلية (الأمن الوطني) والإعلامي عمرو أديب، الذي يتميز بوضع خاص نتيجة عمله في قناة "إم بي سي مصر"، واحتفاظه بعلاقة وطيدة بالمخابرات العامة والأمن الوطني ودائرة الرئاسة في وقت واحد.

وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن الدائرة الوحيدة التي تحمي كامل الوزير حالياً، وتحاول تخفيف آثار الكارثة الأخيرة وإعطاءه فرصة أخرى لتنفيذ المطلوب في قطاع النقل، هي الدائرة الخاصة برئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي

ولا يتعلق الأمر بثقة السيسي بالوزير، بل أيضاً بسبب الحساسيات القديمة بين مدير مكتب السيسي اللواء محسن عبد النبي، الذي حاول على مدى العامين الأخيرين توسيع صلاحياته خاصة على مستوى التأثير الإعلامي، وبين عباس كامل ودائرته، فضلاً عن العلاقة القوية بين عبد النبي والوزير بسبب تزاملهما لفترة طويلة في الجيش بعد انتقال عباس كامل إلى الرئاسة مع السيسي عام 2014.

ووفقاً للمصادر فإن عباس كامل وأفراد الفريق الموالي له يدركون جيداً أن الوقت قد فات للإطاحة السريعة بكامل الوزير في أعقاب كارثة الحادث، الذي كانوا يراهنون عليه بالفعل بفتح المجال لتغطية إعلامية كاملة وغير متحفظة للحادث، يوم الجمعة الماضي، بل وإطلاق وسوم إلكترونية من حسابات وصفحات مجهولة الهوية على وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بالاستقالة. لكن الوزير، الذي يدرك جيداً محاولات كامل القديمة لتوريطه، كان متنبهاً لهذا الرهان المبكر، فتحدث بشكل صريح في إطلالتين تلفزيونيتين مساء أول من أمس السبت، مع موسى وأديب، عن رفضه للاستقالة "كجندي لا يهرب من ميدان المعركة"، رافضاً الاعتراف بأن الاستقالة هي التعبير عن الاعتراف بالمسؤولية. وقال: "الوزير موجود ليصلح الأوضاع مش هو اللي كان يقود القطار"، في امتداد لتصريحات سابقة له عن "أن واجبه يقتضي الاستمرار في إدارة هذا القطاع والإصرار على إصلاحه".

واللافت أن الهجوم المخابراتي أن الهجوم لم يركز على نقاط خطيرة أثارها الوزير في تصريحاته المقتضبة عن تفاصيل الحادث، التي ربما تشير إلى وجوب مساءلته جنائياً وليس سياسياً فقط، مثل إصداره تعليمات بوقف العمل بنظام التحكم الإلكتروني في سرعة القطارات بهدف تسريع الرحلات وعدم تأخيرها أو وقوفها قسراً، بحجة أن "نظام التحكم في سرعة القطارات كان يخفض سرعتها في المناطق التي تشهد إصلاحات للتطوير". وهو ما كان يجعل القطارات تتأخر عن المواعيد المحددة لها. واعترف الوزير بـ"توجيه سائقي القطارات ذوي الخبرة بتشغيله فقط في الأماكن التي تشهد إصلاحات والتخلي عنه والسير بالسرعة العادية في باقي المناطق".

وزادت حساسية العلاقة بسبب الطريقة المسرحية التي أُخرج بها قرار السيسي بتعيين الوزير وزيراً للنقل في مارس/آذار 2019 على خلفية حادث اصطدام قطار محطة مصر، الذي أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، أواخر فبراير/شباط من ذلك العام.