"الإخوان" ضاعفوا مقاعدهم..ماذا يعني فوز المعارضة بأغلبية البرلمان الكويتي؟
الاثنين - 3 أكتوبر 2022
نتائج انتخابات مجلس الأمة شكلت صفعة لدول الثورات المضادة والحالمين بنهاية الإخوان
إنسان للإعلام- خاص
عكست نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي، التي جرت يوم 29 سبتمبر 2022، فوزا كبيرا للمعارضة ذات التوجه الإسلامي، والنواب الداعين للمحافظة على الدين والأخلاق والتقاليد.
شكل هذا الاتجاه المحافظ مانسبته 60% من تشكيلة المجلس الجديد، بعدما حصدوا 28 مقعدا، مقابل 22 مقعدا للقبائل (كانت 29 سابقا) ومؤيدي الحكومة.
وكانت المعارضة التي تضم في غالبيتها سياسيين إسلاميين، فازت بـ 24 مقعدا في الانتخابات السابقة، علما أنها كانت حصلت على انتصار تاريخي عام 2012 حين حازت على أكثر من نصف مقاعد البرلمان قبل أن يجري حل مجلس الأمة بعد فترة وجيزة.
كانت أهم نتيجة لهذه الانتخابات هي فوز جماعة الاخوان المسلمين، ممثلة في الحركة الدستورية الاسلامية (حدس) وأنصارها بستة مقاعد حيث احتفظت بمقاعدها الثلاثة في آخر انتخابات (2020) وفاز ثلاثة مقربون منها في هذه الانتخابات.
أهمية هذا الفوز أنه صفع الحالمين بنهاية جماعة الاخوان المسلمين والمروجين لمزاعم انحسار نفوذها وانتهاء دورها في اعقاب حملات القمع التي نشطت عقب الانقلاب العسكري في مصر ،وما تلاه من انتعاش معسكر الثورة المضادة المدعوم من الإمارات والسعودية والبحرين.
صفعة لمن يحلمون بنهاية الإخوان
وفي تغريدات على تويتر سخر الدكتور عبد الله الشايجي والصحفي جمال سلطان، من هؤلاء الذين زعموا انتهاء دور التيار الاسلامي والاخوان خصوصا في ظل انتعاش الثورة المضادة.
أحد هؤلاء الحالمين بنهاية الاخوان والتيار الاسلامي، وهو رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية السابق عبد الرحمن الراشد، كان قد كتب يوم انتخابات الكويت يزعم نهاية جماعة الإخوان المسلمين بوفاة الشيخ يوسف القرضاوي، ويحلم بأن دور الإسلاميين انتهي، لكن نتائج انتخابات الكويت "صفعتهم" كما قال "الشايجي".
ما أقلق هؤلاء الحالمين بنهاية الاسلاميين والداعين لانتعاش تيار الانحلال والفوضى في العالم العربي هو فوز 17 نائبا كويتيا في الانتخابات كانوا قد وقعوا على "وثيقة القيم" التي تشمل 12 بندا تدعو إلى الالتزام بالقيم والتقاليد الإسلامية وتقنين ذلك.
هذه الوثيقة وضعها علماء كويتيون ودعوا النواب والنشطاء للتوقيع عليها وتضمنت "العمل على تطبيق قانون منع الاختلاط، رفض المهرجانات الهابطة (مثلما يجري في السعودية)، رفض المسابح والنوادي المختلطة، وتفعيل قانون اللباس المحتشم، والعمل على وقف الابتذال الأخلاقي".
كما دعت الوثيقة المرشح الذي يصل إلى مجلس الأمة إلى "تعديل قانون التشبه بالجنس الآخر، وتطبيق قانون تجريم الوشوم الظاهرة على الجسد".
وجاء فوز 17 نائبا وقعوا على العريضة في الانتخابات ليصفع الحالمين أيضا بانتزاع أي دور للإسلام من قلوب الشباب العربي ونشر الالحاد ومهرجانات الغناء والرقص والانحلال التي استوردتها هيئة الترفيه في السعودية من الغرب وانفقت عليها مليارات الدولارات.
الشعب منح ثقته لـ "نواب المنصة "
ايضا منح الشعب ثقته لـ "نواب المنصة "، وهم النواب الذين صعدوا لمنصة المجلس عام 2021 رافضين تمرير الحكومة استجوابات الفساد وعدم التحقيق فيها وعطلوا عمل المجلس، وقد فازوا جميعا في انتخابات 2022 وعددهم 10 نواب.
وضمن هذه الانتصارات أيضا خسر المطبعون في الكويت من أعداء التيار الاسلامي والداعين لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال ولم يكتف الكويتيون بعقاب ولفظ الكويتية فجر السعيد التي زعمت عبر إحدى القنوات العبرية بأن شعب الكويت مع التطبيع ولكنّه "أغلبية صامتة"!! لكنهم أعطوا دراسا أيضا للمطبع جاسم الجريد الذي زعم أن المطبعين يشكلون غالبية الكويتيين، ولم يحصل سوي على 128 صوتا!.
فاتورة الوقوف إلى جانب الحكومة
وأسفرت نتائج الانتخابات التشريعية رقم 18 في الكويت منذ انتخاب المجلس التأسيسي عام 1961، والتي تنافس فيها 313 مرشحا على 50 مقعدا، عن نتائج مهمة وتغيير في المشهد السياسي انعكست على تركيبة وهوية مجلس الأمة الجديد، وستؤثر علي علاقته بالحكومة.
فوز المعارضة بـ 28 مقعدا من 50 بنسبة 60 بالمائة من مقاعد البرلمان، وتغيير تركيبة المجلس الجديد بنسبة 54 بالمئة من السابق، وعودة 12 نائباً من نواب المجالس السابقة كان هو أبرز نتائج الانتخابات.
عزز التيار الإسلامي ممثلا في الحركة الدستورية الاسلامية وجوده في البرلمان بالفوز بستة مقاعد، مقابل ثلاثة فقط في انتخابات 2020.
وفاز التجمع الإسلامي السلفي بمقعدين، بعدما أخفق مرتين على التوالي في التمثيل داخل مجلس الأمة خلال انتخابات 2016 ثم 2020.
وقال المحلل السياسي، ناصر العبدلي، لوكالة رويترز 30 سبتمبر/أيلول 2022 إن فوز الإسلاميين ممثلين بالإخوان المسلمين والسلفيين بنحو عشرة مقاعد سيكون له أثر كبير على المجلس القادم.
وقال العبدلي إن حوالي 15 أو 16 نائبا من الذين أيدوا الحكومة السابقة سقطوا في هذه الانتخابات معتبرا أن "هذه فاتورة الوقوف إلى جانب الحكومة".
وحصد الشيعة بتياراتهم المختلفة 9 مقاعد، مما يشكل أكبر كتلة في المجلس القادم، فيما تقلَّصت مقاعد القبائل من 29 إلى 22.
وسقط 20 نائبا من نواب برلمان 2020 في انتخابات 2022، منهم 3 وزراء سابقين أبرزهم طلال الخالد الأحمد الصباح، الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع منذ 9 مارس 2022، ووزير الداخلية بالوكالة منذ 24 يوليو 2022.
وشهدت الانتخابات فوز نواب من المجلس السابق الذي حله أمير البلاد بسبب الصراع بين السلطة التشريعية والتنفيذية، ما يثير مخاوف عودة الصراع بين البرلمان والحكومة والذي بسببه تم حل البرلمان 10 مرات منذ 1976، كان آخرها في 22 يونيو/حزيران 2022.
ويتمتع البرلمان الكويتي بسلطات ونفوذ واسع، يخول له استجواب رئيس الحكومة والوزراء، وإصدار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الحكومة والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.
وخلال نحو 60 عاماً مّر مجلس الأمة بمحطات فارقة عديدة، شهد خلالها أزمات سياسية أدت إلى حله في مرات كثيرة.
ولا توجد في الكويت أحزاب سياسية رسمية، لكن السلطة تتعامل مع الجماعات السياسية القائمة ولا تسعى لتقويضها أو التضييق عليها.
هل تنتهي ازمات البرلمان والحكومة؟
ظلت الكويت تعاني من صراع بين الحكومة التي يعينها أمراء الكويت والبرلمان المنتخب بحرية من الشعب في صورة رفض الحكومة استجواب النواب للوزراء من الامراء في اتهامات فساد ومن ثم استقالات الحكومات المتتالية وحل البرلمان واجراء انتخابات جديدة ثم تكرار الأمر نفسه مرات عديدة.
وتعد آلية اختيار الوزراء وتشكيل الحكومة من أهم مسببات الأزمات السياسية في الكويت، إذ يتم الاختيار بناء على نظام المحاصصة من الأسرة الحاكمة والشخصيات ورجال القبائل البارزين، دون إشراك للتيارات السياسية الفائزة في الانتخابات.
وبحسب دراسة لمركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 5 مايو 2021، يؤدي هذا إلى صدام مستمر بين البرلمان والحكومة التي لا تعبر عنه.
هذه المرة طرأت تطورات جديدة، ربما تنتهي هذه الحلقة المفرغة من الصراع.
أولها، غياب الجدل حول المشاركة أو مقاطعة مرسوم الصوت الواحد، بسبب اختلاف السياق السياسي والظروف التي انتجت نظام الصوت الواحد ودخول البلاد في عهد جديد يبدو مغايرا للعهد السابق، ما أنهي حالة مقاطعة الانتخابات التي شهدتها سنوات سابقة.
وقد لخص جواب أحمد السعدون، الذي كان رمزا من رموز المقاطعة لكل الانتخابات الماضية طوال عشر سنوات، انتهاء هذه المقاطعة، حين سئل عن سبب ترشحه وتراجعه عن موقف المقاطعة قائلا: "بعد الخطاب الأميري لا شيء يقال".
كان ولي عهد الكويت قال في خطابه الشهير يونيو 2022: "لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه ليكون المجلس سيد قراراته ولن نقوم بدعم فئة على حساب فئة أخرى".
وثاني هذه القضايا التي انهت المقاطعة، هي غياب الصراع حول مقعد رئيس مجلس الأمة بعد إعلان خطاب أمير البلاد الذي ألقاه ولي العهد عن نأي الحكومة بنفسها عن التصويت على منصب رئيس المجلس ولجانه، كذلك اعتذار الرئيس السابق لمجلس الأمة مرزوق الغانم عن خوض الانتخابات، والذي كانت رئاسته أحد عناصر الأزمة السياسية السابقة مع نوّاب المعارضة.
وثالثها، عودة النواب المهجرين في قضية دخول المجلس بعد صدور العفو الأميري بشأنهم، وكانت تلك القضية تضغط على كل الانتخابات في السنوات الماضية وتثقل كاهل المرشحين والساحة الانتخابية
ورابعها، أن الحكومة الجديدة ورئيسها الجديد أحمد النواف لا يحملون إرث السنوات السابقة من التعثر وفشل الحكومات التي تولت قبله، وبالتالي لم تجد الساحة الانتخابية ومرشحيها سببا للتصعيد وتسخين الأجواء الانتخابية ضد الحكومة.
كما أن الإجراءات الحكومية المختلفة أثناء فترة الانتخابات كانت محل ترحيب وارتياح شعبي وأيضا من قبل المرشحين، ومن تلك الإجراءات على سبيل المثال قرار التصويت من خلال عنوان السكن في البطاقة المدنية.
ويمكن القول إن قوانين الاصلاح التي اعتمدتها الحكومة نجحت في صناعة التغيير، حيث أظهرت حزماً في معالجة الملفات المتعلقة بالانتخابات مثل مكافحة عمليات نقل الأصوات والتلاعب في سجلات الناخبين، وشراء الأصوات.
جذور الأزمة السياسية 2020
وتعود جذور الأزمة السياسية الحالية بين مجلس الأمة والحكومة، إلى انتخابات مجلس الأمة التي جرت في 5 ديسمبر 2020، وتحقيق المعارضة انتصاراً ساحقاً في نتائجها.
حينها قررت أغلبية النواب رفض إعادة ترشيح رئيس مجلس الأمة المقرب من الحكومة مرزوق الغانم، وترشيح النائب بدر الحميدي بدلاً عنه، إضافة إلى إدراج "قانون العفو الشامل عن المحكومين بقضايا سياسية" على رأس الأولويات.
لكن الجلسة الافتتاحية في 15 ديسمبر 2020 شهدت فوز مرزوق الغانم بمقعد رئيس مجلس الأمة، بخلاف ما خططت له المعارضة، وحصوله على أصوات الحكومة، بالإضافة إلى 9 أعضاء من أصل 37 تعهدوا بعدم التصويت له.
وكردة فعل سريعة أعلن ثلاثة نواب من المعارضة في 5 يناير 2021، استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، لاقى تأييد 36 عضوا، ما دعا رئيس مجلس الوزراء إلى رفع استقالة الحكومة إلى الأمير نواف الصباح.
لكن المعارضة تعرضت لضربات متتالية، ففي 14 مارس 2021، أعلنت المحكمة الدستورية إبطال عضوية زعيم المعارضة آنذاك النائب السابق بدر الداهوم، وفق قانون "منع المسيء للذات الأميرية" من الترشح لانتخابات مجلس الأمة.
وأعلنت المعارضة عن مقاطعة جلسة أداء الحكومة اليمين الدستورية في 30 مارس 2021 احتجاجاً على شطب عضوية الداهوم، لكن الحكومة استطاعت تأمين الـ 33 عضواً في البرلمان (بمن فيهم الوزراء) اللازمين لعقد الجلسة.
واستغلت غياب المعارضة لتقديم طلب تأجيل "الاستجوابات المزمع تقديمها إلى رئيس الحكومة"، وصوّت عليه المجلس بالموافقة، وهو ما شكّل صدمة كبيرة للمعارضة.
وتمكّنت المعارضة بعد ذلك من تعطيل انعقاد الجلسات، عبر جلوسها على مقاعد الوزراء في الصفوف الأمامية، وهو ما اعتبرته الحكومة "مخالفا للأعراف البرلمانية".
وقد حققت المعارضة انتصاراً تاريخياً في الانتخابات التكميلية التي جرت على مقعد بدر الداهوم، بحصول مرشحها أستاذ القانون عبيد الوسمي على أكثر من 43 ألف صوت، والذي وصفه الوسمي بأنه "استفتاء شعبي" على أداء الحكومة.
لكنّ الحكومة نجحت في 22 يونيو 2021، من تمرير الميزانية العامة رغم استمرار المعارضة بالجلوس على مقاعدها، بالتصويت عند مدخل القاعة وانسحابها بعد ذلك على الفور، وفُضّ دور الانعقاد الأول وسط أزمة خانقة بين مجلس الأمة والحكومة.
وقد دعا الأمير نواف الأحمد الصباح إلى "حوار وطني" بين الحكومة والبرلمان في سبتمبر 2021، أسفر عن إصدار عفو أميري عن رموز المعارضة المتهمين في قضية اقتحام مجلس الأمة، مثل مسلم البراك، وفيصل المسلم، وجمعان الحربش.
وفي نوفمبر 2021، قدمت الحكومة استقالتها وتم تكليف صباح الخالد بتشكيل الحكومة الثالثة له منذ الانتخابات، ودخول ثلاثة نواب من كتلة المعارضة إلى التشكيل الحكومي.
رغم تشظي معارضة البرلمان إلى ثلاث مجموعات، استمرت الكتلة التي يتزعمها النائب السابق فيصل المسلم بالتصعيد، ورفعت شعار "رحيل الرئيسين"، أي رئيسي البرلمان والحكومة، واعتبرت أن العفو الذي صدر بحق عدد من السياسيين ليس سوى "ابتزاز سياسي لبقائهما".
وعادت الاستجوابات المتتالية للحكومة بمعدل استجواب كل شهر تقريباً، استهدفت وزراء في الحكومة.
وتقدم كل من وزير الدفاع حمد جابر العلي، ووزير الداخلية أحمد المنصور، بالاستقالة من منصبيهما في 16 فبراير 2022 احتجاجاً على "تعسف النواب باستخدام أداة الاستجواب"، حسب ما جاء في بيان الاستقالة.
ولكن استمرار استنزاف الحكومة بالاستجوابات من المعارضة، وارتفع عدد أعضاء مجلس الأمة المؤيدين لطلب عدم التعاون معه إلى 26 نائباً، وذلك عقب مناقشة الاستجواب المقدم إليه من المعارضة في 29 مارس 2022.
ما أدى إلى تقديمه استقالة الحكومة، في 5 إبريل 2022 ، وقبل يوم واحد من موعد التصويت على طلب عدم التعاون معه.
وجاء اعتصام النواب للمطالبة بحكومة جديدة وتوقف أعمال المجلس والحكومة معا ليزيد الأزمة احتقانا فجاء قرار حل المجلس بعد الحكومة واجراء انتخابات جديدة في سيناريو متكرر منذ استقلال الكويت.