"التكويش" على دولارات المصريين بالخارج.. مهمة احتيالية للسيسي وحكومته

الاثنين - 7 نوفمبر 2022

  • بعد التعويم الثالث وشح الدولار.. حكومة الانقلاب تلجأ لحيل تستولي من خلالها على مدخرات 10 ملايين مصري بالخارج
  • ممدوح الولى: إعفاء سيارات المغتربين ليس حلا لمشكلة الدولار وسيزيد من مشاكل المرور وتكدس السيارات  وتدمير البيئة
  • حكومة السيسي لجأت إلى طرح مرحلة جديدة من الأراضي بمشروع "بيت الوطن" للمغتربين بالدولار بأسعار مرتفعة
  • سعر الشقة السكنية في مشروع بيت الوطن يصل إلى  1.5 مليون جنيه على أن يسدد بالدولار
  • محاولات الحكومة جاءت بعد تراجع تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 14.7% على أساس سنوي خلال يوليو 2022
  • تراجع تحويلات المغتربين جاء بالتزامن مع تصاعد الحديث عن اقتراب مصر من حافة الإفلاس
  •   أزمة  العملة الأجنبية زادت بعد تراجع احتياطي النقد الأجنبي  خلال الأشهر السبعة الأولى من 2022 بنحو 7.8 مليارات دولار

 

إنسان للإعلام- خاص

تعيش حكومة السيسي أزمة كبيرة بعد التعويم الثالث، تتمثل في شح الدولار بالأسواق، خاصة بعد بعد تراجع احتياطي النقد الأجنبي  خلال الأشهر السبعة الأولى من 2022 بنحو 7.8 مليارات دولار وبلغ  33.14 مليار دولار في نهاية يوليوالماضي.

 وقد لجأت الحكومة إلى حيل كثيرة لتوفير العملة الأجنبية، بخلاف الاقتراض المستمر، ومنها: ابتزاز 10 ملايين مصري مقيمين  بالخارج،  باللجوء  مؤخرا لإصدار قانون اعفاء سيارات المغتربين من الضرائب مقابل وديعة دولارية لمدة خمس سنوات دون عوائد ، كما لجأت لطرح أراض مميزة ووحدات سكنية بمناطق متميزة بالدولار، و بأسعار كبيرة.

وسيترتب على هذه المبادرات مزيد من تكدس السيارات بالشارع المصري وتدمير بيئي واسع رغم استضافة مصر لمؤتمر المناخ ، كما يتم استنزاف مدخرات المغتربين في وحدات سكنية لم يتم إنشاؤها.

 ومن خلال السطور  التالية نفتح ملف بيع حكومة السيسي الوهم للمصريين بالخارج لاستنزاف مدخراتهم، ونرصد أهم خطواتها للاستيلاء على هذه الأموال.

قانون سيارات المغتربين

في ظل أزمة شح الدولار بمصر، وتصاعد أزمة السيولة، والتعويم الثالث  للجنية ، ومخاوف من عدم قدرت النظام  على الوفاء بالتزاماته المالية تجاه الجهات الدائنة، وشراء السلع والاحتياجات الاستراتيجية،  تعددت محاولات الحكومة لتوفير الدولار، وكان من ضمن هذه المحاولات، مبادرة أعفاء سيارات المغتربين المستوردة من الضرائب مقابل وديعة بالدولار. وقد وافق  برلمان السيسي، مؤخرا، على مشروع قانون منح بعض التيسيرات للمصريين المقيمين في الخارج، والذي قدمته الحكومة على عجل إلى البرلمان لسرعة إقراره.

واستهدف القانون، الذي لم يعدل فيه البرلمان حرفاً واحداً، السماح للمغتربين باستيراد سيارات من دون تحميلهم تعرفات جمركية، مقابل سداد مبلغ نقدي بالعملة الأجنبية خلال مدة أقصاها أربعة أشهر من تاريخ العمل به، واسترداده بعد مرور خمس سنوات من تاريخ السداد من دون عائد، ووفق شروط محددة.

واشترط القانون لذلك "سداد المصري المقيم في الخارج مبلغاً نقدياً بالعملة الأجنبية لا يُستحق عنه عائد، ويُحول من الخارج لصالح وزارة المالية على أحد الحسابات المصرفية التي يحددها القانون، بنسبة 100% من قيمة جميع الضرائب والرسوم التي كان يتعين أداؤها للإفراج عن السيارة، متضمنة الضريبة على القيمة المضافة وضريبة الجدول".

كما اشترط القانون في المصري المقيم بالخارج الراغب في الاستفادة من أحكامه "أن يكون له إقامة قانونية سارية خارج البلاد، ويبلغ 16 سنة من العمر على الأقل، وأن يكون لديه حساب بنكي في الخارج مضى على فتحه ثلاثة أشهر على الأقل. ويستثنى من هذا الشرط الزوج المصري المقيم في الخارج وأبناؤه، متى توافرت بشأنهم باقي الشروط المنصوص عليها في القانون".

واشترط القانون أيضاً "أن تكون السيارة التي يتم استيرادها من غير المالك الأول، وألا يزيد عمرها في تاريخ العمل بأحكام القانون على ثلاث سنوات من سنة الصنع".

ونص القانون على أن "يسجل المصري الذي يرغب في الاستفادة من أحكامه بياناته، وبيانات السيارة المطلوب استيرادها، ويسدد المبلغ النقدي المنصوص عليه في القانون. ويمنح في مقابل ذلك موافقة استيرادية تثبت تمام السداد، وبيانات السيارة، وتكون هذه الموافقة صالحة لإتمام إجراءات الاستيراد، والإفراج عن السيارة المستوردة لمدة عام ميلادي من تاريخ صدورها".

كذلك نص على أنه "في حالة عدم إتمام الاستيراد خلال المدة المحددة في القانون، يسترد المبلغ النقدي السابق سداده فوراً بالقيمة ذاتها. ولكن بالمقابل المحلي للعملة الأجنبية المسدد بها، وبسعر الصرف المعلن من البنك المركزي وقت الاسترداد، ومن دون عائد".

وأصدرت حكومة السيسي   بعد  العمل بأحكام القانون، بناءً على عرض من وزير المالية، وبعد التنسيق مع البنك المركزي والجهات المختصة، القرار المنفذ لأحكامه مرفقاً بجداول بقيم المبالغ النقدية، ونوع العملة الأجنبية واجبة السداد، وموزعة حسب أنواع وفئات السيارات ومنشأها، حسب ما ورد في القانون.

تراجع الاحتياطي النقدي

وتراجع احتياطي النقد الأجنبي في مصر، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، بنحو 7.8 مليارات دولار، ليصل إلى 33.14 مليار دولار في نهاية يوليو/تموز، مقابل 40.93 مليار دولار في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بانخفاض بلغت نسبته 19%.

وتمثل عوائد المصريين بالخارج أعلى مدخلات الدولة من العملة الصعبة، حيث سجلت نحو 32 مليار دولار عام 2021. ووفقاً للبيانات الرسمية، ويبلغ عدد المصريين العاملين في الخارج نحو 10 ملايين مواطن."1"

ومن جانبه قال رئيس مصلحة الجمارك المصرية الشحات الغتوري،  مؤخرا،  في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" إن الحصيلة المتوقعة من مبادرة استيراد السيارات للمصريين العاملين بالخارج تتراوح بين 3 و5 مليارات دولار.

و قال المسؤول المصري: "المبلغ المتوقع من 3 إلى 5 مليارات دولار، لكن ممكن يكون أكبر إن شاء الله بحسب إقبال المصريين الموجودين بالخارج".

وقال رئيس مصلحة الجمارك: إن "القانون نص على أن مدة المبادرة 4 شهور، ولم ينص على جواز التمديد، وبالتالي فإن تمديده سيحتاج إلى إصدار قانون جديد، ولا نعتقد أن يحدث هذا أبدا، لأنه إجراء استثنائي، ومحدد المدة حتى يكون هناك إقبال جاد، وحتى لا يؤثر سلبا على صناعة السيارات المحلية"."2"

خروج الأموال الساخنة

من جانبه اكد الخبير الاقتصادي، ممدوح الولى ، أن مشكلة نقص الدولار في مصر تفاقمت منذ مارس/آذار الماضي نتيجة خروج أغلب الأموال الساخنة الأجنبية، وتحوّل صافي الأرصدة بين الأصول والالتزامات من العملات الأجنبية بالبنوك تجاه غير المقيمين جراء العجز ومواصلة الأسعار العالمية ارتفاعها عقب الحرب الروسية الأوكرانية، مما أعاد السوق السوداء للتعامل بالدولار وجعل الطلب يزداد على الاحتفاظ به والمضاربة فيه.

وأضاف ان الحكومة لجأت لحيل متعددة  للحصول على الدولار منها ،  الإعلان عن إعفاء سيارات المغتربين المصريين بالخارج من الجمارك والرسوم الضريبية، مقابل إيداع قيمة تلك الجمارك والرسوم الضريبية بالدولار بحساب لوزارة المالية في أحد البنوك، لمدة 5 سنوات بلا فوائد على أن يتم الحصول على المبلغ بالعملة المحلية بعد السنوات الخمس بسعر الصرف حينذاك.

وبالفعل كانت هناك مطالب قديمة للمصريين بالخارج بتسهيلات لإدخال سياراتهم إلى البلاد، لكن ما حدث بعد ذلك الإعلان ، هو موجة التفاؤل بشأن عدد السيارات المتوقع دخولها البلاد في إطار تلك التيسيرات التي سمحت للمغترب بإدخال سيارات يمكن مرور 3 سنوات على تاريخ "موديلها"، وإمكان إدخال الأسرة عدد سيارات بعدد أفرادها  البالغين، وإمكانية بيع السيارة في اليوم التالي لإدخالها إلى البلاد.

وقال :توقع البعض بلوغ عدد تلك السيارات مليوني سيارة، بينما توقع وزير المالية بلوغها نحو نصف مليون سيارة، وهي تقديرات متفائلة حيث لا يوجد عدد رسمي للمصريين في الخارج، وما يتردد عن كونهم 10 ملايين أو أكثر مجرد تقديرات، وأيا كان العدد فإنه يضم الزوجات والأبناء المرافقين، كما لا توجد بيانات عن الشرائح الاقتصادية لهؤلاء، بخاصة العمالة الحرفية البسيطة، فإدخال سيارة من الخارج أصبح أمرا مكلفا لا يقدر عليه كثيرون.

وأكد أنه بحسب مجلس معلومات سوق السيارات (أميك)، فقد بلغ عدد السيارات "الملاكي" المستوردة التي بيعت في العام الماضي 158 ألف سيارة مقابل 57 ألف سيارة من التصنيع المحلي، من إجمالي 215 ألف سيارة خاصة بيعت. وأشارت بيانات جهاز الإحصاء إلى بلوغ قيمة السيارات الخاصة المستوردة في العام الماضي 3 مليارات و575 مليون دولار، مقابل مليارين و766 مليون دولار في العام السابق.

وفى حالة تحقق تقديرات وزير المالية بدخول نصف مليون سيارة، فإن قيمة جماركها ورسومها ستصل، حسب قوله، إلى 2.5 مليار دولار، إلا أن هذا الرقم في حالة تحققه سيكون غالبا لمصلحة شراء سيارات لبيعها لآخرين، لكنه سيضيف أعباء على حالة المرور بالشوارع المكدسة أصلا.

 وهذا سيضيف أعباء أخرى على طاقة التخزين للسيارات المستوردة بالموانئ والتي تعاني من التكدس حاليا، وسيرتب أعباء إضافية لإدارات المرور المزدحمة أصلا، ويتسبب في مزيد من العوادم وتلويث البيئة وهو ما يتعارض مع تبنّي مصر لعقد مؤتمر المناخ العالمي في الشهر القادم.

لكن استفحال أزمة الدولار الذي جعلها تبيع الغاز الطبيعي الأقل تلوثا للخارج، وتستبدله بالمازوت الأكثر تلويثا بمحطات إنتاج الكهرباء؛ يجعلها لا تمانع من أجل مزيد من الدولارات أن تتنازل عن شرط استيراد سيارة بنفس سنة الموديل، بسيارات مستعملة 3 سنوات أكثر إنتاجا للعوادم."3"

أراض سكنية بالدولار

وفي سياق محاولات الحكومة ابتزاز المصريين المغتربين، وافق مجلس الوزراء المصري، مؤخرا، على طرح مرحلة جديدة من الأراضي بمشروع "بيت الوطن" المخصص للمصريين المقيمين في الخارج، بهدف   طرح أراض سكنية في مناطق مميزة، والاستفادة بأكبر قدر ممكن من التحويلات الواردة بالعملة الأجنبية.

أشار المجلس، في بيان، إلى تحديد سعر متر الأرض بالجنيه المصري، والسداد بالعملة الأجنبية (الدولار)، طبقاً لمتوسط سعر العملة الأميركية خلال الأسبوعين السابقين للطرح، أو لسداد الأقساط، وتقييم السعر من خلال البنك المركزي المصري.

وأضاف أن الحاجز يجب أن يكون متمتعاً بالجنسية المصرية، وغيرها من الشروط الأخرى التي سيتم إعلانها تباعاً. وتتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مهمة تحديد الأسعار، وفق الأسعار السارية في الهيئة.

وجاء قرار مجلس الوزراء استجابة لتكليف السيسي بشأن طرح وحدات سكنية وأراض للمصريين العاملين في الخارج، على أن تكون مصحوبة بمجموعة من التسهيلات والمميزات التي تساهم في تحقيق مطالبهم في التملك مقابل الدفع بالدولار .

ومن المقرر طرح عدد من قطع الأراضي المميزة للمغتربين في المدن الجديدة، ومنها: الشروق وبدر في العاصمة القاهرة، والشيخ زايد والسادس من أكتوبر في محافظة الجيزة، والعاشر من رمضان في محافظة الشرقية، والمنصورة الجديدة في محافظة الدقهلية."4"

وقدرت أسعار الشقق السكنية في مشروع بيت الوطن بنحو  1.5 مليون جنيه للشقة، بجانب طرح 95 وحدة تجارية وإدارية، و57 فيلا."5"،  وكذا طرح وحدات إسكان (فوق المتوسط – متوسط) بمشروع "سكن مصر" بمدينة العلمين الجديدة، ومشروع سور مجري العيون، إضافة إلى طرح وحدات إدارية، فى (الداون تاون بمدينة العلمين الجديدة) وغيرها. ويأتي ذلك في إطار ابتزاز واغراء المصريين المغترين بضخ مزيد من الأوال في خزانة الدولة "6"

تراجع تحويلات المصريين

وتعد تحويلات المغتربين المصريين مصدر مهم للدولار في مصر، ولكن أظهرت بيانات رسمية هبوطا مفاجئا في تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 14.7 بالمئة على أساس سنوي خلال شهر تموز/ يوليو 2022 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، على الرغم من توقعات لبعض المسؤولين بارتفاعها خلال الفترة المقبلة.

وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، فقد انخفضت تحويلات المصريين في الخارج خلال شهر تموز/ يوليو 2022 لتصل إلى 2.38 مليار دولار، مقابل 2.79 مليار في نفس الشهر من العام الماضي، و2.8 مليار دولار في حزيران/ يونيو 2022

ووفقا لحسابات موقع "عربي21"، فقد تراجعت تحويلات المصريين في الخارج خلال تموز/ يوليو 2022، على أساس سنوي بنحو 410 ملايين دولار، وتراجعت على أساس شهري بنحو 420 مليون دولار، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط على ميزان المدفوعات المصري، وتفاقم أزمة العملة الصعبة التي تعاني منها البلاد.

وكانت تحويلات المصريين في الخارج، حققت أعلى مستوى لها في تاريخها، خلال السنة المالية 2021-2022، بعد أن سجلت 31.9 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي(7).

وتعد تحويلات المصريين بالخارج في الوقت الحالي هي أكبر مصدر للعملة الصعبة في البلاد تليها الصادرات والسياحة وإيرادات قناة السويس، وانخفاضها الشهر الماضي يأتي بالتزامن مع هبوط حاد في قيمة الجنيه المصري وتراجع الاحتياطي النقدي في البلاد.

ومطلع آب/ أغسطس الماضي، كشفت إحصائية للبنك الدولي عن احتياج مصر إلى 31 مليار دولار لسداد جزء من التزامات الديون الخارجية عليها، من تموز/ يوليو 2022 حتى آذار/ مارس 2023، غير 16 مليار دولار كانت مستحقة الدفع ما بين نيسان/ أبريل وحزيران/ يونيو 2022.

ولذلك بدأت الحكومة ان تلجأ لحيلها المتعددة لابتزاز المصريين بالخارج عن طريق ماذكرناه سواء من خلال قانون أعفاء سياراتهم من الضرائب او طرح أراض ومساكن بالدولار .

المصادر

  1. "برلمان المصري يوافق نهائياً على قانون استيراد سيارات المغتربين" ، العربي الجديد ، 18 أكتوبر 2022، https://cutt.us/YA4p8
  2. "مبادرة سيارات المغتربين ستجلب ما بين 3 و5 مليارات دولار"، سكاي نيوز عربية، 22 أكتوبر 2022 ، https://cutt.us/60nel
  3. ممدوح الولي، "إعفاء سيارات المغتربين المصريين من الضرائب لن يحل مشكلة الدولار" ، الجزيرة نت، 18/10/2022 ، https://cutt.us/1LqvE
  4. "مصر تستهدف أموال المغتربين بطرح أراض سكنية بالدولار" ، العربي الجديد، 20 أكتوبر ، 2022 https://cutt.us/tQLTL
  5. تقى الحكيم ، "مبادرة جديدة بطرح وحدات سكنية مميزة للمصريين المقيمين بالخارج بالدولار" ، المصري اليوم، الجمعة 14-10-2022 ، https://cutt.us/oFSiZ
  6. أحمد حسن، "الإسكان تطرح أراضى وفيلات ووحدات بمشروع "بيت الوطن" للمصريين بالخارج" ، اليوم السابع ، 31 مارس 2022 ، https://cutt.us/wbdsr
  7. "هبوط مفاجئ لتحويلات المصريين بالخارج.. ماذا يعني ذلك؟" ، عربي21 ،   18 سبتمبر 2022، https://cutt.us/IwoqU